تواجه ولاية قالمة تحديات بيئية كبيرة تهدد تنوعها الإيكولوجي، و تنذر بتصحر قادم من سهل الجنوب الكبير باتجاه ما تبقى من الحزام الأخضر الآخذ في الانحصار باتجاه الشمال، متأثرا بموجات الجفاف و عوامل بشرية زادت من خطورة الوضع، كالحرث و الرعي الجائرين  و التجريف و النفايات و الحرق المدمر للغطاء الغابي.
و يعد برنامج الغابات الاقتصادية و برنامج الأشجار المثمرة الذي انطلق بقالمة في السنوات الأخيرة إحدى الدعائم الهامة التي تساعد على تعافي الغطاء النباتي، و عودة الحياة البرية من جديد إلى الأقاليم التي أصابها التصحر بسبب عوامل طبيعية و بشرية مازالت تتفاقم باسمرار، و تلحق مزيدا من الضرر بالنظام البيئي الهش.  
و قد بدأت بوادر التصحر تطال إقليم ولاية قالمة من الشريط الحدودي المتاخم لولاية أم البواقي، حيث تحولت مساحات واسعة من سهل عين آركو الكبير ببلدية تاملوكة إلى مواقع جرداء على مدار السنة تقريبا، و قال السكان المحليون الذين يعيشون على الزراعة و الأنشطة الرعوية البسيطة، بأن الأرض لم تعد تنتج كما كانت خلال العقود الماضية، و ان الطبقات البيضاء تتقدم باستمرار نحو مزيد من السهل الزراعي الكبير.
و بدأ منتجو القمح بالمنطقة يشتكون من تراجع خصوبة التربة و تراجع الإنتاج عمّا كان عليه خلال العقود الماضية، كما يحدث بمنطقة تمرسطين المعروفة بإنتاج أجود أنواع القمح.
وتظهر الصور التي تلتقطها الأقمار الصناعية باستمرار مؤشرات جدية للتصحر على امتداد سهل الجنوب الكبير من عين العربي و عين مخلوف، إلى تاملوكة، عين رقادة، وادي الزناتي و برج صباط و رأس العقبة و جنوب سلاوة عنونة، و بؤر أخرى بعدة بلديات كانت إلى وقت قريب في منأى عن مخاطر التصحر، قبل أن تطالها التغيرات المناخية و يد الإنسان بالحرق، و بالرعي و الحرث الجائرين.  
و لا تقتصر مخاطر التصحر التي تهدد ولاية قالمة على التوازن الإيكولوجي و التنوع البيئي فقط، بل ستطال هذه المخاطر دون شك معيشة السكان، و تحد من الجهود الرامية إلى تطوير الاقتصاد الريفي، و إحداث هجرة عكسية للتخفيف من ضغط النمو الديموغرافي المتزايد على الحواضر الكبرى.   
رهان شاق للحد من الموائل البيئية
تعمل محافظة الغابات و مديرية الفلاحة بقالمة منذ عدة سنوات على إنجاز برنامج طموح لمواجهة مخاطر التصحر و ترميم النظام البيئي المتصدع، من خلال البحث عن حلول مجدية للموائل البيئية المثيرة للقلق، و إنقاذ النظام البيئي من الانهيار التام بالمناطق الهشة كسهل الجنوب الكبير المقبل على مخاطر كبيرة.
و يعتمد البرنامج على الغرس المتواصل للأشجار المثمرة و الغابات الاقتصادية لتعويض الخسائر الناجمة عن الحرائق المدمرة، و تنويع مصادر الزراعات المعيشية بالأقاليم الجبلية، من خلال تشجيع السكان على إنجاز حقول للأشجار المثمرة لتحسين وضعهم المعيشي، و المساهمة في جهود إنقاذ الطبيعة و الحياة البرية، و إنجاح برنامج التنوع البيئي بالمنطقة، و خاصة بسهل الجنوب الكبير حيث الخطر المحدق بالأرض و السكان، تحت تأثير التغيرات المناخية المتسارعة، و التصحر و فقر التربة الزراعية.
