شهدت العاصمة، أمس، يوما انتخابيا هادئا عكس الهواجس والمخاوف التي انتابت الكثيرين، ولم تفلح بعض الإشاعات التي تم بثها عبر مواقع التواصل الاجتماعي في كسر هدوء العاصمة، التي عاشت على وقع مسيرات وتجمعات قبالة البريد المركزي دعا إليها الرافضون للانتخابات دون أن تخرج عن طابعها السلمي.
ففي بلديات وسط العاصمة، جرت العملية في أجواء سادها «التنظيم المحكم والظروف الحسنة، وكان الهدوء سيد الموقف، رغم تدفق حشود كبيرة من الرافضين لإجراء الانتخابات إلى الشوارع الرئيسية، في حين كان الإقبال على صناديق  الاقتراع «محتشما»، وكانت نسبة المشاركة في حدود الساعة الـ11 صباحا تقارب 5 بالمائة، قبل أن ترتفع إلى حدود 13 بالمائة في حدود الساعة الرابعة ظهرا
وخلال جولة قامت بها «النصر» إلى مختلف المكاتب الانتخابية، رصدنا إقبالا متفاوتا، ولم يختلف الجو الانتخابي خلال رئاسيات الخميس، عن الأجواء التي تشهدها العاصمة في الانتخابات السابقة، حيث عادة ما تكون المكاتب شبه خالية من الناخبين في الصبيحة قبل أن يرتفع عدد المقبلين على الصناديق خلال المساء.
وكانت الساعة تشيرا إلى التاسعة بالعاصمة، عدا التعزيزات الأمنية ببعض النقاط كساحة أول ماي، لم تكن الأجواء تشير لتنظيم رئاسيات، وظلت عديد المحلات مغلقة بسبب تخوف البعض من انفلات الوضع خلال الانتخابات، غير أن الوضع ظل هادئا والشارع كان مكتظا بالمارة وكان موضوع الانتخابات على ألسنة كل العاصميين الذين تجمعوا في الساحات والمقاهي لمتابعة التطورات، وظل حديثهم يرتكز هن هوية الرئيس القادم بعيدا عن صخب الاحتجاجات.
وكانت البداية بمدرسة «ماسينيسا» بحي باب الواد الشعبي، وكان محيط المدرسة هادئ على غير العادة ولم يسجل أي تواجد امني مكثف باستثناء عنصري امن أمام مدخل المركز الانتخابي، الذي يضم 3 مكاتب انتخاب بمعدل 400 منتخب في كل مكتب، وفي حدود منتصف النهار كان عدد الناخبين الذين أدوا واجبهم الانتخابي يتراوح بين 19 و 20 ناخبا، وذكر رئيس المركز، أن الإقبال عادة ما يكون بعد الثالثة زوالا، وتابع يقول «أشرفت على تسيير المركز الانتخابي منذ سنوات ويمكن القول أن النسبة هي ذاتها في السابق»، وتوقع أن تتوافد العائلات على المركز في المساء.
وجهتنا كانت مركز «الأمير عبد القادر» الذي يعد أكبر مركز انتخابي في حي باب الواد، وهنا بلغ عدد المصوتون في احد المكاتب 89 مصوتا من أصل 400 مسجل، وقالت رئيسة المكتب إنها «كانت تتوقع نسبة إقبال اقل بسبب دعوات المقاطعة إلا أن ذلك لم يحدث»، وأضافت بأنها «لمست زيادة في عدد المصوتين مقارنة بالمواعيد الانتخابية السابقة» وتوقعت تسجيل نسبة إقبال اكبر مع مرور الوقت.
وقد أجمع أغلب المواطنين عقب تأدية واجبهم الانتخابي على «أهمية المشاركة في هذا الموعد الوطني لتمكين الجزائر من تجاوز الانسداد السياسي الراهن الذي أثر على مختلف المجالات، سيما منها الاقتصادية والاجتماعية».
وقال محمد خلفاوي البالغ من العمر 52 سنة، الذي صوت في مكتب اقتراع بمنطقة باب الواد وسط العاصمة، لـ»النصر» إنه اختار التصويت، رغم اقتناعه بأن الظروف السليمة للانتخابات ليست متوافرة بالكامل. وقال: «هذه هي المرة الأولى التي نصوت فيها ولا نعرف الرئيس والنتيجة مسبقاً مثلما كان يحدث في الانتخابات السابقة، وهذا على الأقل عامل مهم وتطور في نزاهة نسبية للانتخابات في الجزائر».
