يحتفي العالم هذا السبت باليوم العالمي للغة العربية؛ في مسعى ثقافي لإبراز حضور هذه اللغة العظيمة في الثقافة الإنسانية وتراثها العريق، وتطويرها لتظل مستجيبة لكل المنجز الحضاري؛ لاسيما وأنها إحدى اللغات الأكثر حضورا على المستوى العالمي جغرافيا ودينيا وثقافيا بحكم أنها لغة القرآن الكريم ومرتبطة بالدين الإسلامي الذي يتبعه قرابة مليار وثمانمائة ألف مسلم عبر العالم، كما ارتبطت بها جل الشعائر التعبدية الإسلامية. ما جعلها تتفرد بجملة خصائص لم تنلها غيرها من اللغات.

 فقد قالت الأمم المتحدة حسب موقعها الإلكتروني (في إطار دعم وتعزيز تعدد اللغات وتعدد الثقافات في الأمم المتحدة، اعتمدت إدارة الأمم المتحدة للتواصل العالمي — عُرفت سابقا باسم إدارة شؤون الإعلام — قرارا عشية الاحتفال باليوم الدولي للغة الأم بالاحتفال بكل لغة من اللغات الرسمية الست للأمم المتحدة. وبناء عليه، تقرر الاحتفال باللغة العربية في 18 كانون الأول/ديسمبر كونه اليوم الذي صدر فيه قرار الجمعية العامة 3190(د-28) المؤرخ 18 كانون الأول/ديسمبر 1973 المعني بإدخال اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية ولغات العمل في الأمم المتحدة. والغرض من هذا اليوم هو إذكاء الوعي بتاريخ اللغة وثقافتها وتطورها من خلال إعداد برنامج أنشطة وفعاليات خاصة).
 وبررت الأمم المتحدة تخصيص اللغة العربية بيوم عالمي بقولها (تُعد اللغة العربية ركناً من أركان التنوع الثقافي للبشرية. وهي إحدى اللغات الأكثر انتشاراً واستخداماً في العالم، إذ يتكلمها يومياً ما يزيد على 400 مليون نسمة من سكان المعمورة. ويتوزع متحدثو العربية بين المنطقة العربية و عديد المناطق الأخرى المجاورة كتركيا وتشاد ومالي السنغال وإرتيريا، حيث أن للعربية أهمية قصوى لدى المسلمين، فهي لغة مقدسة (لغة القرآن)، ولا تتم الصلاة (وعبادات أخرى) في الإسلام إلا بإتقان بعض من كلماتها. كما أن العربية هي كذلك لغة شعائرية رئيسية لدى عدد من الكنائس المسيحية في المنطقة العربية حيث كتب بها كثير من أهم الأعمال الدينية والفكرية اليهودية في العصور الوسطى .وتتيح اللغة العربية الدخول إلى عالم زاخر بالتنوع بجميع أشكاله وصوره، ومنها تنوع الأصول والمشارب والمعتقدات، كما أنها أبدعت بمختلف أشكالها وأساليبها الشفهية والمكتوبة والفصيحة والعامية، ومختلف خطوطها وفنونها النثرية والشعرية، آيات جمالية رائعة تأسر القلوب وتخلب الألباب في ميادين متنوعة تضم على سبيل المثال لا الحصر الهندسة والشعر والفلسفة والغناء. وسادت العربية لقرون طويلة من تاريخها بوصفها لغة السياسة والعلم والأدب، فأثرت تأثيرًا مباشرًا أو غير مباشر في كثير من اللغات الأخرى في العالم الإسلامي، مثل: التركية والفارسية والكردية والأوردية والماليزية والإندونيسية والألبانية وبعض اللغات الإفريقية الأخرى مثل الهاوسا والسواحيلية، وبعض اللغات الأوروبية وخاصةً المتوسطية منها كالإسبانية والبرتغالية والمالطية والصقلية. وفضلا عن ذلك، مثلت حافزاً إلى إنتاج المعارف ونشرها، وساعدت على نقل المعارف العلمية والفلسفية اليونانية والرومانية إلى أوروبا في عصر النهضة.، كما أتاحت إقامة الحوار بين الثقافات على طول المسالك البرية والبحرية لطريق الحرير من سواحل الهند إلى القرن الأفريقي..).
اللّغة العربية لغة العبادة والثقافة والآداب والعلوم
 وفعلا ففي الإسلام لا تؤدى الصلوات التي تعد عماد الدين لا يكون إلا باللغة العربية وهو ما يفرض على كل مسلم تعلمها لتصح عبادته. كما أن تلاوة القرآن الكريم لا تكون إلا باللغة العربية وفهمه حق الفهم متوقف على إدراك معاني هذه اللغة التي نزل بها. والتكاليف الشرعية منوطة بهذا الفهم. ولذلك أفتى العلماء منذ القدم بوجوب تعلم هذه اللغة لكل مسلم أو على الأقل تعلم ما تصح به العبادة. وهذه العوامل الدينية أسهمت في انتشارها وخلودها رغم مرور عشرات القرون منذ ظهورها حتى عدت اليوم من أقدم اللغات لكن هذا لا يعني أنها لغة العبادة فقط بل إنها إلى جانب ذلك اثبت على مدى قرون في تاريخ الحضارة الإسلامية أنها لغة العلم والطب والأدب والفلسفة والفكر فقد استطاع المسلمون عن طريقها تقديم أروع وأضخم المنجزات العلمية والفكرية الحضارية للعالم كما لم تكن عاجزة عن التلقي من خلال نجاحها في استيعاب المنجز الحضاري اليوناني والروماني والفارسي وغيره عن طريق الترجمة التي اتسعت لها مفرداتها الثرية وبسبب كثرة المفردات التي يبلغ بعددها البعض الملايين فإنها كادت تخلو من الترادف حيث تعبر كل مفردة فيها عن معنى مغاير لغيرها من المفردات ومتميز عنه ولو بدا ظاهريا انه مطابق له. ولذلك فان المحافظة على هذه اللغة ونشرها واستعمالها يعد فريضة دينية وحضارية وإنسانية حري بالعرب خدمتها لتظل لغة معطاءة للإنسانية قاطبة، لن هذه اللغة محفوظة بحفظ اله تعالى للقران الكريم وان لم يخدمها العرب فسيسخر الله تعالى لها من يخدمها من غيرهم، لاسيما في هذه السنين التي أقبلت فيها الكثير من الدول غير العربية على تدريس العربية لأبنائها ومنها دول إسلامية وأخرى غير إسلامية. بسبب عوامل ثقافية وسياسية واقتصادية وكل المؤشرات العلمية تشير إلى أن هذه اللغة باقية وفي انتشار كبير.
ع/ع

