تحصي منطقة الأوراس بولاية باتنة، أنواعا نباتية نادرة ينحصر نموها وتواجدها بمرتفعاتها فقط، ومن أبرزها شجرة العرعار البخوري أو كما تُعرف محليا بالشاوية « أيوال» أو «أزنزنة» ويطلق عليها الاسم العلمي juneperus thurifera. ، وتعد شجرة العرعار البخوري التي يقتصر تواجدها على بعض مناطق الأوراس بولاية باتنة، من الأصناف الأصيلة غير المزروعة المحميّة بموجب مرسوم تنفيذي، غير أن الشجرة النادرة  لاتزال تواجه خطر الانقراض لعدة عوامل، ولأيوال الشجرة رمز الصمود، خصائص تميزها عن باقي الأصناف النباتية منها انبعاث برودة منعشة بظلها في فصل الصيف، ويُتداول أنّ دورتها الحياتيّة مرتبطة بطائر الدغناش الوردي.
مبرد طبيعي تعمر لقرون وتنمو في جبال الأوراس
تواجه شجرة العرعار البخوري التي ينحصر تواجدها على المستوى الوطني ببعض المناطق بجبال الأوراس بباتنة، خطر الانقراض، وينحصر تواجد هذه الشجرة تحديدا حسب مصالح محافظة الغابات بمرتفعات الجنوب الشرقي لولاية باتنة، على غرار منطقة عين البيضاء ببلدية تكوت، وحوز الزانة ببلدية وادي الطاقة، والوادي الأصفر والمحمل وبعلي ببلدية ثنية العابد، والزقاق بين لارباع وبوزينة، وأريس وإشمول، وتتوزع هذه الشجرة بين إقليم أملاك الغابات، وجزء بالأملاك التي تعود للخواص حسبما أفاد به رئيس مكتب الأصناف المحمية للنباتات والحيوانات بمحافظة الغابات لولاية باتنة لـ»النصر».

وحسب ذات المسؤول فإن شجرة العرعار البخوري، أو أيوال تصنف من الأنواع المحمية بموجب المرسوم التنفيذي رقم 12-03 المؤرخ في السادس جانفي من عام 2012، وهي من الأنواع النباتية المحمية غير المزروعة، وأكد رئيس مكتب حماية الأصناف المحمية من النباتات والحيوانات بأنه وعلى الرغم من تصنيفها ضمن المحميات، غير أنها لاتزال بحاجة أكثر إلى حماية نظرا لكونها مهددة بالانقراض، وقال بأن محافظة الغابات لولاية باتنة تسعى للعمل على تصنيفها أيضا في إطار فضاء محمي لتسييج مناطق تواجدها، لحمايتها بشكل أكبر خاصة وأنها موزعة بين الأراضي التابعة لأملاك الغابات وكذا الخواص.
ولشجرة العرعار البخوري خصائص تميزها عن باقي الأصناف، فهي شجرة أصيلة بشمال إفريقيا، ناهيك عن اقتصار نموها بالجزائر على مرتفعات الأوراس، ويقول خبراء حسب محافظة الغابات لولاية باتنة، أن الصنف الجزائري المتواجد بالأوراس، يختلف جينيا عن الأصناف الموجودة بالمغرب وتونس، أو التي تتواجد أيضا بجنوب أوروبا المطلة على الحوض المتوسط بجبال الألب بفرنسا وإسبانيا، وهي المناطق التي ينحصر تواجد صنف العرعار البخوري بها.
وبالنسبة لشجرة أيوال المتواجدة بجبال الأوراس، فهي تنمو على المرتفعات التي يتراوح علوها بين 1300 و2050 مترا عن سطح البحر، والملاحظ أيضا أن تواجدها في المناطق شبه الجافة ذات البرودة الشديدة التي تعرف انخفاضا قياسيا لدرجة الحرارة خلال فصل الشتاء، وأيوال شجرة دائمة الاخضرار ذات أوراق إبرية، تعرف على أنها شجرة صامدة ومقاومة لمختلف العوامل الطبيعية، وكونها شجرة أصيلة بحيث أنها لا تزرع فإنها شجرة معمرة يتجاوز عمرها خمسة قرون، ويصل قطرها حتى المترين وتترامى بأوراقها حد 16 مترا.
اختفاء طائر الدغناش الوردي يهدّدها بالانقراض  
يربط سكان المناطق التي تتواجد بها شجرة أيوال بالأوراس، وكذا العارفين بالمنطقة على مدار الزمن تجدد نمو الشجرة بطائر يعرف بالدغناش وردي الجناحين، أو كما يعرف بالشاوية «مكثب أزقاغ نيذورار» « Roselin à ailes roses «، وهو طائر يعيش بالأوراس يصل طوله لـ 15 سم ويتداول أن بذرة شجرة أيوال يتغذى عليها طائر الدغناش، وبعد أن تمر بجهازه الهضمي ويطرحها خارجا تنمو شجيرات أيوال .
