• رئيس بلدية الجمعة بني حبيبي يكشف عن مشاريع لفك العزلة
شهدت منطقة أولاد ضيف الله ببلدية الجمعة بني حبيبي في أعالي جيجل، حملة تطوعية في عز أزمة كورونا، من أجل إنجاز جدار إسناد لمنع تدفق المياه بممر خطافة و فتح طريق نحو المقبرة و منطقة «أشماطو».
و أتت المبادرة، في وقت وجد المواطنون صعوبة في الوصول إلى المقبرة لدفن موتاهم و كذا إلى مساكنهم لسنوات، حيث كانت أزمة دفن امرأة، البذرة التي أيقظتهم، بعدما انتظروا لسنوات فك العزلة و شق طريق نحو مساكنهم و أراضي الأجداد.
رئيس البلدية قال إن هناك مشاريع لشق الطريق من قبل مصالح الغابات بعد الطلبات الموجهة من قبل البلدية، بالإضافة إلى تخصيص حافلة للنقل المدرسي، ستدخل حيز الخدمة قريبا بعد انتهاء أشغال تعبيد الطريق إلى غاية المعبر بجوار المقهى، كما تم تقديم مقترحات مشاريع في إطار إحصاء مناطق الظل على غرار الإنارة العمومية و تعبيد طريق أولاد فاتح أشماطو.
مسلك غابي ضيق للعبور إلى المقبرة و المنطقة
المبادرة التطوعية التي ذاع صيتها عبر إقليم البلدية و جعل المجتمع المدني يلتف حولها، جاءت نظرا لمكانة «أولاد ضيف الله» في قلوب سكان الناحية، حيث تعد الأولى من نوعها في تاريخ المنطقة و عنوانا لقصة و رواية من صنع شباب أرادوا أن يعيدوا إحياء الماضي، لفك العزلة عن منطقتهم و مراعاة حرمة الميت في دفنه و إيصاله إلى المقبرة.
و كان المسلك بجوار ممر خطافة، بمثابة هاجس يؤرق الشباب و يخيف الصغار و يرعب النساء، لضيق عرضه، فيما يشكل الوادي المجاور، عقبة بخصوص تجسيد مشاريع عديدة على حد قول أهل المنطقة و يتطلب إنشاء جدار للإسناد، للتخفيف من صدمات و قوة المياه التي يحملها الوادي، إذ من الصعب فتح طريق دون إنجازه، كونه سيسبب انجرافا في التربة و يلغي المسلك الذي لا يتجاوز عرضه المتر، مما سيحرمهم من دفن موتاهم و المرور إلى مساكنهم و أرض الأجداد.
توجهنا إلى المنطقة بعدما سمعنا بقصة أبناء منطقة معزولة و فقيرة، صنعوا التحدي لإنجاز الجدار و شق طريق، حيث و بعد الاتفاق مع مرافقنا، توجهنا إلى بلدية الجمعة بني حبيبي و قد سجلنا اهتراء كبيرا عبر أحد طرقاتها، بالإضافة إلى وجود تسرب للمياه.
استقلينا سيارة مرافقنا « كمال» الذي أخبرنا بأن المنطقة بعيدة جدا و تعتبر نقطة حدودية بين بلديتي الجمعة بني حبيبي و برج الطهر و بعد مرور ما يقارب نصف ساعة من السير بالمركبة، وصلنا إلى المنطقة و أول ما صادفنا مقهى و فضاء للتموين بالمواد الغذائية، بجواره يوجد عدد معتبر من السيارات و المواطنين المجتمعين في الخارج، دخلنا المحل أين شاهدنا عشرات المواطنين يمارسون اللعبة التقليدية الأكثر شعبية «الضامة»، حيث كان الجميع مشغولا باللعبة، في حين بدت لنا المنطقة أنها آهلة بعدد معتبر من السكان.
توجهنا بعدها إلى ممر قريب من المحل، أين وجدنا مجموعة شباب يقومون بحمل الحجارة و يرمونها في الوادي من أجل إنجاز جدار للإسناد مثبت بسياج على مساحة كبيرة، فيما كان داخل الوادي شباب يقومون بوضع الحجارة و تشبيك السياج، ليخبرنا مرافقنا «كمال»، بأن المشروع في الرتوشات الأخيرة، في وقت كان الجميع منهمك بجلب الحجارة و رميها في الوادي.
