ننتقل عبر هذه الرحلة التي قادتنا إلى حديقة التجارب التي تقع في حي الحامة، بالجزائر العاصمة، عبر فضاءات عديدة نلامس فيها طبيعة خلابة مترامية الأطراف، كما نقف على جمالية الثروة النباتية، لهذه التحفة البيئية النادرة التي تعد بمثابة الرئة التي يتنفس من خلالها العاصميون وزوار عاصمة البلد القادمين من مختلف ربوع الوطن، ما حولها إلى معلم يستعرض هويّة العاصمة، ويقدمها كتحفة طبيعية ألهمت كبار الفنانين العالميين، فأنجزت في جنباتها أعمال فنية وسينمائية كثيرة، منذ نشأتها عام 1830.
هذا المتحف البيولوجي الآسر المتربع على مساحة 32 هكتارا، جعل منها إحدى أكبر الحدائق التاريخية في العالم، وإحدى أغناها من حيث تنوع أصناف النباتات، وهي بذلك مكتبة عالمية للنباتات.
ومنذ نشأتها كانت حديقة الحامة أرضا للتجارب العلمية، أجراها باحثون فرنسيون، حيث أحضروا عددا كبيرا ومتنوعا من النباتات من مستعمرات أفريقيا آنذاك، لزراعتها فوق أرض الحديقة للتكيف مع مناخ البحر الأبيض المتوسط.
ولم تحقق هذه الحديقة التميز عالميا بالمجان، ففيها ما لا يوجد في غيرها، حيث أنها تضم مئات الأنواع من النباتات من كل الأشكال والأصناف، خلقت بذلك جنة خضراء طوال أيام السنة، وأغلب أشجارها معمرة تصل إلى قرنين من الزمن، كما أنها تضم الكثير من الأشجار والنباتات المنقرضة.
وللحفاظ على هذا التنوع البيئي والنباتي، يشرف قسم الحفظ النباتي الذي تشرف عليه السيدة كنزة بن مني على تزويد الحديقة كل مرة  بنباتات مختلفة، سواء المحلية منها أو المستوطنة التي يتم جلبها في إطار التعاون من الحدائق العلمية من أوروبا وآسيا وإفريقيا وأمريكا، في إطار تبادل البذور، إلى جانب قسم التكثير النباتي.
وتنقسم الأصناف الموجودة في هذه الحديقة بين الطبية والزهرية وغيرها، وقد ساعد المناخ المميز على نمو هذه النباتات والحفاظ على جمالها، حيث يتصف بالرطب البارد شتاء وبالرطب الحار صيفا، نتيجة لقربها من البحر.
ويتولى قسم التكثير النباتي، أو إنتاج النباتات، الذي تشرف عليه المهندسة،  السيدة سعاد طواهري، على عملية تكثير النباتات التي تأتي بذورها من الخارج في إطار التبادلات مع الهيئات الرسمية العالمية المتخصصة، وذلك للحصول على نباتات جديدة يتم إدخالها على تشكيلة نباتات الحديقة، إلى جانب إكثار النباتات المحلية واستزراعها في مناطقها الطبيعية كالحظائر الوطنية، والمحافظة على الأنواع النادرة منها، من الانقراض بينها نباتات تم جلبها من جنوب البلاد، إلى جانب تكثيف زراعة الأشجار والشجيرات البريّة في بيئاتها الصحراوية، وضمان إمداد المشاريع البيئية بالبذور الجيدة في السنوات المقبلة.
أما النباتات المعمرة فيتولى القائمون على ذات المصلحة صيانتها من خلال تقليمها وعلاج الأمراض التي تتعرض لها، وحتى الاعتداءات التي تتعرض لها من حين إلى آخر من طرف بعض الزوار، الذين ينقصهم الحس البيئي على غرار الجذور الهوائية أو ما تعرف بأشجار طارزان التي يحاولون الإمساك بها فتتعرض للتلف وكذا قطف بعض النباتات، إلى جانب إلحاق أضرار بأغصان الأشجار الملتفة في ممر الدراسينا أو ممر التنين الفريد من نوعه في العالم.
