شهدت منطقة «ميرما» ببلدية الأمير عبد القادر شرق ولاية جيجل، أول أمس، حدثا مأساويا، بعد وفاة ثلاثة أشخاص داخل بئر بجوار مسكنهم العائلي، كانوا بصدد تنظيفه، ليختنقوا بالغازات المحترقة جراء استعمال مضخة لامتصاص المياه، في حادثة لم يتصورها أهل المنطقة الذين فقدوا خيرة أبنائهم و أقربائهم دفعة واحدة.

لم يكن يعلم، بلال. ب (28 سنة) و ابن عمه رشيد. ب (38 سنة) و جارهم سفيان. ز ( 40 سنة)،  بأن عملية تنظيف بئر ، ستكون آخر محطة في حياتهم، بعدما كانت أجواء الفرحة بالعيد تعم المنطقة و زغاريد الفرحة بنتائج البكالوريا تعلو المكان، إلى أن تحولت فجأة إلى مأتم و جاب الصمت المنطقة الريفية بضواحي تاميلة.
و حسب أقرباء العائلة و شهود عيان، فقد قرر الضحايا الثلاثة تنظيف البئر و معالجة العطب الذي مس مضخة امتصاص البئر المجاور للمنزل، حيث دفعتهم الحاجة للمياه و توفيرها بالكميات المطلوبة للعائلات، إلى النزول من أجل تنظيفه و كما هو متعارف عليه في هاته المنطقة، يتم كل سنة القيام بصيانة دورية للبئر العميق عند انخفاض منسوب المياه، حيث يقومون بالنزول من أجل ترميمه و إصلاح الأعطاب.
و ذكر أحد أقرباء العائلة، أن المعنيين قرروا القيام بعملية إصلاح العطب داخل البئر المتواجد بالقرب من المنزل العائلي و في حدود الساعة الثالثة مساء، وجدوا بأن المضخة قد أصابها عطب، حيث كان الدخان يتصاعد بكثافة و نجمت عنه صعوبة في إصلاحه، حيث حجب الدخان عنهم الرؤية و عقد من إمكانية النزول إلى قاع البئر، ليتم الاتفاق على تأجيل المهمة لاحقا و قرروا ترك فترة من الزمن حتى ينقشع الدخان و قبل موعد أذان المغرب، قرر الشاب المتوفى بلال، النزول للبئر من أجل جلب المضخة أو تغيير مكانها، لكن و بعد فترة غاب عن الأنظار و لم يستطع الصعود، ليقرر بعدها ابن عمه رشيد النزول لتفقده، لكنه لم يستطع الصعود هو الآخر و بعد دقائق من الزمن، قرر جارهم سفيان النزول، لكن الحاضرين منعوه من النزول و قاموا بإبلاغ مصالح الحماية المدنية، لكن رشيد و بحكم خبرته في تنظيف الآبار، قرر النزول، لكن من دون رجعة هو الآخر، فيما فضل الحاضرون عدم المغامرة و فور وصول مصالح الحماية المدنية و انتظار الفرق المتخصصة، شرع أعوان الحماية المدنية و الضباط في النزول إلى قاع البئر.
كما قال شهود عيان، بأن المشهد كان مأساويا، فالجميع كان يترقب صعود رجال الحماية المدنية و وصول خبر أمل من داخل البئر، الجميع كان يفكر، رافقه صراخ النسوة القادم من البيت القريب و أفراد العائلة يترقبون، لكن و مع بداية إجلاء الضحايا، تبين أنهم فارقوا الحياة، في مشهد مأساوي، فيما لم يصدق الجميع ما حدث و نزل الخبر كالصاعقة على سكان المنطقة.
و أشار أحد أفراد العائلة، إلى أن الجميع لم يكن يتصور أن أبناء العم و الجار قد فارقوا الحياة، مضيفا بأن رشيد ترك وراءه طفلا صغيرا، بالإضافة إلى جاره سفيان هو الآخر ترك خلفه أطفالا صغارا و حسبه، فالمتوفون معروفون بأخلاقهم النبيلة و حبهم للخير و من خيرة أبناء المنطقة.
و أشارت مصالح الحماية المدنية بجيجل، إلى أن إسعافات الوحدة الثانوية للحماية المدنية بأولاد صالح، تدخلت، على الساعة الثامنة ليلا، مدعومة بالمركز المتقدم بالطاهير و فرقة التعرف و الإنقاذ في الأماكن الوعرة،  بالوحدة الرئيسية و غطاسي الوحدة البحرية، بالمكان المسمى ميرما بتميلة في بلدية الأمير عبد القادر، لإنقاذ ثلاثة أشخاص في بئر عمقه حوالي 15 مترا و عند وصول الإسعافات و الوصول إلى الضحايا، تبين أنهم توفوا خنقا بغازات محترقة جراء استعمال مضخة لامتصاص المياه، أثناء تنظيف البئر و سقوطهم في الماء بعمق حوالي المترين، ليتم إجلاؤهم إلى مستشفى مجدوب السعيد بالطاهير.
و خلال حديثنا مع النقيب، سليم شعباني، رئيس الوحدة الثانوية للحماية المدنية بأولاد صالح، ذكر أنه تم التدخل فور تلقي النداء من قبل مواطنين و قد تم تسخير كافة الإمكانيات الممكنة، على غرار 42 عـونا من مختلف الرتب، خمس سيارات إسعاف، شاحنتين من مختلف المهام و أربع سيارات إسعاف.
فيما أكد النقيب، كساسرة أحمد، قائد فرقة التعرف و التدخل في الأماكن الوعرة، على  أنه تم العمل على محاولة إنقاذ الضحايا، لكن الوضعية كانت صعبة للغاية و قد تسبب أحادي أكسيد الكربون المتبقي في اختناق الضحايا و سقوطهم في الماء، ليلفظ المعنيون أنفاسهم قبل وصول مصالح الحماية المدنية.
و قد شيع، أمس، جثمان الضحايا بمقبرة المنطقة « لجامع د الركبة» بعد صلاة الجمعة، وسط حضور جمع غفير من المشيعين.
كـ.طويل

الرجوع إلى الأعلى