تمكن فريق حمراء عنابة من استعادة مكانته في وطني الهواة، بعدما كان قد غادر هذا القسم قبل موسمين، بطريقة «دراماتيكية» في آخر دقيقة من الموسم الكروي 2017 / 2018، حين انقلبت مخلفات السقوط من المجموعة الشرقية في الوقت بدل الضائع من عمر المنافسة، ولو أن نكسات «الحمراء» تواصلت ووفق نفس «السيناريو» في الموسم الموالي، ليتواصل السقوط الحر من بطولة ما بين الجهات إلى الجهوي الأول، بسبب إفرازات الجولة الختامية للمشوار.
إعداد : صالح فرطـاس
عودة الحمراء العنابية، إلى الدرجة الثالثة من الهرم الكروي لا يمكن أن يصنف في خانة الإنجاز الباهر، بالنسبة لفريق يعود تأسيسه إلى سنة 1944، ويبقى الوحيد الذي رصع سجل الكرة بالولاية بلقب وطني وحيد، عند التتويج بكأس الجمهورية في جوان 1972، بجيل ذهبي ترك بصمته على الصعيد الوطني، في صورة عطوي، بوفرماس، مبراك، طاجات وغيرهم، ولو أن اللعب في الجهوي الأول لرابطة عنابة، وضع «الحمراء» في خانة الفريق المستهدف، الذي كان كل منافس يسعى لنيل شرف الإطاحة به رياضيا، بمراعاة التاريخ، لكن المسيرة كانت جد موفقة، بالنجاح في انتزاع صدارة الترتيب بتقدير «ممتاز»، دون تذوق مرارة الهزيمة.
رحلة بحث حمراء عنابة، عن شطر من أمجادها الضائعة انطلت من نقطة الصفر، وذلك بتولي يزيد بن تومي رئاسة النادي، وتعيين حسين رابط رفقة كمال بوعصيدة على رأس العارضة الفنية، لكن ترتيب البيت كان متأخرا، بدليل أن التحضيرات لم تكن في المستوى، والتعداد كان عبارة عن مزيج بين الخبرة والطموح، ليبقى «المايسترو» مهدي بودار، صاحب البصمة الأبرز في ملحمة الصعود، لأن تقدمه في السن، لم يمنعه من البقاء وفيا لعادته المفضلة، وذلك بتوقيع أهداف حاسمة من كرات ثابتة، فكان هداف الفريق برصيد 10 أهداف، ساهمت بشكل كبير في صنع الفارق في سباق الصعود في المنعرج الحاسم، لأن «الحمراء» كانت لجولات عديدة تقتسم الصدارة مع مولودية برحال، وعلى وقع مطاردة من سدراتة وبئر العاتر، لكن الجولات الثلاث الأخيرة فكت الشراكة، ومنحت أبناء «بونة» أفضلية 4 نقاط في الصدارة.
العودة إلى وطني الهواة، وإن كانت بالاستثمار في هدية الفاف، المتمثلة في اعتماد صعود أبطال الجهوي الأول مباشرة إلى الدرجة الثالثة، بعد شطب قسم ما بين الرابطات نهائيا من الهرم الكروي، فإن مسيرة حمراء عنابة دون هزيمة على مدار 23 جولة، كانت بمثابة أوراق اعتماد لأكبر مرشح لاعتلاء منصة التتويج، والمشوار الناجح، أعاد الأنصار الأوفياء إلى مدرجات ملعب العقيد شابو، سيما وأن الفريق عاد للاستقبال فيه مع بداية النصف الثاني من الموسم، ليبقى الهدف المسطر ضمان البقاء بكل أريحية في وطني الهواة، وتفادي «سيناريو» السقوط بنشاط «الكواليس» في الجولة الأخيرة، قبل التفكير في رفع عارضة الطموحات عاليا، لأن الغوص في تاريخ «الحمراء» يعود بالأذهان إلى أزهى فترة قضتها الكرة العنابية.

