يرغب الإسلام المسلم في ستر أخيه المسلم إن شاهده يقع في معصية من المعاصي ولو كانت كبيرة؛ على غرار الزنا والسكر وغيرها، ورهب من تتبع عورات المسلمين؛ ليس لأن المسؤولية في الإسلام شخصية يتحمل كل شخص في ضوئها تبعات أفعاله في الدنيا والآخرة، وليس مسؤولا عن فعل غيره في الدنيا والآخرة؛ لأن الإسلام لا يريد أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا من خلال التشهير بهم وكشف مساوئهم، بل إن الإسلام يأبى أن يكشف المسلم عن معاصيه للناس إن ستره الله تعالى.
إعداد: د .عبد الرحمان خلفة
ففي القرآن الكريم يقول الله تعالى: لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ [النساء: 148]، وفي السنة الكثير من الأحاديث توصي بالستر وترهب في تتبع عورات المسلمين؛ منها:  ما روي من قوله صلَّى الله عليْه وسلَّم: (مَن ستَر مسلمًا ستَرَه اللهُ يومَ القيامة). وعن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلَّى الله عليْه وسلَّم: (مَن ستَر عورةَ أخيه المسلمِ، سَتَرَ اللهُ عورتَه يومَ القيامة، ومَن كشفَ عورةَ أخيه المسلم، كشفَ اللهُ عورتَه حتى يفضحه بها في بيته). وحديث أبي بَرْزَةَ رضِي الله عنه، عن النبي صلَّى الله عليْه وسلَّم؛ أنه قال: ((يا معشر مَن أسلم بلسانه ولم يُفْضِ الإيمانُ إلى قلبه، لا تؤذوا المسلمين، ولا تُعَيِّروهم، ولا تتَّبعوا عوراتهم؛ فإنه مَن يتبع عثراتِ أخيه المسلمِ يتبع اللهُ عورتَه، ومَن يتبع اللهُ عورتَه يفضحه ولو في جوف رَحْلِه)؛ حتى قال أحدهم: (أدركتُ قومًا لم يكُن لهم عيوب، فذكروا عيوبَ الناس، فذكر الناس عيوبهم، وأدركتُ قومًا كانت لهم عيوب، فكفُّوا عن عيوب الناس فنُسِيت عيوبهم)
وقد عرف العلماء الستر بقولهم: (هو تغطية عيوب المسلم، وإخفاء هناته). ونقل البعض إجماع العلماء على أنَّ مَن اطَّلع على عيبٍ أو ذنبٍ أو فجورٍ لمؤمن مِن ذوي الهيئات، أو نحوهم ممَّن لم يُعرَف بالشر والأذى، ولم يشتهر بالفساد، ولم يكن داعيًا إليه؛ كأن يَشرب مسْكرًا أو يزني أو يفجر متخوِّفًا متخفيًا غير مُتهتِّك ولا مجاهر - يُندَب له أن يستُره، ولا يكشِفه للعامَّة أو الخاصَّة، ولا للحاكم أو غير الحاكم).
وتأتي فضيلة الستر لتحقق مقاصد نفسية واجتماعية كثيرة؛ لأن المسلم إن أذنب ثم جاهر بمعصيته أو أذاعها غيره استعصت عليه التوبة وازدادت معاناته وعزلته الاجتماعية لاسيما إن ترتبت عليها تبعات من قبيل سقوط شهادته والطعن في عدالته؛ علاوة على أن المجاهرة بالمعاصي ونشرها للعلن يفقد حرمة اقترافها من النفوس وتغدوا مبتذلة هينة في نظر جموع المسلمين، كما أن الستر يسد على المسلم باب الانشغال بعيوب غيره، والتفرغ لعيوب نفسه وإصلاحها، وتزداد أهمية الستر ووجوبه إذا كان بين الأقارب والجيران والأصدقاء؛ لأنهم أكثر اطلاعا على عيوب بعضهم البعض؛ فعلى المسلم أن لا يذيع عيوب زوجته أو أقاربه أو جيرانه أو أصدقائه؛ سواء كانوا لهم زملاء في الدراسة أو المهنة أو النضال، أو رافقوه في سفر، أو رفاق دربه في نضال أو كفاح على غرار ما كان عليه مجاهدو ثورة التحرير الذين كانوا يتعاهدون على ستر بعضهم البعض حفاظا على الثورة وتنظيمها.            ع/خ

