* ميزانية مفتوحــة لحمايــة ولاية قسنطينـــة

فيما ودعت الحامة ضحيتي الكارثة  في جو مهيب
 مـيـزانـيـة مـفـتـوحـة لحـمـايـة قـسـنـطـيـنـة من الفـيـضـانات
• 80 مليمترا من الأمطار أغرقت الوطني 27  
شرعت سلطات ولاية قسنطينة في عمليات تنقية لوادي زياد بحامة بوزيان وتوسيع مجراه ساعات بعد  الفيضانات التي أودت بحياة شخصين وأدت إلى تضرر ما يقارب 50 سيارة ، فيما أعلنت لجنة وزارية مشتركة عن إطلاق دراسة لتحديد أسباب الفيضان والقيام بأشغال تهيئة تشمل سكنات على حافة الوادي، لتجنب تكرار الكارثة التي خلفت حالة من الهلع في أوساط السكان ومستعملي الطريق الوطني رقم 27 .و ندد سكان بوجود تقصير في تنظيف مجرى الوادي و رفع القاذورات المتراكمة في جسر يقع أسفل الطريق والذي تجمعت عنده المياه، إلى جانب الحواجز الإسمنتية التي زادت في حجم السيول بعد أن صدت تدفقها.
متابعة: فاتح خرفوشي