اللّغة العربيــــة أثــــــرت في عشـــــرات اللغـــــــــات
إن فضل العربية لم يكن قاصرا على ما كتب بلسانها وقدم للبشرية على مدى قرون في ضوء الحضارة الإسلامية بل امتد فضلها لتخدم لغات كثيرة عاصرت مسيرتها وتنقذها من موت محقق وتثريها بحروفها وألفاظها وقواعدها. فقد أكد الباحثون أن علماء الدين اليهود وجدوا لغتهم العبرية في العصر الوسيط أضحت مجرد لغة طقوس تعبدية ودعوات وتراتيل فخافوا على زوالها بفعل الزمن. فعمدوا إلى اقرب لغة سامية لهم وهي اللغة العربية فاخذوا علوم النحو والصرف المؤطرة لها واصبغوها على لغتهم فانبعثت فيها الحياة وكأنها دبت من جديد واستطاعت بعدها اللغة العبرية أن تترجم الكثير من كتب الفلسفة الإسلامية ومنها كتب ابن رشد الى اللغة العبرية ومنها ترجمت للغة اللاتينية وكانت سببا في تطور الغرب. واللغة العبرية اليوم التي تتحكم في العلوم المعاصرة وتكنولوجيات الإعلام الآلي والنانو قواعد نحوها وصرفها عربية. كما أثرت اللغة العربية بحروفها ومفرداتها في اللغات الفارسية والتركية والأردية والكثير من اللغات الأمازيغية والإفريقية التي آخذت عنها بعض المفردات وحرفها العربي الأصيل ودونت به لغتها ناهيك عما أخذته من مفرداتها. كما أثرت اللغة العربية في اللغة المالطية التي تفهم ألان جيدا لجل العرب بحكم تواجد المسلمين قديما في صقلية ناهيك عن تأثيرها في اللغة الاسبانية التي تحوز أزيد من ثلاثة آلاف مفردة عربية في وعائها بحكم تواجد المسلمين قرابة ثمانية قرون بالأندلس. كما يؤكد الكثير من علماء اللغة المعاصرون أن للغة العربية تأثيرا في اللغات العالمية الحية ومنها اللغة الانجليزية واللغة الفرنسية واللغة الألمانية بحكم أن جل هذه اللغة المتفرعة عن اللغة اللاتينية الأم رافق تفرعها هيمنة اللغة العربية عالميا ما جعلهم ينهلون من معينها.
ع/خ

