يعد الزيتون بزيته نعمة عظيمة غذائية وبيئية وصحية حبا الله تعالى بها عباده عموما والجزائريين خصوصا؛ فأقسم الله تعالى بها فقال الله تعالى:   "وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ"  ؛ الجزائريون الذين ورثوها منذ قرون جيلا بعد جيل؛ حتى كاد الزيتون في بلاد المغرب العربي يكون خاصية من خصائص شعوبه؛ تفننوا في طرق جنيه وعصره واستعماله؛ تبعا لاختلاف أنواعه وأغراضه، بيد أن هذه النعمة تستحق شكرا أكثر واهتماما أوسع حتى من قبل أهلها حفاظا على ديموتها ونموها؛ وهم الذين فاجأوا الفاتحين المسلمين يوم قدومهم للمغرب العربي بحيث وقفوا على القيمة الغذائية والاقتصادية لهذه المادة التي يمكن الاستغناء بها لكن لا يمكن الاستغناء عنها
إعداد: د .عبد الرحمان خلفة
 ومما يمكن التذكير به هنا تجاه هذه النعمة الثمينة؛ (أولا) وجوب أداء زكاة الزيتون المقدرة شرعا بالعشر لأن هذه المادة مغذية تدخر: لقوله تعالى: ((وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ جَنَّاتٍ مَّعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهاً وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُواْ مِن ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ )) (الأنعام : 141 ). وقوله تعالى: ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ ” الآية.(البقرة : 267)؛ فالمسلم يحرص على إخراج زكاة الزيتون زيتا فور استلامه تعبيرا عن شكره للمنعم وإشراكا للمحتاجين من الفقراء والمساكين في طعمه وغذائه وهم الذين لم تسعفهم الظروف المادية لاقتنائه، وقد يغفل البعض عن حق الفقراء في زيتونه فيكون مقصرا في حق من حقوق الله تعالى ومكرسا لواقع الفقر والحاجة الاجتماعية.
(ثانيا) هبة الزيت للأقارب والأصدقاء والجيران؛ لأن ذلك سنة شرعية وعادة اجتماعية جزائرية حسنة متوارثة منذ قرون؛ فقد دأب الجزائريون في بلاد القبائل وغيرها على أن يهبوا الزيت للجيران والأقارب والمعارف ويشركوهم في أفراحهم أيام الجني التي يحتفى بها، وظل الكثير يعد بيع زيت الزيتون ضربا من العار والبخل شأنه شأن الحليب والخضر والفواكه؛ قبل أن تزحف على هذه الأعراف والعادات أعراف جديدة بررت البيع وحولت هذه المواد الأسرية إلى مواد تجارية؛ رغم أن أهلها لا علاقة لهم أصلا بالتجار؛ بخلاف الراغبين في الاستثمار في هذه المادة
(ثالثا) أكل الزيت والزيتون وعدم الإسراف في ذلك؛ مصداق قوله تعالى: ((كُلُواْ مِن ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ))؛ لأن الزيت شأن كل طعام يحتاج لترشيد الاستهلاك حفاظا على الصحة وضمانا لديموته.
‹رابعا): تنمية الإنتاج؛ لأن ذلك يبقي على نعمة الزيتون ويضاعف كميتها ويحقق للأمة الاكتفاء الذاتي فلا تحتاج لغيرها من الأمم؛ لاسيما وأن الزيتون لا يحتاج لكبير عناء لمضاعفة كميته؛ لأنه يقتصر على أساليب بدائية والكثير منه يؤخذ من الطبيعة ليعاد إليها؛ فهو مبثوث في الأرض/ والله تعالى يأمرنا بالسعي فيها وتعميرها؛ قال الله تعالى: هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ [الملك: 15)، والغريب أن الجزائر ذات الرقعة الجغرافية الشاسعة تتأخر في الترتيب العالمي؛ فرغم أنها مرتبة من بين الدول العشر الأوائل إلا أن ذلك لا يعكس طاقاتها ومقدوراتها الطبيعية في هذه المادة، مقارنة بدول أقل جغرافيا لكنها تسبقها على غرار تونس واسبانيا؛ ولئن تضاعفت مساحة أشجار الزيتون وكميات الزيت بنسبة 300 % منذ حوالي عقدين حيث انتقلت المساحات المزروعة من 150 ألف هكتار إلى 450 ألف هكتار في المناطق السهبية والشمال والصحراء. .وتجاوز عدد أشجار الزيتون في الجزائر 48 مليون شجرة؛ إلا أن ذلك يعد بسيطا مقارنة بدول أخري ولم يحقق حتى الاكتفاء الذاتي إذ ما تزال الجزائر تستورد الزيوت وهي بلد الزيت والزيتون، حيث تستورد الجزائر سنويا حوالي 60 ألف طن من زيتون المائدة من اسبانيا وإيطاليا وتونس والمغرب ولبنان وسوريا؛ ومن شأن توجيه الاستثمار في هذه المادة أن يسهم في وقف استيرادها؛ بل تحقيق مشروع تصديرها خاصة وأن بعض أنواع الزيت الجزائري مطلوبة عالميا بسبب جودتها.                          ع/خ