مستعملو الوطني 27 عاشوا الجحيم
23 دقيقة كانت كافية لبلوغ مستوى عال من مياه الأمطار الموسمية المعروفة بالهطول المفاجئ والكثيف خلال فصل الخريف، وبلوغ 80 مليمترا، حسب تصريحات المختصين، ما أدَّى إلى انسداد الجزء الضئيل المتبقي لمصبِّ واد زياد المار أسفل الطريق، وتحويل مساره نحو السيارات القادمة من وسط المدينة نحو بلدية الحامة والولايات المجاورة على غرار جيجل وميلة وعنابة وسكيكدة، وزاد الحاجز الإسمنتي الفاصل بين جهتي الطريق الأمر سوءا، بعدما منع المياه من بلوغ الجهة الأخرى من الضفة، مع بدء صعود مياه الوادي إلى السطح، وإعاقة حركة المرور نسبيا، لتحمل قوة المياه المتدفقة من أعالي جبل الوحش، وتحديدا تجمُّع تافرنت الريفي بأعالي جبل الوحش، نزولا نحو فجّ الريح وبكيرة وصولا إلى الطريق الوطني رقم 27.
وعملت المياه السطحية المحمّلة بالطين وبقايا الأشجار والردوم على دفع السيارات الأولى للوراء، ما جعل قرابة 50 سيارة تتراكم الواحدة منها فوق الأخرى، وشلِّ حركة المرور، وبدء هروب البعض والاحتماء بالمنحدر الترابي المجاور للطريق الوطني، أمام تدفَّق سكان الجهة، خاصة شباب واد زياد وحي جبلي أحمد القريبين من الفيضان، لنجدة المتضررين والعالقين، دون إمكانيات، لكنَّ غضب الطبيعة كان أقوى من إرادة الضحية “ر. ش” 55 عاما رئيس مصلحة بمندوبية عوينة الفول، و”ز. ح” 40 عاما، محامية، بعدما غمرتهما المياه، وفشلا في الخروج من الفيضان سالمين.
شباب الكانطولي جنبوا حدوث ما هو أسوأ
وأنقذ شباب واد زياد و”الكانطولي” عددا معتبرا من الأسر العالقة التي صعدت غالبيتها على سقف السيارات للاحتماء، حاملين النساء والأطفال على الأيدي، رغم ارتفاع منسوب المياه المتدفقة، وخطر الغرق في أيَّة لحظة، خصوصا ركَّاب حافلة لنقل المسافرين تعمل على خط ميلة ــ قسنطينة، وأخرى للنقل الحضري بين بوذراع صالح وديدوش مراد، انتهاء بحافلتي نقل الطلبة، كانت ممتلئة عن آخرها، أمام رعب الطالبات وتخوف البعض منهنَّ للخروج من الحافلة.
“النصر” التي كانت متواجدة بعين المكان سجّلت رعبا كبيرا لدى مستعملي الطريق المحاصرين بسبب الفيضان، وارتفاع صراخ الخائفين من الغرق، أمام نداءات النجدة، واستعمال وسائل بسيطة كالحبال لإخراج المحاصرين داخل المياه والسيارات، وكذا الأشجار والطين، فيما زاد التخوف من غرق آخرين ممن كانوا  مرفوقين بأفراد من العائلة والجيران وزملاء العمل، وهو ما تبدَّد تدريجيا بعد تأكيد وجود ضحيتين، لا أكثر.
عدم تنظيف مجرى واد زياد وراء الكارثة !
حسب المعطيات التي قدمها  سكان  ، فإن السبب الرئيسي وراء حدوث كارثة فيضان قسنطينة، بواد زياد، يرجع إلى عدم تنظيف المجرى رغم ضآلة تدفق المياه به وهي أساسا مياه قذرة تصبُّ من المنازل، بدءا من أعالي جبل الوحش، مرورا ببكيرة ووصولا إلى أسفل الجهة، بمحاذاة حي جبلي أحمد، على مستوى الطريق الوطني رقم 27، حيث غمرت الأتربة المتراكمة والردوم المنافذ الثلاثة للجسر أسفل الطريق، رغم أنه يتجاوز الـ2 متر علوا، في حالته العادية، لكنَّ عدم تدخل المصالح المختصة بالتطهير والمياه وتنظيفه وتحرير مجراه جعل الماء يصعد إلى الطريق الوطني، ويودي بحياة رجل وإمرأة.
إلى جانب عدم تنظيف مجرى واد زياد، يتساءل سكان المنطقة عن مشروع تحويل مصبِّ هذا الواد في أنابيب إسمنتية، تصل إلى غاية أكبر واد بالولاية، وهو واد الرمال، غير بعيد عن التجمع السكاني المذكور، أسفل حي صالح باي، وهي ورشة انطلقت بداية الألفية، ولم تتمّ، وغمرت الطين والحجارة عشرات الأمتار من الشبكة، ودفن تحت الردوم، دون إتمامه، وهو ما يطرح أكثر من علامة استفهام بخصوصه، على اعتبار أنَّ استكمال أشغال الإنجاز كان ليجنّب الجميع الكارثة، إضافة لتفادي انتشار الأوبئة والأمراض والتلوث للقاطنين بالقرب من مجرى الواد، وهم 27 عائلة بالجهة التابعة إداريا لبلدية قسنطينة، ونفس العدد تقريبا بالضفة المقابلة التابعة لحامة بوزيان.
وأفاد ساكنة واد زياد بأنه تمَّ الحديث إلى المسؤولين مرارا لتنظيف المجرى، دون جدوى، وخاصَّة المنافذ الثلاثة على شكل جسر يمرُّ فوقه الطريق الوطني رقم 27، بعدما انغمرت كلية، وهو ما لم يحدث خلال العقدين الأخيرين رغم ارتفاع منسوبه، شتاء، أو الأمطار الموسمية بالخريف، لاتساع مخرج مرور المياه، وكذا عدم وجود الحاجز الإسمنتي على الطريق، المانع لمرور المياه والأتربة إلى الضفة الأخرى، فيما وجَّه إطار يقطن بالمكان انتقادا لاذعا للتقنيين القائمين على شؤون الطرقات ومسارات الأودية، بتحويل الجسر القديم الذي يمرُّ أسفله واد زياد إلى منفذ صغير مقسم إلى ثلاثة أجزاء سنوات الثمانينات، ما أوصل إلى كارثة عشية يوم الأربعاء الأسود.
ميزانية لتنظيف الوادي وتهيئة حواف الوطني 27
قرّر الوالي عبد السميع سعيدون وبشكل استعجالي البدء في عملية تنقية مجرى واد زياد، السبب الأساسي في الفيضان ، حيث تمَّ تجنيد مصالح مديرية الريِّ للعملية، وأعوان مديرية الأشغال العمومية بقسنطينة، بمعية الأعوان ومكاتب التنظيف ببلدية قسنطينة والحامة، لتنقية حوافّ الطريق الوطني رقم 27 من الأتربة والأوحال، فيما قرّرت اللجنة الوزارية المشتركة مجموعة من الإجراءات الاستثنائية، فورا، لعدم تكرار الحادثة.
حلول تقنية تشمل بنايات  مجاورة
الأمين العام لوزارة الموارد المائية، بلكاتب الحاج، وفي مداخلته خلال الاجتماع بين أعضاء اللجنة الوزارية المشتركة التي حلّت بالولاية يوم الخميس، أكَّد اتخاذ الدَّولة لكافة الإجراءات اللاّزمة لحلِّ الإشكال، حيث تقرر تكليف مكتب دراسات «آش. بي. آست» لدراسة ملف الوادي، بداية هذا الأسبوع، وخاصَّة المنفذ الإسمنتي على شكل جسر الذي أدَّى انسداده لصعود مياه السيول إلى الطريق الوطني، وبالتالي تكوين سيول جارفة أضرَّت بالمواطنين وممتلكاتهم، معتبرا أنَّ التغيرات المناخية الأخيرة تسبب في الكثير الأضرار بولايات سيدي بلعباس وسعيدة وتبسة وأمّ البواقي، انتهاء بقسنطينة.
وأضاف عضو اللَّجنة الوزارية المشتركة  أن الدراسة  ستشمل المنازل المبنية على حافة الوادي، مع العلم أن هنالك قانونا يمنع البناء على شعاع يمتدُّ بـ50 مترا على حافتي الوديان ومصبّات المياه الكبرى، وهو ما لم يحترم بتاتا، وستمسُّ الدراسة شبكة الصرف الصحي والمياه الشَّروب، وتهيئة حوافّه للحيلولة دون وقوع أضرار تمسُّ الساكنة، وانجراف البنايات، وهذا بمعية مؤسسة المياه «سياكو» والديوان الوطني للتطهير، بميزانية مفتوحة حسب تعليمات وزير الداخلية،  نورالدين بدوي.
ف.خ

