أكد مدير التربية بقسنطينة أن نتائج امتحانات التعليم الابتدائي، لا ترقى إلى مجهودات القطاع كما أوضح أن عدم انضباط التلاميذ بالمؤسسات وعدم التزامهم بالدوام الدارسي، قد تسبب في تراجع نتائج البكالوريا بالولاية في السنوات الأخيرة، داعيا جميع الفاعلين إلى توحيد الجهود ونبذ الصراعات للنهوض بالقطاع، فيما أكد مفتشون تربويون أن الدروس الخصوصية قد نخرت التعليم بعد أن امتدت إلى الطور الابتدائي وأكدوا على ضرورة القضاء على هذه الظاهرة الخطيرة التي قد تقضي على المدرسة العمومية.
ونظمت مساء أمس الأول، مديرية التربية، لقاء تقييميا حول نتائج شهادة التعليم الابتدائي بالولاية تحت إشراف مدير القطاع منصر عبد المجيد، حيث قال في كلمته أمام المفتشين التربويين، إن نتائج هذه الشهادة لا تعكس المجهودات المبذولة من طرف الدولة ولا ترقى إلى تطلعات القطاع، مؤكدا على ضرورة إجراء تشخيص للوضع يكون، مثلما ذكر، دقيقا وموضوعيا.
ولفت المتحدث، إلى أن نسبة النجاح يجب أن تصل إلى 98 بالمئة في هذا الطور الذي يتنقل فيه التلاميذ إلى مستوى أعلى بمعدل 5 من 10، داعيا المفتشين إلى ضرورة تبني الدور الطلائعي في إيجاد الحلول، كما أكد على ضرورة تكاثف الجهود ونبذ الصراعات من أجل خلق فضاء عمل مناسب للتلاميذ والأستاذة والموظفين، مع تشجيع مختلف المبادرات الإيجابية لاسيما الصادرة من الأولياء.
وذكر مدير التربية في تصريح للنصر، أنه ومنذ تنصيبه  قبل أقل من شهر، بادر إلى عقد اجتماعات ولقاءات مع مفتشي مرحلة التعليم الابتدائي ومدراء الثانويات والمتوسطات، حيث تم فيها تحليل نتائج الامتحانات الرسمية مع الإطلاع  على واقع الولاية وظروف تمدرس التلاميذ وتأطير المؤسسات التربوية، فضلا عن الصعوبات المعترضة وكيفية تجاوزها، مشيرا إلى أن الأولوية تكمن في العمل على ضمان تحسين نتائج الامتحانات الرسمية في مختلف الأطوار وفقا لجهود القطاع وطموحات المواطنين في الولاية.
«تراجع نتائج البكالوريا سببه عدم انضباط التلاميذ»
وأضاف مدير التربية، أن النتائج لا ترقى إلى مستوى المجهودات المبذولة في الميدان، حيث سيتم العمل على  تفعيل مجالس الفرق التربوية  و الانفتاح على المحيط الخارجي مع إشراك جمعيات أولياء التلاميذ، في حين سيتم توحيد الامتحانات البيداغوجية على مستوى المقاطعات ثم  على مستوى مؤسسات الولاية مع الالتزام بنوعية التحضير النفسي البيداغوجي والعلمي
وبخصوص التراجع الكبير في نتائج البكالوريا وتدني ترتيب قسنطينة على المستوى الوطني، أكد المسؤول أن الولاية في حاجة إلى عمل مكثف، حيث قال إنه وبعد إجراء تحليل وتشخيص للواقع مع مدراء الثانويات والمفتشين، تم تحديد جملة من النقائص التي تسببت في المشكلة ولعل أهمها، مثلما أكد، عدم التزام التلاميذ بالمداومة المدرسية وتراجع الانضباط في المؤسسات التربوية، إذ يغادرون مقاعد الدراسة مبكرا، مؤكدا أنه سيتم تطبيق القانون في هذا الشأن تغليبا لمصلحة التلميذ.
وقدمت مديرة مركز التوجيه المدرسي والمهني «الإخوة بسكري» عرضا تحليليا مفصلا حول نتائج التعليم الابتدائي خلال 4 سنوات الأخيرة، مستثنية العام الأخير الذي تم فيه الانتقال دون إجراء الامتحان الرسمي بسبب تفشي جائحة كوورنا، حيث ورد في العرض أن الولاية حققت نسب نجاح جيدة في امتحان التعليم الابتدائي على مدى أربع دورات الأخيرة و تراوحت بين 80 و 86 بالمئة فيما كانت أعلى نسبة في عام 2018.
