بر الأب .. عربون وفاء لتضحياته وبركة على طريق الحياة
يكتسي الأب في منظومة الاسلام الأخلاقية والتشريعية مكانة عظيمة، حيث أوجب الله تعالى طاعته، والإحسان إليه ولو كان على غير دين الإسلام، ورتب له على أبنائه جملة حقوق تضمن له هذا الاحترام وتحفظ له الكرامة، وليس مستغربا على دين الرحمة أن يكرس تلك الحقوق لأن الأب علة وجود الابن وسبب نمائه وتدرجه في مراحل الحياة وليدا ورضيعا وصبيا وطفلا وشابا، حين كان الأب يكدح في الحياة من أجله، فيوفر له النفقة والأمن والحماية والطمأنينة و الاستقرار، وإليه ينتسب و به يرتبط نسله أبا عن جد.
إعداد: د .عبد الرحمان خلفة
 لقد درجت البشرية حين كان للفطرة حضور كبير في علاقتها الاجتماعية والأسرية،  على أن ينسب الولد لأبيه، به يفتخر و يعتز، ومنه يتناسل جيلا بعد جيل، فجاء القرآن الكريم ليؤكد هذا الحرص الفطري في الإنسان وأمر بالإبقاء على نسبة الأبناء لآبائهم فقال الله تعالى: ((ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّه))، وحرم الإسلام على الأب أن يتنكر لنسب ابنه إليه؛ فقد  روي أنه صلى الله عليه وسلم قال: (وأيما رجل جحد ولده وهو ينظر إليه احتجب الله منه وفضحه على رؤوس الأولين والآخرين) أخرجه النسائي وأبو داود و الدارمي،  وصححه بعض العلماء، وحرام أن ينسب الابن لغير ابيه.
ومن حقوق الأب على ابنه،  محبته وطاعتة والرحمة به، والإحسان إليه وتوقيره وغض الصوت وعدم الجهر بالقول في حضرته، و إظهار البشاشة له ودوام الابتسامة، وعدم التبرم منه أو إلحاق الأذى الحسي أو المعنوي به، في وجهه وحسن معاشرته، واستئذانه، واستشارته، وتحاشي جداله ولو كنت على الحق، والنفقة عليه إن احتاج إلى ذلك في مرحلة من مراحل العمر؛ فلم يجعل الإسلام من الأب إلها أو شبه إله كما درجت على ذلك بعض العقائد الفاسدة، لأن الأب إنسان، لأنه لا معبود بحق سوى الله، ولكن جعل له مكانة عظيمة، فقرن الإحسان إليه بعبادته تعالى، فقال الله تعالى: ((وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا، وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا))، وهذا الإحسان ينبغي أن لا يكون مجرد مدارة أو تظاهر بل ينغرس في النفس قناعة وملكة، ثم تظهر آثاره في سلوك الابن تجاه أبيه، فلا يبدي له إحسانا وهو كاره لذلك في نفسه أو مستثقلا له؛ لذلك أعقب الله تعالى أية الإحسان للوالدين بقوله: ((رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُم إِن تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا))، لأن أباك حين كنت صغيرا كان يحبك بصدق قلبا وقالبا وتشتاق نفسه للقائك ويسعى كادحا في الحياة كالا من أجلك وهو منتشي يشعر بلذة الإنفاق عليك ويفرح لكل لحظة تنمو فيها أو تبتسم أو تتعلم أو تتوج بأي نجاحات، فمن باب الأولى معاملته بالمثل في كبره.بل إن الإسلام رغب في أن يكرم الابن أقارب أبيه حبا في أبيه وإحسانا إليه؛ ففي الحديث؛ (إِنَّ أَبَرَّ الْبِرِّ صِلَةُ الْوَلَدِ أَهْلَ وُدِّ أَبِيهِ) رواه مسلم
ومن تمام الوفاء والإحسان للأب دوام تذكره بعد موته وقضاء ديونه التعبدية والمالية وكثرة الدعاء له؛ فعفي الحديث: (إِذَا مَاتَ ابنُ آدم انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ: صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أو عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ) .
ولحرص الإسلام على مكانة الأب فقد أوجب المعاشرة له بالمعروف وإن لم يكن مسلما مادامت رابطة النسب ثابتة؛ فقال تعالى: ((وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَاۖوَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا))، وقد سجل القرآن الكريم ذاك الحوار الأخلاقي الرفيع بين إبراهيم عليه السلام المسلم وأبيه الكافر، وفيه من المعاني وآداب الحوار والمعاشرة ما يشكل منهج تعامل لكل ابن خالف أبوه دينه؛ وانتهى الحوار بقول إبراهيم الذي كان على الحق: فقال الله تعالى: (قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ ۖ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي ۖ إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا (47.
إن لبر الوالدين، الذي هو ثمرة الرحمة التي غرست في نفوس الأبناء، ثمرات تتجلى مظاهرها في حياة الأبناء العلمية والمهنية، حيث يجد الابن البار يسرا في طريقها ونجاح يتلوه نجاح، بسبب دعاء الأبوين في السر وفي العلن، ولا تكاد تجد ناجحا في حياته إلا وهو بار لوالديه، بخلاف غيره من العاقين الذين كثيرا ما تعترض طريقهم عوائق لا يجدون لها تفسيرا، ولو راجعوا علاقتهم مع الأبوين فلربما وجدوا العلة في تلك العلاقة المتوترة المشوبة ببعض العقوق والنفور، فليصحح مسارها.  
ع/خ  