الوالي عزَّى عائلتي الفقيدين
تشييع ضحيتي الفيضان في جو مهيب  بالحامة
شيّع أهالي بلدية حامة بوزيان، بقسنطينة، بعد ظهر الخميس، ضحيتي فيضانات واد زياد، في جو مهيب، خيّم على كامل البلدية، فيما تنقل والي الولاية عبد السميع سعيدون والأمين العام إلى مقر سكن رئيس المصلحة والمحامية المتوفيين، لتعزية عائلتيهما.
والتفّ المعزون ببيت عائلة الضحية “رشيد شيواوة” 55 عاما، العامل رئيس مصلحة الوثائق البيومترية بمندوبية عوينة الفول، بمحاذاة الشارع الرئيسي للحامة، حيث حمل الضحية مسجيا بالعلم الوطني نحو مسجد الأمير عبد القادر للصلاة عليه، قبل توديعه الوداع الأخير على مستوى مقبرة الزويتنة، في حضور آلاف المشيعين الذين غصَّت بهم المقبرة، وكان الأمين العام للولاية ممثلا للسلطات المحلية المدنية حاضرا في جنازة الفقيد، فيما أدَّى مسؤول الجهاز التنفيذي الأول  واجب العزاء لعائلة الضحية المحامية “حماري زهرة” 40 عاما، التي شيعت إلى مثواها الأخير بالمقبرة المركزية.
ولم يصدِّق أفراد عائلة الضحيتين ما وقع، خاصة زوج المحامية، التي خلَّفت وراءها أربعة أبناء، حيث ظلَّ يبحث عن فقيدته ليلة حادثة الفيضان بواد زياد، فيما كانت ترقد بسيارة الإسعاف التابعة للحماية المدنية، بعد انتشالها من طرف المواطنين، جثة هامدة، وهو الأمر الذي نزل كالصاعقة على مسامع إحدى زميلاتها بالمهنة والتي انفجرت باكية في عين المكان، بعد سماع الخبر غير المؤكد، وقتها.      
 ف.خ

