يعتبر المحلل الجزائري حمزة كحلوش أن انتشار وتفشي فيروس كورونا، كان وبالا على مختلف دول العالم، بعدما شل الحركة في القارات الخمس، في سابقة غير معهودة، مضيفا في حوار مع النصر أن تداعياته على الجوانب الاقتصادية والاجتماعية، لا تقل عما سببه من ركود في عالم الرياضة، وخاصة كرة القدم اللعبة الأكثر شعبية في العالم والمتنفس رقم 1 لكل الشعوب.
*بداية هل يمكن أن تقدم نفسك للجمهور الرياضي الجزائري؟
حمزة كحلوش 32 سنة محلل فني بعدة قنوات ومدرب بأكاديمية راسينغ باريس فئة أقل من 15 سنة، ومتحصل على ليسانس تدريب رياضي اختصاص كرة قدم مع حيازتي على شهادة مدرب من الدرجة الثالثة في إفريقيا «CAF c» وشهادات من تونس وهنا بفرنسا متربص لدى الاتحادية الفرنسية لكرة القدم.
*أين تتواجد الآن وكيف تقضي يومياتك في الحجر الصحي؟
أنا مقيم منذ ثلاث سنوات بعاصمة فرنسا باريس، والتي تشهد توقفا وركودا تاما كباقي مدن فرنسا، بسبب تفشي فيروس كورونا، خاصة وأن باريس وضواحيها تعتبر أكثر المناطق تضررا بهذا الوباء بفرنسا، نحن هنا تحت حجر صحي صارم، يمنع فيه الخروج من البيت إلا بتصريح ممضي وللضرورة القصوى كالعمل أو قضاء بعض الحاجيات أو ممارسة الرياضة، ولكن بشكل فردي، وكل مخالف يتعرض إلى غرامة مالية، تبدأ من ثلاثة ملايين إلى عشرين مليون بالعملة الجزائرية، وهذا إجراء وإن كان صارما ومكلفا، ولكن لابد منه لاحتواء الأزمة التي تمر بها مختلف دول أوروبا والعالم بأسره، لأنه رغم كل المحاولات من أجل إيجاد الدواء الشافي لهذا الوباء، إلا أن جميعها  باءت بالفشل، ولذلك أفضل وسيلة لتجنب حدوث ما هو أسوأ، هي الالتزام بالحجر الصحي دون غيره.
*الأوضاع تبدو سيئة للغاية بباريس وفرنسا على العموم، أليس كذلك ؟
الأمور هنا معقدة جدا من الناحية الصحية، بحيث نشهد كل يوم ارتفاعا كبيرا لعدد ضحايا هذا الفيروس، حتى أنه تجاوز ألف إصابة خلال أربعة وعشرون ساعة الأخيرة، وربما الفئة الأكثر تضررا هي فئة الكبار في السن، وهذا إذا علمنا أن أوروبا تعاني من الشيخوخة، وهو ما جعل نسبة الوفيات أكبر من أي قارة أخرى.
*ماذا عن الجالية الجزائرية المتواجدة بقوة في فرنسا ؟
بالنسبة لتعامل الجالية، فهو نفس ما يقوم به كل فرنسي أو أي مقيم بهذا البلد، وهو الالتزام بالحجر الصحي مع قليل من الخوف والقلق، خاصة لما تأتيك الاتصالات من الوطن، سواء من الأهل والأصدقاء والمقربين يسألون عنك، وهذا بسبب علمهم بخطورة الوضع بفرنسا، وهو ما يزيدنا قلقا وضغطا، أما بالنسبة للمقيمين غير الشرعيين فالأوضاع لديهم جد صعبة ومعقدة، ولو يطول الأمر كثيرا فالأمور ستخرج عن سيطرتهم، لأن قوتهم اليومي يأتي من خلال العمل دون تصريح، يعني ليس هناك إعانة من الدولة أو أجرة يعتمدون عليها ببقائهم في البيوت، ولو أن الدولة الفرنسية كلفت الجمعيات الخيرية بتوفير المستلزمات الغذائية وتوزيعها على هذه الفئة، من خلال فتح مراكز تموين عبر مختلف مناطق وضواحي باريس وغيرها من مدن فرنسا.
