يدعو الدكتور العيدي طويل أستاذ الآثار الإسلامية بجامعة سطيف إلى إحياء النمط العمراني الحضاري للمدينة الإسلامية في التخطيط والانجاز تجسيدا لقيم الصحة والنظافة والجمال التي كرسها المسلمون في تاريخهم منذ مدينة الرسول (ص) الأولى حتى أضحوا مضرب المثل في الطهارة والأناقة. وتحقيقا للخصوصية الحضارية. منتقدا ما آلت إليه أوضاع المدينة الجزائرية الحديثة التي تفتقد إلى الرؤية المسبقة للأبعاد الحضارية والصحية في الانجاز وتحولها ملجأ للنزوح، ما أفقد ساكنتها الطمأنينة والأمن والاسترخاء.
إعداد: د .عبد الرحمان خلفة
بما تفسر عودة بعض الأمراض البائدة إلى مدننا الحديثة؟
لا شك أن تدهور الوسط البيئي الذي تعرفه مددنا في وقتنا الحالي وعودة بعض الأمراض البائدة، ما هو إلا نتيجة التحولات المتسارعة غير المدروسة التي شهدتها الأوساط الحضرية على وجه الخصوص، بفعل ارتفاع وتيرة النزوح القروي نحو المدن وبروز حركة صناعية غير منظمة، وانتشار نمط عمراني هجين مما انعكس سلبا على البيئة الصحية في مدننا. فالمتطلع لمخططات مدننا الجديدة يدرك منذ الوهلة الأولى غياب نمط عمراني متبع في تشييدها يبعث على الراحة والطمأنينة تجعل الإنسان يدخل في خصومة أبدية مع مدينته وانعدام استراتيجية سليمة في وضع مبانيها الرئيسية، فلم يراع فيها وضع الساحة العامة والمسجد ولا المسرح و لا مقرات البلدية وباقي الخدمات العامة التي لا نجد لها مكان الصدارة في هذه المخططات والتي بغض النظر عن وظائفها المتعددة إلا أنها تؤدي دور الرقيب على سلوكيات الأفراد وتنمي الحس بالانتماء الروحي للمدينة وبالتالي تساهم في تراجع عدد المنحرفين.
باعتبارك متخصصا في الآثار الإسلامية كيف يمكننا الاستلهام من التراث الحضاري لإعادة صياغة النمط العمراني الجزائري بما يتماهى وخصوصياتنا؟
يفرض علينا الواقع اليوم الاستلهام مما يزخر به التراث المعماري الإسلامي ، مثل أنظمة توصيل المياه من الأنهار والعيون، عن طريق حفر الآبار والمجاري و القنوات، وأنظمة تحلية المياه التي أخذها الغرب عنهم بعد ذلك حين نشطت حركة الترجمة من العربية إلى اللاتينية. وقد حرص المسلمون عند تأسيس المدن على اختيار الأماكن التي تلائم طبيعة السكان و مزاجهم، والتي توافق طبيعة أبدانهم، وتكون في مواضع صحية خالية من الحشرات والهواء غير موبوء، ومناظرها مما ترتاح له النفس، والتي لخص ابن الربيع بعضا منها في سعة المياه المستعذبة مما يغني سكانها عن البحث عنها في المصادر الملوثة واعتدال الهواء وجودة الهواء مما يمنع انتشار الأمراض والأوبئة.
يشهد المؤرخون بتميز المجتمعات والمدن الإسلامية التاريخية بالنظافة نظريا وعمليا ما مظاهر ذلك في تراثنا؟
لقد أولت المدن الإسلامية العتيقة الصحة والنظافة أهمية كبرى من خلال الاهتمام بنظافة الشوارع والطرقات، حيث يتكفل أصحاب المباني بتنظيف الشوارع التي تطل على مبانيهم، وأسواقهم وحوانيتهم ورشها بالماء وأحكمت ذلك بقوانين تمنع الحيوانات المكروهة من المرور كالكلاب لنجاستها، كما أعطى المحتسب إضاءة وتجميل شوارع المدينة وتبليطها عناية خاصة، فقد سبقت المدينة الإسلامية مدن أوروبا في هذا الاهتمام. فقد كانت مدينة قرطبة في عهد عبد الرحمن الثالث الأموي، تنار بالمصابيح ليلاً ويستضيء الماشي بسُرجها ستة عشر كيلومتراً طولا، أزقتها مبلطة، وقماماتها مرفوعة من الشوارع، محاطة بالحدائق الغناء حتى كان القادم إليها يتنزه ساعات في الرياض والبساتين قبل أن يصل إليها، كان سكانها أكثر من مليون نسمة في ذلك العصر، وكانت حماماتها تسعمائة حمام وبيوتها 283.000 بيت وقصورها ثمانون ألف قصر، ومساجدها ستمائة مسجد، وكان فيها 80 مدرسة مجانية وخمسون مستشفى.
وعلى ذكر الحمامات هنا فإن ما تذكره كتب التاريخ والآثار أنها خاصية تكاد تكون إسلامية لم يعرفها الغرب بل كان بعضهم يخشون دخول الحمامات ويظنون أنها عذاب. في الوقت الذي انتشرت فيه بمدن العالم الإسلامي شرقا وغربا وما يزال بعضها قائما منذ القدم، على غرار ما هو عليه الحال في تلمسان مثلا. بل إن المسيحيين الأسبان عندما بدأوا تطبيق سياسة محاكم التفتيش اتخذوا من نظافة الشخص دليل إسلامه وإدانته.
  رغم أن المدن الإسلامية كانت تزخر بالأسواق الشعبية إلا أن ذلك لم يؤثر على نظافتها كيف تم التحكم في ذلك؟
عرفت الأسواق في المدن الإسلامية وتجارتها تنظيما يمنع الضر على السكان، وحينما هاجر الرسول إلى المدينة، وقد رغب الرسول في أن يجعل للمسلمين سوقاً خاصة بهم، وكره أن يجعلها في موقع سوق بني قينقاع بعد إجلائهم، فاختار منطقة فضاء، تقع غرب المسجد النبوي، تتميّز بكونها بعيدة عن المناطق السكنية، وتعطي التجار القادمين وإبلهم فرصة أكبر للحركة، وتحفظ البيوت من ضوضاء البيع والشراء وجلبة السوق، وما تسبّبه المخلّفات من روائح مؤذية أحياناً.

