خلف انهيار معبر بمنطقة بني فرح ببلدية بودريعة بني ياجيس في جيجل أول أمس، حالة من الصدمة في أوساط عشرات العائلات، كونه الشريان الوحيد الذي يبقيهم على صلة بمنطقتهم الجبلية المعزولة ، التي عادوا إليها بعد عملية تطوعية كلفت 350 مليونا، لتجسيد منشأة فنية أعادت منذ أربع سنوات الحياة لمنطقة هجرها سكانها خلال العشرية السوداء، لكن الأمطار التي تهاطلت في الساعات الأخيرة عادت بهم إلى نقطة الصفر، حيث تحولت الفلاحة إلى حلم صعب المنال يتطلب عبور وادي محفوف بالأخطار سبق وأن حصد 14 روحا أو مسالك غابية محفوفة بالأخطار.
النصر تنقلت إلى المنطقة و تحديدا إلى مكان انجاز المعبر المنهار بجوار وادي جن جن، بعد أن قطعنا ما يقارب ساعة سيرا من بلدية تاكسنة عبر مسلك ترابي، أين وجدنا العديد من السيارات مركونة لفضوليين جاؤوا لمشاهدة بقايا الانهيار ، وقد تأسف مواطنون  للكارثة التي حلت بالعديد منهم، كون المعبر يعد همزة الوصل الوحيدة، و أنجز بعد طول انتظار من قبلهم، حيث كانت الأجواء بمثابة عزاء، الكل حزين و يترقب الحل و الأمل و منهم من لم يصدق الخبر، بالرغم من الصور المنشورة عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
و قال أحد  السكان «أحس بأنني أحلم و فقط، هو مجرد كابوس سأستيقظ منه بعد لحظات، لقد تعبنا كثيرا من أجل إنجازه، الجميع ساهم في تجسيده، الحياة عادت للمنطقة بواسطته و عاد معها أمل النهوض موقتا بالمنطقة»، و أضاف آخر « الجميع تحدث عن المجهودات المبذولة في تشييده، كان يشبه مولودا جديدا يتم الاعتناء به، فبعد أن كان مجرد فكرة طرحت للعلن،  تجسد بسواعد شباب و أهل المنطقة».
واصلنا السير، إلى غاية موقع المعبر، لنتفاجأ ببقايا المنشأة  تلامس مياه الوادي و كأنها تأبى السقوط، فيما سمعنا أحد سكان المنطقة يتحدث عن إمكانية إصلاحه بتضافر الجهود،  و في تلك اللحظات تقدم منا أحد المواطنين و أخبرنا بأن سبب سقوطه، يقوم على احتمال واحد، هو فتح صمامات سد إيراقن، ما جعل منسوب المياه يرتفع و يحمل معه بقايا الأشجار التي من الممكن أن تكون قد علقت بأسفل المعبر و تسببت سرعة المياه و قوتها في دفعها نحوه  ، ما أدى إلى قطع «الكابل»، و هي إحدى الاحتمالات الواردة حسب جل الحاضرين.
