لا يتمنى المسلم الوقوع في الأزمات أيا كانت؛ بدنية أم نفسية أم اجتماعية؛ لكن حين تأتي بقضاء الله وقدره، كمحن وابتلاءات عليه أن يجعل منها محطة لمراجعة الذات تصحيحا لمسار انقضى وتجديدا واستعدادا لمسار هو آت؛ حيث نقوم بمراجعة عامة؛ نبتغي منها: إصلاح ما بيننا وبين الله تعالى، وأن نُدْرِك ضعفنا وافتقارنا إلى المولى عزّ وجلّ فنلجأ إليه في الرخاء قبل الشدة، ونُصْلِح من أفعالنا وأخلاقنا، ونُغيّر من سلوكنا وتصرفاتنا، ونُحَسِّن من عاداتنا الفردية والجماعية، ونقوي شبكة العلاقات الاجتماعية؛ متلمسين في ذلك الهدي والأدب النبوي.
ولعل أبرز مثل على ذلك هذه الأيام مراجعة العلاقة مع الأسرة؛ فالمسلم في ظل الحجر الصحي يجد نفسه كثير الحضور مع عائلته على خلاف المعهود في سائر الأيام، للك عليه أن يستغل هذه الفرصة لتصحيح بعض العادات السيئة التي ألفها عن قصد أو عن غير قصد.
فالكثير من الناس عندما تضع له أمُّه أو زوجتُه طعامَ الغذاء أو العشاء تجده يعيب الطعام، ويقلل من قيمته، ويقول عنه أنه زائد ملوحة أو قليل ملح أو غير ذلك من الأوصاف، ولم يعلم بأن كلامه يجرح مشاعر أمه أو زوجته، التي بذلت جهدا في إعداده. بل يُستحسن مدح الطعام والثناء عليه لأنه يبعث السرور في قلبها، والكلمة الطيبة صدقة. وهذا خلق جميل يغيب عند البعض فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: (مَا عَابَ النَّبِيُّ(ص) طَعَامًا قَطُّ، إِنِ اشْتَهَاهُ أَكَلَهُ وَإِلَّا تَرَكَهُ) رواه البخاري ومسلم وكان النَّبِيُّ(ص) يأكل ما يجده في بيته دون أن يكلّف أهلَه، فعن جابر رضي الله عنه أن النبي(ص) سأل أهله الأُدْم، فقالوا: ما عندنا إلا خل، فدعا به، فجعل يأكل، ويقول: (نعم الأُدْم الخل، نعم الأُدْم الخل) رواه مسلم فأكل الخبز بالخل.
كما كان النبي(ص) متواضعا، وبشرا من البشر، يساعد زوجاته في شؤون وأشغال البيت، ويخدم نفسَه بنفسه دون أن يتعب زوجاته، ويستغل وقته عندما يكون في البيت ببعض الأعمال المنزلية. لقد كان نموذج الزوج الصالح الرحيم بزوجته، حسن العشرة معها؛ فأخرج البخاري عن الأسود قال: سألت عائشة رضي الله عنه: ما كان النبي(ص) يصنع في بيته؟ قالت: كان يكون في مهنة أهله -تعني: خدمة أهله، فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة). وعَنْ عَائِشَةَ، سَأَلَهَا رَجُلٌ: هَلْ كَانَ رَسُولُ اللهِ(ص) يَعْمَلُ فِي بَيْتِهِ؟ قَالَتْ: (نَعَمْ، كَانَ رَسُولُ اللهِ(ص) يَخْصِفُ نَعْلَهُ، وَيَخِيطُ ثَوْبَهُ، وَيَعْمَلُ فِي بَيْتِهِ مَا يَعْمَلُ أَحَدُكُمْ فِي بَيْتِهِ) رواه أحمد. وفي رواية سئلت عائشة رضي الله عنها؛ ما كان رسول الله(ص) يعمل في بيته؟ قالت: «كان بشرًا من البشر، يفلي ثوبه، ويحلب شاته، ويخدم نفسه) رواه أحمد. وغير ذلك من العادات، وعلى المسلم أن يملأ قلبه أملا في الله وتفاؤلا؛ ففي دينه من البشائر ما يخول له ذلك؛ فبعد كل شدة رخاء، وبعد كل بلاء عافية، وبعد كل عسر يسر، وبعد كل يأس أمل، وبعد كل حزن سرور، وبعد كل ضائقة فرج، وصدق الله تعالى إذ يقول: (سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا) ويقول: (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا).

الصحابي عمرو بن العاص أول من سن العزل الصحي زمن الأوبئة!