كما أشار المعنيون، إلى أن صاحب الآلية المتطوع تأخر و هم يقومون بتقديم يد المساعدة للعمال المختصين، حيث بدت روح التضامن على محياهم و كان الجميع منهك بما فيهم بعض الصغار الذين كانوا يحملون الحجارة، و قد أخبرنا كمال بأن المسلك المفتوح، قاموا بشقه تطوعيا إلى غاية المقبرة.
موتى يحملون على الأكتاف و المشي كيلومترين لتوصيل المؤونة
و قد روى لنا أحد أبناء المنطقة، قصة معاناتهم مع المسلك الغابي السابق، الذي كان ضيقا للغاية و من الصعب المرور عبره و شكل خطرا حقيقيا على السكان المتواجدين بالجهة، خصوصا القاطنين بمنطقة « أشامطو»، إذ كان يعبره الكبار و الصغار و عرضه لا يتجاوز المتر.
كما وقعت حوادث عديدة، كاد خلالها الموتى أن يسقطوا من على أكتافهم، كما أن العائلات القاطنة تسلكه يوميا، مضيفا بأن معاناة السكان كانت كبيرة بسبب المسلك الذي طال توسيعه إلى طريق و تجسيد مشروع شق مسلك مهيأ باتجاه المنطقة.
 و يضيف أحد أبناء منطقة « أشامطو» قائلا» نجد صعوبة كبيرة في نقل المواد الغذائية باتجاه المساكن التي نقطنها، تصور أقوم بحمل كيس السميد و التنقل يوميا على مسافة تقارب الكيلومترين، سيرا على الأقدام عبر مسلك ترابي ضيق، بالإضافة إلى نقل قارورة غاز البوتان على الظهر و أصعب معاناة يمكن أن تحدث، عندما يمرض أحد أفراد العائلة، فمن الصعب جدا نقله، لا يمكن أن تتصور كيفية نقله، حيث نقوم بذلك بواسطة سرير وسط الأحراش التي تغطي المكان».
تأجيل بناء سكنات ريفية و تعقد النشاط الفلاحي

كما ذكر مواطنون، أن فتح الطريق أو توسعة المسلك من قبل البلدية أو مصالح الغابات، كان مطلبا رئيسيا، نظرا لأن المنطقة تعرفا إقبالا كبيرا لجني مختلف المنتجات الفلاحية، حيث تلجأ عائلات لجني محصول الزيتون الموجود بكثرة، وسط ظروف جد صعبة، فالمنطقة عبارة عن بستان كبير لأشجار الزيتون و قد وقعت حوادث خطيرة، جعلت بعض النسوة يستغنين عن القيام بجني المحصول، حيث سقطت عدة نساء عبر المسلك، كانت أخرها الموسم الفارط، حينما تعرضت امرأة لحادث سقوط كاد يكلفها حياتها، حيث تم نقلها بعد قطع أبنائها الوادي، حاملين والدتهم على الأكتاف، بسبب المسلك الترابي الضيق و اللزج.
و عبر المتضررون، بأن تأخر فتح الطريق بالمنطقة، أجل حلم تجسيد البناء الريفي، فجل المستفيدين وجدوا صعوبات كبيرة في نقل مواد البناء إلى منطقة «أشماطو» و يحملهم تكاليف كبيرة، كما أن بعض الشباب تراجع عن فكرة طلب الحصول على الاستفادة من البناء الريفي، بسبب الطريق، و قد لخص المتحدثون، بأن حلمهم الأكبر يتمثل في فتح مسلك مهيأ و شق أخرى بالمنطقة، حيث طالبوا من السلطات تجسيد المشروع في أقرب وقت ممكن.
حملة تضامنية لإنجاز جدار الإسناد و فتح طريق
أخبرنا المشاركون في العملية التطوعية، بأن مجهودات بذلت لتجسيد العملية التي عرفت تضامنا من قبل أبناء المنطقة، الذين و بعدما نشر نداء عبر «الفيس بوك» لبناء جدار الإسناد و شق الطريق، لم تمنعهم جائحة كورونا من تحقيق الحلم، حيث تواصلوا معهم مقاول أكد على تطوعه بآلية من أجل شق الطريق المؤدية إلى المقبرة، لتبدأ العملية الحلم التي ساهم فيها الجميع بكل ما يستطيع تقديمه، فمنهم من قام بالتوسط مع مسؤولين و مقاولين لجلب الحجارة و آخرون قاموا بجمع الأموال و ممثلو جمعيات ببلدية الجمعية بني حبيبي ساهموا في المبادرة التطوعية و تحول» مسلك الموت» إلى ورشة.