الإيجابية من خصائص المؤمنين
هل مر بك عزيزي القارئ وأن حاولت تنظيف مكان ما وقيل لك دعه لأن عمال النظافة سيتولون ذلك، أو قيل لك ما دخلك لأنك حاولت تنبيه أحدهم لخطر مصيبة أو أن مكرا يحاك له بليل، أو حتى حاولت نقل كلمة بين متخاصمين ولو كذبا حين رأيت أن المشكلة لا تكبر لأن تكون قاعدة خصومة  فعلك يسمى بالإيجابي وقولهم يدعى السلبية المدمرة
الإيجابية هي اندفاع الإنسان الناشئ عن استقرار الإيمان في قلبه، لتكييف الواقع الذي من حوله، وتغييره وتبديله إلى الأفضل، وهي الحافز الذي يدفع بطاقة الإنسان لأداء عمل معين للوصول إلى غاية محددة محتملاً كافة الصعاب؛ لتحقيق هدفه الأسمى.
والإسلام أمرنا بالإيجابية  في كل شيئ لكن ليست بهذا الوسم فقال الله تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ  لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ } [الأنعام: 162 - 163]. وكذلك رسولنا  الرسول - صلى الله عليه وسلم - يحث على الإيجابية فيقول:» إن قامت القيامة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها» [رواه البزار].هي الإيجابية في آخر نفس، فما تغني الشجرة إذا غرست والساعة بين يدي صاحبها.
ولنا أن نتدبر في قصة الرجل الذي جاء من أقصى المدينة يسعى قال: {يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ} [القصص: 20].فرأى في موسى صاحب مبدأ عادل فتجشم عناء الطريق من أقصى مكان تصله البشرية في تلك المدينة ليمنع عن موسى عليه السلام خطرا آكد.
وفي سؤال سليمان عليه السلام  حين تفقد سليمان الطير فقال: {مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ} [النمل: 20] فإذا بالهدهد يقول له: {أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ} [النمل: 22].فها هو الهدهد أمام المساءلة القانونية للملك التي قد تسفر عن عقوبة ومع استصحاب حالة الهدهد كان إيجابيا وأبلغه بحال قوم وملكتهم من ضلال. وفي سليمان قال تعالى: {وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (17) حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (18)} [النمل: 17 - 18]. ونلاحظ إيجابية فالنملة كانت إيجابية  في تحذير قومها من الأخطار المحيطة بهم، فهي أمرت وحذرت، واعتذرت عن سليمان وجنوده بعدم الشعور، وخاطبت أمتها بالقول السديد والرأي الرشيد، فهل فكرت يومًا في تحذير قومك من مؤامرات الأعداء؟
بعد أن صب فرعون بطشه على بني إسرائيل، فكر في قتل موسى ومن معه، وقامت الاجتماعات، وعقدت المؤتمرات، وبينما هم يتشاورون إذا برجل منهم، كان يكتم إيمانه بموسى من قبل، فلما رأى تآمرهم على قتل موسى، ضاق ذرعًا: {وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ } [غافر: 28]. فقد أقام مؤمن آل فرعون الحجة على فرعون وجنوده، بأحلى عبارة، وأجمل إشارة، وفي النهاية يفوض أمره إلى الله البصير بعباده، وهذه هي الإيجابية، الإعلان عن كلمة الحق في وقتها.
ولنا في إيجابية عمر العبرة بعد إسلامه مباشرة يقول للنبي الكريم صلى الله عليه وسلم ألسنا على الحق إن متنا وإن حيينا؟ قال: بلى، والذي نفسي بيده إنكم على الحق، إن متم وإن حييتم، قال: ففيم الاختفاء؟ والذي بعثك بالحق لتخرجن فخرج الرسول - صلى الله عليه وسلم - في صفّين، عمر فى أحدهما، وحمزة في الآخر، ولهم كديد ككديد الطحين، حتى دخل المسجد، فنظرت قريش إلى عمر وحمزة. فلله درك يا عمر
وايجابية خاتمة المقال أبي محجن الثقفي وهو في الأسر لعقوبة سعد عليه ، رأى جيوش المسلمين تنهزم  يوم القادسية فأرسل لامرأة سعد يرجوها فحلت وثاقه، ركب فرس سعد وأدرك الجيوش وابتلى بلاء حسنا لبصمته الكبيرة يومئذ في المعركة ، فلم يمنعه الأسر ولا ما عليه تجاه سعد أن يقول دعهم فقد كبلوني بل كان إيجابيا ، أخي القارئ كن مؤمنا بقناعتك وفكرتك وامض قدما فهو الإسلام.

