التعليم حق من حقوق الإنسان وشرط التنمية

يحتفي العالم منتصف هذا الأسبوع باليوم الدولي للتعليم؛ في مبادرة للتأكيد على هذا الحق باعتباره حقا من حقوق الإنسان حيث نصت عليه المادة 26 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ، التي تدعو إلى التعليم الابتدائي المجاني والإلزامي. وترى الأمم المتحدة أن التعليم هو حق إنساني أصيل، ومنفعة ومسؤولية عامة، وأكدت  اتفاقية حقوق الطفل، المعتمدة في عام 1989، على وجوب إتاحة التعليم أمام الجميع، وهو احتفاء بدور التعليم في السلم والتنمية؛ حيث يمنح التعليم للأطفال سلما للخروج من الفقر ومسارًا إلى مستقبل واعد حسب الأمم المتحدة، وهو ما يتناغم وأحكام الإسلام؛ حيث دعا باكرا للتعلم وأكد على فضل العالمين على غيرهم.

ويأتي الاحتفاء بهذا العام في ظل وجود ما يقرب من 244 مليون طفل ومراهق في العالم لا تتاح لهم الفرصة للدراسة أو حتى إكمالها، و617 مليون طفل ومراهق لا يستطيعون القراءة أو إجراء العمليات الحسابية الأساسية؛ كما أن أقل من 40% من الفتيات في أفريقيا جنوب الصحراء استطعن إكمال التعليم الثانوي، فضلا عن ما يقرب من أربعة مليون من الأطفال والفتيان والفتيات في مخيمات اللجوء غير ملتحقين بالمدارس. حسب تقرير أممي الذي أكد أن هذا ما يعني انتهاك الحق في التعليم لكل أولئك وهو أمر مرفوض.
واستنادا لموقع الأمم المتحدة فإن المجتمع الدولي أكد  عند تبنيه خطة التنمية المستدامة لعام 2030 في أيلولسبتمبر 2015 بأن التعليم ضروري لنجاح جميع أهداف الخطة السبعة عشر. ويهدف الهدف الرابع، على وجه الخصوص، إلى ’’ضمان توفير تعليم جيد وشامل وتعزيز فرص التعلم مدى الحياة للجميع‘‘ بحلول عام 2030. وعام 2023 هو منتصف المدة منذ أن اعتمدت الأمم المتحدة جدول أعمال 2030 للناس وللكوكب وللازدهار، الذي يشتمل على 17 هدفًا متشابكًا ستُستعرَض في قمة أهداف التنمية المستدامة في سبتمبر المقبلة بشأن موضوع الاستثمار في البشر. لكن وبدون إتاحة فرص تعليمة شاملة ومتساوية في التعليم الجيد للجميع، ستتعثر البلدان في سعيها نحو تحقيق المساواة بين الجنسين والخروج من دائرة الفقر التي تؤثر سلبا في معايش ملايين الأطفال والشباب والبالغين.
فحسب الأمم المتحدة دوما فإن التعليم ليس حقًا أساسيًا من حقوق الإنسان فحسب، بل هو أيضًا شرط أساسي لكل فرد لإعمال حقوق الإنسان لأنفسهم، فرديًا وشخصيًا، وكذلك في المجتمع والمجتمع الذي ينتمي إليه الناس. في الوقت نفسه، التعليم هو الأساس لتحقيق مجتمع عالمي لجميع الناس. ويلعب كل من التعليم والتدريس دورًا أساسيًا في خلق مجتمع عادل قائم على التضامن للجميع، وهو حق شامل يمكن تحقيقه بما يتجاوز الأحكام السياسية والاقتصادية والدينية. وقد عبرت الأمم المتحدة عن أن الحق في التعليم غير قابل للنقض ومضمون في أن يكتسب، دون عقبات، المعارف والمهارات اللازمة لضمان حياة كريمة ومستقلة. وقد أكد ذلك عدد من اتفاقيات حقوق الإنسان.
فهذا الحق المتفق عليه عالميا يجد له أصولا في نصوص الشريعة الإسلامية التي كانت السباقة للتأكيد على هذا الحق فكانت أول الآيات نزولا على الإطلاق تأمر بذلك فيقوله تعالى: ((اقْرَأْ ))، ثم توالت آيات القرآن الكريم بعد ذلك المكية والمدنية في الدعوة إلى هذا الحق، بصيغ أمر مختلفة حسب اختلاف المناسبات، وكشفت تلك الآيات مكانة العالم في منظومة الإسلام التشريعية والأخلاقية، والأمر بالعودة إلى العلماء لمعرفة حكم الله تعالى وتجاوز مختلف النوازل التي تعترض المجتمعات البشرية، بل إن القرآن الكريم عرض قصة النبي موسى عليه السلام كيف تجشم الصعاب والصبر من أجل أن يتعلم على يد الخضر عليه السلام، ليكون قدوة لغيره من الناس بوجوب تحمل مشاق التعلم والتقوى والصبر على المعلم.  
ع/خ