مؤكدين في حديثهم، أن مقاولين تطوعوا بالآليات و الحجارة و وقفوا معهم للقيام بالأشغال و قد استمرت العملية أياما متواصلة، بين فتح الطريق باتجاه المقبرة و إنجاز جدار الإسناد بالحجارة و وفق المواصفات المطلوبة، بحيث قدم لهم مهندسون من المنطقة، طريقة و كيفية الإنجاز، حتى لا تؤثر مياه الوادي خلال موسم التساقط على بنية الجدار.
كما قام المتطوعون بفتح الطريق و توسيع المسلك الترابي الغابي باتجاه القرية المنسية «أشماطو» و التي تعتبر من مناطق «الظلام» و ليس «الظل» كما يسميها القاطنون و الراغبون في العودة، إذ تقطن عائلات بالمنطقة المعروفة بنشاط فلاحي كبير، خاصة بعد عودة أبنائها للاستثمار في أرض الأجداد، لكنهم وجدوا صعوبات كبيرة في نقل منتوجاتهم الفلاحية، فيما قال أحد شباب المنطقة المقيم بوسط بلدية الجمعة بني حبيبي « زوجاتنا رفضن العودة، بسبب العزلة التي تشهدها المنطقة، حيث بررن السبب بغياب الطريق و صعوبة تنقل التلاميذ للتمدرس في أقرب مدرسة موجودة، بحيث يتنقل الأطفال الصغار سيرا على الأقدام على مسافة طويلة من أجل الالتحاق بالمدرسة، وسط الأحراش و الغابة».
مشاريع و مقترحات لفك العزلة
و أوضح رئيس بلدية الجمعة بني حبيبي، عبد الكريم قيسمون، بأن تحقيق التنمية بالمنطقة عرف عدة مراحل، حيث تم الشروع في إنجاز طريق مؤدي إلى المنطقة و تحديدا معبر خطافة، ما سيسمح بوصول حافلة النقل المدرسي لنقل التلاميذ إلى المنطقة المأهولة، خصوصا و أن البلدية استفادت من حافلتين.
و في ما يتعلق بمطلب شق طريق يؤدي إلى المقبرة، فهناك عدة طرقات مقترحة للفتح و التهيئة، من بينها بورغار، حيث تم تنظيم زيارة للمنطقة مؤخرا رفقة رئيس الدائرة و ثمنوا المبادرة التي قام بها المواطنون، كما تم تقديم الأسباب وراء عدم تهيئة الوادي، إذ أن الأمر يتطلب دراسة تقنية و وقت لتجسيده، مضيفا بأنه و رفقة رئيس الدائرة استحسنا المبادرة التي قام بها سكان المنطقة و قد قام بتقديم يد المساعدة كمواطن و من ماله الخاص، كون منح أي مبلغ مالي من البلدية يتطلب إجراءات، بالإضافة إلى أن مداخيل البلدية محدودة و تم تقديم مساعدة عن طريق جمعية مشاركة و التوسط للحصول على الحجارة.
كما أضاف محدثنا، بأن هناك عملية أخرى لفتح الطريق، مبرمجة من قبل مصالح الغابات بعد اقتراحها من قبل البلدية في إطار فتح المسالك، انطلاقا من خطافة، أشماطو، أولاد فاتح، على مسافة 2,5 كلم ضمن الشطر الأول، إلا أن المشروع تأخر بفعل جائحة كورونا، بالإضافة إلى وجود مشروع فتح طريق من أولاد فاتح إلى أشماطو، حيث تمت التهيئة من طرف مصالح الغابات على مسافة 2 كلم، في حين تمت تهيئة الشطر الأول من قبل البلدية و من المنتظر الشروع في عملية التعبيد.
و أوضح «المير»، بأنه تم اقتراح مشاريع للمنطقة ككل، على غرار خطافة، أولاد فاتح، أشماطو، ضمن برنامج مناطق الظل و ذلك من أجل ربطها بالإنارة الريفية و تعبيد الطرقات.
و ذكر المسؤول، أن جل المناطق تتطلب تقديم الدعم، بحيث يتم تخصيص أغلفة مالية وفق ما تمنحه السلطات في إطار صندوق التضامن و قد تم العمل على تهيئة المدرسة الابتدائية بمنطقة أولاد فاتح و ربطها بالتدفئة المركزية و كذا تهيئة قاعة العلاج الوحيدة المتواجدة بالمنطقة و الموافقة على تجهيزها من أجل الفتح، بعد إلحاح من طرف المجلس الشعبي البلدي و كذا التدخل مع مصالح الغابات لفتح الطرقات و المسالك.
كـ.طويل

الرجوع إلى الأعلى