لقد أسس الإسلام لنظرة أرقى للعمل لما تبلور في مختلف المنظومات الدينية والفلسفية والتشريعية القديمة منها والحديثة؛ حين نظر إليه نظرة شمولية تعبدية وأخلاقية وقانونية واجتماعية ونفسية، فجعله مزرعة في الدنيا وحصادا في الآخرة، عبادة وعقيدة، فكرا وسلوكا، شرفا وكرامة، فجاء الأمر به مطلقا والترغيب فيه عاما لم يقيد بنوع دون نوع أو شخص دون آخر؛ لأنه فريضة دينية وضرورة حياتية حضارية.فقال الله تعالى: ( وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) [التوبة:105]،
إعداد: د .عبد الرحمان خلفة
ومن مظاهر اهتمام الإسلام بالعلم وترغيبه فيه وترتيب آثار عليه:
(أولا): أنه يسر سبل العمل في دروب الحياة حين سخر لنا الأرض والسماء، برا وبحرا وجوا، فقال الله تعالى: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ ) [الملك:15]، وقال أيضا: ( وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) [النحل:14]
(ثانيا): ربط العمل بالشرف؛ لذلك كان الأنبياء والرسل يعملون، وقد روي أن لكل نبي حرفة، من نجارة وتجارة وخياطة وكتابة وحديد، وقد أخبر الله تعالى عن بعض ذلك فقال: ((وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا ۖ يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ ۖ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ (10) أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ ۖ وَاعْمَلُوا صَالِحًا ۖ إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (11)وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ ۖ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ ۖ وَمِنَ الْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ ۖ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ (12) يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا  وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ (13))) (سبأ)، وهذه مريم البتول في لحظة المخاض يأتيها الأمر بأن تعمل لكي تأكل ! فقال الله تعالى: ((وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا (25) فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا (26)  )) (مريم) فالعلم شرف للإنسان ولو كان تكليفا؛ لأنه به تعمر الأرض وتقوم الحياة وتستمر.
(ثالثا) ربط العمل بالكرامة، فالعامل وهو يباشر عمله إنما يفعل ذلك ليكرم نفسه وأهله، بخلاف العاطل عن العمل دون عذر؛ لاسيما أولئك الذين يجعلون من المسألة وسيلة كسبهم، حيث يعرضون أنفسهم لذل المسألة؛ ولذلك جاء في الحديث: (لَأَنْ يأخذَ أحدكم حَبْلَهُ، فيَأْتِي بحِزْمَةِ الحطبِ على ظهرِهِ فيَبيعها، فيَكُفَّ اللهُ بها وجهَهُ، خيرٌ لهُ من أن يسألَ الناسَ، أعطوهُ أو منعوهُ) (صحيح البخاري).، فيه أيضا: (ما يزالُ الرجلُ يسأَلُ الناسَ، حتى يأتي يومَ القيامةِ ليس في وجهِهِ مُزْعَةُ لحمٍ.. ) (صحيح البخاري).