*هل أنت مطلع على أخر المستجدات بالجزائر ؟
أنا جد مطلع على ما يحدث بالجزائر خلال هذه المرحلة، من خلال جعل حسابي في الفايسبوك، منبر للتوعية واستقبال رسائل من مختلف ولايات الوطن وإعادة نشرها، وشهدنا نقص الوعي في بعض المناطق، قبل فرض حظر التجوال قبل يومين من الآن، كما لاحظنا عدم اكتراث وعدم أخذ الأمر بمجمل الجد، وهو ما جعل نسبة الإصابات في ارتفاع حتى تجاوزت الألف إصابة، هذا الفيروس لا يفرق بين أحد، فهو ينتشر بسرعة رهيبة ومخاطره كبيرة، خاصة على كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة، والخوف الكبير هو في نقص الإمكانيات الطبية وضعف طاقة المستشفيات وعدم توفرها على أدنى مستلزمات الرعاية الصحية .. فأوروبا بإمكانياتها وكفاءاتها في المجال الطبي، وقفت عاجزة أمام هذا الفيروس.
*ما هي رسالتك للجزائريين في هذه الفترة؟
التزام البيوت هو الحل الأمثل، فهو من يحميك ويحمي عائلتك وأحباءك من خطر الوباء، ولقدر الله قد تكون سببا في وفاة أحبتك، وستكون ضربة موجعة لك أنت في حد ذاتك، لذلك نتمنى من الجميع التقيد بالحجر الصحي، من أجل تجاوز هذه المرحلة الصعبة في تاريخ الجزائر والبشرية جمعاء.
*تعمل كمحلل فني، ألا ترى بأن وباء كورونا قد تسبب في ورطة للصحفيين الرياضيين بعد توقف كافة المنافسات؟
تأثير هذا الفيروس طال جميع المجالات وحتى ميداننا، فبحكم عملنا في مجال التحليل الفني، فتوقف المنافسات الرياضية بجميع أصنافها، وآخرها تأجيل الألعاب الأولمبية، التي تعتبر الحدث الرياضي الأبرز في العالم جعلنا نتوقف نهائيا عن العمل والتحليل، فلا يوجد شيء متعلق بالرياضة يمكنك التحدث عنه أو تحليله، ما عدا موضوع الكورونا وتأثيره على الرياضة والرياضيين ..فأغلب القنوات التي قمنا بالتدخل فيها سواء في الأستوديو أو عبر الهاتف أو وسائل التواصل الاجتماعي، كل الحديث كان عن هذا الفيروس وتأثيره على المجال الرياضي، أما مهنة التدريب فكانت أول المتضررين، بحيث توقفنا عن العمل حتى قبل فرض حظر التجوال بباريس، والشيء الأمر في ذلك هو عدم معرفتنا لوقت العودة إلى الميادين.
*ما رأيك في تعيين الفاف لطواقم فنية مغتربة، تتولى التنقيب على المواهب الشابة في أوروبا؟
خطوة جيدة وذكية ما قامت به الاتحادية الجزائرية لكرة القدم، من خلال تعيين طواقم ومدربين مغتربين عملهم التنقيب عن المواهب الشابة بفرنسا خاصة وأوروبا عامة، أولا هي الطريقة الأنجع من أجل ضمان لعبهم للمنتخب الأول لاحقا، كما فعلته الجامعة المغربية لكرة القدم أو الاتحادية التونسية وتجنب الوقوع في نفس أخطاء خسارة لاعبين ذوي القيمة الفنية الكبيرة أمثال ناصري بن زيمة فقير والقائمة طويلة، وثانيا بحكم تواجد عدد كبير من المواهب ذات الأصول الجزائرية بمراكز التكوين الفرنسية والأوروبية، ومن خلال تجربتنا وتنقلنا بين الملاعب والفرق، دائما ما نواجه فرقا تحوز على عدة مواهب كبيرة ولما نسأل عن أصلها نجد أغلبها جزائرية، وحتى فريق العاصمة البياسجي الذي أواجهه في بطولة تحت 15 سنة، وجدته يضم لاعبين ذي أصول جزائرية ولمستهم بارزة في هذا الفريق الكبير.
*هل نحن بحاجة لاستدعاء مزدوجي الجنسية في الفئات السنية؟
الخلاصة، هذه الخطوة ستكون تحولا إيجابيا كبيرا في إمداد المنتخب الوطني بأفضل المواهب الشابة، التي ستكون استمرارية لهذا الجيل الحائز على بطولة إفريقيا الأخيرة، كما سترفع من مستوى التنافسية على المناصب، وهو ما سيرفع من المستوى العام لمنتخبنا الوطني.
*هل من كلمة ختامية ؟
في الأخير كل الشكر لكم على هذه الاستضافة، كما أتمنى أن تمر هاته الأزمة بسلام على وطننا الحبيب، وكل التوفيق لمنتخبنا الوطني في قادم المواعيد، وفي انتظار عودة الحياة وعودة الرياضة، وخاصة كرة القدم لأنها متنفس الشعوب.
حاوره: مروان. ب

الرجوع إلى الأعلى