الوالي: الاستثمارات خلقت أقل من 15 بالمئة من مناصب الشغل المتوقعة
كشف أمس، رئيس لجنة المالية والاقتصاد بالمجلس الشعبي الولائي أن بعض المستثمرين المستفيدين من العقار الصناعي يقومون ببيع مؤسساتهم للتصرف في الأرضية، في حين اعتبر الوالي أن الإدارة أخفقت في ملف الاستثمار، موضحا أن المشاريع المنجزة لم تخلق أكثر من 15 بالمئة من مناصب الشغل التي كانت متوقعة منها، كما اعتبر أن مساهمتها في الجباية ضعيفة جدا.
وتحدث رئيس لجنة المالية والاقتصاد، سمير بن ساعد، خلال تدخله في أشغال الدورة العادية الثالثة للمجلس الشعبي الولائي أثناء مناقشة آفاق الواقع الاقتصادي بالولاية، عن أن العقار الصناعي صار يمنح عن طريق الامتياز منذ عام 2011، لكن بعض المستثمرين اهتدوا إلى طريقة للاستفادة من القطع الأرضية عن طريق إنشاء مؤسسات على العقارات الصناعية التي يحصلون عليها بعقود الامتياز وبيعها، في حين شدد على ضرورة إشراك مديرية الضرائب في عملية دراسة الملف من أجل التأكد من القدرة المالية للمستثمر المستفيد من العقار على التكفل بإنجاز البنية التحتية من مشروعه على الأقل، آخذا بعين الاعتبار أن كل مشروع يقوم في جزء منه على التمويلات الخارجية المتأتية من القروض البنكية.
ورفعت اللجنة مجموعة من الملاحظات، من بينها ما تمخض عن الاجتماع مع وكالة تطوير الاستثمار، أين لوحظ أن «عدد قرارات منح امتيازات إنشاء المشروع وتجهيزه بجميع المعدات اللازمة يفوق عدد قرارات منح امتيازات الاستغلال المرتبطة بالدخول الفعلي في الخدمة»، ما يعني أن «صاحب المشروع قد تخلى عن مشروعه نهائيا» أو أن «الهدف من التقدم إلى الوكالة يتمثل في الحصول على امتيازات الإنجاز فقط»، ما اعتبره الأعضاء في التقرير أنه من غير المنطقي أن يرفض مستثمر امتيازات استغلال تصل إلى إعفاءات من الضريبة على الأرباح والرسم على النشاط المهني لمدة 3 سنوات.
ودعت اللجنة إلى تشديد الرقابة على الامتيازات الممنوحة خلال فترة الإنجاز، خصوصا وأنها تتضمن إعفاء صاحب المشروع من الحقوق الجمركية والرسم على القيمة المضافة على السلع والخدمات المحلية والمستوردة والرسم على الإشهار على المقتنيات العقارية، كما يشدد التقرير على ضرورة متابعة جميع قرارات منح الامتياز خاصة في المرحلة الأولى، لكنه تضمن الإشارة إلى أن بعض المستثمرين استفادوا من مزايا الإنجاز دون أن يتمكنوا من الدخول في الاستغلال بسبب وجود العديد من المشاكل في القطع الأرضية المبرمجة لنشاطهم، على غرار العقود والتهيئة والربط بالغاز والكهرباء والماء.
ويقدر عدد المؤسسات التي أنشئت عن طريق الوكالة الوطنية لدعم تشغيل الشباب «أنساج» خلال السنوات الخمس الأخيرة بألف وستمئة وخمس وعشرين، يتصدرها مجال الصناعة بأكثر من خمسمئة مؤسسة يليه قطاع الخدمات ثم الفلاحة وأشغال البناء والمهن الحرة، في حين يتذيل مجال الحرف القائمة بخمس وثلاثين مؤسسة فقط، كما بلغ مجمل مناصب الشغل التي خلقتها هذه المؤسسات أكثر من 4 آلاف، يتوزع أكثر من 2500 منها على قطاعي الخدمات والصناعة بينما لا يشغل مجال الحرف إلا 88 شخصا فقط.
واعتبرت اللجنة أن الوكالة لم تبلغ بعد الهدف المرجو من استحداثها كآلية للاستثمار، حيث لا يتعدى معدل التشغيل 3 مناصب في كل مؤسسة، فضلا عن أن عدد المشاريع يبقى محتشما عند مقارنته بحجم الولاية، في حين عزت المشكلة إلى غياب دراسة قوية للمشاريع ومدى فعاليتها، ما يؤدي إلى رفض تمويلها من طرف البنوك التجارية. أما المعطيات الخاصة بالصندوق الوطني للتأمين على البطالة بين سنتي 2015 و2019 فتتضمن أن إجمالي المؤسسات التي أنشئت عن طريق الصندوق قد تجاوز 4800، أغلبها في مجال نقل البضائع بأكثر من 1570 مؤسسة.
