كثيرا ما يسود في المجتمعات والجماعات؛ على مستوى النخب وعموم الناس؛ كثرة الكلام وقلة العمل؛ وهو سلوك لا ينم عن تحضر أو تمدن أو رقي في مجال الحوار والتشاور، بقدر ما يشي عن مرض نفسي واجتماعي ينحى أصحابه إلى إيثار الكلام والثرثرة والجدل في شتى المسائل الدينية والثقافية والسياسية والاجتماعية والرياضية دون أن يستتبعوا كلامهم عملا واقعيا ميدانيا يسيرون به لإصلاح أوضاعهم وجبر ما انتقده بعضهم على بعض من مواقف أو آراء أو سلوكيات.
ولئن عد علماء النفس هذا السلوك حالة مرضية وأطلق عليها البعض (السيلان اللغوي أو اللوغوريه) فإن نصوص الشريعة وآدابها ذمت مثل هكذا سلوك يتفشى في أوساط المجتمع المسلم فيركن به للدعة والراحة والاكتفاء بالقول دون العمل كما تقتضيه سنة المجتمعات.
ففي نصوص كثيرة ذم للثرثرة، وهي ضرب من ضروب كثرة الكلام وترديده فيما لا طائل من ورائه؛ كما أمر الله تعالى في كتابه المؤمنين بتجنب مجالس يكثر فيها اللغو و هو الآخر صورة من صور ذاك السلوك المرضي، فقال الله تعالى: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ وعن المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ: عُقُوقَ الأُمَّهَاتِ، وَوَأْدَ البَنَاتِ، وَمَنَعَ وَهَاتِ، وَكَرِهَ لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةَ المَالِ) وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لاَ تُكْثِرُوا الْكَلاَمَ بِغَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ فَإِنَّ كَثْرَةَ الْكَلاَمِ بِغَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ قَسْوَةٌ لِلْقَلْبِ وَإِنَّ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنَ اللَّهِ الْقَلْبُ الْقَاسِي قال تعالى: الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ وما روي عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّه ِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَىَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّى مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحَاسِنَكُمْ أَخْلاَقًا وَإِنَّ أَبْغَضَكُمْ إِلَىَّ وَأَبْعَدَكُمْ مِنِّى مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الثَّرْثَارُونَ وَالْمُتَشَدِّقُونَ وَالْمُتَفَيْهِقُونَ». قَالُوا يَارَسُولَ اللَّهِ قَدْ عَلِمْنَا الثَّرْثَارُونَ وَالْمُتَشَدِّقُونَ فَمَا الْمُتَفَيْهِقُونَ قَالَ: «الْمُتَكَبِّرُونَ».
وفي الأدب النبوي إرشاد للمسلم بأن يراقب ما يتلفظ به والأولى له أن يصمت من أن ينطق بلغو، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليقل خيرًا أو ليصمت، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليكرم جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليكرم ضيفه» (رواه البخاري، ومسلم). وقال النووي ـ رحمه الله تعالى ـ (اعْلَمْ أنَّهُ يَنْبَغِي لِكُلِّ مُكَلَّفٍ أَنْ يَحْفَظَ لِسَانَهُ عَنْ جَميعِ الكَلامِ إِلاَّ كَلاَمًا ظَهَرَتْ فِيهِ المَصْلَحَةُ، ومَتَى اسْتَوَى الكَلاَمُ وَتَرْكُهُ فِي المَصْلَحَةِ، فالسُّنَّةُ الإمْسَاكُ عَنْهُ؛ لأَنَّهُ قَدْ يَنْجَرُّ الكَلاَمُ المُبَاحُ إِلَى حَرَامٍ أَوْ مَكْرُوهٍ، وذَلِكَ كَثِيرٌ في العَادَةِ، والسَّلاَمَةُ لا يَعْدِلُهَا شَيْءٌ) وروي عن بعض السلف قوله : (« لا خير في فضول الكلام «) ، (بترك الفضول تكمل العقول) (فالأدب رأس كلّ حكمة، والصّمت جماع الحكم) وغيرها من الأقوال والحكم.
إن واقعنا الاجتماعي تفشى فيه هذا السلوك حتى كاد يغدو ظاهرة، فما من فضاء عام أو خاص، أو مرفق عمومي أو إعلامي أو تربوي أو علمي أو رياضي أو ما شابه إلا وتقف فيه على هذا السلوك، حيث يحشد أناس ألسنتهم ويحشرونها في كل صغيرة وكبيرة نقدا وتحليلا و اقتراحا؛ بيد أنهم في ميدان العمل وساحات الكد يختفون ويغدو ما كانت تلوكه ألسنتهم في المجالس، مجرد لغو وسفسطة وأحلام يقظة؛ حيث يظهر الرأي ونقيضه من الشخص ذاته ومن الجماعة ذاتها، ويكثر الغرور والعجب والتعصب والتعالم والتخوين والتسفيه والشجار والفجور في الخصومة، بل إن من لا علم له بميدان تجده يحشر لسانا حادا فيه وكأنه خبير، لاسيما إذا تعلق الأمر بقضايا الشأن السياسي العام، صحيح أن من حق كل فرد في الأمة أن يعبر عن رأيه في ضوء الحرية، لكن ذاك لا يعني التطاول والتعالم والاكتفاء بالكلام دون أن يستتبعه عمل يفيد الأمة في حاضرها ومستقبلها؛ لأن أي أمة ابتليت بكثرة الكلام وقلة العمل الذي هو ثمرة الحياة، وتفشى فيها كالوباء فهي أمة في طريق الهلاك والتخلف بخلاف غيرها ممن آثر العمل واكتفى من القول بأحسنه ومضى في درب الحضارة بالكد والاجتهاد.
ع/خ

