حقّق فريق مستقبل طلائع سكيكدة إنجازا تاريخيا بصعوده لأول مرة منذ تأسيسه في عام 2015 إلى بطولة القسم الجهوي الثاني لرابطة قسنطينة عن جدارة واستحقاق، محققا مفاجأة كونه لم يكن مرشحا إطلاقا للتألق والنجاح والبروز على الساحة الكروية المحلية، لكن بفضل إرادة وتحدي المكتب المسيّر، استطاع هذا الفريق حديث النشأة أن يخطف الأنظار من أول جولة في القسم الشرفي، بتحقيقه الانتصار تلو الأخر على فرق تفوقه خبرة وإمكانيات، متحديا كل الظروف والصعوبات، التي واجهته بدءا من الأزمة المالية، مرورا بوضعية أرضية الملعب الذي يفتقد حتى لغرف الملابس وصولا إلى منافسة فرق تفوقه خبرة تجربة.

إعداد : كمال واسطة

ورغم مرور التشكيلة جانبا في الثلث الأخير من مرحلة الذهاب، وتسرب الشك لنفوس اللاعبين، بعد تسجيلهم ثلاثة تعادلات متتالية، لكن حنكة الطاقم الفني مكنت الفريق من العودة إلى السكة الصحيحة، وتسجيل انتصارات متتالية، في مباريات رد الزيارة، جعلت اللاعبين أكثر شراسة وإصرارا على انتزاع تأشيرة الصعود، وإسعاد الجماهير التي كانت بمثابة اللاعب رقم 12.
وبإجماع اللاعبين والطاقمين الفني والإداري والمتتبعين، فإن «المستقبل» اجتاز مشوارا دراماتيكيا وشاقا لأنه وجد في طريقه فريق زاحمه على الصعود ويلعب كرة نظيفة، وظل مشددا عليه الخناق، حتى أن معادلة الصعود لم تترسم معالمها سوى في مباراة الجولة الأخيرة مع المنافس الثاني ونعني به أكاديمية القل.
 واحتاج «المستقبل» حينها لنقطة وحيدة لتحقيق الهدف المنشود، لكن أشبال المدرب بابوري تمكنوا من الإطاحة بالوصيف بثنائية نظيفة، أنهوا بها البطولة في الصدارة برصيد 64 نقطة، بعد تسجيلهم مشوار مميز ودون خطأ منذ الجولة الأولى محققين 20 فوزا وأربعة تعادلات،  مع نيلهم أحسن دفاع وهجوم، وهي النتائج التي مكنت هذا الفريق أو «الثياماس» من إعادة البسمة والأفراح لمدينة روسيكادا، خاصة بعد الموسم المخيّب لكل من شبيبة سكيكدة وكذا أمل سكيكدة لكرة اليد.