الجزائر وقفت بقوة مع آبائهم منتصف التسعينيات
طلبة الثانوية الإسلامية بالبوسنة في مسيرة احتفاء بالتخرج
تناقلت وسائط إعلامية كثيرة مسيرة طلاب وطالبات المدرسة الثانوية الإسلامية (مدرسة إبراهيم التشي باشا) في البوسنة منذ أيام يمشون في مسيرة رمزية من المدرسة وحتى مسجد المدينة.، احتفاء بذكرى التحرر وتعبير رمزي عن عمق الانتماء للإسلام الذي ورثوه منذ قرون، ودفع آباؤهم الأقربون ثمنا باهظا للحفاظ عليه؛ حين ذبحوا وقتلوا تقتيلا من قبل الصرب منتصف التسعينيات، على مرأى العالم المسيحي الذي برر بعض دعاته هذه المجازر التي ارتكبت في كثير منها باسم الدين والإله في محاولة للإبادة الجماعية وتصفية الوجود الإسلامي بتلك الديار، حيث يذبح الناس وتغتصب النساء، من قبل من يدعون اليوم الدفاع عن حقوق الإنسان والحريات العامة والفردية، لذلك شكلت لهم لحظة التخرج فارقة في التاريخ المعاصر لأنهم يعتبرونها ثمرة يانعة من ثمرات الآباء وتأكيدا على عزمهم على الوفاء لهم والحفاظ على الدين، للإشارة فقد هزت مجازر البوسنة والهرسك الضمير الإنساني الحي منتصف التسعينيات وكان للجزائر برغم الظروف التي كانت تمر بها موقف مشرف حيث وقفت إلى جانب البوسنيين وفتحت لبعضهم البلد للجوء. 

جوامع الدعاء إلى الله مؤشرٌ قويٌ على تحقق النصر من الله
إن ثقافة التوحيد في الصبر عند الابتلاء تتسع لطلب التثبيت من الله في الأزمات، وهذا ما تجلى بالنسبة للموحدين الصابرين من المؤمنين، وضمن قوله تعالى:((هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيءٍ عليم)) فهو الأول بلا نهاية، وهو الآخر بلا نهاية، وهو الظاهر ليس فوقه أحد، وهو الباطن ليس دونه أحد. وقد ورد أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يدعو بهذا الدعاء: ((اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر ليس بعدك شيء، وأنت الظاهر ليس فوقك شيء، وأنت الباطن ليس دونك شيء. اللهم اقض عنّا الدَين، وأغننا في الفقر)) رواه مسلم
وبتْثبيته تعالى للموحدين المؤمنين لا يتقدم عليه شيء، ولا يتأخر عليه شيء. فليس قبله شيء، وليس بعده شيء أو أحد يؤخر تثبيته للموحدين الصابرين، ولهم أجرهم في الحياة الدنيا، والآخرة. فالله، وهو الظاهر، وبنصره للمؤمنين لا يعلو عليه شيء، ولا أحد، ولا يمنع نصره إن أراد أحد. والله الباطن العالم ببواطن الأمور كامل الخفاء، وبنصره للمؤمنين لا يمنعه أي شيء، أو أحد من دونه. إن الله ظاهر كامل العلو لا يخفى بصفاته، ومحامده على أحد، ولا يعلو عليه أحد من خلقه؛ فكيف يأتي النصر من غيره؟!
إن الله باطن كامل الخفاء يرانا، ولا نراه، ولا يعلم عنه حقيقته إلا هو، وخاصة في القتال، والغزو؛ فكيف يأتي النصر من غيره؟! وصدق من قال: ما رأيت شيئاً أولاً إلا رأيت الله قبله، وما رأيت شيئاً آخراً إلا رأيت الله بعده، وما رأيت شيئا ظاهراً إلا رأيت الله فوقه، وما رأيت شيئاً باطناً إلا رأيت الله أعلم ببواطن الأمور منه، وأعلم بالسر منه، وأخفى.

