دعوة لإنشاء بنك للمُحافظة على الأنواع المهدَّدة بالانقراض
دعا خبراء من المعهد الوطني للتكوينات البيئية بالجزائر في برنامج للتكوين عن بعد في الإعلام البيئي، إلى ضرورة إنشاء بنك وطني للمحافظة على الأصناف النباتية و الحيوانية المهددة بالانقراض، و حمايتها من كل المخاطر المحدقة بها، لتعزيز التنوع الإيكولوجي و المحافظة على مستقبل الأجيال القادمة في مجال الأمن الغذائي، و الصحة و التوازن البيئي، في ظل التغيرات المناخية التي يعرفها كوكب الأرض في العقود الأخيرة.
إعـــداد :  فريد غربية
و قالت الباحثة مداني العالية نوال يوم الأربعاء، في محاضرة حول التنوع البيئي بالجزائر لفائدة الصحافيين العاملين بولايتي قالمة و بسكرة، بأن جهودا وطنية تبذل في السنوات الأخيرة لإحصاء السلالات و الأصناف النباتية و الحيوانية عبر مختلف مناطق الوطن، في محاولة لإنقاذ الطبيعة و الحد من الاختفاء الذي يلاحق الكائنات الحية على مر الزمن، مؤكدة بأن ما يبذل من جهد على كل المستويات مازال غير كاف لمواجهة الوضع المقلق الذي يواجه التنوع البيئي بالجزائر.
و أوضحت المتحدثة بأن بعض سلالات و أصناف الكائنات النباتية و الحيوانية اختفت في العقود الأخيرة، و أخرى تواجه نفس المصير، و دعت إلى تطوير البحث حول كائنات الوسط الطبيعي بالجزائر و إنشاء  بنك للمحافظة على البذور النادرة عن طريق تقنية التجميد للعودة إليها عند الحاجة، و تطوير حدائق التجارب و المحميات الطبيعية لتكثير الأصناف النباتية و السلالات الحيوانية التي تواجه خطر الانقراض و حمايتها من كل المخاطر.
و في مجال المنتجات الغذائية الإستراتيجية قالت مداني العالية نوال بأنه لو كانت الجزائر تتوفر على بنك للبذور لما اختفت بعض أصناف المنتجات الملائمة لمختلف مناطق البلاد، مؤكدة بأن الأمن الغذائي الوطني يتطلب بذل المزيد من الجهد للمحافظة على التنوع البيئي الوطني.
و تكاد بعض أصناف الحيوانات و النباتات البرية و البحرية تختفي تماما من الجزائر متأثرة بعوامل كثيرة منها التغيرات المناخية، و ضعف منظومة الحماية القانونية بسبب انعدام النصوص التطبيقية.
و منذ سنة 2012 لا يوجد إحصاء جديد أو إجراءات حماية جديدة للأصناف النباتية و الحيوانية بالجزائر، و مازال الغموض يكتنف إجراءات الحماية الخاصة بالقائمة المنشورة بالجريدة الرسمية سنة 2012، لكن مراكز البحث الوطنية تواصل عملها في مجال الإحصاء و متابعة الموائل البيئية المؤثرة على التنوع البيولوجي في البلاد.
و قد تطور إحصاء الكائنات الحيوانية الفقرية و غير الفقرية التي تعيش في البر الجزائري من 2496 نوعا سنة 2009 إلى 8535 نوعا سنة 2020، في مؤشر جيد على الجهد المبذول لإنقاذ الحياة البرية و المحافظة على التنوع البيئي الذي يميز الجزائر بمساحتها الواسعة التي كانت موطنا لأصناف نباتية و حيوانية كثيرة على مدى عقود طويلة من الزمن.  
و في البيئة البحرية الوطنية انتقل إحصاء الكائنات الحيوانية الفقارية و اللافقارية التي تعيش في هذا الوسط من 363 نوعا سنة 2009 إلى 2795 نوعا سنة 2020، و تطور تعداد الأصناف النباتية المحصية بالجزائر من 1283 كائنا نباتيا سنة 2009 إلى 8322 كائنا نباتيا سنة 2020.
و في مجال الكائنات المجهرية تتوفر الجزائر على 539 نوعا حسب آخر الإحصائيات، بينها 208 بكتيريا مجهرية، و 316 فطرا مجهريا و 15 نوعا من الخمائر المجهرية.
و أوضحت الباحثة مداني العالية نوال بأن آخر إحصائيات المركز الوطني لتنمية الموارد البيولوجية تشير إلى أكثر من 20 ألف نوع من الكائنات النباتية و الحيوانية في الجزائر، بينها كائنات زراعية و أخرى طبيعية، و يعد هذا الرقم مؤشرا قويا على تنوع النظام الإيكولوجي الوطني، و قدرته على مقاومة العوامل المؤثرة، لكن هذا النظام الهش أصبح في حاجة إلى مزيد من الجهد حتى لا يتراجع و تنهار بعض مكوناته الحيوية.    
و يرى خبراء البيئة بالجزائر بأن التنوع البيولوجي الثري في البلاد أصبح في حاجة إلى حماية و تطوير حتى لا يتصدع و ينهار تحت تأثير عوامل طبيعية و بشرية متعددة، و قد أصبحت مراكز البحث و التكثير و مخابر التجميد و التحليل الميكروبيولوجي، و المحميات الطبيعية و حدائق التجارب و بنوك البذور و السلالات ضرورة ملحة للمحافظة على التنوع البيئي الوطني.    
فريد.غ