(رابعا) ترتيب ثواب عظيم عن العمل: فقد قال الله تعالى: ( مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) [النحل: 97]، وقال تعالى: ( وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) [البقرة: 25]، وغيرها من الآيات التي تؤكد فضل العلم وثوابه في الآخرة،
إن العمل في الإسلام تفاعل بين الإنسان والطبيعة تفاعلا فكريا أو عمليا أو تقنيا، حيث ينطلق الإنسان في دروب الحياة برا وبحرا وجوا فيكتشف اسرارها ومقدراتها المسخرة له فيطوعها لخدمة حياته عاجلا وآجلا، فحين يكون متوجها إلى الله تعالى عبادته يأتيه الأمر فور الانتهاء منها لينطلق في العمل قال الله تعالى: ((فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (10))) (الجمعة)، لأن الحياة لا تبنى بدوام الصلاة وحدها فهناك عبادات آخرى تنتظر الإنسان في حياته يثاب عليها هي الأخرى إنها عبادة العمل، والتاريخ يشهد أن الأمم والحضارات ما قامت إلا على العمل،وما حافظت على وحدتها وسيادتها إلا بتحقيق الاكتفاء الذاتي في معاشها، زراعة وصناعة، فتأكل من خيراتها ومما عملته أيدي أبنائها، العمل الذي ينبني على علم صحيح واعتقاد راسخ.             ع/خ

فلنبادر إلى الصلح
نعيش في هذه الأيام على حديث الرسول صلى الله عليه وسلم وكلنا أمل وطمع في رحمة الله، نعيش بعقيدة مسلمة أن الأعمال ترفع في شعبان، ففي حديث أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: قلت يا رسول الله: لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان؟ قال : ((ذاك شهر تغفل الناس فيه عنه، بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، وأحب أن يرفع عملي وأنا صائم)) رفع تتبعه مغفرة من الله مقيدة بشرطين أساسين في ليلة النصف من شهر شعبان عن معاذ بن جبل رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يطلع الله إلى جميع خلقه ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن)) رواه الطبراني وابن حبان، إذن هناك مغفرة في ليلة قد مضت علينا ليس من أهلها شخصان مشرك و مشاحن أما المشرك لا تناله المغفرة لا في الدنيا ولا في الآخرة قال الله تعالى ((إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا)).  أما المشاحن الذي هو شديد الحقد والعداوة على غيره فيكفيه قبحا أنه قد قرن في الحديث بالمشرك والعياذ بالله قال عليه الصلاة والسلام كما عند الطبراني في المعجم من حديث أبي ثعلبة  (( إِنَّ اللَّهَ يَطَّلِعُ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ ، فَيَغْفِرُ لِلْمُؤْمِنِينَ ، وَيُمْلِي لِلْكَافِرِينَ ، وَيَدَعُ أَهْلَ الْحِقْدِ بِحِقْدِهِمْ حَتَّى يَدَعُوَهُ )) وفي حديث ابن ماجة (( ثلاثة لا ترفع صلاتهم فوق رءوسهم شبرا: رجل أم قوما، وهم له كارهون ، وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط ، وأخوان متصارمان)) قال الغزالي أي متقاطعان، لكن ما الحل إذا لم تنفع الموعظة في هذين،  إنه الدور الريادي في المجتمع المسلم ، فللمؤمن الذي علم أن كمال إيمانه أن يحب لأخيه كما يحب لنفسه وحبه لمغفرة الله له يحبها لغيره من المؤمنين ، دور إصلاح ذات البين ، تقريب وجهات النظر والفكر بين المتشاحنين ، قد يكون بمبادرة أحد المتخاصمين كالزوجة مع زوجها قال تعالى ((وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير وأحضرت الأنفس الشح وإن تحسنوا وتتقوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا )) النساء 128  قال أهل العلم أن للمرأة أن تتنازل عن بعض حقوقها لكي تبقى في عصمته ، فهي آلية من آليات الصلح التنازل فنقيس عليها غيرها من الخصومات وقد يكون بمبادرة غيرهما في السر، فقد حذرت الشريعة من النجوى إلا نجوى من أجل رأب الصدع بين المتشاحنين قال الله تعالى ((لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما)) النساء  أو من أقربائهما حيث وجه القرآن دورهما للإصلاح مابين الزوجين قال تعالى (( وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما)) النساء 35 والعبرة ليست بخصوص السبب وإنما بعموم اللفظ، وقال تعالى في سورة «»الحجرات»» ((وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما))، وقال: ((إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم)) وحيث أن الأوامر في السورة كلها للوجوب فكذلك وجب الإصلاح بين الناس ، ليكن قولنا في هذه الأيام قبل شهر رمضان هيا بنا نصلح بينهم استنانا بالرسول عليه الصلاة والسلام إذ قالها عندما علم بتراشق أهل قباء بالحجارة وليكون عملا أجره قال عنه خير البرية ((عن أبي الدرداء قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة قالوا بلى قال صلاح ذات البين فإن فساد ذات البين هي الحالقة) رواه الترمذي.