اليونيسكو تتضامن مع فتيات أفغانستان
قرّرت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) تخصيص اليوم العالمي للتعليم هذا العام للتضامن مع فتيات ونساء أفغانستان.
واستنادا لوسائط إعلامية ستنظم اليونسكو الثلاثاء المقبل، بمناسبة اليوم العالمي للتعليم، حدثا في مقر الأمم المتحدة في نيويورك. وستخصص أول طاولة مستديرة لتعليم الفتيات والنساء في أفغانستان وستجدد اليونسكو «دعوتها لاستعادة حقهن الأساسي في التعليم فورا».
وقالت المديرة العامة لليونسكو أودري أزولاي في بيان أمس الأول الخميس: «لا ينبغي لأي دولة في العالم أن تحرم النساء والفتيات من التعليم. التعليم حق إنساني عالمي يجب احترامه»، مجددة «دعوتها لإعادة فورية لحقهن الأساسي في التعليم» وتابعت: «من مسؤولية المجتمع الدولي الحرص على استعادة حقوق الفتيات والنساء الأفغانيات بدون تأخير. الحرب على النساء يجب أن تنتهي».
وأوضح البيان: «حاليا 80% (أو 2.5 مليون) من الفتيات والشابات الأفغانيات في سن التعليم خارج المدارس، بسبب قرار سلطات الأمر الواقع بمنعهن من الالتحاق بالمدارس الثانوية والجامعات.»
وقال البيان إن المنظمة «دخلت في شراكة مع منظمات غير حكومية على الأرض مقدمة الأدوات والأموال لإطلاق حملة لمحو الأمية في المجتمع تشمل 25 ألفا من الشباب والبالغين في المناطق الريفية بينهم غالبية من الفتيات تزيد أعمارهن عن 15 عاما ونساء». كما تسعى اليونسكو جاهدة «لتوفير التعليم عن بعد».
وذكر البيان أنه «مع ذلك لا شيء يمكن أن يحل مكان الحصة الدراسية، المكان المثالي للاندماج الاجتماعي. ستواصل اليونسكو والدول الأعضاء فيها بذل الجهود ليكون حق الفتيات والنساء الأفغانيات في التعليم على رأس جدول الأعمال الدولي».
ويعرف تدريس الفتيات تذبذبا بأفغانستان؛ حيث تباينت الأخبار هناك؛ بين أخبار عن الحظر الكلي للتدريس في بعض المراحل ، وأخبار عن قيام الجامعات بفصل الذكور عن الإناث وتخصيص ومداخل تفصل بين الجنسين،. كما سُمح فقط للأساتذة النساء والرجال كبار السنّ بتعليم الطالبات.

نسبة الإقبال على تمدرس الأطفال في الجزائر بلغت 99 بالمئة
كشف المجلس الاقتصادي والاجتماعي أن نسبة تمدرس الأطفال الذين يتراوح سنهم بين 6 إلى 16 سنة 96 بالمائة كما أن عدد المتمدرسين حسب الأطوار بلغ أزيد من 11 مليون متمدرس.
ووفق إحصائيات قام بها المجلس منذ أشهر فإن نسبة التدريس في الجزائر نسبة تمدرس التلاميذ البالغين 6 سنوات 99 بالمائة. وتعتبر هذه النسبة حسب المجلس، الأعلى في العالم ما يشير إلى أن الجزائر عملت طيلة سنوات على محاربة نسبة الأمية التي تأمل أن تكون 0 بالمائة مستقبلا .
وحسب ذات المصدر فقد اعتمد المجلس في هذه الدراسة على 3 مؤشرات أساسية شملت التربية، الميزانية المخصصة للتكوين وتوفير اليد العاملة المؤهلة بصفة كمية ونوعية. وقد تبين من هذه الدراسة أن الجزائر تحتل مكانة جيدة في مجال التنمية البشرية تجاوزت قيمة مؤشرها 0.7 سنة 2021 أين تم إرجاع هذا النمو إلى قطاع التربية الذي ساهم مساهمة كبيرة في رفع هذا المؤشر.

