يحتفي العالم باليوم الدولي للأخوة الإنسانية من أجل السلام العالمي والعيش المشترك، اليوم، في محاولة لتقريب مسافات التباعد بين الأديان وفسح المجال أمامها للإسهام في تحقيق التسامح والتعايش المشترك، وتكريس حقوق الإنسان والاعتراف بالتنوع، تحقيقا للسلام العالمي بين بني البشر والحيلولة دون أي تشنج أو استقطاب من شأنه جر البشرية مجددا إلى حروب كونية مكلفة، وقد وجدت الأديان لاسيما الإسلام والمسيحية ما يؤصل لمثل هكذا توجه عالمي، فوقع التوقيع على الوثيقة المعنونة ”الأخــوة الإنســانية من أجل السلام العالمي والعيش المشترك“بين شيخ الأزهر أحمد الطيب وبابا الفاتيكان فرنسيس في 4 شباط/فبراير 2019 في مبادرة دولية  رامية إلى تعزيز الحوار بين الأديان والثقافات.

وعشية هذا الحدث قالت الجمعية الأممية في موقعها: (وفي هذه الأوقات بصفة خاصة، ينبغي علينا، أكثر من أي وقت مضى، الإقرار بالمساهمة القيمة التي يقدمها الأشخاص من جميع الأديان أو المعتقدات إلى البشرية والمساهمة التي يمكن أن يقدمها الحوار بين جميع المجموعات الدينية في زيادة الوعي بالقيم المشتركة بين جميع البشر وتحسين فهمها، كما أن علينا أن نشدد على أهمية التوعية بمختلف الثقافات والأديان أو المعتقدات وأهمية التعليم في تعزيز التسامح الذي ينطوي على تقبل الناس للتنوع الديني والثقافي واحترامهم له في ما يتعلق بأمور منها التعبير عن الدين، وأن نشدد كذلك على أن التعليم، وبخاصة في المدارس، ينبغي أن يسهم على نحو مجد في تعزيز التسامح وفي القضاء على التمييز القائم على أساس الدين أو المعتقد.وفضلا عن ذلك، يجب علينا جميعا أن نسلم بأن التسامح والتعددية والاحترام المتبادل وتنوع الأديان والمعتقدات عوامل تعزز الأخوة الإنسانية. كما أن علينا أن نشجع الأنشطة الرامية إلى تعزيز الحوار بين الأديان والثقافات من أجل تعزيز السلام والاستقرار الاجتماعي واحترام التنوع وتوخي الاحترام المتبادل، وتهيئة بيئة مواتية لتحقيق السلام والتفاهم المتبادل على الصعيد العالمي وأيضا على الصعد الإقليمي والوطني والمحلي... واعترافاً منها بالحاجة الملحة للحوار بين مختلف الأديان، ولتعزيز التفاهم المتبادل والانسجام والتعاون بين الناس، تُشجّع الجمعية العامة جميع الدول إلى دعم هذا الأسبوع لنشر رسالة الانسجام والوئام من خلال كنائس ومساجد ومعابد العالم وغيرها من أماكن العبادة، على أساس طوعي ووفقا للقناعات والتقاليد الدينية الخاصة بهم.يقع الاعتراف بأننا نتشارك وحدة المصير — وبحاجتنا إلى محبة ودعم بعضنا بعض للعيش في سلام ووئام في عالم مستدام —.. فعالمنا يعاني من تواصل الصراعات واشتداد موجات التعصب مع تزايد أعداد اللاجئين والمشردين. كما نشهد كذلك توسع انتشار رسائل الكراهية بين الناس، وهو ما يؤكد الحاجة إلى التوجيه الروحي أكثر من أي وقت مضى. ولذا، فمن الضروري أن نضاعف الجهود لنشر رسالة حسن الجوار القائمة على الإنسانية المشتركة).
ونجد في القرآن الكريم إشارات واضحة إلى المشترك الإنساني لاسيما بين أتباع الأديان؛ حيث دعا القرآن الكريم إلى قيم مشتركة تشكل مسلمات عقدية وتعبدية يمكن الانطلاق منها لتحقيق العدل والإنصاف والسلام في الأرض؛ من ذاك قول الله تعالى: ((قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (61) فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ)) (65) [سورة آل عمران]،
قال الرازي مفسرا الآية: (.. يَشْهَدُ كُلُّ عَقْلٍ سَلِيمٍ وَطَبْعٍ مُسْتَقِيمٍ أَنَّهُ كَلَامٌ مَبْنِيٌّ عَلَى الْإِنْصَافِ وترك الجدال، وقُلْ يَا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ أَيْ هَلُمُّوا إِلَى كَلِمَةٍ فِيهَا إِنْصَافٌ مِنْ بَعْضِنَا لِبَعْضٍ، وَلَا مَيْلَ فِيهِ لِأَحَدٍ عَلَى صَاحِبِهِ، وَهِيَ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً هَذَا هُوَ الْمُرَادُ مِنَ الْكَلَامِ..الْوَاجِبَ فِي الْعُقُولِ تَرْكُ الظُّلْمِ عَلَى النَّفْسِ وَعَلَى الْغَيْرِ..الْقَوْلُ بِبُطْلَانِ هَذِهِ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ كَالْأَمْرِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ بَيْنَ جُمْهُورِ الْعُقَلَاءِيَعْنِي أَظْهِرُوا أَنَّكُمْ عَلَى هذا الدين، لا تَكُونُوا فِي قَيْدِ أَنْ تَحْمِلُوا غَيْرَكُمْ عَلَيْهِ).