التعداد الكامل للفريق لموسم 2019/ 2020
حراس المرمى:  
محمد علي شوقي،  محمد بن جاب الله، وسيم كحول
الدفاع:
زهير حجيلة، رياض بوعصيدة، إلياس نقرة،  ياسين سعداوي، وائل سعدي، عمار خلوفي، محمد أنيس سويد
وسط الميدان:
مهدي بودار،  نصر الدين بوطرفة، عبد الرحمان باطح، سليمان زروقي، محمد فرج الله، عبد المالك بن سليمان، أسعد عباسي، ياسين عايش قربوعة، أسامة طايف، محمد علي بن شويب،  مليك مغناي
الهجوم:
نصر الدين باشا، فارس فهد بوراس، عبد الرؤوف لعروسي، نبيل عياش، حسام برباق،  إسلام براك، أشرف براك، تامر شويشي، علاء الدين معيزي، عبد النور سويب
رئيس النادي: يزيد بن تومي
رئيس الفرع: عبد الحميد بن عابد
المدرب الرئيسي: حسين رابط
المدرب المساعد: كمال بوعصيدة
مدرب الحراس: مهدي بن عبد القادر
المحضر البدني: عبد النور بن عابد
الكاتب العام: عبد الحميد شليق
طبيب الفريق: ياسين عطوي

رئيس النادي يزيد بن تومي
تاريخُنـــــا لا يحتــــــاج هديَّـــــــــــة
* استثمرنا جيدا في تغيير الهرم الكروي
mهل كنت تتوقع نجاح الفريق، في تحقيق الصعود من الجهوي في أول موسم بعد نكسة السقوط ؟
قد أكون مبالغا إذا قلت بأنني كنت أتوقع النجاح في تحقيق الصعود بهذه الكيفية، لأن الأمور كانت في البداية صعبة، ووضع القطار على السكة كان في آخر لحظة، ولم يكن من السهل ترتيب البيت، والدخول مباشرة في أجواء المنافسة الرسمية، ومع ذلك فإننا كنا مجبرين على المراهنة على الصعود، لأن الإصرار على استغلال الفرصة، التي أتاحها النمط الجديد للمنافسة، الذي اعتمده المكتب الفيدرالي أرغمنا على بذل قصارى الجهود للاستثمار في هذا المشروع، والاستفادة من هدية الفاف، خاصة الصعود بقسمين في موسم واحد، ولو أن المأمورية كانت في غاية الصعوبة، لأن السباق كان ساخنا، وقائمة الطامحين للصعود ظلت واسعة، كما أن «الحمراء» أصبحت الفريق الذي استهدفه باقي المنافسين، لكن في إطار التنافس الرياضي، بحكم تاريخ النادي وعراقته، وهناك من الفرق من التقى بحمراء عنابة لأول مرة في تاريخه، مما جعل مسعى نيل شرف إلحاق أول هزيمة بفريقنا القاسم المشترك لكل الأندية.
mلكن السباق ظل متواصلا إلى غاية توقف البطولة، والصعود كان بقرار إداري من الفاف؟
عند التوقف الاضطراري للمنافسة بسبب جائحة كورونا، كان فريقنا يحتل صدارة الترتيب بفارق 4 نقاط عن الوصيف مولودية برحال، مع احتفاظ كل من اتحاد سدراتة وفرفوس بئر العاتر بحظوظهما في الصعود، ولو أن هذا الفارق، كان قد أعطى «الحمراء» أفضلية كبيرة لكسب الرهان، رغم أن الجولات السبع المتبقية كانت تجبرنا على التنقل إلى برحال وسدارتة، ومع ذلك فإن كل الحسابات كانت ترشح فريقنا لاعتلاء منصة التتويج، بالنظر إلى الرزنامة المتبقية، على اعتبار أن الفارق، كان قابلا لأن يتسع أكثر قبل النزول في ضيافة مولودية برحال، مما يعني حسم الأمور بنسبة كبيرة، لأننا كنا قد استفدنا من هذه الأفضلية في آخر جولتين، بعد تعثر الوصيف مرتين متتاليتين بملعبه، بالتعادل مع كل من بوخضرة وبئر العاتر، الأمر الذي سمح لنا بالحصول على 4 نقاط كفارق في الصدارة، وقرار الاتحادية لم يخص حمراء عنابة فقط، بل شمل البطولة الوطنية بمختلف أقسامها وأفواجها، وبالتالي فلا يمكن اعتبار ذلك هدية، لأن ظهور فيروس كورونا، جعلنا نضع النشاط الكروي جانبا، وحتى إن لم يكن فريقنا يحتل الريادة، فإن التوقيف كان الخيار الحتمي في مثل هذه الظروف، وهدية المكتب الفيدرالي لأندية الجهوي الأول، كانت من نوع آخر، بعد اعتماد الصعود المباشر إلى وطني الهواة.