وقد ناشدت محافظة الغابات بقالمة سكان المناطق المهددة بالتصحر و دعتهم إلى المساهمة في جهود التنمية الريفية، من خلال التوجه نحو الزراعة البيولوجية و الحد من السلوكات المعادية للبيئة و الحياة البرية، مؤكدة بأنه ينبغي على سكان المناطق الهشة المساهمة في الجهود الرامية إلى تصحيح المجاري المائية ومعالجة الأحواض السائلة و تكثيف برامج غرس الزيتون، و الإدراك الجيد لخطر التصحر والجفاف وطرق الوقاية منه ومكافحته، بواسطة التقنيات الزراعية الملائمة كالحرث في اتجاه خطوط التسوية للحد من انجراف التربة، و تجنب الرعي الجائر المؤثر على التجديد الطبيعي للنباتات، و غرس الأشجار المقاومة للجفاف كالزيتون، اللوز، التين الشوكي والتين، و بناء مصدات الرياح الطبيعية، و الاستعمال العقلاني للمبيدات الزراعية، و الحد من استنزاف الموارد المائية.
و تعتقد الهيئات المشرفة على قطاعات الزراعة و الغابات و البيئة بقالمة بأن برنامج التشجير و تغيير الأنماط الزراعية السائدة بالمناطق الهشة، يعد الحل الأمثل لترميم النظام الإيكولوجي المتداعي، مؤكدة بأن السكان المحليين هم الحلقة الأقوى في مشروع التشجير الكبير.
قطاع الغابات على خط المواجهة  
و تتوقع محافظة الغابات بقالمة تحقيق المزيد من الإنجازات بنهاية 2021 و ذلك بغرس 300 ألف شجرة غابية اقتصادية على مساحة 650 هكتارا لتعويض المتضررين من سلسلة الحرائق المدمرة التي ألحقت أضرارا كبيرة بالاقتصاد الريفي عبر مختلف مناطق ولاية قالمة.
و في إطار برنامج التنمية الريفية غرست محافظة الغابات بقالمة أكثر من 2000 هكتار من الزيتون، الشجرة الأكثر قدرة على التأقلم مع المناخ الجبلي الجاف، و أكثرها نفعا للسكان بين عامي 2010 و 2018، و بدأت حقول الزيتون الفتية تأتي أكلها و تدعم النظام الإيكولوجي، و التنوع الزراعي البيولوجي  الصديق للبيئة و الإنسان.
و تبلغ مساحة الغابات بولاية قالمة نحو 117 ألف هكتار و تغطي 32 بالمائة من المساحة الكلية للولاية، و يعد هذا الغطاء الطبيعي الثري رئة التنوع البيئي بالمنطقة، لكنه يواجه تحديات كبيرة كالجفاف و الحرائق و القطع الجائر و التجريف المتواصل، و يعمل قطاع الغابات على تجديد المواقع المتضررة و تشجيع السكان على الانخراط في البرنامج الوطني للتشجير و إنجاز حقول جديدة من الأشجار المثمرة ذات الفوائد البيئية و الاقتصادية الكبيرة.
وبدأ قطاع الفلاحة بقالمة يدرك خطورة الموائل البيئية بسهل الجنوب الكبير و أقاليم أخرى، و وضع برنامجا واعدا لتنويع الأنشطة الزراعية من خلال غرس المزيد من الأشجار المثمرة لدعم القدرات الإنتاجية البيولوجية و تنويع مصادر الدخل للسكان الذين يعيشون على الزراعة و الأنشطة الرعوية.
