يتأهب المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها لاستقبال شهر فضيل  اختصه الله تعالى بجملة خصائص ومميزات فضله بها عن سائر الشهور وجعل فيها ليلة هي خير من ألف شهر ليلة القدر. هذا الشهر هو شهر رمضان وهو الشهر الوحيد الذي سمي في القرآن الكريم لقوله تعالى: ((شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ))، وما روي من قوله صلى الله عليه وسلم :( من صام رمضان إيماناً واحتساباً، غُفر له ما تقدم من ذنبه)) رواه الشيخان.)؛ فهو بحق محطة زمانية يتزود فيه المسلمون لآخرتهم ودنياهم على حد سواء.

ولكي يغتنم هذه المحطة الإيمانية خير اغتنام ونحصل فيها من النفائس والدرر ونتزود فيها خير زاد موصل إلى محطة رمضانية أخرى يجب أن نضع نصب أعيننا واجبات معينة منها واجبات قبلية وأخرى حينية وأخرى بعدية، وسوف نقصر الكلام عن الواجبين الأخيرين ونرجيء الكلام عن الواجب الأخير إلى قبيل انقضاء الشهر الفضيل
(أولا): الاستعداد النفسي لاستقبال هذا الشهر الفضيل: مما لا شك فيه أن من علامات الاستعداد النفسي أن نستقبل هذا الشهر بابتهاج وفرح ينم عن إيمان عميق بأفضلية هذا الشهر ومكانته العظيمة، فلقد كان السلف الصالح رضي الله عنهم يدعون الله ستة أشهر قبل رمضان بدعاء اللهم بلغني رمضان ويستقبلونه كما يستقبل الضيف العزيز والقادم والوافد المشتاق إليه.
(ثانيا) تصفية الأجواء بينك وبين العباد ورد المظالم إلى أهلها من أهم أسباب قبول الأعمال التوبة ولاتتصور توبة دون رد المظالم لأهلها، فمن شروط التوبة رد الحقوق لأصحابها فإن لم تقدر على ذلك  لغربتهم أو موتهم وعدم معرفة ورثتهم إن كانت الحقوق أموالا فلتدع لأرباب الحقوق عليك بالرحمة والمغفرة .
(ثالثا) صلة الأرحام وبر الوالدين :مما هو ملاحظ في زماننا هذا قطيعة الرحم والتدابر والتنافر بين أبناء العائلة الواحدة بل وصل الأمر إلى عقوق الوالدين والعداوة المستعرة بين الأبناء والآباء والأمهات وقد حثنا القرآن الكريم على صلة الرحم وكذا النبي صلى الله عليه وسلم حتى قال لا يدخل الجنة قاطع رحم، ولقد وصانا القرآن الكريم بالوالدين حسنا كما جاءت النصوص بذلك ، ولقد قال النبي صلى الله عليه وسلم (لا يدخل الجنة عاق) فأنى يتقبل الله من إنسان طاعة أو يرفع له عمل أو يستجاب له دعاء وهو عاق لوالديه قاطع لهما مقصر في حقهما . قاطع لرحمه هاجر لأهله وخلانه .
(رابعا) استغلال أوقات الشهر بالطاعات وهي على نوعين طاعات فردية لا يتعدى نفعها وطاعات ذات بعد اجتماعي  يتعدى نفعها إلى المجتمع إنه موسم التحليق بالنفس في عالم المثل ، والارتقاء بالروح إلى عالمها العلوي، وتهذيب الغرائز تجفيف منابع الشر والرذيلة حتى يسمو بنفسه إلى الكمالات البشرية وتتغلب الصفات الملائكية الرحمانية على الغرائز البهيمية السبعية فيغدو الصائم وكأنه ملاك حيث كما تشبه بالملائكة في ترك الأكل والشرب وسائر الشهوات يتشبه بهم في كمالات الأخلاق والسلوك. فلا يترك سانحة إلا ملأها بالذكر وتلاوة القرآن والاستغفار وغيرها من الطاعات.
 (خامسا) فعل الخيرات والمسارعة إلى إغاثة الملهوف وحمل الكل والفقير وإعانة أصحاب الحاجات وأهل الفاقة؛ لأن من أبرز خصائص شهر رمضان أنه شهر الجود والعطاء والإنفاق بغير حساب فلقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم أجودَ الناسِ بالخيرِ ، وكان أجودَ ما يكون في شهرِ رمضانَ حتى ينسلِخَ ، فيأتيه جبريلُ فيعرضُ عليه القرآنَ ، فإذا لقِيَه جبريلُ كان رسولُ اللهِ أجودَ بالخيرِ من الرِّيحِ الْمُرسَلَةِ ومن أبرز وجوه الخير الوصول إلى المحتاجين والمعوزين واليتامى والأرامل وأبرز واجبات الوقت توفير الأقوات وما يحتاجه الناس وتحريم الاحتكار والضرب بيد من حديد على يد كل متلاعب محتكر مضارب من التجار وليتذكر التجار حديث النبي صلى الله عليه وسلم (المحتكر ملعون والجالب مرزوق). وعلى القائمين على أمر العمل الخيري أن يرشدوا الإنفاق ويرشدوا العمل الخيري حتى يذهب إلى مصارفه بعيدا عن الفوضى والارتجالية والعمل الخيري لمجرد العمل، ولتتعاون هذه الجمعيات والمؤسسات الخيرية فيما بينها على أقل تقدير لتوحيد قوائم المحتاجين والموعزين وتتوسع دائرة الاستفادة من الخير لتشمل قطاعا واسعا من المحتاجين الحقيقين ، إذ قد يستفيد أفراد معينين أكثر من مرة ومن أكثر من جهة في حين يبقى آخرون دون استفادة.
(سادسا) تعلم أحكام الصيام وزكاة الفطر فلا يجوز أن يدخل الإنسان في عبادة دون معرفة أحكامها على سبيل الإجمال لا التفصيل.  