أما قسم التشكيلات الميتة فيتولى عملية جني بذور هذه الأشجار وحفظها في بنك البذور والمعشبة، قبل القيام  بزراعة بعضها في المشتلة لضمان استمرارية مختلف الأنواع، وتوجيه الفائض منها للتبادل مع الحدائق الوطنية والأجنبية.
وتمر عملية حفظ البذور بعد جمعها، حسب الشروحات المقدمة لنا بعدة عمليات متتابعة كالفحص والتجفيف واختبار صلاحيتها، فيما يتولى الاحتفاظ بالنباتات المعشبة في البنك بعد تجفيفها بطرق علمية، وفي هذا السياق فقد نجح البنك في جمع كميات من البذور النادرة لعدد من الأشجار التي تنتج كميات قليلة من البذور سنوياً.
ويساعد 15 عاملا متخصصا في مجال البستنة، في جمع البذور التي تقوم بعملية إنتاش طبيعية، للحفاظ على تلك النباتات التي يتم وضعها في الأصص داخل البيوت البلاستيكية التي تدعمت بصوب جديد ( بيت بلاستيكي ) مزود بنظام عصري يكيف درجة الحرارة المناسبة للنباتات صيفا وشتاء.

وإن كانت مختلف المواضيع والروبورتاجات التي أجريت حول حديقة التجارب قد تحدثت على وجود حوالي 2500 نوع نباتي بها، فإن السيدة طواهري توضح بأن ذلك العدد كان يصل إلى 3000 نوع، في العهد الاستعماري وكانت تتنوع بين نباتات الزينة والحمضيات والكروم التي توجه للقطاع الزراعي، أما اليوم فإن الأمر يختلف إذ يقتصر على النباتات الزهرية ونباتات الزينة التي يتراوح عددها بين 500 إلى 600 نوع، والتي يجري جردها.
ويجري الاستعداد من جهة أخرى لتجهيز البيوت البلاستيكية والزجاجية والفضاء المفتوح على مستوى المشتلة للشروع قريبا في عملية بيع نباتات الزينة المختلفة التي يكثر الطلب عليها كشجرة الأفوكادو وغيرها.
وإلى جانب الإنتاج يضطلع قسم الحفظ النباتي، بالجانب البيداغوجي من خلال استقبال الطلبة في إطار التربصات الميدانية لإجراء جولات استطلاعية للتعرف على النباتات وطرق تكثيرها، بما يتيح إجراء الأبحاث العلمية التطبيقية المتعمقة، كما يتم استقبال تلاميذ المؤسسات التعليمية في إطار نشاطات النوادي الخضراء في مدرسة البستنة.
وإلى جانب ما سلف، تم إنشاء ورشة لإعادة تدوير وتحويل بقايا النباتات والأشجار التي تجمع من أرجائها لتستخدم لاحقا في شكل أسمدة ومواد عضوية تساعد النباتات على النمو، فضلا عن استعمالها في تخفيف التربة وأيضا كدعامة للنباتات.
تجدر الإشارة إلى أن حديقة الحامة تنتظر تصنيفها ‹›وطنيا›› ما سيسهل الوصول إلى التصنيف العالمي الذي سيمر بعدة مراحل و خطوات.
وفي هذا الصدد، سبق للخبيرة  الدولية في الحدائق النباتية مايتي ديلماس نائبة المدير للعلاقات الدولية بمتحف التاريخ الطبيعي بباريس (فرنسا) أن أكدت خلال زيارتها للجزائر من أجل عرض و تقديم  لأعضاء المجلس العلمي لحديقة الحامة « الاستراتيجية العالمية لحماية التنوع البيولجي»، أن الحديقة تتوفر على كافة المعطيات التي تؤهلها للحصول على  تصنيفها كحديقة عالمية.