وفي غضون العشرين عاما الماضية ارتفعت مساحة الأشجار المثمرة بكل أنواعها بولاية قالمة بنسبة 290 بالمائة تقريبا، و أصبحت حقول الزيتون و البرتقال، و الكروم و التين و التفاح و المشمش و الإجاص، تغطي 10 بالمائة من المساحة الزراعية الإجمالية المستعملة و المقدرة بنحو 187 ألف هكتار.
و بالرغم من كونه محصولا استراتيجيا يشغل 70 بالمائة تقريبا من المساحة الزراعية كل عام، فإن زراعة القمح المكثفة بالأقاليم الهشة أصبحت تثير قلق المهتمين بشؤون البيئة لما تتسبب فيه من إجهاد للتربة و تصحر كما يحدث بالمنطقة الجافة بسهل الجنوب الكبير، و يعمل قطاع الفلاحة بقالمة على تنويع النشاط الزراعي بالمنطقة من خلال برامج التشجير الهادفة إلى حماية النظام البيئي الهش و بناء ملاذات طبيعية جديدة تكون منطلقا للتنوع و أكثر جاذبية و ملاءمة للحياة البرية.
أزمة المياه تعيق تنمية الزراعة الصديقة للبيئة
باستثناء حوض سيبوس الكبير حيث المياه و الرطوبة و المناخ الملائم لنمو حقول الأشجار المثمرة، فإن سهل الجنوب الكبير المهدد بالتصحر يواجه تحديات كبيرة لتحقيق اهداف التنوع الزراعي و البيئي، و تعد أزمة المياه بالمنطقة بمثابة العائق الأكبر لإنجاح برنامج الأشجار المثمرة الذي يعول عليه كثيرا لحماية المنطقة من التصحر، و إنشاء بيئة طبيعية جديدة تجمع بين الاقتصاد و التنوع الإيكولوجي.
و مع استمرار موجات الجفاف المتعاقبة على المنطقة، واجهت الكثير من برامج التنوع الزراعي بالمنطقة صعوبات كبيرة، و لم تصمد طويلا بسبب ندرة مياه السقي التي تعد بمثابة العامل الأساسي لتنمية المنطقة و صد الصحراء القادمة من الجنوب.
و يوجد بسهل الجنوب الكبير بقالمة سد صغير قرب مدينة عين مخلوف يسقي مساحات محدودة من حقول الأشجار المثمرة، و بعض المحاصيل الموسمية، و لا يكفي حجمه الذي لا يتجاوز 3 ملايين متر مكعب لتلبية حاجيات برنامج التشجير الكبير الذي تراهن عليه ولاية قالمة لتحقيق اهداف التنوع الزراعي، و معالجة الموائل البيئية التي أصبحت تشكل خطرا على الحياة البرية و مستقبل الأجيال القادمة.
فريد.غ

سواعد خضراء
لتعويض خسائر الغطاء الغابي والحفاظ على التوازن البيئي
الحماية المدنية من جهود الإطفاء إلى المساهمة في حملات التشجير
و لعل ما يثير الانتباه في مختلف حملات التشجير التي بادرت إليها سلطات الولاية ومحافظة الغابات خلال الأسابيع الأخيرة بهدف غرس 300 ألف شجرة عبر اقليم الولاية، هو المشاركة القوية لأعوان الحماية و وحداتها عبر الدوائر والبلديات في العملية، حيث أشار في هذا الصدد الرائد رابح علي دحمان المكلف بالإعلام على مستوى مديرية الحماية المدينة إلى المساهمة في مثل هذه الحملات و استغلالها من أجل التوعية والتحسيس بفوائد الغطاء الغابي و النباتي بصفة عامة، والحث على تجنب التصرفات التي عادة ما تكون سببا في اندلاع الحرائق بالغابات والمحاصيل الزراعية، ما يؤدي إلى اتلاف عشرات الهكتارات و تعرية مساحات واسعة من الغابات.