المندوب الوطني للمخاطر الكبرى مليزي الطّاهر
2500 مليار خسائر الفيضانات وسنعقد ندوة لتصحيح أخطاء التسيير
أكد المندوب الوطني للمخاطر الكبرى، مليزي الطاهر، وعضو اللجنة الوزارية المشتركة للنظر في فيضانات قسنطينة، بلوغ الخسائر جراء هذه الظاهرة الطبيعية على مستوى الوطن 2500 مليار سنتيم، حتى شهر سبتمبر، فقط، فيما سيتمُّ عقد ندوة وطنية شهر أكتوبر المقبل لإعادة تقييم برنامج تسيير الكوارث وتصحيح الأخطاء.
وقال مليزي  إن هناك «أخطاء في التحضير لهذه الكوارث الطبيعية المنتظرة»، وهو ما يجب تصحيحه على الفور عبر ثلاثة محاور رئيسية تمرّ عبرها الإجراءات، وهي تحسيس المؤسسات المعنية بتسيير الكوارث الكبرى على غرار مؤسسات الدولة والجماعات المحلية والجهاز التنفيذي، إلى جانب الكفاءات العلمية وكذا وسائل الإعلام، مع التشديد على استعمال الوسائل التكنولوجية الحديثة والعلم في التنبؤ بهذه الكوارث الطبيعية، للتحكم الحسن فيها، وتحسين الحوكمة والبرامج الموضوعة من قبل المسؤولين، انتهاء بالمحور الثالث وهو الاستثمار في الوقاية من الأخطار، حسبه.  
وقدّم المندوب الوطني للمخاطر الكبرى رقما خطيرا يتعلَّق بـ18 منطقة مسَّتها الفيضانات، مؤخرا، وتحديدا قبل شهر سبتمبر الجاري، حيث بلغت الخسائر ما مقدراه 2500 مليار سنتيم، مؤكدا على حتمية الاختيار الأمثل لمكاتب الدراسات لإعداد التقارير التقنية بخصوص أي مشروع جديد، والتحضر جيدا للكوارث الواردة في أية لحظة، ودراسة كل ما حدث لعدم تكرار الأخطاء والأضرار.
ف.خ

الأمين العام لولاية قسنطينة    
كل الآليات سخّرت لتحرير المجرى وفتح الطريق
صرح الأمين العام لولاية قسنطينة، بكوش بن عمر، أنَّ نسبة التساقط يوم الأربعاء، بلغت 80 ميليمترا خلال 23 دقيقة، وهو ربع نسبة التساقط سنويا بقسنطينة، ما أدى لحدوث فيضان واد زياد، مشيرا لاتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لإعادة الأمور إلى نصابها.
و  قد تمَّ تحريك كل المكاتب التقنية للوقوف ميدانيا على الوضع، إلى جانب والي الولاية وأعضاء اللجنة الأمنية الموسعة التي تضمُّ رئيس أمن الولاية، قائد الناحية العسكرية وكذا قوات الدرك الوطني، بالإضافة لمصالح الحماية المدنية،   و لم تسجل خسائر   على مستوى المنازل، مع تلقي الدعم من مديريات الأشغال العمومية للولايات المجاورة وهي سطيف، قالمة وعنابة، زيادة على تنصيب خلية يقظة بالموازاة مع خلية الأزمة التي يرأسها الأمين العام ، شخصيا، ومهمة خلية اليقظة بإشراف رئيس الديوان تكمن في إعلام المواطنين ومختلف وسائل الصحافة بالمستجدات، مع تكليف مدير الأشغال العمومية ومدير الريّ بتقييم الوضع وبدء الأشغال فور وقوع الفيضان.
ف.خ

مدير المنشآت بوزارة الأشغال العمومية  شطيبي بوعلام
حواف الطريق الوطني 27 ستهيّأ على مسافة 2 كيلومتر
من جهته، ممثل وزارة الأشغال العمومية، مدير المنشآت، شطيبي بوعلام، صرَّح بوجود عملية لتهيئة حوافّ الطريق الوطني رقم 27، وخاصة المجاري الإسمنتية الجانبية لتسهيل سيلان المياه السطحية، أي المزاريب، وهذا على مسافة 2 كيلومتر، واحد كيلومتر لكل جهة، وتسجيل العملية ضمن ميزانية تهيئة الطرقات، مشدّدا على مسؤولية كل المدراء التنفيذيين للعمل إلى غاية فتح مسار الواد بالشكل المطلوب، بالموازاة مع إطلاق حملة لتنقية الغابة المجاورة لحي واد زياد، والتشجير، وتنقية البالوعات من قبل الديوان الوطني للتطهير، حسب ما أكده، أيضا، والي الولاية.                   
ف.خ

يتبع

الرجوع إلى الأعلى