انطلقت، أمس، إجراءات بيع عتاد هام للمؤسسة الوطنية للإنجاز العام لأشغال الري بالشرق، بعد الحجز عليه من قبل الدائنين و طرحه للبيع بالمزاد العلني في مقر المؤسسة الواقع بمخرج مدينة البوني، تطبيقا للأحكام القضائية الصادرة ضد المؤسسة و التي تُلزمها بتسديد ديونها الموجودة على عاتقها لدى المتعاملين الاقتصاديين و الهيئات الإدارية و الخدماتية، إلى جانب تعويضات على التأخر في الدفع و تحمل المصاريف المترتبة عليها في عشرات القضايا.
و تم، أمس، عرض 82 مركبة و آلية انجاز، للبيع بالمزاد العلني، أغلبها معطلة و ليست في حالة سير أو نشاط، منها 30 سيارة سياحية، بعد إتمام إجراءات الحجز عليها، لتحصيل جزء من ديون الدائنين، حيث تتجاوز ديون مؤسسة «جيتي آش» حسب مصدر مطلع للنصر و هي أحد أكبر شركات انجاز أشغال الري على مستوى شرق البلاد، على 100 مليار سنتيم، نتيجة لتراكم الديون و استحوذ خواص في السنوات الماضية على المشاريع الكبرى، مما قلص من مداخيلها و تسبب لها في عجز مالي، حيث أصبحت تلجأ للقروض البنكية في كل مرة لتمويل المشاريع و تسديد أجور العمال، إلى أن وصلت إلى حد وقف البنوك تمويلها و هو ما استدعى تدخل السلطات العليا لإنعاشها.
و كانت وزارة الموارد المائية قد طلبت إعداد تقرير مفصل حول الوضعية المالية لمؤسسة «جيتي آش» بعد الاحتجاجات المتكررة للعمال، للمطالبة بأجورهم عبر فروعها في الولايات، حيث تم اتخاذ إجراءات عملية بالتنسيق مع وزارة المالية، من أجل التدخل لدى البنوك العمومية و مراعاة الوضعية الحرجة التي تعيشها المؤسسة، عن طريق ترك مبالغ مالية من عائدات انجاز المشاريع و الأشغال الكبرى في حسابات المؤسسة، كي تستطيع الوفاء بالتزاماتها مع العمال و الهيئات الأخرى، مقابل اقتطاع جزء من المداخيل لتسديد الديون العالقة و التي تقدر بعشرات الملايير، تراكمت لسنوات رغم أن الشركة تحقيق مداخل لا باس بها و لها خبرة في انجاز مختلف مشاريع الري، نظرا لكفاءة العمال و حيازتها على العتاد اللازم للأشغال، حيث أرجعت مصادرنا سبب إفلاس المؤسسة إلى سوء التسيير في الفترات السابقة، بالإضافة إلى منافسة المؤسسات الخاصة و حرمانها من المشاريع بطرق مختلفة.  
كما كانت لوزير الموارد المائية، زيارة لمقر المؤسسة الوطنية للإنجاز العام لأشغال الري في الأشهر الماضية، حيث وعد بتخصيص برنامج لإعادة تأهيل  المؤسسة، بعد لقائه بعمال و إطارات المؤسسة، لعرض الوضعية الحرجة التي تعيشها أكبر مؤسسة وطنية لإنجاز مشاريع الري بشرق البلاد.
و أشار الوزير، إلى أن الدولة تهدف من وراء هذا البرنامج، إلى الحفاظ على مناصب الشغل، داعيا المسؤولين لخفض  التكاليف و الأعباء الموجودة على عاتق الشركة، مشيرا في نفس السياق، إلى وضع مخطط عمل لمتابعة سير المشاريع و وقف الأخرى غير المجدية، مع مرافقة المؤسسة للنهوض بها و إخراجها من الوضعية الحالية، خاصة و أن لها خبرة و إمكانيات ضخمة في مجال إنجاز الأشغال الكبرى للري.
و حسب مصادرنا، فقد بدأت وضعية المؤسسة تتحسن مع إسناد مشاريع هامة لها في مجال جر المياه و إنجاز السدود بصيغة التراضي كونها مؤسسة عمومية، بهدف إنعاش خزينتها و ضمان تسديد أجور العمال و جزء من الديوان الموجودة على عاتقها.
و وفقا لمصادرنا، فقد قام مسيرو المؤسسة، بعقد هدنة اجتماعية مع العمال، بعد التوقيع على تعهدات تتضمن تسوية وضعياتهم المهنية و الاجتماعية بشكل تدريجي، سيما المتعلقة بالتأمين الاجتماعي، بسبب عدم الالتزام مع صندوق الضمان الاجتماعي بتسديد الاشتراكات، إضافة إلى مطلب مراجعة سلم المنح و العلاوات المعتمدة و كذا نسبة التعويض عن الأدوية.
حسين دريدح

الرجوع إلى الأعلى