يعتقد البعض أن مجرد الندم على ما اقترفوه من معاصي في حياتهم يكفي لرأب الصدع وكسب المغفرة من الله عن ذنوبهم؛ وتبوء مقاعد إيمانية متقدمة مع المؤمنين؛ وهذا اعتقاد خاطئ؛ لأن الندم وحده غير كاف لتحقيق ذلك وطي ملف حياة المعصية؛ لاسيما إذا تعلق الأمر بمعاصي وآثام اقترفت في حق عباد الله تعالى.
إعداد: د .عبد الرحمان خلفة
ذلك أن التوبة التي أوجبها الله تعالى بقوله: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ )) (التحريم 8) تختلف باختلاف طبيعتها، وكونها اعتداء وتعديا على حدود الله تعالى وحقوقه أو تعديا واعتداء على حقوق عباده، فإن كانت معاصي تتعلق بحقوق الله تعالى من الصغائر والكبائر، فإن الشروط التي يجب استيفاؤها لتحقيق مقتضياتها من مغفرة وعفو الله تعالى أرحم الراحمين؛ ثلاثة: الندم، والإقلاع عنها، والعزم على عدم العودة إليها، قال الفقيه المالكي الإمام ابن عبد البر: (التَّوْبَةُ أَنْ يَتْرُكَ ذَلِكَ الْعَمَلَ الْقَبِيحَ بِالنِّيَّةِ وَالْفِعْلِ ، وَيَعْتَقِدَ أَنْ لَا يَعُودَ إِلَيْهِ أَبَدًا ، وَيَنْدَمَ عَلَى مَا كَانَ مِنْهُ فَهَذِهِ التَّوْبَةُ النَّصُوحُ الْمَقْبُولَةُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عِنْدَ جَمَاعَةِ الْعُلَمَاءِ)، وهناك طاعات يجب أن تقضى بعد التوبة إن تركت قبلها؛ على غرار الصلاة والصيام والزكاة.
أما إذا كانت المعاصي والآثام مما يتعلق بحقوق العباد؛ كمن سرق أموال الناس أو انتهك أعراضهم فإن شرط قبول توبته إضافة إلى ما سبق أن يرد الحقوق لأهلها؛ سواء كانت حقوقا عامة أم حقوقا خاصة ويطلب الصفح من أصحابها في الحياة الدنيا، فقد روى البخاري في صححيه عن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( «مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ لِأَخِيهِ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَيْءٍ ، فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ اليَوْمَ ، قَبْلَ أَنْ لاَ يَكُونَ دِينَارٌ وَلاَ دِرْهَمٌ ، إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ). وقال قال الفقيه المالكي القرطبي:» فَإِنْ كَانَ الذَّنْبُ مِنْ مَظَالِمِ الْعِبَادِ : فَلَا تَصِحُّ التَّوْبَةُ مِنْهُ إِلَّا بِرَدِّهِ إِلَى صَاحِبِهِ ، وَالْخُرُوجِ عَنْهُ ، عَيْنًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ ؛ إِنْ كَانَ قَادِرًا عَلَيْهِ)،
وهذه الحقوق لا تسقط بالتقادم في الدنيا؛ فمن أخذ مالا بغير حق من العقار أو المنقول، سرقة أو نهبا أو تدليسا وغشا، أو حجوا لدين أو شهادة زور، أو آذاه في جسده بالضرب أو التعذيب أو غير ذلك، أو انتهك عرضه سبا أو قذفا أو غيبة أو بهتانا أو شهادة زواو غيبة أو نميمة أو بهتان أو سوء ظن أو وشاية كاذبة أو دسيسة أو سخرية أو تجسسا أو تهمة باطلة أو بأي طريقة أو حقا من الحقوق العينية أو الأدبية، فعليه أن يتحلله وإلا دفع ثمنه من حسناته يوم القيامة ففي صحيح مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ:» أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ؟» قَالُوا: الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ ، فَقَالَ:  (إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاةٍ، وَصِيَامٍ ، وَزَكَاةٍ ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا ، وَقَذَفَ هَذَا ، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا ، وَسَفَكَ دَمَ هَذَا ، وَضَرَبَ هَذَا ، فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ، ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ).      
ع/خ

