التماس 10 سنوات حبسا للمدير السابق للوكالة العقارية
كشفت محاكمة المدير السابق للوكالة العقارية لولاية قسنطينة التي جرت يوم أمس بمحكمة الزيادية بأن حساب هذه الهيئة قد استعمل لتسديد نفقات العديد من التظاهرات والنشاطات المنظمة من طرف مصالح الولاية، من بينها المساهمة في نفقات لا علاقة لها بنشاط هذه المؤسسة، فيما التمس وكيل الجمهورية عقوبة عشر سنوات حبسا ومليون دينار كغرامة لمديرها السابق بتهم فساد.
ومثُل المدير السابق للوكالة (ب.ن) أمام محكمة قسنطينة، بعد أن وجهت إليه تهم إساءة استغلال الوظيفة وتبديد أموال عمومية وإبرام صفقات عمومية مخالفة للتنظيم والتشريع المعمول به، فيما وجهت تُهمة إساءة استغلال الوظيفة لمدير أسبق لمؤسسة ترقية السكن العائلي بولاية برج بوعريريج، بالإضافة إلى مسيِّرين اثنين في مجمع أنشئ بالشراكة بين الوكالة العقارية ومؤسسة ترقية السكن العائلي لبناء شقق بمنطقة زواغي وسميت بإقامة “سيرتا”.
وتعود وقائع القضية، بحسب ما سرده قاضي الجلسة، إلى تقرير أنجزه الفرع الجهوي لمجلس المحاسبة في سنة 2013، لتتم إحالة القضية على العدالة، حيث ضم التقرير عدة نقاط على غرار إسناد خدمات ودراسات بطريقة مخالفة للقانون بالإضافة إلى منح خدمات لمحامي دون إجراء استشارة قانونية، كما سجلت اختلالات قانونية في انطلاق مجمع “سيرتا” وفي بيع شقق ومكاتب الأعمال وصولا إلى قرابة المستفيدين منها من متهمين. وذكر التقرير بأنه تم تسجيل اختلالات في التنازل عن قطع أرضية، كما أن الوكالة تكفلت، بطريقة غير قانونية، بملف السكن الريفي حيث قامت الوكالة ببناء سكنات فوق أرضية لا تملكها.
وجاء في قائمة التجاوزات الواردة في الملف قيام الوكالة بالتنازل عن عقارات بطريقة غير قانونية لأشخاص استفادوا من عقارات للاستثمار دون أن يجروا فيها أية نشاطات، بالإضافة إلى تنظيم نشاطات وتظاهرات خارج مهام الوكالة العقارية المنصوص عليها بين سنوات 2006 و2007 و2008، واستعمل الحساب البنكي التابع لها في تمويلها بطلب من والي قسنطينة آنذاك، في حين تم التعامل مع موردين وإجراء طلبيات وعقد صفقات دون احترام الإجراءات، كما تم جمع مبالغ مالية في إطار الرعاية، لكنها استعملت في أغراض أخرى غير التظاهرات المذكورة، مثل اقتناء تذاكر الطيران ودفع أموال الإطعام والمبيت، واستفاد منها أشخاص لا علاقة لهم بها.
ونفى المدير السابق للوكالة العقارية الأفعال الإجرامية المنسوبة إليه، حيث قال بشأن التظاهرات المنظمة من طرف الوكالة إنه مجرد مُنفّذ لقرارات مجلس الإدارة الذي يرأسه والي قسنطينة، مشيرا إلى أن الوكالة سخرت حسابا ثانويا لها بأمر من المسؤول المذكور، من أجل استقبال مساهمات المستثمرين في تنظيم تظاهرات ونشاطات من أجل دفع الاستثمار وتحريك الاستثمار، مضيفا بأنها حولت بناء على طلب كتابي من الوالي، كما استقبلوا الأموال في شكل صكوك جاء بعضها عن طريق ديوان الوالي أو تحويلات أو اتفاقيات. وقال نفس المصدر إن الحساب الذي سخّر للعملية ثانوي، في حين شدد على أنه لم تدفع أية أموال خاصة بالوكالة العقارية لفائدة التظاهرات.وأضاف (ب.ن) بأن العشرين مليون سنتيم التي دفعها المقاول بعد أربع سنوات تعود إلى التزام سابق له بالمساهمة في تمويل التظاهرات، في حين أكد بأن الأموال استعملت لتسديد المبالغ التي صرفتها مصالح الولاية على تنظيم التظاهرات المذكورة ومن بينها أيام الاستثمار، مضيفا بأن والي قسنطينة هو من أمر باقتناء هدايا بتلك الأموال للرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي عند زيارته لقسنطينة في 2007.
