ضم بطل الألعاب شبه الأولمبية مولود نورة صوته إلى صوت زميله محمد برحال، الذي اشتكى التهميش، وأعلن اعتزاله في لحظة غضب، وقال مولود نورة صاحب عديد الألقاب العالمية والبارا أولمبية في رياضة الجيدو، في حوار مع النصر، إن مشواره كان حافلا بالألقاب، كما كان مليئا أيضا بالمطبات والمشاكل، التي عمد إلى خلقها مسؤولو الاتحادية الذين اتهمهم بتكسيره.

حاوره: مروان. ب

• بداية كيف هي أحوالك، وكيف قضيت الفترة الماضية، بعد تفشي فيروس كورونا،  الذي حرم الرياضيين من التحضير للاستحقاقات التي تنتظرهم؟
بداية أشكركم على تواصلكم معي واهتمامكم برياضة نخبة ورياضي ذوي الاحتياجات الخاصة، وعن أحوالي الحمد لله، رغم الظروف الصعبة بعد ظهور الوباء، إلا أنني حاولت أن أتأقلم مع الوضع، واتخذت كل الإجراءات من أجل الحفاظ على لياقتي البدنية كباقي الرياضيين، من خلال التدرب على انفراد وتطبيق قواعد التباعد للوقاية من الوباء، حتى وإن كانت التحضيرات التي قمت بها ناقصة، وهذا غير إيجابي بالنسبة للرياضات القتالية كالجيدو مثلا.
• هل جمعت الحد الأدنى للنقاط الذي يؤهلك لألعاب طوكيو؟
كيف أجمع النقاط والاتحادية أقصتني من عدة دورات دولية، واكتفت بمنحي ثلاث مشاركات خارجية فقطـ، منها دورة دولية بتركيا في وزن أقل من 66كلغ، وكنت الجزائري الوحيد الذي خاض هذه الدورة، ورغم الغياب أكثر من سنتين عن المنافسات الدولية، إلا أنني أنهيت البطولة في المرتبة السابعة، لقد كانت الدورة الأقوى في مشواري، كونها عرفت مشاركة رياضيين جدد من عدة دول، وكنت قد خضت أيضا بطولة عالمية سنة 2018 بالبرتغال، أين عرفت مشاكل كبيرة على مستوى الجهاز الفني، حيث عانيت من «الاستفزازات» قبل انطلاق الدورة بيوم، رغم أنني كنت في مرحلة صعبة، وهي تخسيس الوزن،  ولهذا لم أنل الميدالية في تلك الدورة، وشعرت أن المدرب ينتقم مني، واستغل هذه الفرصة لأقول له هو ومن كان يحرضه ضدي، حسبي الله ونعم الوكيل فيكم.
• لماذا حصل كل هذا ؟
بعد بطولة العالم التي تحدثت عنها، شاركت في دورة أذربيجان، أين أنهيت المسابقة في المرتبة 9، كما حدثت لي عدة مشاكل مع الجهاز الفني، بعد أن تعرضت أيضا للاستفزاز والاحتقار، والشيء الخطير هو تحريض «رياضيين» للعب على أعصابي، لعلمهم أنني في مرحلة صعبة، بسبب تخسيس الوزن، وهناك فهمت أن كل شيء حدث كان من أجل أن أفقد تركيزي، وهذا الذي حصل في آخر المطاف.
ومن دورة أذربيجان الاتحادية لم تتصل بي، وكأن الأمر قد حُسم في نظرهم، وكأنهم منحوا لي كل الفرص، مع العلم أنني بطل العالم مرتين على التوالي، واستغل الفرصة لكل من كان يسأل عني لأقول له أن غيابي كان سببه اتحادية ذوي الاحتياجات الخاصة، التي أبعدتني منذ بداية العهدة بمنحي ثلاث مشاركات دولية فقط في ظرف أربع سنوات، ولهذا لم أجمع النقاط التي تؤهلني إلى الألعاب البارالمبية المقبلة، أضف إلى ذلك الكواليس والمؤامرات والإقصاءات التي تعرضت لها.
• يبدو أنك تتجه للغياب عن الأولمبياد بطوكيو؟
والله لم أجد الجواب الكافي، فبعد كل ما قلته لكم هل بإمكانك التركيز والتفكير في المنتخب الوطني أو الاستعداد لخوض غمار الدورات المقبلة، وصدقوني ما يحدث لي مؤامرة حيكت بإحكام، فاتحادية ذوي الاحتياجات الخاصة أظهرت في تعاملها معي بأنها لا تريدني ضمن فريقها، على اعتبار أنني لا أتماشى مع سياستها الفاسدة.


