ادعى أحد الباحثين في علم الفلك أن الرسول (ص) عاش بتوقيت خاطئ؟! وأنه وصحابته كانوا يصومون في أشهر خاطئة ! حتى صححها (ص) في خطبة الوداع ! وذلك –حسبه- بسبب ظاهرة النسيء التي كانت تمارسها بعض قبائل مكة
 ظنا منه أن النسيء كان تغييرا لأسماء الأشهر وتأخيرا لها، بما جعلها تتداخل فيما بينها؛ حتى أصبح الشهر يأخذ وقت واسم غيره من الأشهر، دون أن يجهد نفسه ليتساءل إذا كان ما يدعيه صحيحا فكيف يقر الله تعالى رسولَه والمؤمنين معه على هذا الخطأ عشر سنوات أو أكثر ويتركهم يؤدون شعائر تعبّدهم بها على غرار شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن وأمرهم بصيامه، وفيه ليلة القدر التي يترقبونها في العشر الأواخر منه، وغيرها من فضائل رمضان والصيام التي ظلت نصوص القرآن والسنة ترغب في صيامه وقيامه، وترهب من تركه، كما رغبت السنة في صوم عاشوراء الموافق للعاشر من شهر محرم، ورغبت في صيام النصف من شعبان،
إعداد: د .عبد الرحمان خلفة
وكذا أوجب الله الحج وسمى حج المؤمنين تحت إمرة أبي بكر الصديق بالحج الأكبر في السنة التاسعة –كما قيل- قبل خطبة الوداع بعام، والعبادة لا تصح في غير وقتها المحدد لها؟ كيف لا يصوب الله تعالى رسوله وهو الذي صحح له وجهة القبلة من القدس إلى الكعبة بالحرم المكي، وصوب له وعاتبه على كثير من اجتهاداته المتعلقة بشؤون الدنيا، فكيف بشؤون الدين والعبادة؟ هل يرضى الله تعالى لرسوله وللمؤمنين معه الضلال؟ وهو القائل ((فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى ))، والقائل: ((وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُم مَّا يَتَّقُونَ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ))؟ وكيف يأمر الله تعالى في السنة 9ه الرسول والمؤمنين بأن يمهلوا المشركين الأربعة الأشهر الحرم حتى يسلموا أو يغادرو الحرم أو يقتلوا، فقال الله تعالى: ((فَإِذَا انسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (5))) (التوبة)، وقبلها أكد تحريم القتال في الأشهر الحرام، فكيف يكلف الله المؤمنين بذلك، والأشهر الحرم ليست بالأشهر الحرم حقيقة مادام هناك تداخل بين الأشهر واختلاط واختلال؟ سبحان  الله وتعالى عما يصفون؛ لأن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يصح من الله ورسوله. إن الحقيقة غير ما يدعي؛ لأن النسيء تأخير لتحريم الأشهر وتغيير للحكم بين الحل والحرمة، وليس تأخيرا للشهر ذاته أو تغييرا لاسمه، فوقته واسمه ثابتان لا يتغيران ولا يتأخران، أنيطت بهما أحكام الله و تكاليفه، وارتبطت بهما عادات العرب ومواسمهم في الجاهلية وصدر الإسلام، فإذا جاء شهر محرم مثلا ينادي مناديهم أن صفر العام الأول حلال. فيحله للناس، فيحرم صفر عاما، ويحرم المحرم عاما، وهكذا دواليك، لكن محرم باق في وقته باسمه وصفر باق في وقته باسمه، وهو ما سماه القرآن زيادة في الكفر. وقد أورد أصحاب السير أن بني فقيم من قبيلة كنانة العدنانية من أهل الحرم المكي هم من يقوم بذلك، وكان آخرهم أبو ثمامة جنادة بن عوف، وعليه قام الإسلام ونسأ 40 سنة. وكانت العرب إذا فرغت من حجها اجتمعت إليه، فحرم الأشهر الحرم الأربعة: رجب ، وذا القعدة، وذا الحجة، والمحرم. فإذا أراد أن يحل منها شيئا أحل المحرم فأحلوه، وحرم مكانه صفر فحرموه ، ليواطئوا عدة الأربعة الأشهر الحرم. فإذا أرادوا الصدر قام فيهم فقال: اللهم إني قد أحللت لك أحد الصفرين، الصفر الأول، ونسأت الآخر للعام المقبل. فيحلون الشهر هذا العام ثم يعيدون تحريمه في عام قابل وهكذا، فالمهم عندهم أن يحرموا أربعة أشهر في السنة ليوافقوا عدة الأشهر المحرمة، وقد أخبر الله تعالى بذلك فقال: ((إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ ۖ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِّيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ  زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (37)))، واساس تحريم الأشهر قوله تعالى: ((إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ))؛ فالنسيء ليس تلاعبا بأسماء الشهور التي بقيت بأسمائها المتعارف عليها التي أناط بها الله تعالى بعض عبادات المسلمين؛ لاسيما الصيام والحج؛ بل تلاعب بوصفها وبحكمها بين الحل والحرمة؛ فلم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يعيش في المدينة بتوقيت خاطئ أبدا؛ بل ثدق فيه قوله تعالى: ((فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۖ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ (79))) فحري بمن يخوض في مثل هكذا قضايا أن يستوثق من معلوماته التاريخية ولا يشكل آرائه على مجرد استنتاجات أو حكايات غريبة تخالف الواقع التاريخي والشرع؛ لاسيما إذا تعلق الأمر بالجانب التعبدي من الإسلام؛ لأن الله تعالى يعبد بما شرع ومن مقتضى العبادة البيان. والرسول (ص) عندما وقف في خطبة الوداع يتحدث عن استدارة الزمان كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض كان يقصد قضية تحريم وحل الشهور وليس عن أسمائها.