مدرب الفريق محمد بابوري
وصلت متأخرا و حقّقت الصعود وسأغادر
قبل ثلاث سنوات، حققتم الصعود مع حمروش حمودي وهذه المرة أعدتم الكرّة مع طلائع مستقبل سكيكدة، ما هو شعورك ؟
بطبيعة الحال أنا سعيد جدا بهذا الانجاز، خاصة وأن هذا التتويج يعتبر الثاني في مشواري التدريبي، بعد الأول مع حمروش حمودي قبل ثلاثة سنوات، وقبله بعام تمكنت من إنقاد هذا الفريق من السقوط، وهذا في حد ذاته اعتبره تتويج، بالإضافة إلى نيلي لقبين مع فريق أمال شبيبة سكيكدة، والبداية كانت لما عرض علي رئيس النادي يوسف بوزيوخ فكرة تدريب الفريق، غير أنني رفضت العرض لأنني كنت أنوي أخد قسط من الراحة بعد موسم متعب مع رديف شبيبة سكيكدة، لكن بإلحاح منه قبلت المهمة والتحقت بمنصبي متأخرا بنحو شهرين، حيث وجدت المدرب فؤاد طاوطاو، والحمد لله عملنا سويا بنفس الصلاحيات دون أي مشاكل، وتمكنا بنجاح من تحقيق الهدف المسطر بكل جدارة واستحقاق.
رغم سيطرتكم على البطولة بدون هزيمة لكنكم انتظرتم إلى غاية الجولة الأخيرة لترسيم الصعود كيف تفسر ذلك ؟
صحيح الصعود إلى الجهوي الثاني هذا الموسم حققناه بصعوبة كبيرة، وانتظرنا إلى غاية الجولة الأخيرة لترسيمه، بسبب المنافسة التي وجدناها مع الوصيف أكاديمية القل، حيث كانت تنقصنا نقطة فقط لضمان الصعود، ولهذا كانت المواجهة الأخيرة بملعبنا حاسمة والحمد لله حققا الفوز بثنائية نظيفة، وأريد الإشارة إلى أنه في كرة القدم لا يمكن أن تحقق شيئا بسهولة، خاصة في هذا القسم (الشرفي)، لأن جميع الأندية من نفس الإقليم (ولاية سكيكدة)، وكل اللقاءات يغلب عليها طابع الديربي، بالإضافة إلى بعض الملاعب الترابية التي تعيق اللعب فضلا عن الضغط الجماهيري، ورغم هذا استطعنا تحقيق نتائج كبيرة ومشوار مثمر.
هل كنتم تتوقّعون هذا الصعود ؟
لما عرض علينا رئيس الفريق مهمة الإشراف على العارضة الفنية، اتفقنا على هدف واحد وهو الصعود إلى الجهوي الثاني، وقبلنا التحدي لأننا كنا نعلم أننا نملك تشكيلة قوية قادرة على قول كلمتها، لكن الصعود لم يتضح معالمه مبكرا،  لأن في كرة القدم ليس كل شيء مضمون بدليل أن مرحلة الذهاب أنهيناها مناصفة مع الأكاديمية، وفي مباراتنا معهم في القل كنا منهزمين بهدفين لصفر ثم عدلنا النتيجة قبل نهاية الشوط الأول، وجاءت الفرصة في مباراة الجولة الأخيرة بملعب 20 أوت 1955 بسكيكدة مع المنافس المباشرة، وكنا نحتاج إلى نقطة واحدة وتمكنا من الفوز بثنائية ضمنا بها الصعود، رغم أن بعض الأطراف كانت تريد الاصطياد في المياه العكرة.
وماذا عن تركيبة الفريق ؟
 تشكيلة الفريق غالبيتها من الشبان، لكن قمنا بتدعيمها ببعض الركائز من ذوي الخبرة والتجربة، من خلال انتداب عدة لاعبين من فرق مجاورة، سبق وأن لعبوا في الأقسام الجهوية مثل قائد وحارس الفريق نشم أحسن من ممرات سكيكدة الذي قدم دعم كبير للتشكيلة، بالإضافة إلى لاعبين آخرين من فرق مجاورة والحمد لله استطعنا تكوين فريق قوي وتنافسي وهذا ما يفسر افتكاكنا لقب أحسن دفاع، أحسن حارس، أحسن هداف بـ23 هدفا.
ما هي المشاكل التي اعترضتكم والأشياء التي كنتم تتخوفون منها ؟
من موقعي، لا يمكنني الحديث عن المشاكل ورئيس الفريق هو من يملك صلاحيات الحديث عنها، وكمدرب يمكنني الخوص في المسائل التي لها علاقة بالجوانب الفنية والتكتيكية للفريق، والشيء الذي كنا متخوفين منه هو الإصابات، لكن الحمد لله بفضل التحضير الجيد التي أشرف عليه زميلي فؤاد طاوطاو لم نسجل أي إصابات، على العموم لم تكن مشاكل داخل الفريق وتحكمنا في المجموعة كما ينبغي بفضل الانضباط والجدية في العمل.
هل تفكر في البقاء الموسم المقبل مدربا للفريق ؟
لحد الآن لم أفصل في وجهتي، لكن بنسبة كبيرة سأغادر، لأنه من عادتي كلما أحقق صعودا مع فريق، أغادره في الموسم الموالي، ويبقى كل شيء بالمكتوب، وبالمناسبة أريد أن أهدي هذا الصعود إلى ابنتي لجين وابني محمد جاد.

رئيس النادي نجيب بوزيوخ
الارتقاء ثمرة عمل وتخطيط
أكد رئيس النادي نجيب بوزيوخ أن الانجاز المحقق كان ثمرة للجدية والانضباط، وقال: "وضعنا منذ تأسيس الفريق خطة عمل هدفنا من خلالها إلى تحقيق الصعود إلى الجهوي في ظرف أربعة مواسم، آخذين بعين الاعتبار جائحة كورونا، وهذا ما وصلنا إليه".
وأضاف بوزيوخ :"هذا الانجاز تحقق بفضل تضافر وتكاثف جهود أسرة الفريق من لاعبين وطاقم فني ومسيرين وأنصار، كما أنه بمثابة تحدي كبير رفعته وكسبت الرهان، خاصة وأن الفريق حديث النشأة وتأسس فقط في عام 2015، وبالتالي اعتبر الصعود انجاز كبير لأن التخطيط للوصول إلى هذا الهدف، كان مباشرة بعد الصعود للقسم الولائي، ولما صعدنا إلى القسم الشرفي وضعت القسم الجهوي نصب أعيني، وكان الفريق قاب قوسين أو أدنى من ذلك في نهاية عام 2019، لكن فريق حمروش حمودي افتك منا التأشيرة في الأمتار الأخيرة في لقاء السد، وفي هذا الموسم جددت العهد مرة ثانية وعزمت على النجاح في تحقيق الأمل المنشود، من خلال تدعيم التشكيلة بلاعبين من ذوي الخبرة في القسم الجهوي، والحمد لله وصلنا إلى الهدف المسطر عن جدارة واستحقاق".
كماكشف المتحدث أن التتويج لم يكن سهلا كما يتوقع البعض، لأن اللعب في القسم الشرفي صعب للغاية، انطلاقا من عدة عوامل في مقدمتها الملاعب الترابية للمنافسين وأيضا المعاناة الكبيرة التي وجدها في تنقلات الفريق، بسبب وعورة الطرقات لا سيما بالجهة الغربية ما يؤدي إلى إنهاك اللاعبين، معتبرا أن الهدف الرئيسي من كل هذا، هو تمثيل الولاية أحسن تمثيل وإعطاء صورة مشرفة عنها.
وفي تطرقه للصعوبات، تحدث رئيس النادي بمرارة وأسف عن التهميش التي يتعرض له الفريق من طرف السلطات المحلية، حيث لم يستفد من أي إعانة من البلدية سواء عند الصعود إلى الشرفي أو خلال هذا الموسم، ما عدا 40 مليون سنتيم من مديرية الشبيبة والرياضة أما بقية المصاريف فكانت من أمواله الخاصة.