من معالم الحركة الإصلاحية في عزابة
عرفت دائرة عزابة بسكيكدة الكثير من المحطات التاريخية في تاريخ الجزائر القديم والجديد، ولا يمكن للباحث في التاريخ الثقافي أن لا يفتح صفحات النشاط الإصلاحي والتربوي الكبير، وقد كتبت حروفه أسماء كثيرة، منها من توفي رحم الله، ومنها من مازال يواصل العمل الدعوي والتربوي.
  فمدينة عزابة تتوفر على مجموعة من المساجد، أبرزها مسجد دار الهجرة والمسجد العتيق، والمسجد الجديد، والمركب الثقافي الكبير علي منجلي الذي يضم مسجد الفرقان ومكتبة تراثية ضخمة أهداها الشيخ الإمام مبارك عوادي للمسجد …وإذا بحثنا في التاريخ الثقافي لعزابة فلن ننسى العالم الكبير الشيخ عبد الرحمان العايب وهو إمام فقيه وأديب بليغ، ورغم انه –رحمه الله- كان ضريرا إلا أن دروسه كانت تجمع كل سكان المنطقة، وفيها الفصاحة والدعابة والفائدة النحوية والفقهية، ومقصورته ضمت نخبة عزابة في المجالات العلمية والتربوية والإعلامية، لأنه يقدم دروسا تشرح الأصول في النحو والبلاغة والتفسير والفقه… وقد نال الاعتراف الوطني والعربي بعلمه وأدبه، وقد عرف بوطنيته وموسوعيته العلمية والشرعية..
       ولا يمكن للتاريخ الدعوي بعزابة أن لا يذكر المرحوم الشيخ الراحل عبد الحميد لعدايسية الذي كان مربيا معروفا، وكان أستاذا للغة العربية بثانوية مالكي عز الدين، وقدم الكثير للعمل التربوي والإصلاحي بدروسه التي تتميز بالمزج بين الهدوء والحماسة، وإعطاء الأفكار حقها من التعبير اللغوي المناسب والاستدلال بالآيات والأحاديث في خطب منبرية دعوية، كان حريصا فيها على التجميع والوسطية في الخطاب الديني.
      ويعتبر الشيخ المتواضع أبو بكر حداد من رمز الإصلاح والدعوة بعزابة، وهو أستاذ سابق في التعليم الابتدائي، تخرجت على يديه الكثير من الإطارات التي تسير الوطن الآن، يدعو ويربي ويحرص على تقديم صورة الإسلام الوسطي البعيد عن التطرف والغلو، وقد خطب ودرّس في كثير من المساجد، ليستقر منذ سنوات بمسجد دار الهجرة، ورسالته الأساسية هي التعريف بقيم الإسلام الذي يحترم الآخر ويوحد الوطن في امن وسلام، وتتميز دروسه بأسلوبها البسيط المفهوم للعامة، مع توظيف النصوص القرآنية والنبوية واستثمار الموروث الشعبي لإقناع المتلقي والمستمع، وما يزال يواصل النشاط  الدعوي والإصلاحي والسعي لبناء المساجد في المنطقة.
  ومن الأعلام البارزين نذكر: الشيخ عمر بن جلواح (رحمه الله)، الشيخ بن سعود إبراهيم (رحمه الله)، الأستاذ علي بن ذيب، الشيخ علي بوسطحة، الأستاذ المربي الراحل صالح تفاحي، الأستاذ الراحل عاشور عافري، الأستاذ والإمام سعيد منصوري والشيخ عبد الله نميري. واحمد سائحي(رئيس جمعية الإرشاد الثقافي والإصلاح الاجتماعي))، وعمار بوعزيز(رحمه الله)، والأستاذ والكاتب حميد لعدايسية، الأستاذ عمار لعجيمي، الأستاذ بوعديلة عبد الله(بشير)، الشيخ مرجة رابح (المعروف بقراءته المغاربية في صلاة التراويح في المسجد العتيق) ،...ثم جاء جيل آخر من الأئمة والمربين والمصلحين، مثل الشيخ عبد الله مطلاوي، الشيخ محمد لكحل، الشيخ عدلان شابي الدارس بجامعة الأزهر بمصر، الشيخ شعيب، الشيخ أحسن إمام وغيرهم من الدعاة والأئمة و المعلمين والمربين بمدينة عزابة وضواحيها. ولا نغفل الدور الكبير لأهل عزابة في الأعمال الإصلاحية والاجتماعية، مثل ما يقدمه أبناء عائلات العوفي، مدبو، مجذوب، برنوس، أوراسي، معطي،لحمازة، حجاج.....  في الختام لقد حاولنا أن نشير لبعض الأسماء وليعذرنا من لم نستحضره ونحن نخط هذه الأسطر، وتحتاج الذاكرة الإصلاحية والثقافية بعزابة وسكيكدة لوقفات كثيرة، ونأمل أن تلتفت السلطات المحلية بعزابة وسكيكدة لرجال الإصلاح والتربية فيها، بمبادرات تكريمية لعلمائها ومصلحيها ومربيها، دعما لهم لصون المرجعية الدينية والثقافية للمجتمع والدولة، وصيانة للشباب من والانحرافات التي تهدده.

