تواجــد أبطـال عالمييـن وأولمبييـن صعّـب طريـــق - البوديــوم -

تعرف ألعاب البحر الأبيض المتوسط الجارية وقائعها بمدينة وهران مستوى فنيا مميّزا في جميع الاختصاصات فاق كل التوقعات، وذلك راجع إلى عدة عوامل وأسباب، أبرزها المشاركة النوعية للرياضيين، في حضور عدة أبطال عالميين وأولمبيين، وهو ما صعّب طريق الوصول إلى «البوديوم».

مبعوث النصر: حمزة.س

وبعد مرور اليوم الثامن من المنافسة، يجمع أهل الاختصاص على أن دورة وهران، تتجه لأن تكون الأفضل على الإطلاق من ناحية المستوى الفني، بالنظر إلى الحماس الكبير والتنافس الموجود في جميع الرياضات، بدليل أنه يصعب التكهن بالفائز مهما كانت قيمته، وما قامت به الملاكمة الجزائرية روميساء بوعلام، بتجاوزها البطلة الأولمبية التركية كارغرير أفضل مثال.

واللافت للانتباه هو أن الرياضات الفردية الأكثر تنافسا، مقارنة بالرياضات الجماعية، ورغم ذلك الجزائر نجحت في تحقيق نتائج تاريخية، باستثناء بعض الرياضات التي تعرف سيطرة أوروبية في صورة الجمباز.
تنافس منقطع النظير في الرياضات الفردية
ولا يختلف اثنان على أن المستوى الفني للرياضيين المشاركين في الطبعة التاسعة عشر من ألعاب البحر المتوسط كان عاليا للغاية، وشابه في الكثير من الأحيان المستويات المقدمة في الألعاب الأولمبية، بالنظر إلى حدة التنافس التي كانت السمة الأبرز، خاصة في الرياضات الفردية، ورغم أن مستوى البطولات المتوسطية السابقة غالبا ما وصف بالعادي أو فوق المتوسط، إلا أن مستوى المشاركين ببطولة وهران فاق التوقعات، ولاقى استحسان كافة النقاد والمتتبعين، خاصة في رياضات الملاكمة وألعاب القوى والكاراتي، وحتى منافسة رفع الأثقال التي شهدت تواجد أبطال شاركوا في الأولمبياد الأخير، كما ساهم الحضور الجماهيري الكبير، في الرفع من حدة التنافس بين الرياضيين، حيث سجل أبناء «الباهية»، حضورهم في كافة القاعات وقدموا دعمهم لكل الرياضيين.
اعتماد تقنية الفيديو إضافة كبيرة
ومن بين النقاط التي رفعت أيضا من مستوى المنافسة حسب أهل الاختصاص ومن تحدثت إليهم النصر، نجد اعتماد تقنية الفيديو في عدة اختصاصات، مثل ما كان الحال بالنسبة لرياضة الجيدو والمصارعة والكاراتي، وهو ما يعتبر إضافة نوعية للدورة، وهو ما ساهم بشكل كبير في رفع المستوى، بدليل عدم تسجيل حالات كثيرة للاحتجاج على قرارات الحكام في الرياضات السالفة الذكر، على الرغم من كونها المرة الأولى، التي تستعمل فيها هذه التقنية في العاب مشابهة.
وما يتوجب الإشارة إليه، هو اعتماد الوسائل الحديثة وتوفر كل المعدات التي اشترطتها اللجنة الدولية لتنظيم ألعاب البحر الأبيض المتوسط، حيث حرص المنظمون على تسخير كافة الإمكانيات اللوجستيكية والتقنية لجعل بطولة وهران الأفضل منذ اعتماد المسابقة المتوسطية، الأمر الذي انعكس بالإيجاب على مستوى المنافسة، والرياضيين.  
منافسة “التايكواندو” الأكثر استقطابا للنجوم
وكانت رياضة “التايكواندو” الأكثر استقطابا للنجوم من أبطال العالم والأولمبياد، أين بلغ عدد المشاركين من بين 168 مصارعا حوالي 30 بطلا عالميا، يتقدمهم الإيطالي دال كويلا فيطو (أقل من 58 كغ) المصنف الأول عالميا والمتوج في أولمبياد طوكيو الأخيرة، وفي نفس الفئة نجد التونسي محمد خليل الحيدوسي وصيف بطل أولمبياد طوكيو أيضا ومصنف خامسا عالميا، وكذا الاسباني يوتا فيزانتي أدريان الرابع عالميا وبطل أوروبا مؤخرا وفي وزن أقل من 80 كغ، إلى جانب المصري سيف عيسى منصري (مصنف ثالثا عالميا) وغيرهم.
وحتى بالنسبة للجانب النسوي، فقد تواجدت البطلة الأولمبية الكرواتية في ذات الرياضة ماتيا جيليتش، التي تعتبر الرقم واحد عالميا، ما يؤكد أهمية دورة ألعاب البحر الأبيض المتوسط.
والملاكمة الأرقى من ناحية المستوى