قائد الفريق نشم علاوة المدعو أحسن
أرقامنا جواب للمشككين
أكد حارس وقائد الفريق نشم علاوة أن الصعود تحقق بصعوبة كبيرة، معبرا عن فرحته بهذا الانجاز الذي تحقق في أول موسم له مع هذا الفريق، وقال نشم للنصر، إنه قضى ما يزيد عن 20 سنة في فريق ممرات سكيكدة لكن قبل بداية الموسم المنقضي:
"اتصل بي رئيس نادي طلائع مستقبل سكيكدة يوسف بوزيوخ من أجل تقمص ألوان الفريق، بحكم خبرتي في الأقسام الجهوية، فلم أمانع وقبلت العرض مباشرة ومع تدعيم الفريق بلاعبين آخرين من ذوي الخبرة، استطعنا تكوين فريق تنافسي، خاصة وأن رئيس النادي وفر لنا كل الإمكانيات ووضع الكرة في مرمانا، والحمد لله كنا في مستوى الثقة وبقينا في المركز الأول منذ الجولة الأولى".
وأضاف المتحدث أنه ورفاقه صادفتهم عدة صعوبات في المشوار، لا سيما ما تعلق برداءة الملاعب الترابية، وأيضا ما أتبع :"لأن فريقنا كان مستهدفا من طرف جميع فرق البطولة التي كانت تسعى للإطاحة بنا بحكم أننا نمثل فريق من قلب مدينة سكيكدة، وهناك من توصل بهم الأمر أن أرجع النتائج المحققة إلى دعم الحكام والرابطة، وهنا أريد أن أؤكد أن فريقنا حقق الصعود فوق الميدان وعن جدارة واستحقاق بدليل أننا لم نهزم طيلة المشوار وسجلنا 20 فوزا وأربعة تعادلات كما تحصلنا على لقب أحسن دفاع، أحسن هداف للمهاجم حسني بوثلجة بـ23 هدفا، أفضل حارس، ورغم المنافسة التي وجدناها من قبل الوصيف أكاديمية القل لكننا تمكنا من تجاوزها بخبرة وتجربة اللاعبين".

هداف الفريق محمد بوثلجة المدعو حسني
قمت بواجبي وحان الوقت لتغيير الأجواء
اعتبر هداف الفريق محمد بوثلجة المدعو حسني، أن امتلاك النادي لإدارة قوية ومتمكنة بقيادة الرئيس نجيب بوزيوخ، هي إحدى الأسباب الرئيسية في نجاح الفريق هذا الموسم :"كان دائما بجانبنا ويحرص على توفير كل حاجيات ومتطلبات اللاعبين وكان قريبا منا في كل خطواتنا"، مضيفا أن تتويجه بلقب هداف البطولة بـ23 هدفا ما كان ليتحقق لولا رفاقه الذين ساعدوه على تسجيل كل هذه الأهداف، معتبرا أن الصعود مع طلائع مستقبل سكيكدة، كان له طعم خاص مقارنة بالصعود الذي سبق وأن حققه مع فريق أم الطوب.
وبخصوص رغبته في البقاء من عدمها، أكد بوثلجة أنه وبعد تحقيق الصعود توصل إلى قناعة بضرورة تغيير الأجواء واللعب لفرق تنشط في مستوى أعلى، كاشفا عن تلقيه عروض أولية من فرق تنشط في قسم ما بين الرابطات والقسم الجهوي الأول.
كمال واسطة

الرجوع إلى الأعلى