أنماط من العلماء ! (1)


لا نبالغ لو قلنا: إنَّ بعض من يدّعون العلم خيلٌ مسوّمةٌ تقودها بِغال؛ ولكنًّ البِغالَ بهائمٌ عن التناسلِ معزولون؛ فلا يتناكحونَ، ولا يتناسلون.  فالبغلُ أبوهُ جحشٌ حمارٌ، وأمّهُ فرس حصان؛ ولحمل الأثقالِ فقط مخلوقون. وفي ميادين الطاعةِ، والتذللّ من السّهلِ يُقادونَ. وبحكمةٍ من الله، ومنّهِ على عباده البشر فاللهُ ذلّلها لهم، فمنها رَكُوبهم، ومنها يأكلون؛ ولهم فيها منافعُ، ومشاربُ أفلا يشكرون. وقليلٌ من عبادِ الله هم الشاكرونَ. إنّ الخيلَ، والبِغالَ، والحميرَ زينةٌ للناس، ولكنّ هذه دوابٌّ، وبهائمٌ على عكسِ أصحابها الآدميين يطيعونَ فلا يفترونَ، ولا يعصونَ، ولا يؤذون. بينما بعضُ علمائنا والذين لهم عقول، ويدّعونَ العلم، والفتوى الشرعية في ضلالهم يتمادونَ، ولا ينتهون.
يا رب، نظرتُ إلى بعض العلماءِ في كثيرٍ من المجالاتِ، والميادين، والمآلات العلميةِ، و العقدية، و الدينية، و الدنيوية، والحياتية متناقضين لاعبين غير ملتزمين.
ففي مجال العلمِ يُحكّمونَ أهواءهم بغيرِ علم، وعواطفهم بغير فقه فتاهوا، وتَوّهوا. وضلّوا، وضَلّلوا. وفي مجالِ الاهتداء ادّعوا أنّ هدى الله هداهم، وهدى غيرهم فسقٌ، وفجورٌ، وضلالُ.  و في مجالِ الاستجابةِ لأمرِ اللهِ كذبوا، و شطحوا، و شططوا ومالوا.
 و في مجالِ التمسكِ بحبلِ اللهِ تمسّكوا بحبالِ غيرهِ من المخلوقين؛ فالْتَوَت بأعناقهم الحبالُ.  وفي مجال التّحاكم – فبدلاً من ربّهم – تحاكموا إلى طواغيتهم، وشياطينهم فهم في طغيانهم يعمهون مستهزئون، و في مجالِ الكذبِ في التحليلِ، والتّحريمِ يقولون: هذا حلالٌ، وهذا حرامٌ؛ تحقيقًا لمصالحهم، فيفترونَ على اللهِ الكذبَ فهم لا يُفلحون، وفي مجال الإتباع، والاقتداء فبدلاً من إتباع الله، و رسولهِ، و المهاجرين، والأنصار ومن تَبِعهم بإحسان اتبعوا مُعَمّميهم فهم كاذبون ، وفي مجال الرحمةِ تراهم يمكرون بآياتِ الله من بعد ضراءَ مسّتهم، و هم يعلمونَ أو لا يعلمون أنّ رسل ربّهم يكتبونَ ما يمكرون.

رد حضاري من مسلمي النرويج على من أحرقوا المصحف


رد مسلمو النرويج بطريقتهم الخاصة على ناشطين عنصريين أقدموا على إحراق القرآن الكريم في بلدة كريستيانساند، جنوبي البلاد.  وحسب وكالات أنباء فقد أقام مسلمو المدينة فعاليات للاستماع إلى تلاوة القرآن الكريم في الشارع وسط تضامن كبير من مجتمع المدينة الصغيرة التي أعرب كثير من سكانها عن إدانتهم لجريمة الكراهية التي وقعت بحرق القرآن، و وقع الحادث في 17 من شهر نوفمبر الجاري عندما قامت مجموعة من أفراد جماعة يمينية متطرفة تسمى «أوقفوا أسلمة النرويج» (SIAN) بتنظيم مظاهرة في كريستيانساند، حاولوا خلالها حرق نسخة من المصحف.  كما أظهرت وسائل إعلام لاجئا سوريا استقر مؤخرا في النرويج يقفز فوق السياج ويركل لارس ثورسين زعيم المتطرفين الذي كان يحرق المصحف، ثم تدخلت الشرطة و اقتادت ثورسين والشاب المسلم للحجز. و بعد الحادث تلقى أفراد من الجالية المسلمة دعما كبيرا من النرويجيين، حيث تجمعت مجموعة من سكان كريستيانساند أمام مسجد بعد صلاة الجمعة الأسبوع الماضي، للتعبير عن تعاطفهم مع المسلمين حاملين لافتات مكتوبا عليها شعارات «معا حتى لو كنا مختلفين».