يوجد إجماع لدى الحضور والمتتبعين لألعاب البحر الأبيض المتوسط، بأن المستوى الفني للملاكمة فاق كل التوقعات، ووصل إلى العالمية، وهو ما ينطبق على تسميته بـ”الفن النبيل”، وما زاد من حلاوته التألق الجزائري، كيف لا والقفاز الجزائري كان حاضرا في عشر نهائيات كاملة، في إنجاز غير مسبوق، رغم وجود عدة نجوم وأبطال العالم في الملاكمة، في صورة التركية كارغرير والتي فازت عليها الجزائرية روميساء بوعلام في وزن أقل من 48 كغ، إلى جانب التركية سورمينلي بطلة العالم وصاحبة ذهبية أولمبياد طوكيو، والتي فازت على الملاكمة إشراق شايب، بالإضافة إلى الملاكم عزيز محي الدين نائب بطل العالم في وزن 91 كغ، دون أن ننسى نائب بطل العالم إيمان خليف والتي أجمع أهل الاختصاص بأنها كانت أفضل ملاكمة في الدورة، بالنظر إلى المستوى الفني والطريقة التي اعتمدتها في كافة نزالاتها، والتي شبهها الكثير بالبطل اليمني السابق نسيم حميد.
الجمباز بأضعف حصيلة

ومن بين الرياضات التي سجلت فيها الجزائر أضعف حصيلة إلى غاية الآن، هي رياضة الجمباز والتي عرفت مشاركة 113 رياضيا، من بينهم أبطال أولمبيين وعالميين من مختلف البلدان، وفارق المستوى كان وضاحا، بدليل أن المنتخب الوطني أنهى المنافسة حسب الفرق في الترتيب الأخير، سواء بالنسبة للرجال أو السيدات، كما احتل الثنائي حميدة جابر و فاطمة الزهراء بوخاتم، مراتب متأخرة في الترتيب العام للمسابقة العامة فردي.

