يرى البطل في سباق 800 متر رمزي عبد النوز، بأن الموهبة وحدها لا تكفي لتجهيز أبطال، قادرين على المنافسة في المستوى العالي، مطالبا في حوار مع النصر، المسؤولين بضرورة الرعاية والاهتمام برياضيي النخبة، من أجل تفادي مصير البطل السابق منصور نجيم، الذي يعاني في صمت منذ نهائي الألعاب الأولمبية ببكين 2008، كما تحدث رمزي عن طموحاته وأهدافه وعدة أمور تخص مشواره لحد الآن.

حاوره: مروان. ب

* بداية طمئنا عن نفسك وعن بقية زملائك بعد أن علقتم بكينيا لستة أشهر كاملة؟
شكرا لكم على هذا الاهتمام، وأود أن أطمئنكم بأن الجميع في صحة جيدة، بفضل جهود سفيرة الجزائر بكينيا، التي لم تتخل عنا طيلة الفترة الماضية، حيث لم تجعلنا بحاجة لشيء، وقامت معنا بالواجب وزيادة، سواء خلال شهر رمضان أو حتى في عيدي الفطر والأضحى، كلنا بخير، ولكن الأمور من الناحية المعنوية ليست على ما يرام، فالجميع يأمل في العودة إلى أرض الوطن، ولم تعد للبعثة أي طاقة لتحمل البقاء بنيروبي، حتى ولو أننا نحاول أن تكون الأجواء مرحة فيما بيننا، لنسيان مرارة الغربة التي طالت كثيرا، فلا يعقل البقاء لستة أشهر كاملة بدولة كينيا.
* هل تلقيتم وعودا جديدة بالإجلاء، بعد أن تمت مساعدة البطل الأولمبي توفيق مخلوفي على العودة في الأيام القليلة الماضية، من مدينة جوهانسبورغ بجنوب إفريقيا ؟
كنا ننتظر أن تقوم الدولة بتخصيص طائرة، لإجلاء كافة العالقين بالدول الإفريقية، بداية بالبطل توفيق مخلوفي، غير أن الأخير بسبب تنقله عبر باريس، لم يكن بالإمكان أن ينجح هذا المخطط الذي فكرنا به، ولو أننا كنا سعداء بعودة زميلنا (مخلوفي) لأرض الوطن، كون وضعيته كانت مغايرة عنا بكثير، فهو ظل عالقا بمفرده، على عكس ما حدث معنا في كينيا، حيث نتواجد في بعثة مشكلة من عدة رياضيين، فضلا عن بعض المرافقين من مدربين ومسؤولين، على العموم لقد تلقينا وعودا بإجلائنا هذا الأحد 8 من أوت الجاري، حيث سنتنقل عبر مطار الدوحة، وبعدها سنكون بالجزائر العاصمة، لينتهي معنا هذا الكابوس الذي دام عدة أشهر.
* ألا ترى أن بقاءكم عالقين لأشهر بكينيا ساعدكم في التحضير أكثـر للاستحقاقات القادمة، والبداية بالألعاب الأولمبية طوكيو 2021 ؟
لا أخفي عليكم، التدرب بمرتفعات كينيا لمدة أربعة أشهر خدمنا كثيرا، وسيصب في صالحنا لا محالة خلال الاستحقاقات القادمة التي تنتظرنا، ولكن علينا أن نقر بأن حجم الاستعدادات لم يكن كما نتطلع، في ظل المعنويات المنحطة للمجموعة، خاصة وأن الجميع كان يفكر في كيفية العودة لأرض الوطن، والتخلص من هذا الكابوس المخيف، فضلا عن المرض المنتشر الذي ترك الخوف يسيطر علينا، ولو أننا حاولنا التدرب يوميا بنفس العزيمة والجدية، من أجل استغلال هذه الفترة.
* لنتحدث عنك الآن، هل يمكن أن تعطينا لمحة ولو بسيطة عن رمزي عبد النوز؟
عبد النوز رمزي اختصاصي في سباق 800 متر أنحدر من عائلة رياضية بامتياز، فوالدي هو أول عداء جزائري، يحقق أقل من دقيقة و45 ثانية في سباق 800 متر، فضلا على أنه شارك في عدة دورات كبيرة في شاكلة نهائي الألعاب الأولمبية 1992، كما أن عمي عبد النوز الهاشمي احتل المرتبة التاسعة في البطولة العالمية، وبالتالي وجدت نفسي منذ صغري في هذا المجال، الذي أحاول البصم فيه على مشوار حافل يشرفني ويشرف بلدي الجزائر، الذي من أكبر أمنياتي وأحلامي إهداءه الميداليات، في كبرى التظاهرات والبطولات العالمية.
* حدثنا عن أفضل وأهم إنجازاتك لحد الآن ؟
أود أن أحيطكم علما، بأنني لم أشارك في الملتقيات والمنافسات الدولية إلى غاية 2007 -2008 فقط، ورغم ذلك فزت بعدة دورات، كما شاركت في البطولة العالمية بتايبي سنة 2017، وأتطلع لخوض عدة تحديات، على أمل الظفر بعدة ميداليات، ولم لا أسير على خطى والدي وعمي، ممن تركوا بصمتهما في رياضة ألعاب القوى.


