سجل تراجع كبير في إنتاج الفراولة من نوع المكركبة بولاية سكيكدة هذا الموسم، بسبب التقلبات الجوية، لاسيما ارتفاع درجة الحرارة التي أدت إلى اتلاف المنتوج في العديد من المناطق التي تشتهر بإنتاج هذا النوع من الفراولة في الجهة الغربية، على غرار تمالوس، بالإضافة إلى تأثرها بالأمطار الأخيرة التي ألحقت أضرارا كبيرة بالمنتوج، خاصة بمنطقتي الشرايع وسيدي منصور، حسب ما صرح به رئيس الجمعية الولائية لمنتجي الفراولة حمودي العايب للنصر، بينما أكد رئيس الغرفة الفلاحية عن قرار الغاء الاحتفالات السنوية الخاص بعيد الفراولة لهذا العام بسبب نقص المنتوج.
وأكد رئيس الجمعية الولائية للنصر، أن المؤشرات الأولية لمنتوج الفراولة من نوع المركبة أو السكيكدية لهذا العام، كانت توحي بتحقيق إنتاج وفير أكثر من السنة الفارطة، لكن بسبب ارتفاع درجة الحرارة التي شهدتها الفترة الممتدة بين أواخر مارس وأفريل، أدى إلى تلف حبات الفراولة، خاصة وأن هذا النوع من الفاكهة لا يقاوم درجة الحرارة المرتفعة، بالإضافة إلى تأثر المنتوج بالتقلبات الجوية الأخيرة، حيث ألحقت الأمطار أضرارا كبيرة بالمنتوج، خاصة وأن مواقع زراعة هذه الفاكهة تنتشر أكثر في المنحدرات الجبلية.
وأضاف المتحدث، أنه ورغم العوامل سابقة الذكر، فإن بعض المواقع المشهورة في إنتاج الفراولة بسيدي منصور، بلغ فيها معدل الإنتاج حوالي 60 قنطارا في الهكتار الواحد، مشيرا إلى أن حملة الجني التي بدأت في مارس، مكنت المنتجين من تسويق المنتوج ولو بنسبة قليلة مقارنة بالموسم الفارط وهذا ما يفسر ارتفاع أسعاره في السوق.
وتطرق المتحدث للمشاكل التي يعاني منها المنتجون و من أبرزها نقص الدعم وانعدام المسالك وصعوبة التضاريس والسقي، حيث يجد الفلاحون صعوبة في الالتحاق بأراضيهم، لاسيما عند سقوط الأمطار، كما أنهم يجدون صعوبة في حمل الأكياس ويضطر البعض لحملها على الأكتاف لمسافات طويلة وسط مشقة كبيرة والمشكلة، يضيف، سبق وأن تم رفعها للسلطات الولائية من أجل التدخل لفتح المسالك وتدعيمهم من أجل توسيع مساحات زراعة هذا المنتوج، لكن بدون جدوى وفي حالة استمرار الوضع على حاله، فإن فراولة المكركبة سيكون مآلها الانقراض، لأن غالبية المنتجين يفكرون في التوقف عن هذا النشاط الذي يكلف، مثل ما قال، مصاريف ومتاعب كثيرة لم يعد بمقدورهم تحملها، بدليل أن نسبة الانتاج تقلص من سنة لأخرى، فبعد أن كانت في حدود 90 في المئة سنة 2021، تضاءلت إلى 60 بالمئة العام الفارط وحاليا أقل من 50 بالمئة.
 وتشهد أسواق الولاية ندرة كبيرة في فراولة المكركبة وإن وجدت فتباع بأسعار مرتفعة تتراوح بين 500 إلى 600 دج وقد أرجع التجار هذا الارتفاع إلى نقص المنتوج بسبب الأسباب سالفة الذكر و  هو ما جعل المواطن يقبل على شراء النوع الآخر الذي يزرع في البيوت البلاستيكية و التي تراوحت أسعارها بين 15 و300 دج للكلغ.
 قرار بإلغاء العيد السنوي للفراولة هذا الموسم
وقد ألقى تراجع الإنتاج بظلاله على العيد السنوي للفراولة الذي اعتادت مدينة سكيكدة الاحتفال بها أواخر ماي من كل سنة وفي هذا الخصوص، كشف رئيس الغرفة الفلاحية عن قرار إلغاء الاحتفال بعيد الفراولة لهذه السنة، نتيجة لتراجع الإنتاج وتأثره بالعوامل الطبيعية (الحرارة والتقلبات الجوية)، حيث تمت مناقشة القضية مع البلدية وجمعية منتجي و تم التوصل إلى نتيجة بتعليق الاحتفال بهذا العيد خلال هذه السنة.
ويمتد تاريخ زراعة الفراولة بسكيكدة إلى عمق التاريخ وبالتحديد إلى الحقبة الاستعمارية سنة 1920، حيث تم إدخالها إلى سكيكدة على يد أحد المعمرين الإيطاليين وقد أمر حينها السكان المحليين بغرسها وبعد نمو النبتة وإثمارها ونضجها، انبهر الفلاحون بهذه الفاكهة وشكلها ومذاقها، ففكروا في طريقة لأخذ النبتة دون أن ينكشف أمرهم، لأنه كان يمنع عنهم أخذ أي شيء ويخضعون للتفتيش قبل مغادرتهم للحقول واهتدوا لطريقة إخفائها في أحذيتهم، ثم قاموا بزراعتها في أماكن بعيدة عن أعين المستعمر وبمرور الوقت تطورت زراعتها وتحصلوا على سلالة نقية أطلقوا عليها اسم روسيكادا الأصلية المتميزة بعطرها الفواح ومذاقها الحلو ولونها الأحمر وحجمها المتوسط، إلى أن أصبح لها عيد يقام لها سنويا.
وتنتج الولاية أنواعا مختلفة من الفراولة، منها صنف روسيكادا أو ( المكركبة) نسبة إلى شكلها الدائري ورائحتها العطرة و»تيوغا»، و»دوغلاس» وإن اختلفت الأسماء، فإن مذاقها اللذيذ والحلو ورائحتها العطرة عند تناولها وكذا لونها، تبقى تميزها عن باقي الأنواع التي تنتج عبر ولايات الوطن.
وتتمركز زراعة هذا النوع في إقليم بلدية تمالوس، على غرار سيدي منصور والشرايع، ما أهلها لتحتل الريادة بالولاية في هذا النوع من الفاكهة، بالإضافة إلى عين زويت وسطورة وبوشطاطة، كما توجد أنواع أخرى تنتج في البيوت البلاستيكية التي أخذت تتوسع بكل من بلديتي رمضان  جمال والقل وما يميز هذه الأنواع هي  قدرتها على تحمل العوامل الطبيعية، سواء النقل أو التخزينها، كما تتحمل نسبة معينة من الحموضة بخلاف نوع المكركبة التي تبقى طبيعية وذوقها لذيذ وحلو وخالية من المواد والأسمدة الكيمائية ولا تتحمل ظروف التخزين والنقل، بينما يزيد عدد الفلاحين المنتجين للفراولة عن أزيد من 100 فلاح، أغلبهم من فئة النساء ويمكن القول أن ممارسة نشاط هذه الشعبة الفلاحية أصبح يتميز بالطابع العائلي.              
        كمال واسطة

الرجوع إلى الأعلى