قــد تهلــك الجمـاعـــة بفعـــل الفــرد
قد يكون الإنسان سببا في هلاك الأسرة أو المجتمع أو الأمة، فوجب على الجماعة أن تأخذ بيده وتنهاه عن غيّه ومنكره، ولا تطيعه في فساده، ولا تستجيب لدعواته، وترشده إلى الأفضل والأحسن/ وقد ضرب القرآن الكريم مثلا لمثل هذا الصنف من المفسدين كيف تسبّب في هلاك أمة من الناس، وهو فرعون، أضلّ قومَه في الدنيا وأوردهم العذاب يوم القيامة، فتحمّلوا جميعا تبعات فعله وضلاله ودفعوا الثمن باهظًا، رغم محاولات موسى عليه السلام في تقديم النصيحة له ولهم، قال تعالى: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاتَّبَعُواْ أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ وَأُتْبِعُواْ فِي هَذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ)
فقد يكون الأب سببا في انحراف أولاده وزوجته، ويكون الصديق سببا في انحراف أصدقائه بالقدوة السيئة لهم، وقد يؤثر الطالب الفاشل في زملائه فيزرع فيهم الفشل واللامبالاة، والطبيب الجاهل قد يقتل عددا من المرضى، والموظف الكسول يؤثر في عدد كبير من الموظفين فيقلّ مردودهم ويتكبّد المصنع أو الإدارة خسائر كبيرة، وقد تؤثّر المرأة في غيرها من الفتيات أو النسوة فتسوء أخلاقُهن، وقد يكون المنحرف قدوة سيئة لكثير من الناس فيتأثّرون بأخلاقه وسلوكه، وقد يضعف اقتصادُ دولة أو يتأزّم أو ينهار بعدم استشراف وسوء تخطيط من الساسة، وقد تضيع ثروات بلد بسوء تدبير وتسيير.

علماء الزيتونة بتونس يرفضون فكرة المساواة في الميراث وإلحاق الولد بنسب الأم
رفض علماء وأساتذة جامعة الزيتونة بتونس تغيير أحكام الميراث تحت ذريعة المساواة بين الجنسين والمس بمدونة الأسرة في جوانب أخرى على غرار النسب والمهر.
وفي بيان موقع من قبلهم أعربوا عن رفضهم القاطع لمحاولات تغيير أحكام المواريث الثابتة بنصوص القرآن والسنة وإجماع الأمة. مشيرين إلى أن تقسيم الميراث بين الوارثين لا يقوم علي أساس الذكورة والأنوثة كما يتوهم من لا يعرف أحكامه ولا فلسفته، وإنما يقوم على موقع القرابة والجيل الوارث والمسؤولية المالية والمساواة بالعدل، ورفضهم اعتماد نظامين في الإرث: نظام شرعي وآخر غير شرعي، وتخيير الوارثين بينهما وهذا من شأنه أن يفتح الباب أمام تقسيم المجتمع، ويهدد وحدة النظام القانوني ويعمق النزاع داخل الأسرة والمجتمع ويعطل التوزيع العادل في وقته للتركات. وكذا رفضهم دعاوي إسقاط مهر الزوجة عن الزوج فهو حق مالي تكريمي لها، وهو جزء من منظومة الزواج الشرعية، كما عبر الموقعون عن رفضهم مقترح تغيير النظام الشرعي في النسب ومن ذلك استبدال نسب الأب بنسب الأم أو إضافة لقب الأم مع لقب الأب لقوله تعالى: (ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ ۚ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ ) وهو ما قد تكون له آثاره السلبية بموجب جريان العرف الأغلبي من أن النسب إلى الأم يُطلق في بعض الأحيان على المولود خارج إطار الزواج الشرعي، كما يؤدي إلى الإخلال بنظام الأسرة القائم علي رئاسة الأب بمسؤولية مشتركة مع الأم، وبالتعاقد الطوعي الرضائي. وفيما دعوا رئيس الجمهورية إلى التراجع عن هذه المبادرة والسادة أعضاء مجلس النواب إلى رفض مشروع القانون، ودعوا العلماء والخطباء والهيئات العلمية والدينية إلى بيان الحكم الشرعي الواضح في هذه المسائل وإشراك المؤسسات الدينية في النقاش أكدوا على ضرورة التجديد والاجتهاد بموضوعية علمية والاستجابة للحاجيات الوطنية ومن غير تعسف أو تكلف، مؤكدين على تمسكهم بحقهم في الدفاع القانوني عن مقدساتهم الإسلامية ومنظومتهم الدستورية والقانونية ومخرجات ثورة الياسمين.