مكتبة الشارقة تضع 6 ملايين كتاب في متناول المقيمين بالحجر المنزلي
استجابة لمبادرات منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) لدعم جهود الحد من انعكاسات جائحة كورونا على مجالات التربية والعلوم والثقافة، وافقت مكتبة الشارقة على إتاحة أكثر من 6 ملايين كتاب ومصدر معرفي رقمي مجانا في“بيت الإيسيسكو الرقمي”. ويشمل المحتوى المتاح من مكتبة الشارقة أكثر من 30 ألف مقطع فيديو في شتى المجالات والتخصصات، و160 ألف كتاب إلكتروني، و5 ملايين رسالة جامعية عالمية، بالإضافة إلى 21 ألف محتوى علمي، إلى جانب عدد من المخطوطات، والكتب النادرة، والكتب الصوتية، وجميعها متاحة بأكثر من 10 لغات طوال فترة الحجر المنزلي المفروض لمنع تفشي فيروس كورونا. ويمكن للجمهور الاطلاع على هذه الكتب والمصادر المعرفية، بعد التسجيل.

مجمع الفقه الإسلامي يرحب بإقامة الحج بأعداد محدودة
 رحب مجمع الفقه الإسلامي الدولي التابع لمنظمة التعاون الإسلامي بقرار إقامة الحج بأعداد محدودة من مختلف الجنسيات المقيمين داخل المملكة، مؤكدا أن هذا القرار يتفق تمام الاتفاق مع مقاصد الشريعة وحرصها على المحافظة على حماية حياة الإنسان وصحته،كما رحبت الكثير من الهيئات الفقهية الوطنية لدول العالم الإسلامي، وفي الجزائر صرح مدير ديوان الحج والعمرة أن الجزائريين المقيمين بالسعودية سيمثلون الجزائر في موسم حج هذا العام وسيتم التواصل معهم .

أركان الإسلام نجت من زحف كوفيد19
لقد زحف فيروس كوفيد19 على الأبدان كما زحف على الأديان؛ فلم ينج منه أي دين سماوي أو وضعي؛ حيث أغلقت المعبد وتعطلت الشعائر، في شتى أرجاء الأرض، بيد أن الله تعالى شاء أن لا يمس هذا الفيروس أركان الإسلام الأساسية، من صلاة وصيام وزكاة وحج، فقد ظل المسلمون محافظين على صلواتهم الخمس المفروضة برغم غلق المساجد، وظلوا يؤدون زكاتهم بشكل ربما أكثر حرصا من ذي قبل حين عجل بعضهم أداءها لحاجة الناس إليها، كما صاموا رمضان رغم محاولات البعض التشويش على هذا الصيام بدعوى أنه قد يؤثر على مناعة الصائمين ويجعلهم أكثر عرضة للفيروس، وكان المسلمون متخوفين من تعطيل الركن الأخير من أركان الإسلام وهو الحج إلى بيت الله الحرام؛ في ظل تفشي الجائحة وتعطل وسائل النقل البحرية والجوية والبرية؛ لكن شاء الله تعالى أن تعلن الجهات المنظمة للحج عن إقامته هذا العام ولو بأقل عدد حفاظا على هذه الشعيرة، وليس مهما عدد من يشهد الحج بل المهم أن لا يعطل هذا الركن ويصمد في وجه هذه الجائحة، لأن هذه الشعيرة رغم وجوبها على كل مسلم قادر مستطيع إلا أنها غير متأتية في الظروف العادية لكل مستطيع، حيث لا يحج كل عام سوى واحد أو أكثر بقليل من كل ألف مسلم على وجه الأرض، وبهذا يكون هذه الدين قد أظهر خاصية جديدة تفتقرها بعض الأديان وهي قدرته على التكيف مع كل حوادث الدهر و مستجداته لما يحمله من مرونة و يسر وسعة مقاصد، وتوجهه إلى بناء الفرد وتحميله مسؤولية العبادة بمنأى عن الجماعة؛ ؛ لأن العبادات في الإسلام من صلاة وصيام وزكاة وحج، هي عبادات فردية بالأساس وإن اعتاد الناس على أدائها جماعات.
ع/خ

 

 

الرجوع إلى الأعلى