* هل اقتطعت تأشيرة التأهل إلى الألعاب الأولمبية طوكيو 2021، أم ليس بعد ؟
الحد الأدنى للتأهل إلى الألعاب الأولمبية المقبلة دقيقة و45 ثانية، وأنا حققت الموسم الماضي، في الملتقى العسكري ببن عكنون دقيقة و46 ثانية، وبالتالي لا خوف على تواجدي في طوكيو إن شاء الله، خاصة مع تكثيف التحضيرات، ولو أن هدفي أكبر من المشاركة في هذا المحفل العالمي، الذي لا يتواجد به سوى الأبطال.
* بصراحة تأجيل الأولمبياد صب في صالحكم أم العكس ؟
التحضير للألعاب الأولمبية لا يقتصر على سنة فقط، ويكفي أن هناك من يستعد على مدار أربع سنوات كاملة، وفي الأخير يعجز حتى على المشاركة في المحطة النهائية، على العموم التأجيل صب في صالحنا، حيث استفدنا لحد الآن من تربص دام خمسة أشهر كاملة بكينيا، وعند عودتنا لأرض الوطن سنحاول برمجة معسكرات جديدة، على أمل الرفع من لياقتنا والاستعداد الجيد لهذه التظاهرة، التي يحلم بها أي رياضي مهما كان اختصاصه.
* يمكن القول بأنكم تأثرتم بوباء كورونا ؟
التربص الأول الذي كان مبرمجا من 15 فيفري إلى غاية 15 مارس، تدربنا فيه بكل جدية، وطبقنا البرنامج بحذافيره، خاصة وأننا كنا نعتقد بأنه لا يوجد أي اقتراح لتأجيل الأولمبياد، ولكن بعد انتشار الوباء وإلغاء كافة الملتقيات والمنافسات، تأثرنا بطبيعة الحال، غير أنه كما يقال «إذا عمت خفت»، وبالتالي واصلنا الاستعدادات بنيروبي حتى ولو كانت متذبذبة، على أن يكون لنا برنامج جديد مع العودة لأرض الوطن، خاصة بالنسبة لي وأنا الذي أتطلع لتحقيق الحد الأدنى.
* لو نطلب منك الحديث عن معاناة رياضيي النخبة، ماذا تقول ؟
المعاناة ليست وليدة اليوم، ورياضيو النخبة يشتكون من نفس المشاكل منذ عدة سنوات، فتجهيز بطل بإمكانه الفوز بالميداليات في الألعاب الأولمبية والبطولات العالمية، يتطلب الكثير من التضحيات، وفي الجزائر الرياضي يجد نفسه في موقف محرج في سن معينة، حيث يكون ملزما بالاختيار بين الرياضة والدراسة، وفي حال اختار الأولى، سيكون في مأزق بمرور السنوات في غياب راتب يقيه الحاجة، وهنا أعطيكم مثالا عن منصور نجيم خاض نهائي الألعاب الأولمبية 2008 ببكين في سن 19ربيعا، ليصاب بعد ذلك واضطر للتوقف عن ممارسة الرياضة، ليجد نفسه في حرج الآن لعدم امتلاكه أي شيء، وحتى البطل الحالي في السباعي بورعدة، صاحب الألقاب العديدة على المستوى القاري يشتكي عدم امتلاكه عمل يضمن له قوت يومه، وأنا لدي قاعدة اعتمدتها منذ أول يوم مارست فيه الرياضة، وهي عدم التخلي عن الدراسة حتى ولو كان ولعي بألعاب القوى ليس لها أي حدود.
أنا أضم صوتي لصوت مخلوفي وبورعدة، وآمل أن تتحسن وضعية رياضي النخبة، من خلال توفير مناصب شغل لهم حتى يتمكن تمكينهم من التركيز على الرياضة فيما بعد، فلا أعتقد بأن هناك من يستطيع الفوز بالألقاب، وذهنه مشوش أو مركز على شيء آخر، كالعمل ضمان قوت يومه وقوت العائلة التي يكفلها.
* تتأملون خيرا في تعيين البطلة السابقة في رياضة الجيدو سليمة سواكري، في منصب وزيرة مكلفة بمتابعة رياضيي النخبة، والعمل على توفير كافة حاجياتهم؟
سليمة رياضية سابقة، وتعرف ما يحتاج إليه كافة رياضيي النخبة، وبالتالي نحن نعلق عليها آمالا كبيرة من أجل الوقوف إلى جانبنا، خاصة خلال الفترة القادمة، على اعتبار أنه ينتظرنا تحد كبير، يتمثل في الألعاب الأولمبية طوكيو 2021.
* ماذا ينقص رياضيي النخبة للتألق والبروز في طوكيو ؟
كلنا على علم بأن أبطالنا يمتلكون كافة المؤهلات للمنافسة على المستوى العالي، فضلا عن امتلاكنا عدة مواهب صاعدة، سيكون لها شأن كبير في المستقبل، إذا ما لاقت الرعاية والاهتمام، فكلنا يعلم بأن الموهبة وحدها لا تكفي، فتوفير الإمكانيات أكثر من ضروري، لأن التحضير للألعاب الأولمبية لا يتم في شهر أو شهرين، بل هو عمل مستمر على مدار 4 سنوات.
* بماذا تريد أن تختم هذا الحوار ؟
أتوجه لكم بالشكر على هذه الالتفاتة، حيث لم تبخلوا علينا بشيء، وتابعتم كافة مستجداتنا بكينيا طيلة الفترة الماضية، ونأمل من المولى عزوجل أن نعود إلى أهلنا سالمين غانمين، كما أدعو الله أن يرفع عنا هذا الوباء الذي طال، دون أن ننسى في الأخير، التوجه بالشكر للسفيرة التي ظلت بجانبنا وضحت كثيرا لأجل توفير كل ما نحتاجه.    
                                          م/ب

الرجوع إلى الأعلى