ع/خ

« منهجية الكاف والنون أختم بها موعظتي لكل أحد « (2)
..وكن متوازناً متزناً في أقوالك، وأفعالك، فيصدقك كل أحد. ولا تكن مبالغاً في أقوالك وأفعالك، فيقلل من شأنك كل أحد. وكن نظيفاً طاهراً يستمتع برائحتك كل أحد. ولا تكن رائحتك مستقبحة، فيعتزلك كل أحد. وكن خليلاً محبوباً، فيحبك كل أحد. ولا تكن معتدياً على أحد، فتقعد مذموماً مخذولاً من كل أحد. وكن داعياً إلى سبيل الرشد، والهداية يهتدي بك من الناس كل أحد، ولا تكن داعياً إلى سبيل الغيّ لا يهتدي بك أي أحد. ونصيحتي هذه في مقام الموعظة أذكّر بها كل أحد. كن مبدعاً، ولا تكن مبتدعاً. وكن سيداً، ولا تكن عبداً. وكن حذراً، ولا تكن متحذلقاً.
وكن راكزاً، ولا تكن أرعناً. وكن هادئاً، ولا تكن مضطرباً. و كن عبداً شكوراً ، ولا تكن عبداً كفوراً. وكن للحق نصيراً، ولا تكن للباطل مناصراً. وكن لأخيك مؤازراً، ولا تكن لعدوك ناصراً. وكن للعدل داعياً، ولا تكن للظلم مطبقاً. وكن للخير فاعلاً، ولا تكن للشر منادياً. وكن للناس محباً، ولا تكن للأنام مبغضاً. وكن لأفراد المجتمعات متفاعلاً، ولا تكن للجماعات منعزلاً. وكن للقرين وفياً، ولا تكن لغير القرين معادياً. وكن للأقارب سمحاً، ولا تك للغرباء خصيماً. وكن للكرام مالكا، ولا تك للئام مصادقاً. وكن للظن بالخالق محسناً، ولا تك للمخلوق بالسوء ظناً. وكن في كلامك صادقاً، ولا تكن للكذوب مجاملاً. وكن للسانك محترزاً، ولا تك للفظ سارحاً. وكن للسر كاتماً، ولا تك للإعلان ناشراً. وكن للقناعة مُتسّعاً، ولا تك للحرص زائداً.
وكن للأمانة راعياً، ولا تك للخيانة مدافعاً. وكن في حياتك للرب متضرعاً، ولا تك لغير الله داعياً. وكن للنصيحة مُرحِباً، ولا تك للمجاملة مبشراً.  و كن في المُلمّات متماسكاً ، ولا تكن في النائبات مهلهلاً. وكن في اللقاءات مبتسماً ضاحكاً، ولا تكن عابساً مكفهراً. وكن في أيام عمرك متفائلاً، ولا تكن في دهرك يؤوساً متشائماً. و كن خير سلف في الإتباع، ولا تكن شر خلف في الابتداع. و كن أميناً، ولا تكن خائناً؛ فالأمانة مسؤولية يستطيع الإنسان حملها، فمن لم يحملها، كان ظلوماً جهولا. إن حمل الأمانة زينة للذكر، والأنثى. وصيانة للنفس من عبثية التقصير، فيعيش الإنسان سالماً، والقول فيه جميل. كما قال «الإمام الشافعي» – رحمه الله -: صنِ النفس واحملها على ما يَزينها تَعِش سالماً والقول فيك جميل.