و أوضح أن دور الحماية المدنية عادة ما يكون مقرونا بالحفاظ على الغطاء الغابي، من خلال تجنيد الإمكانيات المادية والبشرية، خلال مواسم الحر لإطفاء الحرائق والتدخل وسط الأدغال والغابات لإخماد النيران والحد من توسع رقعتها، كاشفا عن تسجيل 39 حريقا بالغابات و 14 حريقا في المحاصيل الزراعية و 44 حريقا بالأشجار المثمرة، خلال العام الفارط، وما مجموعه 165 تدخلا لأجل حرائق الغابات والأحراش والأدغال التي أتت على مساحة قدرها 806 هكتارات، أغلبها من الأحراش والحشائش اليابسة، كما أتلفت الحرائق مساحات قدرها 44 هكتارا من المحاصيل الزراعية، مشيرا إلى تدخل وحدات الحماية وفرق الإطفاء التي تمكنت من وضع حد للحرائق و التقليل من حجم الخسائر، لا سيما على مستوى الغابات أين واجه أعوان الحماية أياما عصيبة خلال فصل الصيف الفارط الذي شهد اندلاع حرائق متعددة عبر الأقاليم الغابية.
و أشار ذات المتحدث، إلى التكثيف من حملات التوعية و التحسيس بالمؤسسات التربوية، و عبر وسائل الإعلام فضلا عن تنظيم قوافل وأيام مفتوحة، للتأكيد على ضرورة الاستغلال العقلاني للغابات والمحافظة عليها  من كل أنواع الاعتداء كالقطع العشوائي للأشجار والحرق والرعي والتوسع العمراني، والمساهمة في عمليات التشجير المنظمة في مختلف المناسبات والبرامج التي أطلقتها الولاية، لتدعيم الغطاء الغابي والتعويض عن الخسائر المسجلة في الثروة الغابية، و من ذلك الحفاظ على التوازن البيئي و الايكولوجي، خاصة و أن الولاية تتوفر على ثروة غابية هامة، تعتبر طاقة متجددة تساهم بشكل فعال في تلبية العديد من المتطلبات، ما يستدعي تضافر الجهود للحفاظ عليها وحمايتها من الاعتداءات والاستغلال اللاعقلاني للثروة والحرائق المتسببة في انقراض العديد من الأصناف النباتية والغابية وكذا تصاعد عملية التعرية، وهو ما يؤدي إلى اختلال التوازنات البيئية والإيكولوجية، في وقت كشفت مختلف الدراسات في هذا المجال، عن ضرورة تحقيق ما نسبته 6.25 بالمائة من الغطاء الغابي باليابسة، حسب دراسة أعدتها منظمة الأمم المتحدة للتغذية والزراعة «فاو»، مع العلم أن كل واحد هكتار من الغابات يوفر ما بين 180 إلى 240 كيلوغراما من الأوكسجين، و يمتص حوالي 220 إلى 280 كيلوغراما من غاز ثاني أكسيد الكربون.       ع/ بوعبدالله

لترقية السياحة الإيكولوجية  
تجارب واعدة لمشاريع غابات الاستجمام والترفيه بالجزائر
تعد الغابات المحاذية للمدن والتجمعات السكانية الكبرى من أهم الوجهات التي تقصدها آلاف العائلات الجزائرية والأفراد والمجموعات للنزهة والاستجمام قصد تغيير الأجواء والترفيه عن النفس، والابتعاد بالتالي عن ضغوط العمل وروتين الحياة، سيما خلال نهاية كل أسبوع وأيام الإجازات المختلفة.
وقد ازدادت الحاجة مع ذلك لتهيئة هذه الفضاءات الطبيعية وتوفير خدمات ووسائل للتسلية والترفيه للأعداد الكبيرة من المواطنين الذين يترددون عليها، وتهيئة مسالك للاستجمام أو لممارسة الرياضة، وهو ما دفع مصالح الغابات للمبادرة بمنح رخص للمستثمرين الشباب لاستغلال الغابات بعقود إدارية لتوفير كل سبل الراحة والخدمات التي تشجع السياحة البيئية وتجعل الوافدين إلى الغابات يستمتعون أكثـر بأوقاتهم، فيما تستفيد الخزينة العمومية من عائدات هذه الاستثمارات.