mوماذا عن الإمكانيات المادية وتكلفة الصعود؟
الحديث عن هذا الصعود والنجاح في تحقيقه، يعني بأن الإدارة عملت على توفير كافة الظروف الكفيلة، بتجسيد الهدف الذي كنا قد سطرناه، ولو أنني عندما توليت رئاسة النادي خلال الصائفة الفارطة، قررت بعث نشاطات العديد من الفروع التي كانت مجمدة، ولم يكن من السهل حصر الاهتمام في فرع كرة القدم فحسب، ومع ذلك فإن النتائج المسجلة أجبرتنا على السهر على المتابعة اليومية لشؤون الفريق، مع الحرص على عقد اجتماعات دورية مع اللاعبين ومختلف الطواقم، لتحسيس كل طرف بثقل المسؤولية الملقاة على عاتقه، لأن غايتنا كانت منصبة في الخروج بسرعة من الجهوي، والتحفيزات المادية للاعبين كانت من بين العوامل التي حرصنا على مراعاتها، على أمل النجاح في مواصلة المشوار بنفس «الديناميكية»، سيما وأن النادي عاش هذا الموسم على وقع توازن مالي، بعد النجاح في الخروج من المنافسة دون ديون جديدة، مع تسوية شطر من الديون السابقة، لتبقى الديون العالقة تخص الرئيسين السابقين للنادي محمد الطاهر سالمي وجمال مصدق، بقيمة إجمالية تقارب 6 ملايير سنتيم، ولو أن المؤكد أن إعانات السلطات العمومية، تبقى المصدر الأبرز لتمويل النشاط الرياضي.
mوكيف تنظر إلى مستقبل الفريق بعد النجاح في العودة إلى وطني الهواة؟
كما يعلم الجميع، فإن حمراء عنابة تبقى من خيرة المدارس الكروية على الصعيد الوطني، والفريق الذي سبق له وأن توج بكأس الجمهورية سنة 1972، لا يستحق التواجد في الجهوي، والكل على دراية بأن «الحمراء» كانت ضحية نشاط «الكواليس» لموسمين متتاليين، عند السقوط من الهواة إلى قسم ما بين الرابطات، ثم تدحرجها في الموسم الموالي إلى الجهوي، حيث كان السقوط وفق مخططات، نسجت خيوطها بعيدا عن الملاعب، مع الضرب بأخلاقيات الرياضة والتنافس النزيه عرض الحائط، وذلك في آخر جولة من البطولة، لكن العدالة الإلهية أنصفت الفريق، فنجح في استعادة مكانته في قسم الهواة، وتمرير الإسفنجة على «نكستين» متتاليتين، وما علينا الآن سوى التفكير بجدية في المرحلة القادمة، والحرص على ضمان البقاء بكل أريحية، لتفادي «السيناريو» الذي حدث مرتين، وفي قسمين مختلفين، وقد شرعنا في وضع المعالم الأساسية لاستراتيجية العمل التي سننتهجها .