مدن خضراء
حديقة لاندون في بسكرة 
جنَّة الله الخضراء في قلب الصحراء
توصف حديقة لاندون بمدينة بسكرة بجنة الله فهي من أجمل المعالم السياحية بعاصمة الزيبان بحكم غطائها النباتي العجيب والغني بمئات الأصناف من النباتات المحلية والمتوسطية و الاستوائية.
الحديقة الجميلة التي تمثل نموذجا للمدينة الخضراء بقلب الصحراء الكبرى أنشأها الكونت ألبير دو نجفيل لاندون عام 1875م و أعجب بجوها ومناخها الذي ساعده في التأقلم مع مرض الربو الحاد، حيث كرس جزءا كبيرا من حياته وثروته لجمع وغرس العديد من النباتات والأشجار التي جلبها من أقطار أوروبا والمناطق الاستوائية إلى جانب أصناف الطيور التي جلبها من مختلف بقاع العالم.
 و مع مرور الوقت تحول المكان مقصدا للكثير من العائلات والسائحين، وفي سنة 1890 و أسس رواق لاستقبال الفنانين والشعراء والأدباء، وكان من أشهر مرتاديه الموسيقار المجري بيلا بارتوك ،و الكاتب الأيرلندي أوسكار وايلد والكاتب الشهير سكوت فيتز جيرالد وزوجته جيلدا، وكذا الفنانين نصر الدين دينيه، و أوجين فرومنتيتن والمفكر كارل ماركس، إلى جانب الكثير من الأسماء الأدبية والفنية الأخرى التي زارت المكان وسحرت بجماله.
 سميت بحديقة الله من طرف الكاتب البريطاني روبرت هتشنز بعد أن تحولت مكانا للراحة لعديد من كبار الشخصيات العالمية والعائلات الذين يتوافدون عليها باستمرار لجمال مناظرها وطبيعتها الخلابة.
تعد حديقة لاندون ثاني أكبر حديقة في الجزائر من حيث عدد أنواع النباتات المغروسة فيها، بعد حديقة التجارب الحامة بالعاصمة بالنظر لغطائها النباتي الغني بمئات الأصناف من النباتات، كما تمتلك أبهى إطلالات بين جداول المياه وبحيرات البط الرائعة التي تتخلل الأشجار الكثيفة بأنواعها وأشكالها، وتحتضن الحديقة العديد من الفعاليات على مدار العام ولعل أهمها المعارض الفنية التي تعرض اللوحات الفنية والمنحوتات لفنانين عالمين.                                              
ع/ بوسنة

اصدقاء البيئة
النوادي الخضراء
نموذجٌ للتربية البيئية بالمدرسة الجزائرية
تعد النوادي الخضراء التي بدأت تظهر بالمدرسة الجزائرية في السنوات الأخيرة ثمرة الجهود الوطنية الرامية إلى تطوير السلوك الاجتماعي الداعم للبيئة و التنمية المستدامة، من خلال إشراك كل القطاعات في حماية البيئة و التنوع الإيكولوجي، و في مقدمتها قطاع التربية الوطنية النافذ في عمق المجتمع، و المؤثر القوي في سلوك الأفراد و الجماعات.
 و بعد تجارب محتشمة، بدأت النوادي الخضراء تحجز مكانا لها في المدرسة الجزائرية، و أصبحت هذه الفضاءات الخضراء جزءا مهما من الرسالة التربوية الهادفة إلى بناء إنسان المستقبل المتمتع بسلوك حضاري و صحي و بيئي مفيد للوطن و الأمة.  
و بالرغم من شح الموارد البشرية و المادية الداعمة للمدرسة الجزائرية فإن هيئة التدريس تتحمل وحدها عبء هذه النوادي التربوية الصديقة للبيئة، في تحد واعد لنقل الوسط الطبيعي إلى داخل المدرسة و تدريب التلاميذ على التعامل مع الكائنات الطبيعية، و المحافظة عليها من خلال عمليات الغرس و السقي و التقليم، و صقل المواهب في مجال التعامل الإيجابي مع المحيط و اكتساب مهارات التربية البيئية التي أصبحت اليوم من أهم برامج التعليم القاعدي عبر العالم.
و قد بدأ مفهوم التربية البيئية يتجسد على أرض الواقع بالجزائر منذ سنوات قليلة، بعد تبنيه أول مرة في المؤتمر العالمي للبيئة بستوكهولم سنة 1972، المعروف بمؤتمر البيئة البشرية، و كان يهدف إلى صياغة رؤية أساسية مشتركة حول كيفية مواجهة تحديات البيئة البشرية، ثم تبعه ميثاق بلغراد سنة 1975 الذي يعد الإطار العملي للتربية البيئية، الذي صدر من خلال ورشة عمل نظمتها اليونسكو بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة للبيئة، و جاء مؤتمر تبليسي سنة 1977 لوضع أسس التربية البيئية كوسيلة لتطوير البيئة المستدامة حول العالم.
و تعد الجزائر من بين الدول الداعمة للجهد العالمي في مجال التربية البيئية، معتمدة على منظومتها التعليمية القاعدية التي بدأت تشق طريقها بثبات نحو الأهداف الرامية إلى حماية البيئة و التنوع الإيكولوجي الذي تزخر به البلاد.
فريد.غ

الرجوع إلى الأعلى