إلغاء 243 قرار استفادة من العقار الصناعي
أما في مجال العقار الصناعي، فذكرت اللجنة في تقريرها أن نسبة استغلال القطع الأرضية في المنطقة الصناعية «الطرف» و»عيسى بن حميدة» في ديدوش مراد لا تتجاوز الخمسين بالمئة، في حين لا تتجاوز نسبة استغلال القطع الأربعين بالمئة في منطقة النشاطات بالمقاطعة الإدارية علي منجلي، بينما قدم ممثل مديرية الصناعة والمناجم للولاية حصيلة ذكر فيها أن حظيرتي سيدي رمان بعين سمارة وعين عبيد قد جمد فيهما منح العقارات إلى غاية استكمال عملية التهيئة، بينما تتوفران على 581 قطعة من أصل 902، فيما منحت منهما 321. أما المنطقة الصناعية ديدوش مراد فإنها ما تزال قيد الدراسة، فضلا عن توسعة منطقة «الطرف» التي تنتظر صدور مرسوم إعادة تصنيف القطع الأرضية.
أما حصيلة دراسة طلبات العقار الصناعي والخدماتي الموجه للاستثمار فقد بلغت منذ قانون المالية التكميلي لسنة 2011، أكثر من 3690 ملفا مودعا بمساحة تفوق 5600 هكتار، وتم التطلع إلى خلق 245 ألف منصب عمل من خلالها، في حين تجاوزت تكلفة المشاريع 303 آلاف مليار سنتيم كما دُرس منها 2359 ملفا وصدرت 1167 قرارا بشأنها، من بينها 770 قرارا بالمنح بمساحة 425 هكتارا، بتكلفة مشاريع تتجاوز 38 ألف مليار سنتيم، في حين تتطلع إلى خلق 50 ألف منصب عمل.
وألغت السلطات المحلية 243 قرارا، وعدلت 36 منها، بينما سحبت الإلغاء عن 136 قرارا منها، في حين تتصدر الصناعات المختلفة قائمة قرارات المنح تليها الخدمات المختلفة ثم الصناعات الغذائية والصيدلانية لتأتي الترقية العقارية في آخر القائمة بعد الصناعة الميكانيكية. وسجل تقرير مديرية الصناعة 108 ملفات متابعة قضائية من أجل فسخ العقود، في حين توجد 11 قضية مفصول فيها بفسخ عقد الامتياز بمساحة تقدر بحوالي 26 هكتارا، في حين تم استرجاع 107 قطع أرضية .
واعتبرت لجنة المالية والاقتصاد في المجلس أن قطاع السياحة الداخلية بولاية قسنطينة بعيد عن الديناميكية الاقتصادية، حيث تتوفر على 27 وحدة فندقية حيز الخدمة بطاقة استيعاب 3017 سريرا، في حين ما تزال 6 وحدات في طور الإنجاز بطاقة استيعاب تتجاوز الخمسمئة سرير، كما أن مشاريع ثلاث وحدات أخرى بطاقة  488 سريرا متوقفة في الوقت الحالي.  وتوجد في الولاية 18 وحدة فندقية غير منطلقة بطاقة استيعاب تقارب الألفي سرير، حيث انتقد بعض المنتخبين عدم وجود مشاريع توسعة في ولاية قسنطينة، على عكس ولايات مجاورة.
وتحدث أعضاء اللجنة عن أن بعض المستثمرين حولوا العقارات الصناعية الممنوحة لهم، حيث أنشئت قاعات للحفلات في المناطق الصناعية ومناطق النشاطات، في حين تضمن التقرير صورا عن العقارات الصناعية المعروضة للبيع، وذكر عضو اللجنة المنتخب عصام بحري أن بعضها يعرض في منصة وادي كنيس للبيع والكراء. وقد أوصى أعضاء المجلس بضرورة إحصاء جميع المتعاملين الاقتصاديين القادرين على الاستثمار بفعالية لتدارك ما فات وإعادة النظر في القطع الأرضية الممنوحة والتأكد من مدى قابلية البنوك العمومية لتمويل المشاريع.
ونبه والي قسنطينة في تدخله أن الاستثمار يقاس من زاوية خلق مناصب الشغل، حيث لم تصل الاستثمارات المستحدثة في إطار الاستثمار إلى خلق 15 بالمئة من المناصب المتطلع إليها، كما أوضح أن تقرير اللجنة لم يذكر جانب الجباية، التي اعتبرها ضعيفة جدا وبدأت الولاية والبلديات تستشعرها بغض النظر عن الامتيازات الممنوحة للمستثمرين.
وأوضح المسؤول أن الإدارة أخفقت في تسيير ملف الاستثمار بسبب قلب التسلسل المنطقي للعملية الاستثمارية، بحيث منحت قرارات الاستفادة قبل وضع الإطار الطبيعي للاستثمار، موضحا أن قسنطينة لا تنفرد بهذا الأمر. وما عدا في مجال الصناعة الصيدلانية التي حققت نجاحا في قسنطينة، لم يصل عدد كبير من المنشآت الصناعية في الولاية إلى النتائج المرجوة منها.
وأكد الوالي أن الإدارة تنتظر التدابير القانونية الجديدة التي ستأتي بما سيسمح بالتكفل الأمثل بالاستثمار في مجال خلق الثروة، في حين أوضح أن المشاكل المطروحة تتقاسمها الإدارة مع جميع الأطراف الأخرى المشاركة في تسيير الملف، كما عزا الأمر إلى غياب الشروط التي توضح الاستثمارات ذات الأولوية وغيرها من العناصر، وأشار إلى أن عملية منح القرارات ستكون موسعة مستقبلا.
سامي.ح

الرجوع إلى الأعلى