هذه نصائحي لك فاغتنمها ، ولا تك لنكرانها مخدعا. فكلمات النصح موعظة إن قَبلتَ بها، فأنت في جميع الأحوال أحسبك رابحاً، ويشهد على ذلك كل أحد؛ فإن الموعظة أغلى من أن تُباعَ، وتُشترى، أو تعطى، وتوهب؛ فإن الله مطلع على نياتك، ونيات كل أحد. و حين لا يبقى أحد يبقى الله الواحد الأحد.

فقه الحضور للمسجد الحلقة (4)
إن الذي حصل ويحصل على مستوى النظافة ببعض المساجد ومن بعض المصلين، يجعل المصلي يكادُ يتقيأ لرائحة منكرة في موضع السجود، أو لشخص مهمل يجاوره...ورأيت أن بعض الإخوة يحمل معه عطرا ينفث منه في المكان قبل أن يُحرم وسجاد يضعه موضع السجود... وعذرهم إننا مطالبون بالالتزام التام بقوله تعالى: (خذوا زينتكم عند كل مسجد)...الاعراف ٣١ ووددتُ لو كان هناك جهازٌ يقيس مستوى نظافة الداخل إلى المسجد، فإن لم تكن مناسبة أطلق صافرةً منذرةً...
يؤذيك في المسجد ملابس بعض المصلين في الصلوات، ولاسيما صلاة الفجر، والكثير يحضر بملابس النوم.وتؤذيك الرائحة المنبعثة من بعضهم، وكأنه لم يمس ماء منذ زمن طويل... ويؤذيك مَنْ لا يتحفظ في ستر ما يجب ستره... وقد تحبُّ أن تصلي في الصف الأول ولكن تترك ذلك لتبتدر الخروج بعد سلام الإمام هروباً مما يُضايقك... وإذا صليتَ في الصفوف الخلفية كانت المشقة أكبر لكثرة مَنْ يطأ على السجاد المفروش.. وقد تسجد فتجد بللا عليه لأن بعض المصلين مسح أقدامه هناك من ماء الوضوء... وقد تجد مَنْ يعبث بأنفه ويلقي وسخه على فرش المسجد!! أما تسليط المُكيف إلى الأسفل وإزعاج المصلي بقوة انبعاثه فذلك بلاء آخر... ولا نذكر ما نراه عند الأبواب مِنْ عبث لا يُحتمل في طريقة وضع الأحذية والنعال...وبعضها قديم يشبه حذاء أبي القاسم الطنبوري،  ويتعلل بعضُهم بأنه إذا جاء بنعل جديد خاف عليه السرقة... وقد رأيتُ عبارات تتكرر كثيرا في بعض المساجد (المسجد مراقب بالكاميرات) إنها لتخويف مَنْ تسول له نفسه سرقة الأحذية وصناديق الزكاة والتبرعات.ولوحات أخرى مكتوب عليها انزع جواربك (إن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه الإنسان) لكن لا حياة لمن تنادي
وقرأت قديما أن مجذوبا كان يدع المسجد ويصلي في الكنيسة، ولما سئل عن ذاك قال: لأنهم هناك لا يسرقون الحذاء! إننا بحاجة ماسة جداً إلى فقه الحضور إلى المسجد و ما تتطلبه الصلاة من شروط وأركان وآداب... ونحتاج معالجة حاسمة لموضع الأحذية...و نحتاج أن يعرف المصلي أنه إذا كان مريضا مزكوما فإن عليه أن يصلي في بيته... و كذلك إذا أكل ثوما أو بصلا أو أي طعام آخر له رائحة غير مقبولة.و نحتاج كذلك إلى تعجيل صلاة المغرب في رمضان قبل تناول الفطور، لأن تناول الطعام الحار بسرعة ثم القيام في الصلاة والتنفس في تلك الحالة مزعج مؤذٍ... وليت الأئمة والخطباء والوعاظ الكرام يلحون في معالجة هذه الظواهر المنفرة... الدين جمال وجلال وأدب راق وذوق لطيف. و من حُسن التدين ملاحظة هذه الأشياء، وكف الأذى عن بيوت الله ورُوادها.

فتاوى
هل يجب إخراج الزكاة من جنس الأنعام اذا بلغت النصاب أم يجوز إخراجها نقودا؟
إن الزكاة يستفيد منها الفقراء و المساكين و غيرهم من الأصناف الذين ذكرتهم آية الصدقات في قوله تعالى:» إنمّا الصدقات للفقراء و المساكين... «. وقد أفتى العلماء بأن يخرج منها الأصلح للفقراء فإن كان الأصلح لهم هو النقد فإن الماشية تقوّم وتخرج قيمتها نقدا ليحصّل المستفيد ضروريات المعيشة له ولمن يعول.

الرجوع إلى الأعلى