التعليم طريق التحرّر
آمنت الكثير من الأمم والحضارات قديما وحديثا أن التعليم هو الطريق الأنجع للتحرر من كل القيود السياسية والاجتماعية والاقتصادية والدينية، فهو السلاح الفتاك لمجابهة الاستعمار والاستبداد، والظلم الاجتماعي والفقر والبؤس، وهو السبيل للحد من انتشار الخرافة والاستخفاف بالعقول سواء باسم الأديان الباطلة أو المذاهب الضالة؛ وهو تحرر يقود كلا من الذكور والإناث إلى التحرر من ظل ما يعتريهم في حياتهم من إكراهات وضغوط.
فالشعوب المتعلمة لن تستعمر وإن حدث أن استعمرت فإنها سرعان ما تسترجع حريتها بسلاح العلم الذي يملكونه، ولذلك عمدت الاستعمار الحديث الذي غزا الشعوب والأمم إلى حظر تعليم الشعوب المستعمرة والتضييق على معلميها وتهديم مؤسساته التعليمية كما حدث في الجزائر؛ لأن الاستعمار لا يمكن أن تترسخ له قدم إلا في أرض الجهل والبؤس والفقر، وعلى غرار الاستعمار فغن الاستبداد لا يعشش في أمة إلا في ظل تفشي الجهل بين أبنائها حيث يسهل الاستخفاف بهم وإقناعهم بالأباطيل والاساطير التي توطد سلطة الاستبداد وتديمه؛كما قال الله تعالى عن فرعون:  ((إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِى ٱلْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْىِ نِسَاءَهُمْ  إِنَّهُ كَانَ مِنَ ٱلْمُفْسِدِينَ)، ورغم هذا الاستبداد والفساد والظلم إلا أنه وجد أرضا خصبة من الجهل ليطيعه أهلها فيما يفعل دون أي مقاومة؛ فقال الله تعالى: ((فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ * فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ * فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفاً وَمَثَلاً لِلآخِرِينَ ))، وعاقبة فرعون ونهايته المأساوية لم تقتصر عليه بل على مست قومه أيضا الذين أطاعوه!
وعالم السياسية ليس بعيدا عن عالم الأفكار والأديان؛ فكثير ما استغل بعض دعاة الأديان جهل الناس لسر عقولهم ونشر الخرافات والدجل بينهم لاستغلالهم ماديا واجتماعيا، وقد تحدث القرآن الكريم عن نوع من هؤلاء فقال الله تعالى:  إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ  ، ولذلك حذر الله تعالى تحذيرا شديدا من الكذب عليه؛ فقال الله تعالى: ((وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ))، وقد وقعت بعض الفرق الإسلامية في أخطاء كثيرة جراء استغلالها لجهل الناس لنشر مذاهبها الطائفية والسياسية كما فعل الداعية أبو عبد الله الصنعاني الشيعي بالشرق الجزائري حين وفد إليه نهاية القرن (3ه) وظل 17 سنة ينشر لمذهب الشيعي ممهدا لإقامة الدولة الفاطمية، ومستغلا جهل الناس مع حبهم للقرآن الكريم وتعلقهم بالإسلام؛ قبل أن يكتشفوا بعد عقدين ما فعل بهم، ولولا وقوف علماء المالكية لأمسى المغرب الأدنى والأوسط شيعيا.
ولأن التعليم طريق تحرير الشعوب وتحصينها من الاستعمار والاستبداد فقد جعله الرسل والمصلحون سلاحا مهما في طريق دعوتهم وإصلاحهم الاجتماعي، ولذلك لما طلب بنو إسرائيل من موسى صنع إلها وصفهم بالجهل؛ فقال الله تعالى: ((وَجَاوَزْنَا بِبَنِى إِسْرَاءِيلَ ٱلْبَحْرَ فَأَتَوْاْ عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَّهُمْ قَالُواْ يَمُوسَى ٱجْعَل لَّنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ ءَالِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ))، وهذا الجهل هو ما يمكن السامري من استغلالهم لإقناعهم بعيادة العجل في غياب موسى عليه السلام؛ فقال لهم: ((هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ)).
وفي تاريخ الدعوة الإسلامية ظهر جليا توظيف العلم في الدعوة لمجابهة الشرك والأباطيل، فقد أمرت آيات كثيرة بالتعلم؛ بل بلغ الأمر برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى إصدار عفو تاريخي عن أسرى غزوة بدر من المشركين مقابل تعليمهم للمسلمين.
كما أدرك المصلحون الجزائريون باكرا أهمية تحرير الجزائر من الاستعمار فمادام الجهل معششا فلن يكون هناك تحرر، ولذلك عمدت جمعية العلماء المسلمين الجزائريين إلى نشر التعليم وتكثيفه عبر تراب الجزائر ممهدة بذلك لميلاد جيل متعلم ثائر يفجر الثورة، وقد ظل التعليم متواصلا إبان الثورة التحريرية.
وقد ركزت الكثير من الدول الحديثة بعد استقلالها على التعليم ورصدت له ما يكفي من أموال، وهي اليوم رائدة، وهكذا دواليك، فإن أرادت أي أمة السير في طريق الحرية والتحرر والتنمية فلن تجد إلا طريق العلم لأنه استثمار في رأس المال البشري وهو أعظم استثمار، وكل من أراد حماية حقوقه من أي استلاب أو مصادرة فعليه بالعلم.
ع/خ

 

الرجوع إلى الأعلى