ع.أسابع

سواعد خضراء
محمد بن ساسي يجمع الطيور في كتاب ويؤكد للنصر
 توثيق الحياة البرية بالجزائر يحتاج إلى مختصين محترفين
*  أعددت أول قائمة عن أنواع الطيور التي تعيش بحظيرة بلزمة
استطاع محمد بن ساسي الإطار المتقاعد من الحظيرة الوطنية بلزمة بباتنة، أن يجمع بين ولعه لعالم الطيور وهوايته في الرسم في كتاب بعنوان «أمة الطيَر»، وهو مرجع علمي معرفي صدر مؤخرا بمناسبة إحياء اليوم العالمي للمناطق الرطبة، ويعد الكتاب عصارة معارف سنوات قضاها في الحياة البرية بالحظيرة الوطنية بلزمة وبمناطق أخرى، ويوثق الكتاب حياة أزيد من ألف نوع من الطيور، بمعلومات وصور وكذا رسوم فنية للطيور، و يؤكد في هذا الحوار مع النصر على ضرورة حماية الطيور، ويعتبر أن الحياة البرية بالجزائر لا تزال بحاجة إلى مختصين للتوثيق، مبرزا سر اهتمامه بالطيور.
بداية، ما سرَ اهتمامك بعالم الطيور ومنذ متى كان ذلك؟
في الحقيقة لا يوجد سر، ولكن دعني أوضح أن اهتمامي بالحياة البرية وبالطيور خصوصا لا يرتبط بعملي الذي تقاعدت منه بالحظيرة الوطنية بلزمة منذ 2016، فأنا كنت مولعا منذ الصغر بالطيور، وفي سنوات السبعينات كنت أقوم بخرجات للغابات، فكنت أصطاد الطيور وخاصة منها الجوارح قبل أن أطلق سراحها للعودة إلى الحياة البرية، وكان يثير اهتمامي كل ما يتعلق بحياة الطيور حتى أنني شرعت قبل التحاقي بالعمل في إحصاء، وتصنيف الطيور، وأعددت قائمة خاصة بالطيور التي تعيش في حظيرة بلزمة، وهي أول قائمة تم إعدادها، حيث كنت قد سلمتها لإدارة الحظيرة بعد التحاقي بالعمل سنة 1988 كتقني في الغابات قبل ترقيتي إلى مفتش رئيسي.
حدثنا عن مضمون كتابك الذي صدر مؤخرا « أمة الطير»؟
«أمة الطير» الذي يعد إصداري الأول، جاء بعد تشجيع وتحفيز من زملاء ورفاق ألحوا علي بضرورة توثيق معلوماتي ومعارفي لما قمت به طيلة سنوات حول عالم الطيور، لذا فهو يعد بمثابة عصارة السنوات المهنية التي قضيتها في الحظيرة الوطنية بلزمة، وكذا اجتهاداتي في جمع المعلومات قبل فترة التحاقي بالحظيرة، والكتاب هو معرفي بحت جمعت فيه معلومات حول أزيد من ألف نوع من الطيور في أكثر من 300 صفحة.
 ولا يتعلق الأمر فحسب بالطيور التي تعيش بالجزائر أو التي أعرفها وصادفتها في الطبيعة، وإنما طيور من مختلف أنحاء العالم أجريت عنها بحوثا، وينقسم الكتاب إلى محاور انطلاقا من تعريف الطير في القرآن، حيث ورد في 29 آية، وتعريفه لغة وما ذهب إليه العلماء في التصنيفات، وتسمياتها الأصلية باللاتينية واجتهدت في جمع الترجمة بالعربية، وتطرقت لحياة الطيور من حيث التكاثر والتغذية ونمط العيش وكذا دراسة السلوك أيضا.