ورافق سفيان بن سعيد البالغ من العمر 37 سنة، والديه للتصويت في المكتب نفسه، وقال، إنه يرفض التصويت لكون هذه الانتخابات مفروضة بالقوة ولا تمثل حلاً، قبل أن يضيف: «لكني أخفقت في إقناع والدي الكبيرين في السن بذلك، وأصرا هما على التصويت، وكان علي أن احترم رأيهما وأرافقهما إلى مكتب التصويت».
وانقسم المشهد إلى مؤيد للانتخابات لأنها «الحل الوحيد لإخراج البلاد من أزمتها الحالية» وبين معارض لها ورافض للمشاركة فيها بحجة «أنها لا تمثل المخرج الأمثل ولا توفر المخرج المناسب للبلاد»، وذكر محمد الذي شارك في كل المسيرات التي تعيشها العاصمة منذ 22 فيفري، أن «الانتخابات لم تأتي نتيجة توافق بل فرضت لأسباب لا تزال غير معروفة»، ورغم اعترافه بان الوضع في البلاد لا «يبعث على الارتياح» إلا انه «يعتقد أن الحل كلن يمكن أن يكون أفضل لو تم احترام رأي الشارع والاستجابة لمطالبه كاملة غير منقوصة».
 نسب مشاركة متفاوتة في بلديات شرق وغرب العاصمة
وكان المشهد ذاته في البلديات الواقعة غرب العاصمة، حيث جرت عملية الاقتراع في أجواء «تنظيمية محكمة» استحسنها الناخبون، حيث أجمعت مختلف الانطباعات بهذه الجهة من العاصمة على أن العملية تجري في ظروف تنظيمية محكمة حيث يؤدي الناخبون واجبهم الوطني في أجواء «هادئة وعادية».
وكان الإقبال متفاوتا ففي بلدية درارية، و بالضبط بالمركز الانتخابي «متوسطة ابن رشد»، كانت الحركية تميز المكان، وأكد مدير هذا المركز حسن سير العملية الانتخابية و إقبال المواطنين، حيث سجل نسبة مشاركة «تزيد عن 13 بالمائة» في منتصف النهار. وبمركز الاقتراع «محمد طايبي» (بابا أحسن) المخصص للرجال أيضا، حيث أكد جل المستجوبين أن الهدف من مشاركتهم في الانتخابات هو «عودة الهدوء للجزائر بعد عدة اشهر من الحراك الشعبي». أما بمراكز الاقتراع بكل من اسطاوالي و عين البنيان و كذا الشراقة، فقد لوحظ إقبال ضعيف للمواطنين وشوارع شبه خالية، و كأن الجزائر في ترقب، تنتظر ما سيسفر عنه الصندوق. أما ببلديات شرق العاصمة فقد سجل نسب إقبال مقبولة وأخرى ضعيفة لم تتجاوز 10 بالمائة في الفترة المسائية.
 مسيرات في قلب العاصمة
 رافضة للانتخابات
وشهدت العاصمة مظاهرات دعا إليها الرافضون لإجراء الانتخابات الرئاسية، وردد المتظاهرون شعارات مناوئة للسلطة، وجددوا الدعوة إلى جمهورية جديدة ورفض «تزوير مستقبل الجزائريين». ونشرت السلطات الأمنية أعداداً كبيرة من عناصرها، وبشكل غير مسبوق، تحسبا لأي طارئ قد يؤثر بسير العملية الانتخابية بشكل كامل.
وسار سكان أحياء القصبة وباب الوادي وغيرها من الجهة الغربية، إلى وسط العاصمة كما جرت العادة كل يوم جمعة، وحاولت مصالح الأمن منعهم من الوصول إلى البريد المركزي. مع تسجيل مناوشات طفيفة بالقرب من ساحة الأمير عبد القادر، وأمام تزايد الحشود اضطرت قوات الأمن إلى التراجع قليلا مع الإبقاء على الحزام الأمني لمنع أي مناوشات خاصة بعدما حاول متظاهرون اقتحام مركز تصويت باستور، ومع اقتراب موعد إغلاق صناديق الاقتراع عمدت قوات الأمن إلى تفريق المحتجين.
 ع سمير 

الرجوع إلى الأعلى