ألزمت الاتحادية الدولية لكرة القدم في بيان نشرته مساء أول أمس، على موقعها الرسمي جميع الفيدراليات الوطنية، بضرورة مراعاة الوضعية الاستثنائية التي يعيش على وقعها العالم بأسره، جراء انتشار فيروس كورونا، وما لذلك من انعكاسات سلبية على النشاط الكروي، ولو أنها طالبت بضرورة إنهاء المنافسة في كل البلدان، مع إلزام الاتحاديات والهيئات المشرفة على تسيير البطولات بتعديل قوانينها، وتكييف النصوص مع تطورات الوضع الوبائي الراهن، مما يعني رفض الفيفا لمقترح الموسم الأبيض، الذي تم تداوله في الكثير من البلدان، مع تقديمها مقترحات للإشكاليات القانونية المطروحة.
الفيفا وفي بيانها التوضيحي، أكدت أن «كوفيد 19» أدى إلى توقيف النشاط الكروي في كل أرجاء العالم، في أمر يحدث لأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية، وهو التوقف الاضطراري الذي تسبب في طفو العديد من الإشكاليات القانونية والتشريعية على السطح على مستوى كل الاتحادات الوطنية، مما أدى بمسؤولي الفيدراليات إلى مراسلة الاتحاد الدولي لطلب استفسارات وتوضيحات صبت في مجملها في قضية القانون الأساسي لتحويلات اللاعبين وإمضاءاتهم، والفيفا باعتبارها الهيئة المشرفة على تسيير المنظومة الكروية في العالم لها الحق في تقديم توجيهات في هذا الإطار، مع الأخذ في الحسبان الآثار التي خلفها فيروس كورنا على المنافسة الكروية، لأنه من الحالات الاستثنائية التي تكفي لإعادة النظر في بعض النصوص وإلزامية تكييفها مع المستجدات، مادامت الوضعية الراهنة تتجاوز صلاحيات أي هيئة، وهذا طبقا لنص المادة 27 من القانون الأساسي، والذي يمنح طابع «الشرعية» للمجلس التنفيذي للاتحاد الدولي من أجل اتخاذ قرار من هذا القبيل.
من هذا المنطلق، فإن الفيفا عمدت منذ اجتماعها المنعقد في 18 مارس المنصرم، إلى تنصيب مجموعة عمل يرأسها الإيطالي فيتورو مونتاغليني، الرجل الثاني في الاتحاد الدولي، والذي يرأس أيضا لجنة الفاعلين في كرة القدم، وهي الخلية التي أسندت لها مهمة دراسة الوضع الراهن مع مختلف الكونفدراليات القارية وكذا الاتحادات الوطنية، سيما في الشق المتعلق بتنظيم المنافسات والإشكاليات المقترنة بعقود اللاعبين وآجال الإمضاءات، لتخرج هذه المجموعة بجملة من التوصيات، التي تلزم كل الفيدراليات باستئناف النشاط الكروي، بمجرد تلقي الضوء الأخضر من السلطات العليا لبلدانهم، بعد التخلص من الكارثة الوبائية وآثارها.
الترخيص بتمديد استثنائي لعقود اللاعبين
أخذت مجموعة العمل المنبثقة عن الفيفا في توصياتها قضية عقود اللاعبين ومدة صلاحيتها في المقام الأول، لأن الفقرة 1 من المادة 6 تحصر شرعية توقيع أي لاعب في الآجال المحددة، وأي إمضاء خارج هذه المهلة يعتبر غير قانوني، وهو أمر له علاقة مباشرة بالنظام الدولي لتحويل اللاعبين (تي . أم. آس)، والذي تبقى كل الفيدراليات مجبرة على التسجيل فيه سنويا، بتحديد التواريخ المضبوطة، ولو أن الموسم الكروي في أغلب الأحيان يمتد من 1 جويلية إلى غاية 30 جوان، وانتشار «كوفيد 19» دفع باللجنة المنبثقة عن الفيفا إلى فتح المجال أمام كل الاتحاديات، لتعديل آجالها المحددة في النظام الدولي لتأهيل اللاعبين، لكن بصفة استثنائية، تحسبا للمرحلة الموالية، على أن لا يتجاوز التأخير 16 أسبوعا عن الآجال التي كانت محددة أنفا، لأن هناك عتبة لا يمكن تخطيها في الظروف الطارئة، والعقود التي تنتهي صلاحيتها في 30 جوان، ستمدد آليا إلى غاية الموعد الجديد لنهاية الموسم.