ألا ترى بأنك تأخرت في الكتابة والتوثيق بعد إصدارك أول كتاب بعد التقاعد؟
صحيح أن كتاب «أمة الطير»، يعد أول كتاب خاص بي أصدره بعد تقاعدي لكن لي كتابات منفردة وإسهامات أخرى مشتركة وجماعية، حيث كان أول كتيب نقوم بإعداده رفقة الإطار السابق بمحافظة الغابات عبد الحفيظ حمشي، حول التنوع البيولوجي في الحظيرة الوطنية لبلزمة، وإن تأخرت في إصدار كتابي الأول، فإن ذلك يرجع لبعض العوامل الموضوعية منها انهماكي المطلق بالعمل، وما صاحبه من مرافقة الطلبة الجامعيين و المختصين، ضف إلى ذلك غياب الإمكانيات.
ما الذي أضافه توظيف ريشتك الفنية في كتابك للتوثيق للطيور؟
صحيح، فأنا ومنذ الصغر وإلى جانب ولعي بالحياة البرية للطيور والبحث حول عالمها، لي هواية أخرى، وهي الرسم وخاصة البورتريهات، ولقد اغتنمت جمعي بين ولعي وبحثي في عالم الطيور إلى جانب هوايتي في الرسم لتوظيفها في كتابي «أمة الطير»، حيث قمت برسم بعض الطيور التي صادفتها في الطبيعة في الكتاب، وأظن أن للمسة الفنية أثرا جماليا وهي تجلب الانتباه، والطيور لطالما ألهمتني في رسمها.
هل تمكنت من رصد خطر الانقراض الذي يهدد أصنافا من الطيور طيلة سنوات مراقبتك لعالمها؟
للأسف من خلال عملي على إحصاء وتصنيف الطيور طيلة سنوات، لاحظت ورصدت تراجعا لأصناف، واختفاء أخرى على غرار عصفور الحسون الذي يعد شمال إفريقيا موطنه الأصلي، بالإضافة لأنواع أخرى حيث سبق لي أن واكبت فريق عمل محترف لجمعية مختصة من المملكة البريطانية، كانت قد حلت سنوات التسعينات ببلدان شمال إفريقيا ومنها الجزائر لرصد ومتابعة طائر «الكروان الدقيق المنقار» الذي يعيش في سيبيريا، ويهاجر في الشتاء للعيش في شمال إفريقيا وهو طائر شاهدته مرة واحدة فقط، وقد اختفى ومن الطيور التي اختفت ولم أشاهدها منذ سنة 2006 الزرياب.
ما هي أسباب الانقراض والأخطار المهددة للطيور؟
من أبرز العوامل هي الصيد الجائر، وخاصة الصيد عن طريق الشباك وخلال فترات التكاثر، وفي ذات السياق عامل المتاجرة التي تهدد أنواعا من الطيور بالانقراض مثلما يحدث مع الحسون، ومن بين العوامل الحرائق التي تأتي على أعشاش الطيور، وكذا استعمال المبيدات والتلوث الجوي، بالإضافة إلى التغيرات المناخية المتسببة في نقص المياه وتراجع مصادر تغذية الطيور، وهي عوامل كان لها الأثر خلال السنوات الأخيرة في اختفاء أصناف من الطيور.
ألا يستهويك التوثيق لباقي أصناف كائنات الحياة البرية ناهيك عن الطيور؟
أكيد أن كائنات الحياة البرية، لا يمكن حصرها في الطيور لكن التوثيق لها يبقى بحاجة إلى مختصين وإلى إمكانيات، وناهيك عماَ قمت به من عمل توثيقي من خلال كتاب « أمة الطير»، فأنا سأرافق فريقا من حظيرة بلزمة أيضا للتوثيق للزواحف بالصور، خاصة منها المهددة بالانقراض على غرار ما يسمى «بالحرذون»، وأسعى مجتهدا مستقبلا لإعداد كتيبات صغيرة تكون بمثابة دليل معرفي وسياحي للحياة البرية.
