الآثار تعدت الجهاز التنفسي و- العضلات -  تعاني في زمن الجائحة
ظهر مبكرا ما تخوّف منه المدربون والتقنيون وقبلهم أعضاء الطواقم الطبية للنوادي، بخصوص تأثيرات فترة التوقف التي فرضها ظهور وانتشار فيروس كورونا، حيث تميزت الجولات الـ 16 التي لعبت لحد الآن من بطولة الرابطة المحترفة بكثرة إصابات اللاعبين العضلية، وهو السيناريو الذي كان قد حذّر منه جميع الفاعلين، على اعتبار أن التوقف لقرابة التسعة أشهر، عن ممارسة النشاط الرياضي، يؤثر حتما على أي رياضي، وخاصة الذين ينشطون في المستوى العالي.
وسجل المشرفون على الطواقم الطبية في نوادي الرابطة المحترفة، تزايدا ملحوظا في عدد إصابات اللاعبين، رغم التقيد بإجراءات وتدابير خاصة عند إعداد برنامج التحضيرات، سواء التي سبقت الموسم أو بعد انطلاقه ودخول الفرق أجواء المنافسة، وكل هذا كان سببه فترة «البطالة» التي فرضها الفيروس، حيث لم تكف تلك التدابير والطرق العلمية في التدريبات، في حماية «عضلات» اللاعبين من تأثيرات حجم العمل المفروض.
الفرق تعاني في موسم استثنائي
تعاني الأندية في هذا الموسم الاستثنائي، بالنظر إلى تداعيات أزمة فيروس كورونا، الذي أوقف المنافسة الرسمية لعدة أشهر، ضمن الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدولة الجزائرية، من أجل الحد من انتشار الفيروس اللعين، قبل أن تعود الحياة إلى اللعبة الأكثر شعبية في العالم، ولكن ذلك أثر على صحة اللاعبين، من جراء تعرضهم للإصابات العضلية وغيرها من إصابات الملاعب، وذلك بسبب توقفهم لمدة طويلة عن ممارسة كرة القدم، وإن كان جل المدربين كانوا يرسلون برنامج تدريبات فردية أثناء فترة الحجر الصحي.
معاناة الفرق في الموسم الحالي، الذي وصف بالاستثنائي، لم تتوقف على الجانب المادي، بالنظر إلى تأثر خزينة الأندية، خاصة في غياب مداخيل وعائدات بيع التذاكر، كون المباريات تلعب دون جمهور، بل تعدت إلى ارتفاع تكاليف البروتوكول الصحي المفروض من طرف اللجنة الطبية التابعة للاتحادية الجزائرية لكرة القدم، والذي يلزم كل الفرق على صرف ما لا يقل عن 50 مليون سنتيم في كل لقاء من أجل إجراء تحاليل الكشف عن فيروس كورونا، إضافة إلى ارتفاع فاتورة الفحوصات الطبية لدى الأخصائيين، موازاة مع ارتفاع عدد الإصابات لدى اللاعبين.
الإصابات العضلية قاسم مشترك
تعتبر الإصابات العضلية القاسم المشترك بالنسبة للاعبين، وهو ما وقفت عليه النصر، من خلال القيام باستطلاع على مستوى جل أندية المحترف الأول، وهو ما يجعل الطواقم الطبية أمام عمل مضاعف مقارنة بالمواسم الماضية، ما أجبر بعض الفرق إلى التعاقد مع طبيب إضافي ومشرفين طبيين إضافيين، من أجل إحداث التوازن، وضمان الرعاية اللازمة، خاصة مع البروتوكول الصحي المعمول به.
ومن بين أكثر الإصابات التي تعرض لها اللاعبون، نجد التمدد العضلي سواء على مستوى عضلة الفخذ أو العضلة المقربة أو عضلة الساق، إلى جانب التمزق العضلي في نفس الموضع، ناهيك عن إصابات أخرى، تنتج عن الاحتكاكات أو التعرض إلى تدخلات خشنة في حدود أو خارج حدود اللعبة، والتي تبقى حسب تقدير حكم المباراة، عندما يتعلق بالمواجهة الرسمية.