على هذا الأساس، فإن تعديل عقود اللاعبين يبقى من الخطوات التي أدرجتها مجموعة العمل التابعة للفيفا في التوصيات التي خرجت بها، وذلك بمراعاة نص المادة 18، لأن عقد اللاعب مع ناديه يبقى ساري المفعول إلى غاية نهاية الموسم الكروي، والموافقة على مواصلة المنافسة في فترة استثنائية خارج المهلة المحددة في العقد، تجبر اللاعب على البقاء في فريقه إلى آخر الموسم، على أن يكون لهذا الإجراء انعكاس على تاريخ بداية الموسم الموالي، خاصة في حال انتقال اللاعب إلى فريق آخر، وهذا لتفادي الإشكاليات المقترنة بمدى شرعية عقود اللاعبين، وعدم وجود بعض العناصر على ارتباط مع فريقين في نفس المهلة.
كما ذهبت اللجنة المنبثقة عن الفيفا في خارطة الطريق، التي رسمتها لتسيير المنظومة الروية العالمية في مرحلة ما بعد «كوفيد 19»، إلى حث اللاعبين والنوادي على ضرورة البحث عن حلول ميدانية ناجعة، للإشكاليات المرتبطة بهذه المرحلة الاستثنائية والتعاملات المالية بين كل الأطراف، خاصة بعد توقف النشاط الرياضي في كل أنحاء العالم، لأن فيروس كورونا أثر كثيرا على العائدات الاقتصادية للبلدان، وما لها من انعكاسات على الأوضاع المالية للنوادي الرياضية، مع السعي لتجنب كل القضايا على طاولة لجنة المنازعات التابعة للاتحاد الدولي، لأن الفيفا تبقى مجبرة ـ كما جاء في البيان ـ « على الاستناد إلى عدة عوامل جديدة عند دراسة مثل هذه القضايا، انطلاقا من النية الفعلية لمسؤولي النوادي في التوصل إلى اتفاق مع اللاعبين، بخصوص مستحقاتهم في فترة توقف المنافسة بسبب الكارثة الوبائية، مرورا بالوضع الاقتصادي للنادي، وصولا إلى الدخل الصافي بعد تعديل العقود ومدى تعامل مسؤولي الفريق مع جميع اللاعبين بنفس الطريقة، وهي المعايير التي ستكون فاصلة في هذه الإشكاليات.
تدابير الفيفا تضفي الشرعية على مقترحات الوزارة والفاف
خارطة الطريق التي رسمتها الفيفا، جاءت لتضفي الشرعية على الخطوات، التي كانت الفاف تعتزم قطعها تحسبا لهذه المرحلة، سيما وأن وزير الشباب والرياضة سيد علي خالدي، كان قد أكد في نهاية الأسبوع الفارط، بأن فكرة تعليق المنافسات واعتماد موسم أبيض مستبعدة جدا، وهو الطرح ذاته الذي ذهب إليه رئيس الرابطة المحترفة عبد الكريم مدوار، والتوصيات الصادرة عن الفيفا تمنح الإطار القانوني للهيئات الكروية الوطنية لتكييف أوضاعها مع هذه المستجدات، خاصة ما يتعلق بعقود اللاعبين وفترة مواصلة المنافسة خلال الصائفة القادمة، خارج الآجال التي كان معمولا بها دوليا، مع تعبيد الطريق أمام المكتب الفيدرالي لاتخاذ تدابير استثنائية تحسبا للموسم القادم، في الشق المرتبط بآجال الإمضاءات وكذا تواريخ انطلاق المنافسة، لأن الفيفا وعند دراستها الأولية لأزمة كورونا أخذت في الحسبان أيضا المنافسات الدولية، وألزمت الكونفدراليات بتعديل رزناماتها وفق التوصيات والتوجيهات الجديدة، في انتظار اتضاح الرؤية أكثر حول تطورات الوضع الوبائي السائد في كل بلدان العالم.            صالح فرطــاس

الرجوع إلى الأعلى