جزائريان يفوزان في مسابقات دولية للقرآن الكريم
فاز القارئ الجزائري ياسين بقواسة بالمرتبة الثانية خلال مشاركته في الدورة 61 لمسابقة الاحتفال الماليزي الدولي لتلاوة القرآن الكريم وحفظه ، التي تنظمه رئاسة مجلس الوزراء للشؤون الإسلامية بالعاصمة كوالالمبور والذي نظمت هذه السنة في الفترة من 15 إلى 20 أفريل الجاري.
كما فاز القارئ الجزائري أحمد حركات بالمرتبة الثانية خلال مشاركته في فعاليات الدورة العاشرة لجائزة الكويت الدولية لحفظ القرآن الكريم وقراءته وتجويده وتلاوته ، التي انطلقت تاريخ 09 أفريل الجاري بمشاركة 145 متسابقا من 75 دولة عربية وإسلامية و من بين دول فيها أقليات مسلمة ، وقد شهدت تنافسا كبيرا بين المشاركين في فروع الحفظ والتلاوة والقراءات العشر وصغار الحفاظ.

فتاوى
ما حكم صلاة النافلة لمن في ذمته القضاء ؟
من كان في ذمته قضاء الصلاة فلا يجوز له صلاة النافلة ما عد السنن المؤكدة التي هي الوتر، والكسوف، والعيدان، والاستسقاء، وركعتا الفجر، وركعتا الطواف، لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي: «وما تقرب إلي عبدي بشيء أفضل مما افترضت عليه» (1)، وعليه فمن كان عليه قضاء الصلاة فلا يصلي النافلة، ويجب عليه أن يبادر إلى قضاء ما في ذمته من دين الصلاة، والواجب الذي لا يعد به مفرطا هو أن يقضي في اليوم والليلة خمسا وعشرين صلاة، فإن فعل فله أن يتنفل إن شاء، ومع هذا فما دامت ذمته عامرة بالدين فالواجب المبادرة بالقضاء، لأنه الأهم والمسؤول عنه يوم القيامة.
حكم الخطيب إذا حصل له عذر يوم الجمعة ؟
إذا حصل للخطيب عذر يوجب الانصراف، كما إذا تذكر الحدث أو رعف أو نحو ذلك، وخرج لإزالة العذر، فقال مالك وأصحابه: يغتفر الفصل اليسير دون الكثير فتعاد لأجله الخطبة، ومن الفصل اليسير ذكر منسية كالصبح فيصليها ثم يصلي بهم الجمعة، قال خليل رحمه الله في مختصره: ((ووجب انتظاره لعذر قرب على الأصح)). فإن بعد الفصل كتذكر غسل، وإزالة رعاف وجب استخلافه بغيره، ويستحب أن يكون المستخلف حاضر الخطبة، أهلاً للإمامة. هذا ما ذهب إليه مالك وأصحابه، فإن غادر الخطيب المعذور المكان وطال انتظاره، وجب الاستخلاف وإعادة الخطبة، لأن اتصالها بالصلاة واجب، ويغتفر الفصل اليسير كما تقدم. وقال أصحاب أبي حنيفة: لا ينبغي أن يصلي غير الخطيب، لأن الجمعة عندهم مع الخطيب كالشيء الواحد، فإن حصل للإمام عذر انتظر إن كان الفصل يسيرا، وإلا قدموا غيره، وأعاد الخطبة للصلاة. على أن اتصال الخطبة بالصلاة واجب عند الجميع، غير أن أصحاب أبي حنيفة يرون أن الخطيب الذي فارق المكان لعذر، إن علم أنه يطول قدموا آخر وأعاد الخطبة، بخلاف المالكية فإن إعادة الخطبة عندهم مع الطول الحقيقي، بحيث انتظروا كثيرا فلم يعد، وأما مع القرب فلا.
موقع وزارة الشؤون الدينية

الرجوع إلى الأعلى