الوصايا العشر قيّم إنسانية عالمية تصلح أرضية تشـريع كونيـة
وما دعا اليه القرآن الكريم هنا يعد مبادئ وقيم شاملة ذات بعد عقدي وأخلاقي وسياسي، حيث يسلم الكل بالعبودية لله تعالى وحده؛ لأن من يؤمن بالله تعالى فعلا فإنه يخلص له العبودية، وأن يسلم له بالوحدانية؛ لأنه لا يقبل عقلا ولا طبعا ولا شرعا أن تؤمن بالله تعالى وتعبده، ثم تدعي أن له شريكا من خلقه، أو مما صنعت يداك، فهذا ادعاء ينافي ما تقرر سابقا؛ لأن الايمان باله غير الله تعالى يقتضي عبادته هو أيضا، ولا يفرد الله تعالى بالعبادة، وهذه نقطة جوهرية لو التئم حولها أتباع الأديان لضاقت مساحات الخلاف وتقلصت مساحة البعد بينها، لتتفرغ لأداء واجبها الأخلاقي تجاه الإنسانية، ووحدانية الله تعالى ينفي عنه كل شريك وكل ابن أو نظير، وينفي عنه صفات الخلق ويوصف بكل صفات الكمال المطلق، كما أن مصدرية التحليل والتحريمتكون لله تعالى وحده، فهو المشرع وهو أعلم بمن خلقه، وأدرى بما يصلح لهم من شرائع وأحكام، فالتسليم بالعبودية يقتضيالتسليم بكل هذا. وأن لا يتحذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله تعالى، وذلك يسقط كل جبروت وطغيان واستبداد للبشر فوق هذه الأرض،أواستعباد بعض البشر لبعضهم بحجج لغوية أو اثنية أو دينية أو سياسية أو تاريخية أو عرقية، فلا رب إلا الخالق الواحد ولا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى وبما قدم من عمل حسن وأبان عن أخلاق سامية، فكل الدعاوى التي تتستر تحت بعض المبررات ساقطة بموجب هذه الآية؛ فالإنسان حر فوق هذه الأرض ولا يستعبد إلا من قبل خالقه، وهذا ما كان ينبغي أن يشتغل عليه حوار الأديان وجهود التقارب بين الأديان، فكل دين يبرر الاستبداد أو يدعي أن في البشر جنسا طاهرا بحكم الخلقة لا بحكم الخْلق، ويبرر الاستعباد والظلم، والقهر والإبادة الجماعية، ويبرر مصادرة حريات الشعوب والأفراد، أو يضع رجاله أنفسهم في مرتبة اعلى من بين البشر، أو يدعي بأحقيتهمفي التحليل والتحريم أو أحقية التشريع فيما اختص به الله تعالى وشرعه لخلقه. هو دين يحتاج لمراجعات شاملة وحفريات دقيقة لتخليصه مما علق به تاريخيا حين اختلط الوحي الإلاهي بالمعطى البشري،
كما أشار القرآن الكريم لبعض مظاهر أخرى للمشترك الديني بين البشر؛ فقال الله تعالى: ((شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ (13))) [الشورى]، علاوة على وحدة المصدر ووحدة المصير البشري.
ومن مظاهر المشترك الإنساني تلك الوصايا العشر التي أوصى بها الله تعالى البشرية، وهي وصايا تردد في الكتب السابقة على غرار التوراة والإنجيل ثم تكرر ذكرها في القرآن الكريم تأكيد على كونيتها و مركزيتها؛ وبعدها الإنساني؛ فقال الله تعالى: ((قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلا تَقْرَبُوا الْفَواحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (151) وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ بِالْقِسْطِ لَا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَها وَإِذا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كانَ ذَا قُرْبى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (152) وَأَنَّ هَذَا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (153) )) [الأنعام]فهذه الوصايا شاملة لكل الابعاد الدينية والتعبدية والاسرية والاجتماعية والقضائية والمالية والاقتصادية والجنائية وتحفظ الكليات الضرورية من دين ونفس ومال وعقل ونسل. فتصلح أن تكون قاعدة لأي مشترك إنساني.
فكل جهد عالمي لتحقيق السلام عن طريق الأديان ينبغي أن تكون هذه القيم منطلقاته؛ وهي قيم يتفق عليها العقلاء قبل أتباع الأديان؛ حين تنزع عنها حجب التعصب.
 ع/خ