ضرورة التيسير والرأفة بأصحاب الأعذار
أثنى القرآن الكريم على أصناف أربعة من الناس، وهم: صنف المرضى والعجزة ومن في حكمهم؛ فهؤلاء معذورون ومرفوع عنهم الحرج ولا يكلفون بشيء، بل يستحقون المساعدة والاحترام والرأفة. قال تعالى: (لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ وَلا عَلَى الأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ) الفتح:17)، وصنف الضاربين في الأرض والمسافرين للتجارة لأجل كسب الرزق، ومن في حكمهم كالعمال والفلاحين الذين يشتغلون ويكدحون وغيرهم، فلهم فضل من الله تعالى، حيث قرنهم مع فئة المجاهدين في سبيل الله. وصنف المقاتلين في سبيل الله دفاعًا عن الدين والأوطان وحمايةً للأرواح، ومن في حكمهم كالمرابطين على الثغور والذين يحمون الحدود، والقوات الأمنية والعسكرية المختلفة، فعينهم التي تبيت تحرس لا تمسها النار يوم القيامة كما جاء في الحديث النبوي الشريف. فقال الله تعالى: (عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُم مَّرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ) المزمل:20، أما الصنف الرابع وهم فئة أهل العلم ومن في حكمهم من مختلف التخصصات العلمية النافعة، فقد أثنى عليهم في آية أخرى، وهي قوله تعالى: (وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَافَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ)التوبة:122)، فهذه الأصناف الأربعة ينبغي أن تراعى ظروفها فتنحو المعاملة معها نحو اليسر والرخص والاستثناء؛ سواء أولئك الذين فصرت بهم ظروفهم عن القيام بأعباء الأمة أو أولئك الذين تفرغوا لخدمتها، فلا تسري قواعد التشريع العامة وعزائمه عليهم.
تستعد المساجد عبر ربوع الجزائر إلى إحياء ليالي رمضان قياما وتهجدا ككل عام؛ حيث تسابق اللجان الدينية إلى جلب أحسن الحفظة والقراء لأداء التراويح من مختلف ربوع الوطن،  المصلون ألأنفسهم أمام قارئ بصوت جددي لم يألفوه في حيهم، قبل أن يكرموه في نهاية رمضان مع الاحتفال بليلة القدر كما جرت العادة، بعد أن يوفروا له المبيت والمأكل والمشرب خلال رمضان، وقد التقينا بطلبة من جامعة الأمير يحفظن كتاب الله حفظا وأداء من وسط الجزائر وجنوبها يستعدون لتأطير بعض مساجد الشرق خلال ذا الشهر الكريم، كما يقوم بعض الأئمة من الجنوب للهجرة إلى الشمال لأداء الوظيفة ذاتها.
ع/خ

برلمانى هولندي أراد تأليف كتاب ضد الإسلام فاعتنقه    
كشفت وسائل إعلام هولندية، نقلا عن وكالات أنباء اعتناق يورام فان كلافيرن النائب البرلماني السابق في حزب الحريات اليميني المتطرف، للإسلام. وبحسب أنباء أوردتها وسائل الإعلام الهولندية، فإن كلافيرن (39 عاما) اعتنق الإسلام أثناء تأليفه كتابا مناهضا للدين الإسلامي. وأوضحت وسائل الإعلام أن كلافيرن تغيرت نظرته للإسلام ونطق بالشهادتين، خلال إجرائه أبحاثا عن الدين الإسلامي

تضاعف عدد المسلمين في ببريطانيا
عدد المسلمين في بريطانيا تضاعف حوالي 90 مرة خلال ستة عقود، حسب ما ذكرته برقية دبلوماسية صادرة من سفارة الولايات المتحدة في العاصمة البريطانية لندن نقلا عن وكالات أنباء سربها موقع ويكيليكس المناصر لشفافية المعلومات.