ورغم النتائج المسجلة إلا أن المدير الفني الوطني للجمباز رابح مكاشي اعتبر المشاركة بالإيجابية، وقال في تصريحاته لمختلف وسائل الإعلام بعد نهاية المنافسة: «أعتقد أن حصيلة الجزائر إيجابية بالنظر إلى ظروف التحضير والمستوى العالي لدورة وهران2022، لقد نجحنا في تأهيل أربعة عناصر إلى نهائي المسابقة العامة فردي، وهم لهنا سالم و فاطمة الزهراء بوخاتم عند السيدات، وهلال متيجي و محمد عبد الجليل بورقيق، لكن للأسف ثلاثة منهم تعرضوا للإصابة، التي حرمتهم من المشاركة».
سيطرة أوروبية في الزوارق الشراعية
لم تعرف رياضة الزوارق الشراعية مشاركة جيدة للمنتخب الوطني، رغم دخول الخضر بـ 8 ملاحين منهم 4 ملاحات من بين 94 رياضيا قادما من 18 بلدا متوسطيا، وبمعدل حوالي 30 ملاحا في كل اختصاص، أين عرفت المنافسة سيطرة أوروبية من الفرنسيين والإيطاليين والأتراك، كيف لا والدورة عرفت مستوى عالمي، بحضور عدة نجوم، أبرزهم البطلة العالمية الفرنسية عليم نيوزومان .
وتراوحت مراتب العناصر الوطنية بين الوسط والمؤخرة، بعد اختتام المنافسة التي أقيمت بسواحل الأندلسيات، وهو ما أغضب المدير الفني الوطني عدلان عمريش، والذي أرجع سبب الإخفاق إلى المستوى العالي الذي يتمتع به المتنافسين الآخرين، على غرار رياضيي منتخبات فرنسا وإيطاليا من جهة، ونقص تحضير النخبة الوطنية من جهة أخرى، حيث حرمت العناصر الوطنية من استعمال الألواح (اي كيو فويل) في وقتها للتأقلم معها وترويضها، بسبب اقتنائها في وقت متأخر لم يتمكن الرياضيون من استعمالها بشكل لائق.
ألعاب القوى ملح «الدورة»
لا يختلف اثنان بأن ألعاب القوى، تبقى دائما ملح الدورات سواء العالمية أو الأولمبية وحتى المتوسطية، كيف لا وهي التي تسمى بـ"أم الرياضات"، بدليل أن الأنظار دائما تكون مسلطة إليها، وهو ما يحدث حاليا في ألعاب البحر الأبيض المتوسط الجارية  وقائعها بمدينة وهران، خاصة مع حضور أبطال متميزين، سواء على الصعيد العالمي أو الأولمبي.
ومن بين النجوم المشاركة في دورة وهران، نجد البطلة الأولمبية في رمي القرص الكرواتية سارة كولاتيتش، والبرتغالي راموس لياندرو البطل العالمي في رمي الرمح، ورغم ذلك تمكنت العناصر الوطنية في ثاني الأيام، من ضمان ثلاث ذهبيات عن طريق تريكي وطابتي وعافر.
* الرئيس السابق لاتحادية ألعاب القوى بوراس للنصر
المشاركة الجزائرية جيدة لهذا السبب

وصف رئيس الاتحادية الجزائرية السابق لألعاب القوى عمار بوراس، المستوى الفني بصفة عامة لألعاب القوى بالعالمي، معتبرا في تصريح للنصر المشاركة الجزائرية بالإيجابية إلى غاية الآن، وقال:» المشاركة الجزائرية إيجابية وجيدة إلى غاية الآن، وحصد ثلاث ميداليات ذهبية في يومين مشرف، لسبب بسيط كون المنافسة قوية للغاية وعلى حسب رأيي المستوى قد وصل إلى العالمية ونحن نحضر إلى عدة سباقات من المستوى العالي».
ولم يتوقف بوراس عند هذا الحد في تقييمه للمشاركة الجزائرية في الدورة، عندما قال:» رياضة العاب القوى نجحت في تجاوز رقم دورة تاراغونا الأخيرة في يومين فقط على اعتبار أن الجزائر أنهت المشاركة الأخيرة بميداليتين فقط».
* البطلة الأولمبية في الكاراتي فريال عبد العزيز للنصر
شعرت وكأنني في الأولمبياد  أو بطولة العالم

كشفت البطلة المصرية فريال عبد العزيز المتوجة بذهبية الكاراتي في وزن أقل من 61 كغ، بأنها شعرت وكأنها تنافس في بطولة عالمية أو أولمبية، على اعتبار أنها تعتبر صاحبة ذهبية الألعاب الأولمبية الأخيرة بطوكيو، وقالت في تصريح للنصر:» لقد عشت لحظات لا تنسى، ودورة وهران ناجحة على طول الخط، وما عشته في العاب البحر الأبيض المتوسط جعلني أشعر وكأنني أشارك في بطولة العالم أو الأولمبياد».
وأضافت:»المستوى الفني كان عاليا على جميع المستويات، وربما ما أعطى المنافسة نكهة خاصة هو دون أدنى شك الحضور الجماهيري المميز، والذي ربما لن تجده في أماكن أخرى».

الرجوع إلى الأعلى