تعريــــــف بثقافــــــة الســـــــــلام
عرفت الأمم المتحدة ثقافة السلام بقولها:
ثقافة السلام هي مجموعة من القيم والمواقف والتقاليد وأنماط السلوك وأساليب الحياة تستند إلى ما يلي:
- احترام الحياة وإنهاء العنف وترويج وممارسة اللاعنف من خلال التعليم والحوار والتعاون؛
-اﻻحترام الكامل لمبادئ السيادة والسلامة اﻹقليمية والاستقلال السياسي للدول وعدم التدخل في المسائل التي تعد أساسا ضمن اﻻختصاص المحلي ﻷي دولة، وفقا لميثاق اﻷمم المتحدة والقانون الدولي؛
-اﻻحترام الكامل لجميع حقوق اﻹنسان والحريات اﻷساسية وتعزيزها؛
اﻻلتزام بتسوية الصراعات بالوسائل السلمية؛
-بذل الجهود للوفاء باﻻحتياجات اﻹنمائية والبيئية للأجيال الحاضرة والمقبلة؛
-احترام وتعزيز الحق في التنمية؛
-احترام وتعزيز المساواة في الحقوق والفرص بين المرأة والرجل؛
-اﻻعتراف بحق كل فرد في حرية التعبير والرأي والحصول على المعلومات؛
التمسك بمبادئ الحرية والعدل والديمقراطية والتسامح والتضامن والتعاون والتعددية والتنوع الثقافي والحوار والتفاهم على مستويات المجتمع كافة وفيما بين اﻷمم.

روسيا تطلب تعاونا دينيا مع الجـــزائر
يبدو أن التوجه الروسي نحو العالم الإسلامي لن يقتصر على الجانب الاقتصادي بل سيتعداه للجانب الديني، وفي هذا الصدد أعلن المجلس الإسلامي الأعلى في غضون هذا الأسبوع أن رئيسه الدكتور بوعبد الله غلام الله استقبل، سفير فيدرالية روسيا بالجزائر. الذي قام بزيارة مجاملة وتعارف.وقد تناول اللقاء حسب البيان سبل تعزيز وتثمين العلاقات الجزائرية الروسية، خاصة بين المجلس الإسلامي الأعلى والمؤسسات الدينية في روسيا.خاصة وأن رئيس المجلس الإسلامي الأعلى عضو في مجموعة الرؤية الاستراتيجية (روسيا والعالم الإسلامي.كما أن هناك علماء وممثلين لمؤسسات دينية إسلامية سيشاركون في المؤتمر الدولي السلوك الحضاري خلال هذا الشهر بوهران.
واختيار الجزائر لمثل هكذا تعاون يكشف عن المكانة التي تحتلها الجزائر ؛ حيث اعترفت الكثير من الدول أن خطابها الديني ومعتدل وبعيد عن كل أشكال التطرف، وهو ما جعلها تقبل على طلب خدماتها الدينية.
أمين المجلس العلمي ورؤساء المصالح وبعض اطارات المديرية وقد اختارت « الشيماء « اسما لها بدل اسمها القديم.

«شيماء أنفال تباني» تمثل الجزائــر في المسابقة الدولية لحفظ القرآن الكريم
أعلنت وزارة الشؤون الدينية والأوقاف عبر صفحتها في الفيسبوك أن القارئة «شيماء أنفال تباني» فازت بتمثيل الجزائر خلال الطبعة الثامنة عشر للمسابقة الدولية لجائزة الجزائر لحفظ القرآن الكريم ولإحياء التراث الإسلامي، التي ستجرى تحت الرعاية السامية لرئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، في الفترة الممتدة من الخامس عشر إلى السادس والعشرين من شهر رجب 1444هـ الموافق من السادس إلى السابع عشر من شهر فيفري 2023م، بتقنيات التحاضر المرئي عن بُعد، وستجرى فعالياتها هذه السنة في إطار الاحتفال بالذكرى الستين للاستقلال، وتختتم بتكريم الفائزين الثلاثة الأوائل في حفل رسمي ينظم بمناسبة إحياء ليلة الإسراء والمعراج المباركة.
وكانت القارئة «تباني» قد نالت هذا الفوز، بعد المسابقة الوطنية التصفوية لجائزة الجزائر لحفظ القرآن الكريم وتجويده، التي جرت فعالياتها من 16 إلى 19 جانفي 2023 بدار الإمام بالمحمدية، بإشراف لجنة تحكيم مختصة.

 

الرجوع إلى الأعلى