على العموم، لقد أغلقوا كل شيء في وجهي لا دورات دولية ولا دعم مادي ومعنوي، والشيء الغريب أن الاتحادية، لم تتصل بي حتى لتجديد الملف الطبي، الذي يجب إرساله للاتحادية الدولية من أجل إعادة تصنيفي.
• بالعودة لمشوارك الحافل، ما هو اللقب الأغلى إلى قلبك ولماذا؟
اللقب البارالمبي سنة 2008 في بكين (الصين) كان هدية كبيرة أقدمها للشعب الجزائري، ولعائلتي وإخوتي وأمي ولروح أبي الغالي رحمه الله الذي توفي سنة 2006، وكنت أتمنى لو كان حاضرا معنا، ولكنها سنة الحياة.
• لو يعود بك الزمن إلى الوراء ما هو الشيء الذي كنت ستقوم به أو تتفاداه أم أنك راض عن كل القرارات التي اتخذتها؟
الحمد لله معظم أهدافي حققتها، وأنا راض عما قدمته طيلة مشواري الرياضي، وندمي الوحيد هو الاحترام والثقة، التي منحتها لبعض المدربين في المنتخب الوطني، والذين خيبوا ظني، وكان لهم دور كبير فيما أنا فيه الآن من مشاكل وإقصاءات من طرف اتحادية ذوي الاحتياجات الخاصة.
• كم تمتلك من لقب دولي ؟
منذ سنة 2007 إلى غاية 2015 تحصلت على 6 ألقاب دولية، منها 4 عالمية و 2 بارالمبية، وهذه النتائج حصدتها، رغم أننا كنا نحضر في ظروف جد متوسطة، ولا تليق تماما بحجم الرياضات العالمية والأولمبية، لقد رفعنا التحدي وتحملنا كل شيء من أجل رفع الراية الوطنية وتشريفها، وأنا أفتخر بذلك أنني مثلت الجزائر التي دافع عنها الأبطال في الثورة التحريرية، وكان الفوز له طعم خاص، لا يعرفه إلا من صعد منصات التتويج، وأجبر الجميع على استماع نشيد قسما.
• غياب الإمكانيات وراء ابتعاد أبطالنا عن منصات التتويج مؤخرا، أليس كذلك ؟
نعم هو كذلك، فإلى غاية اليوم معظم الرياضيين يعانون كل أنواع التهميش، والمشكل يعرفه العام والخاص، رغم تعالي أصوات أبطال العالم، ولكن بدون جدوى، ولحد الآن لم يتغير شيء، نفس المشاكل، وبالعكس بقيت الأمور على حالها وسنعود إلى الوراء أكثر فأكثر فالدول الأوروبية والأمريكية وحتى الأسيوية، تعمل بخطط محكمة على المدى الطويل، أما نحن رياضيونا يحلمون بصعود المنصة، وتفكر بعض الأطراف المحيطة في مصالحها الشخصية، ولا تعمل أو تبذل أي جهد لتطوير رياضي النخبة، ولهذا الهدف مختلف وبعض المسؤولين متواطئين، ولن نخرج من هذه المشاكل قريبا، ولذلك أتمنى من كل الفاعلين الوقوف ضد من لا يريد الخير للرياضة الجزائرية.
وعن نفسي رئيس الاتحادية وعدني بحل المشكل الذي أنا فيه ويهدد تواجدي في اليابان، خاصة وأنهم يعلمون جيدا أنهم سبب مشاكلي، فكان قوله أنه سيؤهلني عبر دعوة من اللجنة البارالمبية.
على العموم، أتمنى أن تعود الرياضة الجزائرية إلى مسارها الصحيح، وآمل من أعماق قلبي، أن يعود  تسيير الرياضة الجزائرية لأهلها.
• البطل العالمي والبارالمبي محمد برحال هدد بالاعتزال، بسبب وضعيته، وكنت ممن ساندوه بفيديو عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ماذا تقول عن معاناته ومعاناة جل رياضي النخبة؟
محمد من خيرة أبطالنا، ويكفينا فخرا أنه رفع راية الوطن عاليا في كبرى التظاهرات العالمية، وأنا أسانده وأدعمه، وإن لم يكن مرغما لما فكر في الاعتزال، خاصة وأنه لا يزال قادرا على العطاء ، لقد أوصل رسالته إلى المسؤولين، وآمل أن يحظى بالمؤازرة.
• البطل الأولمبي السابق علي سياف اعتبر ما يعيشه رياضيو النخبة في الجزائر إهانة، على اعتبار أن الأبطال يتقاضون مبالغ زهيدة رغم ما قدموه، هل تضم صوتك لصوته؟
كلام البطل الأولمبي السابق سياف لم يأت من فراغ، كما أضم صوتي إلى صوته، وأتمنى له هو وللأبطال الآخرين التوفيق في مشوارهم، واستغل الفرصة لتهنئة البطل الأولمبي الآخر عبد الرحمان حماد بعد انتخابه على رأس اللجنة الأولمبية، صحيح أن أبطالنا يتقاضون مبالغ زهيدة، وهذا نعتبره ظلما في حقهم، زد على ذلك، فبعد الاعتزال يجد نفسه غريبا عن الرياضة، والدخلاء ومن ليس لهم علاقة بالمجال هم من يسيرون، وهذا تعد صارخ في حقهم، وإذا لم نستفد من خبرة الأبطال ممن نستفيد؟ ويكفينا العودة إلى الأسباب التي جعلت الأوربيين ينجحون، فهم يكرمون أبطالهم على عكسنا نحن نقوم بالتخلي عنهم واحتقارهم.


