المؤبد لقـاتل رئيس لجنـة التعميـر و البنــاء بحجر داخل مكتبه
فصلت محكمة الجنايات الابتدائية بمجلس قضاء أم البواقي، عشية أمس الأول، في واحدة من القضايا التي هزت الرأي العام المحلي و الوطني، قبل نحو سنة، نتيجة قيام شخص بإزهاق روح عضو منتخب و رئيس لجنة داخل مكتبه، بضربة حجر، بحجة التأخر في تسوية ملف إداري.
هيئة المحكمة قضت بإدانة المتهم (ح.م) في العقد الرابع من العمر و الذي تمت متابعته بجناية التعدي بالعنف على موظف أثناء تأدية مهامه، المؤدي إلى الوفاة مع قصد إحداثها، بعقوبة السجن المؤبد و غرامة مالية تعويضية، فيما التمس النائب العام توقيع عقوبة الإعدام في حق المتهم.
 و شهدت جلسة المحاكمة حالة من الاحتقان بين عائلة الضحية و بين المتهم، أين طالبت العائلة بمعاقبة المتسبب في حرمانهم من حنان والدهم.
القضية ترجع إلى السادس عشرة من شهر أكتوبر من السنة الماضية، عندما اهتزت مدينة عين البيضاء على وقع جريمة قتل بشعة راح ضحية العضو المنتخب عن تكتل الاتحاد من أجل النهضة و العدالة و البناء   منصوري أحمد المكنى «العيد» من مواليد سنة 1959، الذي لفظ أنفاسه داخل مكتبه كونه يشغل منصب رئيس لجنة التعمير و البناء بالمجلس البلدي و مكلف بمتابعة عمل المصالح التقنية للبلدية، على مستوى الملحق الثقافي بحي ماريان الشعبي، و اتضح بأن المتهم الحالي هو الذي أزهق روح الضحية بضربة حجر بلاط إسمنتي، كان موضوعا أسفل مكتب خشبي بالمصلحة التقنية للبلدية و كانت الضربة الوحيدة التي تلقاها الضحية، كافية لإزهاق روحه، قبل وصول إسعافات الحماية المدنية.
مصالح الأمن شرعت فورها في تحقيقات موسعة، أوقفت على إثرها المتهم صاحب مطعم بشارع أول نوفمبر بجوار الحديقة الرئيسية وسط المدينة، بعد رواج معلومات بفراره، و خلصت في تحقيقاتها إلى أن المتهم تقدم بملف للاستفادة من رخصة هدم جدار بمحله التجاري، قصد إعادة بناء آخر في ظل هشاشة الجدار الحالي، حيث كان  يحوز  على محضر لرئيس المجلس الشعبي البلدي ، يثبت فيه شهر فيفري من السنة الماضية  أن المحل هش و آيل للسقوط، غير أن رخصة البناء لم تمنح له، كون  الملف كان على مستوى لجنة الشباك الوحيد التي يترأسها الضحية ، و ظل المتهم يتردد على مكتب الضحية عدة مرات، غير أنه قام يوم الوقائع بسبه و شتمه و إثارة فوضى داخل المصلحة التقنية المتواجدة على مستوى المركز الثقافي، ليتدخل 3 موظفين بالمصلحة و يخرجوه منها، ليعود فورها و يتجه صوب مكتب الضحية حاملا حجرا إسمنتيا استعمل كسند للمكتب الخشبي الآيل هو الآخر للسقوط، و يوجه ضربة واحدة ناحية رأس الضحية، أسقطته أرضا، حيث لم يستمع لنداءات التعقل التي أطلقها موظفو المصلحة.
التحقيقات الأمنية مع جميع أطراف القضية، انتهت كذلك للتأكيد على أن الضحية الذي يشغل رئيس لجنة التعمير و البناء لعهدتين متتاليتين، ظل في كل مرة يطمئن المتهم، بأن ملفه سيعرض مجددا على اللجنة التقنية الموسعة، بعد عدة مراحل رفض فيها ملف المعني و مع طول آجال التسوية و منح الرخصة، ثارت ثائرة الجاني، الذي قرر إزهاق روح الضحية و ردد على مسامع من حضر الجريمة البشعة، بأنه مستعد لقتله في حال لم يمت.
جلسة المحاكمة التي عرفت تعزيزات أمنية مشددة، عرفت عرض شريط فيديو احتوى على إعادة تمثيل الجريمة، حيث اضطر النيابة العامة، و قاضي التحقيق للعودة إلى مسرح الجريمة و التأكد من طريقة سقوط الضحية بعد ضربه، بسبب تلميحات إلى أن الضربة لم تكن قاتلة و سبب الوفاة كان سقوط المعني أرضا على مؤخرة رأسه، و انتهت التحقيقات كما الخبرة الطبية للطبيب الشرعي، للتأكيد على أن ضربة الحجر هي التي أدت لوفاة الضحية، و أجمع الموظفون الذين حضروا شهودا في جلسة المحاكمة، على أخلاق الضحية، على عكس ما تم ترويج بأن الجريمة هي عبارة عن ردة فعل الجاني بسبب تعرضه للسب و الشتم من طرف الضحية.
وقد أنكر المتهم ما نسب إليه وقال أنه ضربه بحجر كردة فعل على محاولة الضحية الإعتداء عليه بكرسي، فيما قال  الشهود، على أن 3 موظفين أخرجوا المتهم بعد سبه الضحية في البداية و أغلقوا باب المصلحة، ليعود و يلج المصلحة موجها ضربة حجر قاتلة و ردد البعض عبارة “العيد مات، العيد مات”، ليرد الفاعل بعبارة “إذا لم يمت سأقتله اليوم” و أكد موظفو المكتب الذين يعملون بمعية الضحية، على أن المتهم دخل المرة الثانية و حمل حجرا أسند إليه مكتب خشبي، ليقوم الضحية و يغطي رأسه بيده، غير     أن الضربة كانت قوية  و  أسقط الضحية أرضا على مؤخرة رأسه، في الوقت الذي تعذر على المحكمة سماع شهادة الموظفة (ب.نجاة) التي سقطت أرضا مغشيا عليها، عند ولوجها  قاعة المحاكمة، لتنقل على جناح السرعة إلى مستشفى ابن سينا، قبل أن تعود إلى القاعة بعد تلقيها للإسعافات و تعفى من الشهادة بسبب وضعها الصحي.
  أحمد ذيب

الرجوع إلى الأعلى