مديريات الشؤون الدينيات في سباق مع الزمن تحضيرا لأنشطة رمضان
دخلت مختلف مديريات الشؤون الدينية والأوقاف عبر الوطن في سباق مع الزمن تحضيرا لشهر رمضان المبارك؛ الذي فرض عليها عادة القيام بأنشطة تتعلق أساسا بالصلاة والدروس والخطب والندوات والمساقات وغيرها.
وحسب اطلاعنا على بعض تلك التحضيرات فإن أهم الجوانب التي شملها هي: الجانب الإداري التنظيمي، وجانب النشاط الإرشادي المسجدي، وجانب النشاط الثقافي والمسابقات القرآنية، وجانب النشاط الإعلامي التوعوي والتحسيسي، والجانب التضامني الاجتماعي بدعوة الخيرين والمحسنين إلى ضرورة دعم مجلس سبل الخيرات سيما ما تعلق بقفة رمضان.
كما عقدت مديريات أخرى ضمت أئمة المساجد للحديث عن الاستعداد الروحي والنفسي والأخلاقي والتضامني لشهر الصيام،  وجلسات شارك فيها بعض مدراء التجارة للحديث عن الأخلاق السلبية والعادات السيئة التي كثيرا ما تنتشر في رمضان كالإسراف والتبذير والمضاربة والاحتكار وغيرها من السلوكات المشينة التي تظهر أحيانا في شهر رمضان، وجلسات شارك فيها أطباء من القطاعين العام والخاص، للحديث عن التربية العلاجية لأصحاب الأمراض المزمنة الذين قد يعجزون عن الصيام على غرار مرضى السكرى.

المساجد السعودية
منع بث وتصوير المصلين في المساجد خلال شهر رمضان
أصدرت وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد في السعودية، مجموعة من التعليمات والتوجيهات الخاصة بتهيئة المساجد قبل حلول شهر رمضان المبارك. لكل موظفي المساجد في كافة مناطق المملكة، لما يخدم المصلين، ويحقق رسالة الوزارة وأهدافها العامة.
واستنادا لوسائط إعلامية فإن الوزارة وفي تعليماتها أكدت على عدم استخدام الكاميرات الموجودة في المساجد لتصوير الإمام والمصلين أثناء أداء الصلوات، وعدم نقل الصلوات أو بثها في الوسائل الإعلامية بشتى أنواعها، مشددة على المؤذنين، الالتزام بمواعيد الأذان حسب تقويم أم القرى، والتأكيد على وقت رفع أذان صلاة العشاء في الوقت المحدد في شهر رمضان، وأن تكون الإقامة بعد الأذان وفق المدة المعتمدة لكل صلاة. وضرورة مراعاة أحوال الناس في صلاة التراويح، والاقتصار في دعاء القنوات على جوامع الدعاء.