المدربون يفتقدون «أسماء» كل نهاية أسبوع
يجد المدربون أنفسهم في كل جولة أمام حتمية البحث عن البدائل المناسبة، خاصة مع كثرة الإصابات، حيث تفتقد الفرق إلى خدمات لاعبين على الأقل في كل مباراة، مثلما حدث في الأسبوع الماضي مع شباب قسنطينة، الذي غاب عنه كل من حداد وبدبودة، واتحاد الجزائر غاب عنه  زواري ولوصيف، والقائمة طويلة، حيث توصل الأمر في بعض الأحيان إلى وجود خمسة لاعبين خارج الحسابات بسبب الإصابة، وهو ما يعتبر نصف التشكيلة الأساسية، ما يضع المدربين أمام وضعية صعبة، وقد يدفعون الثمن، خاصة وأن رؤساء الفرق يضحون بالمسؤولين على العارضة الفنية، في حال تسجيل النتائج السلبية، بدليل أننا نشهد رقما كبيرا من الإقالات، قبل إسدال الستار على مرحلة الذهاب.
الفيروس ابتعد ولم يعد سببا في كثرة الغيابات
تعرف جل الأندية تراجعا كبيرا في عدد الإصابات بفيروس كورونا، عكس ما كان عليه الحال مع بداية الموسم أو خلال فترة التحضيرات الصيفية، أين وصل الرقم إلى غاية 31 إصابة في نفس اليوم على مستوى تشكيلة شباب بلوزداد، و13 حالة في شباب قسنطينة ونفس العدد في اتحاد الجزائر، قبل أن تعرف الوضعية استقرارا كبيرا، وهذا راجع إلى عدة أسباب مثلما فسره أهل الاختصاص في حديثهم للنصر:» الحالة النفسية للاعبين تلعب دورا في تعرضهم للإصابات، وهو ما يفسره انخفاض إن لم نقل عدم تواجد عدد إصابات جديدة، لدى اللاعبين بفيروس كورونا في الفترة الأخيرة، إلى جانب احترامهم للتدابير الصحية، وتطبيق البروتوكول الصحي، المقترح من طرف اللجنة الطبية».

المحضّر البدني قريون للنصر
المدربون واللاعبون يتحمّلون جزءا من المسؤولية
أرجع المحضر البدني خالد قريون، ارتفاع عدد الإصابات لدى اللاعبين خلال الموسم الحالي إلى عدة أسباب، منها ما هو متعلق بطريقة التحضير والبرنامج المتبع من طرف الطواقم الفنية، وأخرى راجعة إلى اللاعبين في حد ذاتهم، وقال في تصريحه للنصر:" صحيح هناك ارتفاع ملحوظ في عدد الإصابات على مستوى الفرق، وهو ما كنا نتخوف منه قبل انطلاق التحضيرات، بالنظر إلى فترة التوقف التي دامت حوالي ثمانية أشهر بالنسبة لفرق المحترف الأول وتسعة أشهر بالنسبة لأندية القسم الثاني، وهو ما لم نتعود عليه من قبل، أين تعودنا على البقاء في فترة راحة لمدة لا تتجاوز شهر كأقصى تقدير، قبل العودة وتطبيق برنامج تحضيري لا يقل عن ستة أسابيع، دون أن ننسى البرنامج المكثف بالنسبة لفرق المحترف الأول، من خلال لعب 38 جولة، إضافة إلى كأس الرابطة المحترفة التي ستبدأ عن قريب، إلى جانب المنافسة القارية بالنسبة للفرق المعنية، وهو ما يجعل الطاقم الفني أمام حتمية حسن التعامل مع التعداد الموجود".
وأضاف قريون:" الطواقم الفنية تتحمل جزءا من المسؤولية، بالنظر إلى البرنامج المتبع في التدريبات أو ما يسمى منهجية التدريب، حيث وجب التنسيق بين مختلف الأعضاء، خاصة عند وضع برنامج العمل، لأن المحضر البدني عندما يشعر أو يخطر المدرب، بوجود بعض المؤشرات أو ملامح إمكانية تعرض اللاعبين للإصابة، فهو مطالب بإتباعه، وعدم مواصلة العمل بنفس الحمولة، وحتى التشاور مع أعضاء الطاقم الطبي أكثر من ضروري، سيما بخصوص العناصر العائدة من الإصابة، لأن هناك نوع من المدربين يحبذ الإنفراد بالقرار، كما أن الحصص التدريبية التكتيكية من المفروض المحضر البدني يراقب كل شيء، ولكن الشيء الأهم في كل هذا هو وجوب العمل باحترافية، والتنسيق لأن الجميع لديه هدف واحد".