فتاوى
هل يرفع القلم عن الفتاة التي بلغت سن العشرين ولم تحض؟
يعتبر الحيض أهم علامات البلوغ عند الأنثى إذ تصبح على إثره مكلفة تثاب على الامتثال وتعاقب على الترك، وليس الحيض العلامة الوحيدة الدالة على البلوغ، إنما تصحبه علامات أخرى تبيّن بلوغها سن التكليف وإن تأخر الحيض كما ذكرت في سؤالك، منها بروز الثديين، وظهور فرق الأرنبة، ونبات شعر الإبط والعانة، ولا يرفع القلم إلاّ عن ثلاث لما جاء في حديث النبي – صلى الله عليه وسلم – :» رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل»
يحاول البعض منع البنات من التعلم فما حكم تعليم النساء؟
إن الأمر بالقراءة والكتابة عام في الذكور والإناث، فهذا مما لا خلاف فيه، من الأدلة على ذلك ما جاء في السنن من أَمْرِ النبي صلى الله عليه وسلم الشفاء بنت عبد الله القرشية أم سعد بن أبي وقاص رضي الله عنهما بتعليم حفصة بنت عمر رضي الله عنهما الكتابة، وقوله لها: «علمي حفصة الكتابة كما علمتها رقية النملة»
وهو داء كان يصيب الشخص فيرقى له من أجله. روى ذلك أبو داود في سننه والحاكم وصححه. فهذا الأثر في انتشار القراءة والكتابة في زمنه صلى الله عليه وسلم بدون فرق بين ذكر وأنثى، فيما يخص تعلم اللغة العربية وحروفها التي هي لغة القرآن الكريم والواسطة التي بها يفهم الدين، وأما تعلم غيرها من بقية اللغات فلا مانع أيضا لعموم الأمر بالقراءة لقوله سبحانه له: «اقرأ باسم ر بـك الذي خلق...» إلى قوله: «...علم بالقلم علم الإنسان مالا يعلم»، وكلمة الإنسان شاملة للذكور والإناث على السواء، وأيضا فقد ثبت في السنن «أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر زيد بن ثابت أن يتعلم اللغة السريانية» ليترجم له الكتب الواردة عليه بها. وقد كان للنبي صلى الله عليه وسلم مترجم يهودي فأراد الاستغناء عنه بمسلم ليأمن غش اليهود، فتعلمها زيد في سبعة عشر يوما أي تعلم حروفها، والظاهر أنه كان يعرف لغتهم، وعليه فلا مانع من تعلم اللغات،.
موقع وزارة الشؤون الدينية.

الإسلام سيكون الديانة الأولى في آفاق 2060
كشفت موقع «الغارديان» الإلكتروني بناء على دراسة أجراها «مركز بيو للأبحاث» الأمريكي المتخصص في الإحصائيات الديموغرافية، نشرته وسائل إعلام محلية وعالمية ارتفاع عدد المؤمنين في العالم (مقابل اللادينيين)، إذ بلغ عدد أتباع الديانات 84 بالمائة من إجمالي سكان المعمورة الذين يبلغ عددهم حاليا أكثر من 7 مليارات ونصف. وأشارت الدراسة إلى أن الإسلام  ينمو بشكل أسرع من باقي الأديان، ما سيمنحه الريادة عالميا في أفق سنة 2060، إذ سيبلغ عدد أتباعه 3 مليارات شخص.

 

الرجوع إلى الأعلى