”مساهمة اللغة العربية في الحضارة والثقافة الإنسانية“ موضوع احتفالية عام 2022
اختارت اليونيسكو موضوع ”مساهمة اللغة العربية في الحضارة والثقافة الإنسانية“ موضوعا لاحتفالية هذا العام باليوم العالمي للغة العربية وأعلنت أنها ‘ستسلط الضوء على المساهمات الغزيرة للغة العربية في إثراء التنوع الثقافي واللغوي للإنسانية، فضلاً عن مساهمتها في إنتاج المعارف، وذلك من خلال موضوع الاحتفال لهذا العام. وتنظِّم اليونسكو بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية لعام 2022 سلسلة من حلقات النقاش والفعاليات الثقافية في يوم 16 كانون الأول/ديسمبر في مقر المنظمة في باريس› وهذا يزيدها حضورا عالميا ويتيح للمتابعين لمثل هكذا نشاط معرفة أصالة هذه اللغة وثرائها وإسهامها الكبير في تاريخ الحضارة الإنسانية وينفض الغبار الذي حاول البعض وضعه لتعتيم الإسهام العربي في الحضارة، كما سيدرك من خلال هذه الأنشطة وغيرها أبناء هذه اللغة أنها قادرة مجددا على استيعاب المنجز الحضاري تكنولوجيا وفكريا وثقافيا وأنها ليست عقيمة بل ولادة وغزيرة الإنتاج بشرط استعمالها في شتى الميادين.
 ع/خ

ألفية الجزائري ابن معطي هي أقدم منظومة في النحو العربي
تعد ألفية الجزائري زين الدين أبو الحسين يحيى بن عبد المعطي بن عبد النور الزواوي (ت 628ه) أول ألفية تنظم في قواعد النحو والصرف في تاريخ اللغة العربية. لتسهيل حفظ قواعدها لطلاب العلم ونقلها جيلا بعد جيل. وهي منظومة شعرية من ألف بيت وضعها صاحبها في عامين وأنهاها سنة 395 للهجرة تضم كل تلك القواعد في محاكاة لمنظومات علمية ظهرت في علوم كثيرة لاسيما في علوم الفقه وأصوله وعلوم التفسير والحديث وعلوم العقيدة وعلوم المنطق حيث لجا إليها العلماء لحفظ العلوم إلى جانب المتون قبل أن يتم شرحها بعد ذلك في مجالس العلم آو في مصنفات على هامش المنظومة وحاشيتها. وتكتسي ألفية ابن معطي أهمية كبرى لكونا سبقت ألفية بن مالك الشهيرة التي اعتمدت وما تزال معتمدة في الكثير من كليات الشريعة واللغات في العالم العربي. وتنقل صاحبها بين الجزائر ومصر والشام وله طلبة كثر.  
وقد اعترف ابن مالك في مقدمة ألفيته بفضل السبق الذي حازه ابن معطي فقال
قال محمد هو ابن مالك أحمد ربي الله خير مالك
مصلياً على النبي المصطفى وآله المستكملين الشرفا
وأستعين الله في ألفيه مقاصد النحو بها محويه
تقرب الأقصى بلفظ موجز وتبسط البذل بوعد منجز
وتقتضي رضا بغير سخط فائقة ألفية ابن معط
وهو بسبق حائز تفضيلا مستوجب ثنائي الجميلا
والله يقضي بهبات وافره لي وله في درجات الآخره

استعمال عالمـي لمفردات عربية في بطولة كــأس العالم
شهدت بطولة كأس العالم بقطر التي تنظم لأول مرة ببلد عربي استعمال عالمي لبعض المفردات العربية؛ التي ستبقى خالدة في الأذهان بسبب كثرة استعمالها وترديدها من قبل جميع المتابعين للبطولة من مختلف القارات لاسيما أولئك الذين توافدوا لمتابعة المباريات عن قرب والاحتكاك بالشعوب العربية، ومن تلك المفردات التي رصدتها الكثير من القنوات والمواقع العربية: مفردة ‘السلام عليكم’ وهي التي ترددت على كل الألسن العربية  والعجمية باعتبارها تحية تتبادل فور كل لقاء وتكون مفتاح بدء أي حديث أو حوار ثقافي أو تجاري أو رياضي.. وهذه الكلمة بقدر التي حلت مخل (HELLO) الانجليزية بقدر ما ترمز للتحية فهي أيضا رمز للسلام العالمي والطبيعة المسالمة للعربي المسلم عكس ما تروجه بعض الجهات الإعلامية والثقافية بالغرب، كما ظهرت مفردة ‘البيت’ من خلال تسمية أحد الملاعب الحاضنة للمباريات باسم إستاد البيت، وكذا مفردة ‘هيا’ التي بدأت بها الأغنية الرسمية للبطولة، ومفردة ‘الرحلة’ وهي اسم الكرة الرسمية المعتمدة من قبل الفيفا للبطولة وقد صنعتها اديداس، وكذا ألفاظ الأذان الذي يبث من مساجد بقطر بعد أن عمدت قطر إلى تغيير المؤذنين وتركيب أجهزة تمكن الجميع من الإصغاء للأذان خمس مرات يوميا بصوت عذب يغري الجميع بالإصغاء ولو لم يكونوا مؤمنين. وغيرها من الكلمات التي يسمعها يوميا المشجعون القادمون إلى قطر أو  المتابعون للبطولة عبر القنوات الإعلامية والأكيد أنها ستبقى خالدة في الأذهان.
 ع/خ

الرجوع إلى الأعلى