بناء الثقافة السليمة


الثقافة قبل كل شيء  نمط حياة، و سلوك شخصي وتصرف جماعي؛ إنها الكلمة الطيبة، والخلق المستقيم، والأدب الفاضل و المعاملة الحسنة، والتفاعل الاجتماعي الصادق،
والثقافة قد تكون سليمة وقد تكون معوجة أو منحرفة وفاسدة؛  اتهام الآخرين بالانحراف أو بالفساد و تبرئة النفس ثقافة فاسدة، واتهام النفس بالتقصير قبل إطلاق الأحكام على الآخرين ثقافة سليمة، السعي من أجل نفع الآخرين و التألم لحالهم ثقافة سليمة، الغيبة و النميمة و السخرية وسوء الظن ثقافة فاسدة، واحترام الغير وتقديرهم ثقافة سليمة، فحرية التعبير واحترام الرأي المخالف ثقافة سليمة، والاعتقاد بأن رأيه صواب يحتمل الخطأ ورأي غيره خطأ يحتمل الصواب ثقافة سليمة، واحتكار الصواب ومصادرة الآراء الأخرى ثقافة فاسدة، والاعتقاد بأن العلم انتهي عنده وأنه أتى بما لم يأت به غيره واحتقار ما عند الآخرين من الأفكار والمعارف، ثقافة فاسدة، والتواضع والتعلم من الآخرين والانتفاع بما عندهم ثقافة سليمة وحسن الظن بالآخرين والتواصل معهم والتعاون معهم في القواسم المشتركة ثقافة سليمة، والسعي من أجل خدمة المجتمع ولو بالعمل البسيط (إماطة الأذى عن الطريق ثقافة سليمة......)، كم نحن بحاجة إلى بناء ثقافة سليمة تبني ولا تهدم، تُؤلف ولا تفرق، تصلح ولا تفسد، تعمّر ولا تخرب.

فتاوى

lهل أخذ مال الزوجة دون علمها للإنفاق عليها و على أولادها يعتبر سرقة، علما أن دخلها أعلى من دخل الزوج وعزة نفسه كرجل تأبى أن يطلب منها المال .وهل أخذ المال من مال تركته الأم المتوفاة قبل تقسيمه وبإذن الورثة إلا اثنين لإجراء فحوص طبية مستعجلة يعتبر سرقة؟
أخذ مال الزوجة بغير إذنها حرام شرعا، و هو من السرقة التي حرمها الله رب العالمين.
ولا ينبغي للزوج أن تكون له عزة في نفسه تمنعه من أن يطلب المال من زوجته فتدفعه أن يأخذه سرقة واختلاسا. وكذلك الأمر بالنسبة إلى أخذ جزءٍ من مال التركة قبل تقسيمه إلا بإذن الورثة، حتى ولو كان الدافع إلى ذلك هو إجراء فحوصات مستعجلة أو شراء دواء مستعجل أو نحو ذلك، لأنه أخذ للمال بغير وجه حق، وتعدٍّ على أموال الغير، ولا يخفى عليك شناعة هذا الفعل وعقوبته عند الله رب العالمين.
lزوجتي تأخذ مبلغا من المال ولو كان قليلا  بدعوى أنني لا أعطيها في بعض الأحيان مصروفها  مع أن شهريتي كاملة أصرفها على المنزل،  وأنا أكره عندما أجدها أدخلت يدها إلى جيبي  مستندة في ذلك أنها سمعت فتوى تقول يجوز للزوجة أخذ المال من جيبه إذا كان بخيلا؟
المطلوب في العلاقات الزوجية أن تكون مبنية على التفاهم والتوافق والصراحة في جميع الأمور التي تهم الزوجين. ومن ثم فإن مثل هذه المعاملات لا ينبغي أن تؤثر على علاقات المودة والمحبة في البيت سواء من طرف الزوج أو الزوجة .
 أما أخذ الزوجة من مال زوجها دون علمه فهي مقيدة بظروف معينة، كأن يكون الزوج شحيحا بخيلا لا ينفق على أهله . -فإذا كان الزوج – كما تقول – ينفق كل مال أجرته على أسرته فإنه يتعين على الزوجة أن تتفهم ظروف زوجها وتكون معينا له على تحمل الأعباء والمشاق وتتفاهم هموم الحياة.
 موقع وزارة الشؤون الدينية.

الرجوع إلى الأعلى