فتاوى
اشترى والدي عقارا، ودفع بعض ثمنه واتفق مع البائع على إتمام تسديد باقي المبلغ بعد سنتين، لكن بعد أربعة أشهر طالبه البائع بباقي المبلغ، فاشترط والدي تخفيض الثمن، فما الحكم في ذلك؟
الأصل أن يفي كل من البائع والمبتاع بما اتفقا عليه من شروط لقول النبي صلى الله عيه وسلم: « المسلمون عند شروطهم إلا شرطا أحل حراما أو حرم حلالا». وليس لهذا البائع أن يعود فيما رضي به ساعة إبرام العقد لقول الله تعالى: «يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود « المائدة/1.فإن رجع البائع فيما اتفقا عليه من شروط واشترط دفع باقي المبلغ حالا دون تأجيل، فللمشتري أن يشترط شرطا جديدا كتخفيض الثمن، فإن رضي البائع وخفض الثمن فهو عقد جديد يستلم بمقتضاه ثمن مبيعه حالا، أما إن رفض فيبطل شرطه الثاني وصح العقد مصداقا لحديث النبي صلى الله عليه وسلم السالف الذكر.
  أريد معرفة هل هناك نصوص شرعية تعمل على تحديد ثمن السلع وحجم الفوائد التي يمكن أخذه؟
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسول الله أيها السائل المحترم ، اعلم أن الربح في المبيعات ثمرة البيع والشراء ، غير أن هذه الثمرة ليست محددة بسقف ولا نسبة ، هذا فيما عدا بعض المسائل مثل : 1 – أن تكون الدولة أو الحاكم قد وضع تسعيرا لبعض المبيعات ، فهنا لا يجوز الاعتداء في الربح فوق السقف المحدد مراعاة للصالح العام. 2 – أن تكون هذه السلع من الضروريات التي لا تقوم الحياة إلا بها ، فإن المبالغة في الربح يوقع الشراة في حرج ، والحرج مرفوع شرعا 3 – أن لا يكون العرض في سوق مخصصة للبيع وقد اتفق الباعة على ثمن سلعة ما فيخالف هو بالنقص مثلا حتى يضر بغيره من الباعة فهذا أيضا لا يصح. أما فيما عدا ذلك فإننا ننصح البائع أن يراعي القدرة الشرائية عند المواطن ولا يجعل الطمع والجشع والاستغلال رائده إنما عليه أن يكون سمحا إذا باع سمحا إذا اشترى كما كان قدوتنا محمد صلى الله عليه وسلم. والله أعلــم.
أنا تاجر أستورد السلع من الدول المجاورة وأدفع المال لتسهيل تمرير سلعتي إلى الوطن، فهل ما فعلته يعتبر رشوة؟ ثم انتابني الشك في حلّيّة هذا المال فتوقفت عن الاستيراد، وشاركت أخي بهذا المال في تجارة داخل الوطن، فما حكم عملي بهذا المال؟
فالرشوة هي أكل أموال الناس بالباطل، وهي ما يدفع من مال إلى ذي سلطان أو وظيفة عامة لنيل ما يصعب الحصول عليه إما لأنه ممنوع شرعًا أو قانونا. وقد حرّم الإسلام على المسلم أن يسلك طريق الرشوة لذوي السلطة، كما حرّم على هؤلاء أن يقبلوها إذا بذلت لهم، وحظر على غيرهم أن يتوسطوا بين الآخذين والدافعين.
 قال الله تعالى: (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون) (البقرة/188). وعن ثوبان قال : لعن رسول الله صل الله عليه وسلم الراشي والمرتشي والرائش. والرائش: هو الوسيط بين الراشي والمرتشي. فما قمت به أيها الأخ الكريم من تقديم المال لتسهيل عملية تمرير سلعتك هو عين الرشوة، لكن عدولك عن ذلك وامتناعك عن مثل هذا التعامل دليل توبتك والله عز وجل يقول في كتابه العزيز : (وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات..) (الشورى/25)، أما قولك أنك شاركت أخاك بمالك في تجارة داخل الوطن وبالطرق المشروعة فالاكتساب بهذه الطريقة ممّا أحلّه الله لعباده، قال الله تعالى  : (وأحلّ الله البيع) ودعا إليه الإسلام في نصوص قرآنية وسماه  ابتغاء من فضل الله.  فلا حرج عليك في مشاركتك هذه لأخيك سعيا للابتغاء من فضل الله، وتقرّب إلى الله بالأعمال الصالحة يعفو عنك زلاتك وهو القائل عز من قائل : (إنّ الحسنات يذهبن السيئات) (هود/144).  وقال النبي صل الله عليه وسلم:» اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها».

 

الرجوع إلى الأعلى