وحققت الإناث نسبة نجاح جيدة في الامتحان مقارنة بالذكور رغم أن هذه الفئة مرتفعة العدد مقارنة بالفئة المتفوقة، كما أن الولاية حققت نسبتي نجاح أقل من الوطنية في عامي 2016 و 2018، في حين أن نتائج التلاميذ على مدى أربع سنوات في مادتي اللغة العربية والرياضيات كانت جيدة، لكن النتائج في اللغة الفرنسية كانت متوسطة وهو ما طرح أكثر من علامة استفهام في أوساط المشاركين في اللقاء. واحتلت بلدية قسنطينة المرتبة الأولى ولائيا على مدار 4 سنوات الأخيرة، كما أنها في تحسن مستمر، غير أن النتائج المسجلة ببقية الدوائر وفق الدراسة، كانت غير منتظمة وتختلف من دورة إلى أخرى، حيث عزت مديرة المركز الأمر إلى عدة عوامل وطبيعة دفعات التلاميذ، فيما ذكر أحد المفتشين أن الولاية عرفت أضعف نسبة نجاح في عام 2016 وذلك بسبب إحالة عدد كبير من الأستاذة للتقاعد وتعويضهم بآخرين يفتقدون إلى الخبرة.
وعزت الدراسة أسباب تسجيل هذه النتائج، إلى عوامل تتعلق بالأستاذ، حيث قالت مديرة المركز، أن التوظيف المباشر للأساتذة وتدريس الأساتذة لمواد خارج تخصصهم فضلا عن نقص الحوافز المالية من حيث الراتب والمنح، وكذا قلة الاعتماد على الطرق الحديثة للتدريس فضلا عن الإضرابات المتكررة وما يترتب عنها من تأخر في الدروس، «كلها عوامل ساهمت في الوضع القائم». ودعت المتحدثة، إلى ضرورة إخضاع المترشح إلى اختبارات نفسية وتكثيف عمليات التكوين التطبيق أثناء الخدمة، كما تحدثت عن عوامل أخرى تتعلق بالتلميذ، حيث أكدت وجود تلاميذ يعانون من صعوبات في التعلم الأكاديمي فضلا عن معاناة آخرين من إعاقات عقلية وجسدية ونفسية، مشيرة إلى أن تأثر التلاميذ بالمحيط خاصة في ظل انتشار بعض الآفات الاجتماعية وقلة مشاركتهم في الحياة المدرسية فضلا عن عدم استفادتهم من التربية التحضيرية، كلها أسباب، كما أوضحت، أدت إلى تسجيل هذه النتائج.  وانتقد بعض المفتشين الاكتظاظ المسجل في المؤسسات التربوية والذي تسبب في تراجع مستوى التلاميذ، ما انعكس سلبا على النتائج المسجلة، فيما تحدث آخرون عن خطورة تفشي ظاهرة الدروس الخصوصية في أوساط التلاميذ وتقبلها من طرف الأولياء، حيث قالت مفتشة أن الخطر امتد حتى إلى تلاميذ المرحلة الابتدائية   ووجب التصدي لهذه المشكلة الخطيرة التي ستقضي في حال تمددها على المدرسة العمومية وهو ما ذهب إليه كل المتدخلين الذين أكدوا على ضرورة الحفاظ على القطاع العام.
وأكد مدير التربية، أن القطاع يعاني كثيرا من الدروس الخصوصية إذ أن هذا النشاط غير القانوني لا يمت بأي صلة للتربية الوطنية، داعيا مديرية التجارة ومفتشيها إلى محاربتها، مبرزا في تدخله أن الاكتظاظ يتسبب في تراجع مستوى التلميذ وقد ينعكس على تحصيله حتى وصوله إلى مرحلة الثانوي، إذ كثيرا ما تم الوقوف على تلاميذ في الثانوي لا يحسنون حمل القلم مقترحا اللجوء إلى نظام الدوامين لمعالجة هذه المشكلة.
لقمان/ق

الرجوع إلى الأعلى