دقائق من الأمطار تعصف بمجهودات 28 يوما من الإنجاز
و قد أخبرنا «عمي عمار» أحد الحاضرين، بأن الجسر شرع في تجسيده أواخر سنة 2015 و تم الانتهاء من إنجازه بعد 28 يوما، ليدخل حيز الخدمة شهر جانفي 2016 و قد طرحت الفكرة من قبل سكان بالمنطقة، بعد عدة حوادث، كادت أن تتسبب في ارتفاع حصائل الضحايا من أهل المنطقة، ما جعل أحد المهندسين يطرح فكرة إنجازه و يقدم دراسة للسكان. ليباشر بعدها الجميع في تجسيد فكرة إنشاء المعبر، الجميع قدموا المساعدة بالعمل أو عبر مبالغ مالية تم جمعها، حيث وصلت تكلفة الإنجاز إلى حدود 350 مليون سنتيم، فقد عمل الشباب إلى وقت متأخر من الليل، الجميع كانوا يدا واحدة لفك العزلة   و إيجاد حل لضمان عودة السكان، خصوصا و أن منطقة بني فرح معزولة، و لا توجد بها طرقات تؤدي نحوها، سوى مسالك غابية يتنقل فيها المواطنون عبر مسافة تقارب 5 كلم سيرا على الأقدام وسط تضاريس صعبة، إذ أن تشبث المعنيين بالمنطقة و عشقهم لأرض الأجداد، دفعهم لمواجهة الصعاب والوصول إلى المساكن و الأكواخ، فجل العائلات تمارس النشاط الفلاحي، و تربية الأبقار،  و يقول «عمي عمار»،  السكان يكافحون من أجل الاعتناء بشجرة الزيتون للمحافظة على رائحة الأجداد»، مضيفا بأنه و فور تجسيد المعبر، زار العديد من الأشخاص موطن أجدادهم وخصوصا العنصر النسوي و الشيوخ، فقد كانت فرحة لا يمكن وصفها، كون «الجسر» سهل من مهمة الوصول و قلص مسافة بلوغ المنطقة، كما شرع العديد من السكان الأصليين في تشييد منازل و أكواخ و ترميم المهترئة منها، و التي هجرت خلال العشرية السوداء، و قد أصبحت ما يقارب 150 عائلة تزور المنطقة، نهاية  كل  أسبوع، و العديد منهم يبيتون لأيام عديدة بالرغم من عدم توفر الكهرباء، إلا أنهم يستعملون الطرق التقليدية للطبخ و الإضاءة.
و ذكر متحدثون، أن كمية كبيرة من المؤونة تم نقلها إلى المنطقة، إذ أن المنشأة أعادت الأمل و عادت الحياة تنبض من جديد بفضل إنجاز  سواعد كافحت لإعادة الأمل طيلة أربع سنوات، لتتلاشى الأحلام في دقائق. و قد تسبب انهيار المعبر في تضرر العديد من العائلات التي تمارس النشاط الفلاحي بالمنطقة و تقوم بتربية الماشية و الدجاج،  إضافة إلى أن قرب موعد جني الزيتون سيزيد من احتمالات الخسائر، إذ أن المنطقة غنية و ثرية بالأشجار المثمرة، ما أحزن العديد من المواطنين و جعلهم يبحثون عن حلول مستعجلة، فقد أصبح  العديد منهم،  مجبرين على أن يقطعوا الوادي للوصول إلى أراضيهم  ومنازلهم، ما  قد يتسبب في تسجيل  ضحايا آخرين، كون المنطقة فقدت في السنوات الماضية، 14 ضحية من أبنائها، الذين جرفتهم مياهه.     
و ذكر من تحدثنا إليهم بالمنطقة، بأن والي الولاية زار المعبر شهر جانفي الفارط و قدم غلافا ماليا معتبرا للسكان، عربونا على المجهودات التي قدموها و على حسن نيتهم في العودة، تضمن فتح و ترميم المسالك الترابية بالمنطقة، و كذا شق طريق من قبل مصالح الغابات، شرع في إنجازه عبر خمسة كيلومترات، و لكن الأشغال توقفت به بسبب وجود حجارة أعاقت العملية، و من المنتظر تغيير المسار قريبا، لتتم إعادة بعثها من جديد. مشيرين إلى أنه في الوقت الراهن، ينتظر أن يتم الإسراع في الإنجاز، لتباشر بعدها المصالح المختصة تعبيد الطريق و تهيئته حتى يصل إلى المنطقة، ما سيسمح بفك العزلة و المشكل الكبير، حسب المتحدثين، يكمن في أنه سيجسد في سنوات، و هو ما أقلقهم كثيرا. و أضاف المعنيون، بأنهم سيقومون بإعادة ترميم المعبر الذي يتطلب غلافا ماليا لإعادة شراء «الكابل» الخاص بشد الدعامات، في ظرف زمني يقدر بعشرة أيام، في حال  تحسن الأحوال الجوية، حيث ستتم إعادة رفع علو المعبر بحوالي نصف متر و من ثم تدعيمه، إذ أن غياب الغطاء المالي، حسبهم، سيعقد و يصعب المأمورية، مطالبين السلطات بتقديم يد المساعدة اللازمة، لفك الحصار الذي فرض على سكان المنطقة.
كـ.طويل

الرجوع إلى الأعلى