مدرب الفريق حسين رابط
مشوارُنا الرائع جعل هزمنا حلمَ كل منافسٍ
*ما تقييمك للمشوار المميّز الذي أداه الفريق، والذي كلل بالعودة إلى وطني الهواة؟
الحقيقة أن انطلاقتنا كانت متأخرة، والتحضيرات لم تدم سوى أسبوعين فقط، الأمر الذي جعلنا نواجه جملة من الصعوبات في الجولات الأولى، خاصة وأن عملية ضبط التعداد كانت قد تمت بسرعة البرق، وذلك بالمراهنة على مجموعة شابة مع تأطيرها بلاعبين أصحاب الخبرة، والإشكال الذي طرح في المباريات الأولى، تمثل في غياب التنسيق والانسجام، ومع ذلك فقد نجحنا في التعامل مع هذه الظروف الاستثنائية، وهدفنا المسطر كان لعب الأدوار الأولى، لأن تاريخ «الحمراء» لا يسمح بتسطير هدف آخر في مثل هذه المستويات، رغم أن المأمورية صعبة للغاية، على اعتبار أن هذا العامل، وضعنا في خانة الفريق المستهدف رياضيا، والذي يسعى كل منافس إلى نيل شرف الإطاحة به.
*لكن المسيرة كانت جد موفقة، بالنجاح في تفادي الهزيمة على مدار موسم كامل، فما سر ذلك؟
كما سبق وأن قلت، فإن انطلاقتنا كانت متأخرة، ومخاوفنا كانت كبيرة في المباريات الأولى، لكن رفع عارضة الطموحات عاليا، والنظر إلى منصة التتويج من زاوية التفاؤل كان بعد انقضاء الثلث الأول من المشوار، لأن نجاحنا في الخروج من الجولات العشر الأولى بسلام، في صدارة الترتيب، من دون تذوق مرارة الهزيمة زاد من طموحاتنا، خاصة وأن التشكيلة كانت قد كسبت الكثير من الثقة في النفس، دون التقليل من العمل الجبار الذي قامت به كل الأطراف المحيطة بالفريق، لأن اللاعبين أبدوا تجاوبا كبيرا مع العمل الميداني المكثف، الذي سطره الطاقم الفني لتدارك  النقائص الناتجة بالأساس، عن عدم إجراء تحضيرات، بينما عملت اللجنة المسيرة على توفير كافة الظروف الكفيلة، بحث المجموعة على بذل قصارى الجهود لتحقيق الارتقاء، مع الإلحاح على تفادي السقوط في فخ الغرور، لأن المنافسة كانت صعبة للغاية، بوجود عدة أندية، راهنت على تأشيرة الصعود، في صورة مولودية برحال، اتحاد سدراتة، فرفوس بئر العاتر واتحاد حمام الشلالة، ولو أن تواجدنا في الريادة دون هزيمة، جعل كل الفرق الأخرى تعمل على الإطاحة بنا.
*وماذا عن مستقبلك مع الفريق، بعد النجاح في تحقيق الهدف الذي كان مسطرا؟
سياسة العمل التي انتهجها يزيد بن تومي، عند توليه رئاسة النادي مبنية على المديين المتوسط والطويل، مع الحرص على ضمان الاستقرار في التركيبة البشرية، سعيا لتوفير العامل الرئيسي، الذي يكفي لتجسيد الاستمرارية في العمل، وعليه فإن سر النجاح في الخروج من البطولة الجهوية بامتياز، دون تذوق طعم الهزيمة يمكن بالأساس في روح المجموعة، لأن الجميع كان مصرا على عدم تفويت فرصة الصعود المباشر إلى وطني الهواة، والنجاح في العودة بالفريق إلى المكانة التي كانت قد افتقدها منذ موسمين كانت في سنة واحدة، والقفز بدرجتين في الهرم الكروي يبقى استثنائيا هذا الموسم، وبالتالي فإن تفكيرنا في المستقبل انطلق منذ إعلان قرار توقيف بطولة الموسم المنقضي، حيث كانت لنا عدة اجتماعات مع اللجنة المسيرة لرسم خارطة طريق الموسم الجديد، ولو أن الشيء المؤكد أن ضمان البقاء في وطني الهواة، يبقى الغاية المرجوة الموسم القادم. 

الرجوع إلى الأعلى