لما آل الأمر لعمرو بن العاص في الشام زمن طاعون عمواس؛ لم يسلك بالمسلمين مسلك من سبقه من الولاة حيث قال أبو عبيدة: (أيها الناس، إن هذا الوجع [الطاعون] رحمة بكم ودعوة نبيكم وموت الصالحين قبلكم، وإن أبا عبيدة يسأل الله أن يقسم لأبي عبيدة منه حظه، فطعن، فمات.)، وقال معاذ: (ها الناس، إن هذا الوجع رحمة بكم، ودعوة نبيكم، وموت الصالحين قبلكم، وإن معاذ يسأل الله تعالى أن يقسم لآل معاذ منه حظهم..، ثم قام فدعا لنفسه فطعن في راحته )؛ حيث رأى في ذلك استسلاما مطلقا منافيا لمقاصد الإسلام التي تدعو للأخذ بالأسباب؛ فقام في الناس خطيبا فقال: ( أيها الناس، إن هذا الوجع [الطاعون] إذا وقع فإنما يشتعل اشتعال النار، فتحصنوا منه في الجبال)؛ ورغم أن بعض من حضر من الصحابة عارضه؛ فقال أبو وائل الهذلي: (كذبت والله لقد صحبت رسول الله، وأنت شر من حماري هذا)؛ إلا أن عمرو بن العاص كانت له رباطة جأش وثقة في صحة ما أعلن عنه من إجراءات للحد من انتشار هذا المرض ووقفه؛ فقال لصاحبه: (والله ما أرد عليك ما تقول، وأيّم الله لا نقيم عليه). ثم عزم الأمر فخرج، وخرج الناس فتفرقوا، ودفعه الله عنهم! فبلغ ذلك عمر بن الخطاب، فو الله ما كرهه.كما روى إبن إسحاق؛ لكن الغريب أن الطاعون تكرر حضوره في تاريخ المسلمين في القرون التي تلت؛ ولم نسمع عن تطبيق هذا الإجراء إلا نادرا من قبل بعض الأمراء في مناطق متفرقة، بل طغت أحاديت تمدح الطاعون وتدعو للصبر عليه؛ حتى قيل أن المسلمين رفضوا في فترات من تاريخهم العلاج المستحدث لهذا الداء! وعلى الرغم من أن المتوفى بسبب الطاعون سيكتب شهيدا إن شاء الله؛ فإن ذلك لا يعني الاستسلام المطلق له أو تعريض النفس له؛ بل المسلم مطالب يأخذ الحيطة؛ ومن ذلك الالتزام بإجراءات العزل، التي جاء ذكرها في قوله (ص) : (إذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأرْضٍ، فلاَ تَقْدمُوا عَلَيْهِ، وإذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا، فَلا تخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ )، وهذه سنة العمرين؛ عمر بن الخطاب الذي تحاشى أرض الطاعون وعمرو بن العاص الذي فرق الناس، ولينظر المسلم للطاعون نظرته لأعداء الإسلام المحاربين له؛ فهو يأخذ حذره وأسلحته ويقاتلهم فإن قتل فهو شهيد، ولكن إن ترك القتال دون عذر رغم وجوبه عليه فهو آثم.
                                                                      ع/خ

الانطلاق في دراسة إنجاز مشروع وقف القدس


أعطى وزير الشؤون الدينية والأوقاف توجيها بالإسراع في دراسة إنجاز مشروع وقف القدس، وذلك وفاء بالالتزام الوطني الذي قطعته الجزائر على نفسها تجاه القدس الشريف حسب بيان صادر عن وزارة الشؤون الدينية والأوقاف، وذلك تمهيدا للانطلاق في تجسيد ها المشروع الذي ينتظر أن تحمل الأيام القادمة بشائر في سبيل تحقيقه،حسب ذات البيان.

لجنة الفتوى تحرم الإشاعة وتدعو لاحترام الاختصاص

حرمت لجنة الفتوى التابعة لوزارة الشؤون الدينية في بيان نشر الإشاعات لاسيما زمن الأوبئة مثل هذا الزمن الذي تمر به البشرية؛ زمن كورونا المستجد؛ فبعد أن عرفت الإشاعة بأنها (نشر الأخبار والمعلومات وتبادلها دون تثبت وإسناد إلى المصادر الموثوقة) وأكدت أن الإشاعة تتسبب في (إثارة القلق والاضطراب والخوف بين الآمنين والتلاعب بالصحة النفسية للمواطنين وإضعاف الثقة بالنفس والتشكيك في جهود ومقدرات الأمة والتأثير على منظومة القيم والأخلاق). قالت إنه (لا يجوز نقل المعلومة إلا بعد التأكد من صحة صدورها من جهة مختصة موثوقة حرصا على عدم المساهمة في انتشار الإشاعة). وحثت الجزائريين على ضرورة العمل على إشاعة معاني حسن الظن بين أفراد المجتمع وطمأنة المواطنين وتقوية عزيمة أعوان الدولة وتعزيز الروح المعنوية للأمة. ودعت كل من هو من غير أهل الاختصاص في مجال ما إلى أن «يسكت ويكف شره وأذاه. وعدت ذلك من أوجب واجبات الوقت؛ مستشهدة في كل ما سبق بنصوص من الكتاب والسنة.
للإشارة فإن الجزائريين يعانون من ظهور وباء كورونا و تفشي الكثير من الإشاعات التي يجهل مصدرها سواء تلك التي تتعلق بمعدل انتشار الوباء أو تلك المتعلقة بندرة بعض المواد واسعة الاستهلاك.