فتاوى
حلفت بطلاق زوجتي أن آخذ الإيجار من ابني، لأنني أسكنته بيتي، لكن بعد زواجه ساءت حالته المالية فما الحل؟ وهل يقع الطلاق إن لم آخذ منه ثمن الإيجار؟
أيها الأخ الكريم إن كنت تقصد بقولك »حلفت بيمين الطلاق» أنك علقت طلاق زوجتك على مسألة إيجار الشقة، فطلاقك يقع بمجرد وقوع ما علقت عليه طلاقك، إذ يقع الطلاق المعلق عند وقوع الأمر الذي عُلّق عليه. أما إن قصدت اليمين بالطلاق، فإن هذه اليمين وما كان في معناها لغو ولا مدلول لها لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت» رواه البخاري. والأولى أيها الأخ الكريم أن ترجع إلى الرأي الفقهي الذي يطبق في بلدكم، و ينبغي أن تلتزم به، إذ للحاكم سلطة رفع الخلاف في المسائل الخلافية بما يختاره منعا للبلبلة.
 أتيت زوجتي بطريقة منفّرة يرفضها الشرع والعقل، ثم قلت لها: « تحرمين عليّ كأمي إن مكنتني من نفسك هكذا مرة أخرى» قاصدا بذلك ردع نفسي لئلاّ أعود إلى مثل هذا الفعل، ولم أقصد به مظاهرتها، لكن وبعد مرور سنة ارتكبت الذنب نفسه مع تذكري للظهار الذي علّقته، فهل يعتبر هذا ظهارا ؟ وهل يمكنني أن أكفّر بالإطعام بدل الصيام و بكم يقدّر؟ و هل يمكنني إخراج قيمته نقدا؟
إن ما تلفظت به يعتبر ظهارا إذ شبّهت زوجتك بوالدتك، وليس في حالتك هذه اعتبار للنية، إذ كان لفظك صريحا ولا يحتاج إلى نية، ولا يحل لك أن تقرب زوجتك إلا بعد أن تكفّر لقول الله عز وجل :» والذين يظهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا ذلكم توعظون به والله بما تعملون خبير، فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا، فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينـا…» المجادلة /4.3.
والكفارة – اليـوم – هي صيـام شهريـن متتابعين فإن لم تستطع فأطعم ستين مسكينا، إما إشباعهم أو إعطاؤهم مُدًا من القمح لكل مسكين.

مؤتمر سبل التعايش السلمي بين الأديان في موسكو
عقدت منتصف الأسبوع فعاليات المؤتمر العلمي التطبيقي الدولي «سبل التعايش السلمي بين الأديان: دور العلماء والدبلوماسيين والمهتمين في تحقيقه» الذي انعقد يوم الاثنين (25 مارس2019) في العاصمة الروسية موسكو. بادرت إلى تنظيمه كل من الجمعية الدينية لمسلمي روسيا، ومجلس التعاون مع الجمعيات الدينية التابع للرئيس الروسي، والكنيسة الأرثوذكسية الروسية، والجمعية الأرثوذكسية الفلسطينية، والجمعية الروسية لحماية الحرية الدينية، ومعهد الدراسات الشرقية في أكاديمية العلوم الروسية، والمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو)، وصندوق دعم الثقافة والعلوم والتعليم الإسلامية. ويشارك في المؤتمر أكثر من 200 شخصية دينية وسياسية وإعلامية وفكرية مسيحية وإسلامية من أكثر من40 دولة.

بعد هجوم نيوزيلندا  
إسلام 400 نيوزيلندي وإعادة فتح مسجد النور  
كشف وسائل إعلام ووكالات أنباء أن المسلمين عادوا للصلاة في مسجد النور بمدينة كرايست تشيرتش النوزيلندية، للمرة الأولى منذ الهجوم الذي استهدف المسجد وأدى لقتل عدد من المصلين وإصابة آخرين. وكانت الشرطة قد أغلقت المسجد منذ الهجوم، الذي أدى الهجوم على المسجدين إلى قتل 50 مسلما. وبالتزامن مع إعادة فتح مسجد النور، نظم 3000 شخص «مسيرة للحب» في مدينة كرايست تشيرتش، إحياء لذكرى الضحايا. وسار كثيرون في صمت وحمل بعضهم لافتات تطالب بالسلام وترفض العنصري، كما كشفت وكالات عن دخول حوالي 400 نيوزيلندي في الإسلام منذ الهجوم، كما قامت طائرات عسكرية نيوزيلندية بعرض في الجو كتبوا من خلالها لفظ الجلالة (الله) دعما للمسلمين .

الرجوع إلى الأعلى