وصرح المتهم بشأن تعيين مكتب الدراسات في مشروع إنجاز فيلات بحي زواغي، بأن الاختيار وقع عليه بناء على مداولة مجلس إدارة المؤسسة، مشيرا إلى أنه تقاضى أموالا بناء على التصميمين اللذين أنجزهما للفيلات المزمع بناؤها، في حين ذكر بأن الوكالة تعاملت مع المكتب الثاني المكون من إطارات سابقة من مكتب الدراسات “إيرباكو” لأنهم كانوا يطلبون أسعارا منخفضة جدا مقارنة بـ”إيرباكو”، في حين نبه بأنه لم يكن يتابع جميع تفاصيل المهام التي يوكلها إلى موظفي الوكالة، لذلك لم ينتبه إلى قضية التعامل معه بسند طلب واحد مقابل عدة خدمات. وشدد المتهم على أن الوكالة العقارية لا تخضع لقانون الصفقات العمومية، كما أن التعاقد مع محامي لا يشترط فيه إجراء استشارة قانونية.
من جهة أخرى، اعتبر المدير السابق للوكالة العقارية لولاية قسنطينة بأنه حافظ على ممتلكات الوكالة العقارية في منح الأراضي الموجهة للاستثمار وقام بإنجاز عقود امتياز لعشرين سنة رافضا البيع، في حين استفاد شقيقه من قطعة أرض على مستوى بلدية زيغود يوسف في سنة 2002، وأنشأ فيها وحدة لتحويل البيض، ثم طلب بعد ذلك الاستفادة من قطعة أخرى، بحسب تصريحاته، التي أكد فيها بأنه لم يخالف الإجراءات. وقال المتهم إن الوكالة أنجزت مشروع البناءات الريفية بناء على مداولة مجلس الإدارة، مشيرا إلى أن الوكالات العقارية في ولايات أخرى قامت بإنجاز سكنات اجتماعية تساهمية.
مجمع "سيرتا" أنشئ بحساب بنكي خاص وليس عموميا
وتوبع المتهمون الثلاثة الآخرون في القضية مع المتهم الأول في قضية مجمع إقامة “سيرتا”، المتمثلة في مشروع بناء 66 سكنا ترقويا، حيث كان المدير العام السابق للوكالة العقارية والمدير الأسبق لمؤسسة ترقية السكن العائلي ببرج بوعريريج (ب.ع) رئيسيه، في حين كان التسيير موكلا إلى المتهميْن الآخرين (س.ل) و(و.ك). وبيّن التحقيق بأن الحساب البنكي الذي فُتح على مستوى القرض الشعبي الجزائري، والمستعمل فيه، كان ذا طبيعة خاصة ولم يكن عموميا، قبل أن يقوم البنك بإخطارهم بالمشكلة من أجل تغيير طبيعته. ودافع المتهمون الأربعة عن أنفسهم بالقول إن الخطأ كان على مستوى البنك وأنهم لا يتحملونه.
وصرح المتهم الأول والثاني بأنهما تناوبا على رئاسة المجمع بما ينص عليه القانون، لكن لفترة فقط إلى غاية حل مؤسسة “أوبيالاف” الذي عرقل الأمر، في حين تعثرت إجراءات إعادة الصفة للمجمع مع المؤسسة الوطنية للترقية العقارية واستمرت لسنوات بحسبه. ونفى المتهم الثاني (ب.ع) منحه امتيازات لابنتيه وأشقائه وأصهاره المستفيدين من شقق ومحلات على مستوى المشروع، فضلا عن المسيريْن السابقين اللذين استفاد أحدهما من سكن، بينما استفادت زوجة الآخر من شقة في نفس المشروع، فقد قال الثلاثة إنهم استفادوا مثل غيرهم محترمين الإجراءات القانونية، خصوصا وأن الشقق عُرضت للبيع الحر.
كما شدد المتهمون على أنهم حققوا فائدة تفوق 25 مليار سنتيم من بيع الشقق والعقارات في المشروع، مشيرين إلى أنهم احترموا إجراءات الإعلان في الجرائد، ومواجهين الاتهامات الموجهة إليهم بشأن عدم تقديم الأولوية للعمال في الاستفادة، كما عرضوا الشقق والمحلات ومكاتب الأعمال بمبالغ معتبرة في زمنها. وطالب محامي المؤسسة الوطنية للترقية العقارية ستين مليار سنتيم كتعويض تدفع من طرف المتهمين معا، في حين التمس وكيل الجمهورية 5 سنوات حبسا وغرامة مالية بقيمة مليون دينار للمتهم الثاني والثالث وعامين حبسا نافذا و100 ألف دينار غرامة للمتهم الرابع المدعو (و.ك).
أما محامو المتهمين فالتمسوا البراءة للمتهمين الأربعة، فيما طالب محامي المدير السابق للوكالة العقارية باستبعاد المؤسسة الوطنية للترقية العقارية من الملف لأنها لا تملك صفة الطرف المدني.
سامي .ح

الرجوع إلى الأعلى