ما منظورك وتقييمك لكيفية توثيق الحياة البرية بالجزائر؟
كما سبق وأن قلت لك فإن توثيق الحياة البرية يبقى بحاجة إلى مختصين وعارفين في مجال البيولوجيا، ومكونين على كيفية التعامل مع الكائنات البرية للقيام بإحصاء علمي، كما أن التوثيق بحاجة إلى إمكانيات ذات صلة بالتخصص، وهو ما لمسته في الفرقة التي قدمت من بريطانيا من أجل المتابعة والتوثيق لحياة طائر مهاجر، ومع ذلك يجب أيضا تثمين وتشجيع المجهودات التي تصب في توثيق وحماية الطبيعة والحياة والبرية، على غرار ما كان يتم من قبل من طرف الوكالة الوطنية لحفظ الطبيعة.
هل ننتظر منك إصدارات أخرى توثيقية لكائنات الحياة البرية؟
سأعمل على إصدار طبعة ثانية حول الطيور، بعد كتاب «أمة الطير» وكما سبق وأسلفت الذكر أسعى أيضا لإصدار كتيبات تكون بمثابة الدليل عن الطيور بمحمية حظيرة بلزمة، وأغتنم الفرصة للدعوة للحفاظ على الطبيعة في صورتها النقية، ومحاربة كل ما هو ملوث أو يشكل خطرا على حياة الكائنات البرية التي تشكل عامل توازن بيئي.
حاوره: يـاسين عبوبو

أسرار البرية
بلزمة .. هنا عاش إنسان ما قبل التاريخ وهنا تعيش كائنات نادرة
بين الامتداد الجغرافي للأطلس التلي والصحراوي يتواجد محيط طبيعي متنوع في قلب الأوراس، يمتاز بخصائص فريدة عن باقي المناطق، ويتعلق الأمر بمحمية الحظيرة الوطنية بلزمة التي تحتضن غابات الأرز الأطلسي الباسقة في علو شامخ، والتي ظلت شاهدا على تاريخ شمال إفريقيا، والحظيرة تحصي تنوعا بيولوجيا أهلها لتصنف محمية وطنية كما تكتنز منطقة بلزمة أسرار آثار إنسان ما قبل التاريخ، بعد العثور عبر عدة حقب على رسوم صخرية تشبه إلى حد كبير تلك الموجودة بالطاسيلي.
تعد الحظيرة الوطنية لبلزمة من أهم المحميات الطبيعية على المستوى الوطني، بحيث تحتل موقعا بيوجغرافيا مهما بين الأطلس التلي والصحراوي، وقد صدر قرار المحمية في الثالث من نوفمبر سنة 1984 بمرسوم رئاسي رقم 84-623، تحت وصاية وزارة الفلاحة والتنمية الريفية والصيد البحري، وصنفت في الخامس عشر من شهر جوان عام 2015 من طرف المجلس العالمي للتنسيق والتصنيف للمنظمة العالمية *اليونيسكو- ضمن الشبكة العالمية لمحميات المحيط الحيوي لتحسين العلاقات الإنسانية والطبيعية على المستوى الوطني والعالمي.
وتقع الحظيرة الوطنية بلزمة بإقليم ولاية باتنة، بحيث تمتد عبر ثماني بلديات على مساحة تقدر بـ 26250 هكتارا وهي باتنة، ومروانة، ووادي الماء، وحيدوسة، وسريانة، وجرمة ووادي الشعبة، وفسديس، وتضم الحظيرة ثروة طبيعية نباتية وحيوانية متنوعة، وإرثا ثقافيا وتخضع الحظيرة للحماية والتسيير بموجب قرار الحماية لإدارة مؤسسة عمومية ذات طابع إداري.