لذلك وإلى جانب المخططات التنموية التي خصصتها من أجل إعادة تشجير المساحات الواسعة من الغابات التي أتلفت خلال السنوات الأخيرة بفعل الحرائق، وبعض العوامل الأخرى، بادرت مصالح الغابات بإطلاق مشروع كبير في 2018، ينص على فتح مساحات واسعة من هذه الغابات المحاذية للمدن والتجمعات السكانية عبر كل الولايات التي تتوفر على ثروة غابية، أمام الاستثمار الخاص لاستغلالها ضمن مسمى ‹› غابات الاستجمام والترفيه ‹›، في تقديم الخدمات ووسائل الترفيه التي تتناسب مع البيئة الغابية ولا تلحق أي ضرر بها.
وبحسب السيدة خضرة عاشور، المديرة الفرعية للمنتوجات والخدمات البيئية الغابية، بالمديرية العامة للغابات، فقد جاءت مبادرة مصالح الغابات بفتح العديد من الفضاءات الغابية لاستغلالها في مشاريع استثمارية لتوفير الخدمات الضرورية التي يحتاجها المواطنون في عين المكان، من أجل توفير كل أسباب الراحة للعائلات في هذه الأماكن، وهو ما كان مثار إعجاب أوروبيين بهذه التجربة الواعدة كما ذكرت.
وأشارت السيدة عاشور في لقاء للنصر بمكتبها، إلى أن النظام القانوني الخاص برخصة استغلال غابات الاستجمام والترفيه، وشروط و كيفيات منحها،المحدد في  نص المرسوم التنفيذي رقم 06/368، ينص على أن يلتزم المستفيد من  الرخصة ( المستثمر الخاص) أثناء استغلاله لهذه الفضاءات بالحفاظ على الثـروة الغابية وكذا المحافظة على النظام البيئي والايكولوجي للغابة بالتوازي مع الالتزام بتسديد أعباء شهرية لفائدة أملاك الدولة مما يساهم بشكل مباشر في توفير مداخيل مالية إضافية للخزينة العمومية. كما يتعين على المستفيد في ذات السياق، استعمال مواد بناء تتلاءم مع الإطار الطبيعي والأصناف النباتية المتواجدة في كل موقع غابي مع استعمال الخشب في التسييج وتفادي استعمال الإسمنت والحديد في إنجاز مختلف المرافق داخل غابة الاستجمام، مثل إنجاز كراسي وطاولات و أكشاك من الخشب والحفاظ على نظافتها وتوفير وسائل الوقاية ومكافحة الحرائق.
وبعد أن ذكرت أن كل مستفيد يخضع لدفتري شروط واحد عام وآخر خاص، أوضحت أن المقصود بغابة الاستجمام هي ‹› كل غابة أو جزء منها، غابة أو كانت أشجار مثمرة مهيأة أو ستهيأ تابعة للأملاك الغابية الوطنية ومخصصة للاستجمام والراحلة والتسلية والسياحة البيئية››، وتستثنى من المشروع – تضيف المتحدثة-  المناطق المحمية والحظائر الوطنية.
وبحسب ذات المصدر فإن رخصة الاستغلال تعد عقدا إداريا يؤهل بموجبه استغلال غابة الاستجمام لأغراض التسلية وتمنح الرخصة لمدة أقصاها 20 سنة قابلة للتجديد على أساس نشاطات الاستجمام والراحة والتسلية وأن تجديدها يتم بناء على طلب المستفيد وتنشأ في كل ولاية لجنة تحت رئاسة الوالي تكلف بدراسة طلبات منح رخصة استغلال غابات الاستجمام وتوافق على قائمة المستفيدين وعلى مخططات التهيئة كما تختلف كيفيات استغلال غابات الاستجمام ، إذا كانت الغابة المعنية قد تمت تهيئتها من قبل الدولة أو الجماعات الإقليمية أو أنها لم تكن موضوع أية تهيئة وأن هذه التهيئة تعود للمستفيد من رخصة الاستغلال.