إنشاء الهيئة الشرعية الوطنية للإفتاء للصناعة المالية الإسلامية
أعلن المجلس الإسلامي الأعلى أمس الأول عن إنشاء الهيئة الشرعية الوطنية للإفتاء للصناعة المالية الإسلامية، وتشكيلة أعضائها. وأكّد المجلس الإسلامي الأعلى في بيان وزع على مختلف وسائل الإعلام أنّ «النظام المحدّد للعمليات البنكية المتعلّقة بالصيرفة الإسلامية وقواعد ممارستها سيعمل على التّقليل من الاكتناز المالي والاستجابة للمواطنين الرّاغبين في التّعامل بهذا النّظام وفق أحكام الشّريعة الإسلامية، إلى جانب التّقليل من الآثار السّلبية لظاهرة السوق الموازية، في إطار التوجّهات الجديدة للحكومة الجزائرية في تشجيع الصيرفة الإسلامية وعزيمة بنك الجزائر في تجسيد هذا النّظام».وحسب ذات البيان واستنادا لبعض وسائل الإعلام فإن هذه الهيئة ستتولى شهادة المطابقة الشّرعية للبنوك والمؤسسات المصرفية، وستكون سندًا لبنك الجزائر في توطين الصيرفة الإسلامية بالجزائر.
للإشارة فقد تزامن إنشاء هذه الهيئة مع صدور النظام رقم 20 – 02 المؤرّخ في 20 رجب عام 1441هـ، الموافق 15 مارس 2020م، المحدّد للعمليات البنكية المتعلقة بالصيرفة الإسلامية وقواعد ممارستها من طرف البنوك وستقوم الهيئة الشّرعية الوطنية للإفتاء للصناعة المالية الإسلامية، والذي حدد في المادة (4) منه العمليات البنكية المتعلقة بالصيرفة الإسلامية في المنتجات: المرابحة، المشاركة، المضاربة، الإجارة، السلم، الاستصناع، حسابات الودائع، الودائع في حسابات الاستثمار، وينتظر أن تستفيد هذه الهيئة من تجربة وتعاون هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية "الأويفي" الدولية التي زار رئيسها الجزائر منذ أزيد من سنتين.

كيفية صلاة الأسلاك الطبية من القائمين على مرض كورونا؟
لا يخفى أن الطّهارة شرط لصحة الصّلاة، لقول النّبيّ(ص): “لا يَقبلُ اللهُ صلاةَ أحدِكُم إذا أحْدَث حتّى يتوضّأ”، فإن حصل عذر للمصلّي سقطت عنه الطّهارة المائية وأتى ببدلها وهو التيمُّم، لقوله تعالى: [… فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم].
وإذا عجز المكلّف عن الوضوء والتيمّم معًا كما هو شأن الأطباء والممرضين ومن في حكمهم كرجال الأمن والحماية المدنية وغيرهم ممّن يستحيل عليهم ترك أعمالهم الّتي تتوقّف عليها ضرورة العلاج وإنقاذ حياة إنسان أو يلزمون بألبسة واقية تغطي معظم جسمهم ولا يمكنهم نزعها، فإن حكم صلاتهم يكون كما يأتي:
(1)من تمكن من الصلاة ولو بأي شكل من الأشكال فعليه أن يؤدّي صلاته ولو بغير وضوء ولا تيمُّم، إذا عجز عنهما، أخذًا برأي أشهب تلميذ الإمام مالك.
(2)مَن تعذّرت عليه الصّلاة تمامًا في وقتها، فعليه قضاؤها متى أمكنه ذلك، عملًا برأي أُصْبُغ من المالكية.
(3)تشرع رخصة الجمع بين صلاتي الظهر والعصر، وصلاتي المغرب والعشاء، جمع تقديم أو جمع تأخير، حسب حال كلّ شخص، لمَن أمكنه ذلك.
(4)إذا تعذر أداء الصلاة على الصفة الكاملة جاز أداؤها على أي كيفية تسمح بها الظروف المحيطة بالعمل، فمن تعذر السجود، مثلا  لا حصرا، اكتفى بالإشارة أو الانحناء في الوضعية المتاحة
(5)من عجز عن إزالة النجاسة جاز له أن يصلي بها لأن إزالة النجاسة تسقط مع العجز.
 اللجنة الوزارية للفتوى

الرجوع إلى الأعلى