وتضطلع إدارة الحظيرة التي على رأسها حاليا محمد لمين دهيمي، بمهام أبرزها حسب المدير لـ»النصر» حفظ وحماية الكائنات الحيوانية والنباتية، وكذلك حماية المواد الجيولوجية والتجمعات البيولوجية والأوساط المائية والإيكولوجية، وحماية التراث الثقافي والمهارات المحلية، وأوضح المدير بأن من مهام إدارة الحظيرة تسيير الأخيرة بمخطط يتضمن إدماج السكان المحليين بنطاق الحظيرة ببرامج تتماشى والتنمية الريفية وفي آن واحد الحماية والمحافظة على الموارد الطبيعية، بالإضافة لتكثيف النشاطات المتعلقة بالتربية البيئية لتوصيل رسالة حماية الثروة الطبيعية والثقافية إلى أذهان الأجيال الصاعدة.
إحصاء 655 نوعا حيوانيا و650 نوعا نباتيا بحظيرة بلزمة
تضم الحظيرة أنواعا حيوانية ونباتية متنوعة منها النادرة والأصيلة والمحمية، بحيث تحصي 655 نوعا حيوانيا منها 27 من الثدييات و115 طيور و22 من الزواحف و05 أنواع من البرمائيات، وأكثر من 480 نوعا من الحشرات و75 نوعا محميا وفي التنوع البيئي تحصي الحظيرة 650 نوعا منها 12 محمية و22 نادرة و09 أصلية و140 نوعا نباتيا طبيا و62 من الفطريات.
ومن بين الأنواع الحيوانية بالحظيرة نجد الضبع المجدع، والسنجاب البربري، والحرباء، والسلحفاة الإغريقية وطائر العقعق الأوروبي ومن النباتات نجد العرعار الفينيقي والبهشية والروميليا والسحلبيات، ويبقى الأرز الأطلسي من أبرز الأنواع النباتية التي تميز غابات الحظيرة والأرز يعد حسب الخبراء من الأصناف الأصيلة في شمال إفريقيا، وحسب الدراسات العلمية، فإن شجرة الأرز تتواجد قبل الميلاد وقد تم اكتشاف أعمدتها مستعملة كسند داخل ضريح إمدغاسن النوميدي المتواجد بإقليم بلدية بومية، وهو الضريح المرجح تشييده في القرن الرابع أو الخامس قبل الميلاد.
وسعيا لتشجيع السياحة الجبلية والتعريف بما تحتويه حظيرة بلزمة، عملت إدارة الحظيرة على إنجاز طاولة توجيهية للسياح بمرتفع ثنية القنطس، وهي حسب ما أوضحه المدير وإطارات بالحظيرة للنصر، عبارة عن مرفق سياحي بحيث تتضمن الطاولة توجيهات وبوصلة التوجه من خلال نظرة بانورامية بهندسة دائرية وتعمل الحظيرة حسب المدير، على إنجاز طاولة أخرى بمرتفعات بوييلف لتعريف الزوار والسواح بالمناطق الغابية التي تضمها الحظيرة.
وتشير معلومات إلى أن بلزمة تعد إحدى أقدم مواقع الفن الصخري لإنسان ما قبل التاريخ بشمال إفريقيا، منها هيكل الإنسان المكتشف سنة 1922 الذي استخرجه الباحث الفرنسي أوندي دوبريج من مغارة فرطاس ومواقع أخرى عليها رسومات منقوشة على الصخور تم اكتشافها من طرف الباحث في الاثار جون لويس.
ومن المنتظر حسب مديرية الثقافة لولاية باتنة إيفاد لجنة لفريق بحث علمي من المركز الوطني للبحوث في عصور ما قبل التاريخ وعلم الإنسان لإجراء خبرة تتضمن تحديد الفترة الزمنية للرسومات المكتشفة مؤخرا بجبل بوغيول، والتي تمت معاينتها من طرف مختصين ويرجح أن تعود إلى فترة العصر الحجري وتعكس الرسوم التي تم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي صور حيوانات مستأنسة وأشكال آدمية بإحدى الملاجئ الصخرية.
يـاسين عبوبو

الرجوع إلى الأعلى