فتاوى
صندوق خيري بديل لحج التطوع؟
 يقوم الكثير من الجزائريين بأداء الحج والعمرة مرات كثيرة من باب النافلة بعد أداء الفريضة فأيهما أفضل، حج التطوع أم أن ينفق هذا الراغب في حج التطوع هذا المبلغ لإطعام مسكين أو لإغاثة ملهوف أو في مشروعات الخير والدعوة إلى الله؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد، لا يشك عالم يعرف أولويات الإسلام ويعرف ما حقه التقديم وما حقه التأخير.. وقد جاء عن سيدنا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، ما نقل عنه الإمام الغزالي في الإحياء أنه قال: في آخر الزمان يكثر الحج بلا سبب، يهون عليهم السفر ويبسط لهم في الرزق فيهوي بأحدهم بعيره بين الرمال والقفار، يضرب في الأرض للحج وجاره إلى جنبه مأسور لا يواسيه. هذا مع أن النبي عليه الصلاة والسلام يقول «ليس منا» وفي رواية « ليس بمؤمن من بات شبعان وجاره إلى جنبه جائع» فكيف ساغ لهذا أن يذهب لحج الرمال والقفار، تاركا جاره يأسره الجوع أو الفقر أو الحاجة لا يواسيه.
جاء رجل إلى بشر بن الحارث الشهير وقال له يا أبا نصر إني أردت الحج وجئتك أستوصيك فهل توصيني بشيء؟ قال له: كم أعددت من النفقة للحج؟ قال: ألفي درهم، .. قال: هل أدُلك على ما تحقق به مرضاة الله وأنت في بلدك ومنزلك؟ إذا دللتك على شيء من هذا تفعل؟ قال: أفعل. قال: تذهب تعطي هذا المبلغ لعشرة أنفس، فقير ترمِّم فقره، ويتيم تقضي حاجته، ومدين تقضي عنه دينه، ومُعيل تخفِّف عنه أعباء عياله، .. فقال له: يا أبا نصر السفر في قلبي أقوى، فقال له: إن المال إذا جُمِع من وسخ التجارات والشبهات أبت النفس إلا أن تقضيه في شهوتها! ا.هـ . يعني أن النفس تشتهي أن تروح للحج لمتعتها ولذتها الخاصة، وليس لابتغاء مرضاة الرب، مع أن هناك ما هو أفضل وما هو أنفع للمسلمين.. لو أن المسلم فقِه أنه حينما يطعم جائعا أو يداوي مريضا أو يؤوي مشردا أو يكفل يتيما أو يقضي حاجة أرملة أو يبني مدرسة لمجموعة إسلامية في آسيا أو أفريقيا أو مسجدا أو يساهم في مشروع ذي بال أو يعاون إخوانه المجاهدين في فلسطين أو كشمير، لو عرف أن هذا أفضل عند الله لكان المفروض أن يشعر بالنشوة واللذة الروحية أكثر .. فلو أن المسلمين فقهوا هذا لاستطعنا بالأكثرية التي تذهب للتطوع أن نأخذ مليارات كل سنة، وهذه المليارات لو وجدت جهة تنظمها تقول: نريد أن نعمل صندوقا اسمه صندوق بديل الحج، من يريد ثوابا أكثر من الحج..

 

الرجوع إلى الأعلى