 كما أن صاحب الطلب يجب أن يودع مخططا لتهيئة الغابة يوضع فيه جميع المنشآت والتجهيزات وان يلتزم باحترام ما يأتي في دفتر الشروط الخاص والتدابير الخاصة بالمحافظة على الأملاك الغابية وحمايتها وكذلك المتعلقة بدخول وسائل النقل إلى غابات الاستجمام وتنقلها وتوقفها واستعمالها.
ويَتوخى من هذه الفضاءات الغابية عند تهيئتها توفير الراحة و الاستجمام لقاطني تلك المناطق من خلال ما ستضمه من مرافق ترفيه واستجمام للعائلات ومنشآت السياحة والألعاب والتسلية التي ستستجيب لاحتياجات كافة الفئات العمرية.ويفرض مخطط التهيئة والتوجيه الخاص باستغلال هذه الفضاءات على المستثمرين الخواص أيضا خلق مساحات للتسلية واللعب للأطفال وخدمات الحدائق العمومية إلى جانب إنجاز بحيرات اصطناعية أو أحواض مائية وغيرها من المرافق مع توفير مناصب عمل يحدد عددها تبعا للمساحة الممنوحة للمستثمر.وبلغت المساحة الإجمالية للفضاءات الغابية المفتوحة للاستغلال حاليا – حسب السيدة عاشور - بعقود الامتياز 4392.83 هكتارا،  من إجمالي الثـروة الغابية الوطنية المقدرة بـ 4,138 ملايين هكتار، بواقع 215 ملفا تم إيداعها على مستوى 39 ولاية تم قبول 141 منها على مستوى 34 ولاية بعد دراستها، من بينها 75 دخلت حيز الاستغلال وهي تجارب رائدة منصوص عليها في الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية، فيما يوجد 34 ملفا قيد الدراسة.
وبحسب الإجراءات المعمول بها التي ينص عليها المرسوم التنفيذي الخاص باستغلال الفضاءات الغابية فإن كل المشاريع التي تتم الموافقة عليها تحظى بزيارة أولية لأعوان الغابات الذين يحظون بصفة الضبطية القضائية، لمعاينة الوضع الذي توجد عليه وإحصاء الأشجار التي تتوفر عليها، وزيارات مراقبة دورية للوقوف عما إذا تم احترام ما ينص عليه دفترا الشروط.
وعن سؤال عما إذا ما تم تسجيل تجاوزات أو اعتداءات على الأشجار أو الغطاء النباتي من طرف بعض الحاصلين على رخص استغلال غابات الاستجمام، تحدثت السيدة عاشور عن تسجيل حالة واحدة فقط ما اضطر المصالح المعنية لاتخاذ الإجراءات اللازمة وسحب الاستفادة من الشخص المعني، فيما تم توقيف مشروعين بولاية الوادي.                                                  عبد الحكيم أسابع

أسرار البرية
حظيرة القالة تنوع إيكولوجي فريد من نوعه
أكثر من 50 صنفا من الأشجار النادرة عالميا و1400 نوع من النباتات
تحوي الحظيرة الوطنية للقالة ثلثي مخزون الجزائر من الثـروات الطبيعية، حيث يوجد بها أزيد من خمسين صنفا من الأشجار النادرة اقليميا ودوليا وألف وأربع مئة صنف من الناباتات وأنواع متعددة من الحيوانات، ما يجعلها تمثل وسطا طبيعيا استثنائيا تشكل شجرة السنديان الأحمر أو السرول الأقرع جزءا مهما  منه كونها من الأشجار نادرة الوجود في العالم وذات خصائص متعددة.  