وأضاف:" حتى اللاعبين لديهم قدر مهم من المسؤولية، خاصة بالنظر إلى سلوكهم اليومي والنظام الغذائي المتبع، وهو ما يقلل نسبة تعرضهم إلى الإصابات، وفي حالة وجودها لن تكون خطيرة وهنا نتحدث عن الإصابات العضلية، وهو ما نقف عليه لأن هناك عدة أنواع من الإصابات العضلية، ودرجة خطورتها سواء كانت من الدرجة الأولى أو الثانية أو الثالثة، لأنه كل لاعب معرض إلى تمدد بسيط يتطلب فترة راحة لمدة حوالي أسبوع، لكن عندما يتعلق الأمر بتمزق عضلي فهنا وجب البحث عن الأسباب، والتي تؤكد وجود خطأ ما، وعلى سبيل المثال هناك لاعبين لا يقومون بحركات الإحماء بطريقة جيدة أو ربما المحضر البدني، لم يحسن وضع الحمولة المناسبة في التمارين المبرمجة، دون أن ننسى حصص تقوية العضلات، التي يهملها البعض والتي تعتبر أكثر من مهمة، وحتى حصص تقوية العضلات الوقائية، التي وجب برمجتها كل أسبوع".
وختم قريون كلامه بالقول:" آخر عامل يمكن الحديث عنه يتمثل في سن اللاعب، وكلما تقدم اللاعب في السن كلما أصبح أكثر عرضة للإصابات، رغم وجود عناصر كبيرة في السن، إلا أن جديتها في العمل وحسن تسييرها لمشوارها سواء داخل أو خارج الميادين جعلها تحافظ على لياقتها البدنية ولا تتأثر".

الدكتور بن ثلجون للنصر
«المعدلات» كانت منتظرة وكورونا يجعل الرياضي هشا
فسّر الدكتور سليم بن ثلجون، الذي يملك خبرة في مجال الطب الرياضي، على اعتبار أنه عمل في الطاقم الطبي لنادي شباب قسنطينة، إضافة إلى كونه مسؤول مصلحة "كوفيد" بالمستشفى الجامعي، ارتفاع عدد الإصابات لدى اللاعبين بوجود عدة عوامل وراء ذلك، أبرزها طول فترة التوقف، وتواجد اللاعبين في راحة، وابتعادهم عن التدريبات الجماعية والمنافسة الرسمية، ما يؤدي إلى تزايد حمض اللبن في عضلات الجسم، ما يؤدي إلى تعرض اللاعبين إلى إصابات، إضافة إلى النظام الغذائي المتبع، دون أن ننسى طريقة التدريب، وخاصة التحضير البدني".
وأضاف محدثنا:" يوجد عامل مهم آخر، يتمثل في تأثر اللاعبين الذين يصابون بفيروس كورونا، ورغم تماثلهم للشفاء إلا أن التداعيات تبقى موجودة، من خلال ترك أثار على مستوى المفاصل، وهو ما قد يعجل بإصابة اللاعبين سواء كانت عضلية أو حتى كسور، على اعتبار أن الدراسات أثبتت بأن الفيروس لا يزول بشكل نهائي من جسم الإنسان، سوى بعد عام أو أكثر، وهو ما يضمن عودة عمل الجهاز المناعي بشكل طبيعي".
وختم بن ثلجون تصريحاته بالقول:" نصيحتي للاعبين خاصة خلال الفترة الحالية، هو ضرورة مواصلة الالتزام بالإجراءات الوقائية، خاصة وأنهم يحتكون كثيرا بالأشخاص الغرباء، من خلال كثرة تنقلاتهم لخوض المباريات الرسمية، من أجل تفادي العدوى ومن ثمة وضع أنفسهم في خانة الطبقة الهشة".

الرجوع إلى الأعلى