• هل صحيح أن اللجنة المشرفة على منافسة الجيدو بالألعاب الشبه أولمبية في لندن كانت وراء إقصائك، بعد أن تعمدت إعادة فحص مراقبة الوزن ثلاث مرات، رغم أنك معروف لدى الجميع بعد إنجازك الباهر في بكين؟
كنت أظن سابقا أن الاتحادية الدولية هي من تتعمد إقصاء الرياضيين، ولكن العكس تماما الكواليس والصراعات، التي تسببها بعض الجهات على مستوى الاتحادات المحلية، وراء كل ما يحصل خلال كبرى البطولات العالمية، فقد لحق بهم الأمر قبل الألعاب الشبه أولمبية بلندن  أن لا يقدموا ملفي الطبي كاملا، رغم أنني بطل بارالمبي وكنت شاركت في بطولات عالمية، ولو يفتح تحقيق متأكد من تورط العديد من الأسماء، حتى وإن كنت أحمد الله على اجتياز تلك «المطبات» بعد التتويج بالبرونزية.
• هل صحيح أن وضعية رياضي ذوي الاحتياجات الخاصة، أكثر سوءا من باقي الرياضيين أم أن المعاناة قاسم مشترك بينكم جميعا؟
رياضة ذوي الاحتياجات الخاصة تعاني كباقي الرياضات الأخرى، ولكن معاناة أصحاب الهمم أكثر، فلا نجد منهم أي متابعة أو اهتمام، ولا حتى تكريمات تليق بحجم النتائج المحصل عليها.
• هل تريد أن تضيف شيئا آخر ؟
ما أريد قوله، أن رياضي النخبة من المفروض يركز على التحضير، لا أن يبقى يجري وراء الصحف والقنوات، لنقل انشغالاته مشاكله، والتطرق لمثل هذه الأمور إهانة كبيرة له وللرياضة الجزائرية، وعيب أن يتقدم بطل شرف الجزائر في تظاهرات عالمية بطلب سكن، و هناك من تقدم بعدة طلبات ولم ينل شيئا إلى اليوم،  بل إن وضعيته الاجتماعية ازدادت سوءا !                               
م. ب

الرجوع إلى الأعلى