و كشف الخبير بالحظيرة الوطنية للقالة ، قريرة عبد السلام، أن  الفضاء الطبيعي للحظيرة يبقى غنيا بالثروة الغابية والنباتية والحيوانية ، حيث  يحصى حاليا أزيد من 50صنفا من الأشجار النادرة على المستوى الإقليمي والدولي و أكثر من 1400 صنف من النباتات المائية والترابية  ما يمثل ثلثي مخزون الجزائر من هذه الثروات ، دون الحديث عن أصناف الحيوانات والأوساط الطبيعية  المميزة ذات التنوع الإيكولوجي  الفريد من نوعه ، ما جعل الولاية بمثابة بنك إيكولوجي مفتوح في الهواء الطلق يستقطب باحثين وأساتذة من داخل وخارج الوطن لاكتشاف ما تزخر به المنطقة من كائنات نباتية وطبيعية وحيوانية ، حيث يتم في كل  مرة اكتشاف أصناف منها ، داعيا إلى تثمين هذا المجال الذي من شأنه أن يعود على السياحة المحلية بالفائدة  مع ضرورة الترويج للقدرات السياحية الأخرى  المختلفة التي تزخر بها الولاية ،مع دعوة الجمعيات المحلية للاضطلاع بدورها في التحسيس والتعريف بهذه المقومات الطبيعية النادرة وحمايتها من كل أشكال النهب والتخريب والتلوث ، خصوصا منها الأشجار العريقة التي يعود عمرها لعقود من الزمن .
السنديان الأحمر.. من فلوريدا إلى القالة
تعد شجرة السنديان الأحمر والمسماة « السرول الأقرع» التي يقتصر وجودها بمشجرة طونقة بالمحمية الطبيعية للحظيرة الوطنية للقالة ، من الأصناف النادرة وطنيا وإقليميا وعالميا ، حيث  تم غرسها بالمنطقة سنة 1910 بعد أن جلبها  المعمرون من مدينة فلوريدا بالولايات المتحدة الأمريكية ، و رغم  السنوات الطويلة التي تتعدى القرن ملزال هذا النوع من الأشجار التي تتميز بطولها الباسق يقاوم رغم الظروف المناخية خاصة الرياح العاتية التي تسببت في السنوات الأخيرة في سقوط عشرات الأشجار بفعل عاصفة ضربت الجهة  قبل أن تستعيد العافية بعد تجددها ونموها.
    هذه الشجرة تصارع الطبيعة من أجل البقاء حيث  تتواجد  خصوصا في  حيز الحظيرة الوطنية للقالة على مساحة 4هكتارات في منطقة ترابية  و3هكتارات داخل محيط مائي «بحيرة طونقة « ، كما يصنف خشب الصرول الأقرع أنه من أجود أصناف الحطب عالميا لخصائصه التي يتفرد بها ومنها مقاومته للعوامل المناخية وصلابته.ومن أجل حماية والحفاظ على هذا الصنف النادر من الأشجار عمدت إدارة الحظيرة الوطنية للقالة إلى وضع برنامج دوري للتشجير على نطاق واسع  لتثمين هذه الثروة  وديمومتها  تم خلالها تشجير مساحات بحي المريديمة بالمخرج الغربي لمدينة القالة مؤخرا، إلى جانب تكثيف الحملات التوعوية في أوساط المواطنين وأطفال المدارس والطلبة وتنظيم رحلات لهم متبوعة بمسابقات لتحسيسهم بأهمية الحفاظ على الأشجار النادرة وما تحتويه من تنوع بيولوجي، خاصة وأن بعضها متواجدة بمنتج طونقة الطبيعي وتستقطب آلاف العائلات والسياح والزوار كل نهاية أسبوع من مختلف أنحاء الوطن للاستمتاع بجمالها الطبيعي الخلاب وبحثا عن الراحة والهدوء .                نوري. ح

الرجوع إلى الأعلى