المذهب المالكي مرجعية يجب الحفاظ عليها
المذاهب الفقهية الأربعة هي نتاج اجتهادات أئمة كبار في العلم وفي الورع ،تنتشر مذاهبهم في أصقاع العالم الإسلامي، ومذهب الإمام مالك انتشر في الغرب الإسلامي بسبب أنه كان يقدم دروسه في المسجد النبوي وكان حجاجنا ومعتمرونا يحضرونها هناك وجاءوا بذلك الفقه إلينا وانتشر المذهب في بلاد المغرب ومنها الجزائر، وقد صمد أهل المغرب أمام كل الفرق والمذاهب التي زحفت عليهم عبر القرون، وتمسكوا بهذا المذهب الذي كاد في بعض فترات التاريخ المغاربي أن يجسد أهل السنة والجماعة لاسيما في مقابلة الفاطميين العبيديين.
ومنذ الصغر كنا نرى الفتوى والعبادات تؤدى وفقا لهذا المذهب؛ لكن في السنوات الأخيرة رأينا هجرا للمذهب على مستوى بعض الأئمة، ومن مظاهر ذلك الهجر ترك سنة قنوت الفجر، وترك ترتيب المصحف في قراءة الصلاة فتجد الإمام يقرأ في الركعة الأولى من النساء ويعود في الثانية إلى البقرة، وترك ما تقتضيه بعض الصلوات من القراءة؛ فالصبح مثلا يقرأ فيه بالطويل، ولكننا نرى اليوم من يقرأ بآية واحدة، إضافة إلى ترك رواية ورش في القراءة. إن هذه المذاهب تعبر عن ثراء الفقه الإسلامي، وكان يليق بأهل كل بلد أن يحافظوا على موروثهم الفقهي والعلمي، فإذا انتقل الفرد إلى بلد آخر فيه مذهب آخر عمل به درءا للخلاف، أما أن تحدث هذه الفسيفساء في التعبد مع ذم التلفيق بين المذاهب خصوصا في العبادات في بلد واحد فهو أمر غير محمود.
لذلك ينبغي المحافظة على المذهب ومظاهره باعتبارها مرجعية تاريخية وواقعية، على المستويين الرسمي والشعبي، في العبادات والمعاملات؛ ضمانا لوحدة الأمة واستقرارها وتماسك أبنائها.

وزارة الشؤون الدينية تطلق حملة تحسيسية تحت شعار «التاجر الصدوق الأمين»
تعتزم وزارة الشؤون الدينية والأوقاف إطلاق حملة تحسيسية وطنية تحت شعار «التاجر الصدوق الأمين» ابتداءً من يوم الاثنين 25 شعبان 1443هـ الموافق لـ 28 مارس 2022.وذلك تحضيرا لشهر رمضان المبارك، وسعيا للحد من بعض الظواهر السلبية التي قد تظهر عند بعض التجار في هذا الشهر؛على غرار الاحتكار والغش والمضاربة غير المشروعة ورفع الأسعار بشكل غير مبرر وغيرها من الظواهر التي حظر الشرع الحنيف وتوعد أصحابها، وتحفيزا للتجار الأمناء الصادقين الذين وردت بعض الآثار في مدحهم منها ما رواه الترمذي بسند حسن عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «التاجر الصدوق الأمين مع النبيين والصديقين والشهداء».

موعد حلول رمضان
مراصد فلكية تشرع في الكشف عن توقعاتها
باشرت مختلف المراكز والجمعيات الفلكية في العالمين العربي والإسلامي في الرصد والكشف عن توقعاتها لبداية شهر رمضان المبارك ونهايتها، وقد اتفقت هذا العام على أن بداية شهر رمضان ستكون يوم السبت الثاني من أفريل 2022م
وفي هذا الصدد واستنادا لوسائط إعلامية فقد كشف إبراهيم الجروان، رئيس مجلس إدارة جمعية الإمارات للفلك، أن «شهر رمضان المبارك يبدأ فلكيا يوم السبت الموافق 2 أبريل المقبل، ويكون عيد الفطر المبارك وأول شهر شوال يوم الاثنين 2 مايو 2022، وبهذا فإنه من المتوقع أن يتمم رمضان 1433 هجري 30 يوما. من جانبه أفاد جاد القاضي، رئيس المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية في مصر، بأنه «طبقا للحسابات الفلكية التي يقوم بها المعهد فإن هلال شهر رمضان سوف يولد مباشرة بعد حدوث الاقتران في تمام الساعة الثامنة والدقيقة 25 صباحا بتوقيت القاهرة المحلى يوم الجمعة الموافق 1 أبريل 2022 (يوم الرؤية)»، موضحا أن «الهلال الجديد يبقى في سماء مكة المكرمة والقاهرة لمدة 17 دقيقة بعد غروب شمس ذلك اليوم (يوم الرؤية) وفي باقي محافظات جمهورية مصر العربية يبقى الهلال الجديد في سمائها لمدد تتراوح بين (17 – 18 دقيقة)».  وتابع: «في العواصم والمدن العربية والإسلامية فيبقى الهلال الجديد بعد غروب شمس ذلك اليوم لمدد تتراوح بين (10- 25 دقيقة)، وبذلك تكون غرة شهر رمضان المعظم 1443هـجري فلكيا يوم السبت 2 أبريل 2022».
في حين أوضح الدكتور خالد الزعاق، رئيس مرصد الزعاق للدراسات الفلكية والجيوفيزيائية بالسعودية، أن «شهر شعبان مدته فلكيا 29 يوما، مما يعني أن بداية شهر رمضان الكريم ستكون في الثاني من شهر أبريل، إذ أنه ينتظر في التاسع والعشرين من شعبان من أجل تحديد أول أيام شهر رمضان المبارك في جميع الدول، ونرى أن شهر رمضان يأتي متقدما كل عام عن العام السابق نتيجة للعديد من الظواهر الكونية». 

الرجوع إلى الأعلى