وبالنسبة لمصالح الغابات، فإن ما يتداول عن دورة نمو شجرة أيوال عبر فضلات طائر الدغناش حسب رئيس مكتب الأصناف المحمية للحيوانات والنباتات تبقى فرضية، خاصة بعد اختفاء طائر الدغناش وردي الجناحين حيث أوضح في هذا الصدد بأن الطائر لم يتم رصده منذ ما يزيد عن عشر سنوات، وقال بأنه في ظل عدم إثبات ذلك تبقى شجرة أيوال مهددة بالزوال لعوامل عدة أخرى. وقال المختص في حماية النباتات والحيوانات بمحافظة الغابات، بأن من العوامل التي تهدد انقراض شجرة أيوال أنها من الأصناف التي لا تزرع ومراحل نموها صعبة، وتطول زمنيا ناهيك عن انتشار ما تبقى منها في أراضي للخواص لا تخضع للرقابة ويتهددها خطر الرعي العشوائي. وتتميز شجرة أيوال التي قد نصادفها في أماكن عارية من الغطاء الغابي جنوب ولاية باتنة، بصمودها وسط العوامل الطبيعية القاسية مثل الجفاف وخلال فصل الصيف، فإنها تطلق في ظلها برودة طبيعية حتى أن رعاة الأغنام يستأنسون تحت ظلها، وتجد الماشية تحتمي بظلها من لفح درجة الحرارة المرتفعة وفي القدم تمارس طقوس تبركية بها، لخصائصها المميزة التي تنفرد بها، وباعتبارها موروثا طبيعيا فريدا بمنطقة الأوراس ظلت تعمر لقرون من الزمن.
وعلى الرغم من تراجع انتشار شجرة أيوال، إلا أن محافظة الغابات سجلت تجددا طبيعيا لشجيرات في السنوات القليلة الماضية، وبالموازاة مع ذلك عمدت المحافظة إلى إنشاء بنك لبذور هذه الشجرة بمبادرة من رئيس مصلحة النباتات والحيوانات عثمان بريكي  للمحافظة عليها كإرث، وفي الوقت نفسه شرعت مقاطعة إقليم الغابات لثنية العابد في تجربة لغرس هذه الشجرة، وهي التجربة التي لقيت، حسب رئيس مكتب الأصناف المحمية رضوان عبد النبي، نجاحا وتجاوبا في مرحلتها الأولى، موضحا بأن الرهان يظل قائما في نقل تلك الفسيلات ومراقبة إن كانت ستنمو، خاصة وأن صنف شجرة أيوال من الأنواع النباتية المحمية غير المزروعة.
يـاسين عبوبو 

سواعد خضراء
في مبادرة لنادي"هيبون" للغوص
«ديار البحر».. تجربة رائدة لغرس الشُعب الاصطناعية في أعماق البحر
يساهم نادي هيبون للغوص البحري بعنابة، في حماية الحياة البحرية والحد من الممارسات الجائرة، التي تنتهك الطبيعة البحرية وتؤثر على تكاثر وعيش الأسماك، بفعل رمي النفايات الصلبة بمختلف أنواعها، وكذا انتهاك قوانين الصيد باستخدام تقنيات الجر لصيد السردين والمرجان التي تتسبب في القضاء على الشعاب البحرية، التي تتغذى منها و تتكاثر فيها الكائنات البحرية. وفي هذا الروبورتاج تستعرض النصر جهود النادي في تسخير رياضة الغوص في خدمة البيئة في الأعماق.
بادر نادي هيبون للغوص البحري، في إطلاق مشروع جديد سنة 2015 في إطار توسيع و تطوير أنشطته، لغرس الشُعب الاصطناعية بالساحل العنابي أطلق عليه «ديار البحر» كانت الانطلاقة حسب مدرب الغوص وصاحب المشروع، إلياس باسعيد سنة 2015، واجهتهم في البداية مشاكل إدارية لوجود فراغ قانوني، ينظم العمل البيئي التطوعي داخل البحر، كون الحماية الأمنية والمراقبة من صلاحية البحرية الوطنية، وبعد جهود كبيرة مع السلطات المحلية والمركزية، تم الحصول على ترخيص من قبل وزارة البيئة، لتمكين النادي من غرس الشُعب الاصطناعية  بعد 8 أشهر من التوقف. تم تجهيز 5 شعب اصطناعية بأشكال مختلفة بطول 2 متر و ارتفاع 1 متر، صنعت الهياكل من الحديد، وهي أحسن مادة، حسب مدرب الغوص والمشرف التقني على المشروع، بليلي فؤاد، كونها تجلب الطحالب والحشائش لتشكل مع الوقت غابة بحرية، تعيش فيها الأسماك.
 غرست الشُعب الاصطناعية بخليج « فيفي» بالساحل العنابي بمشاركة غواصين منخرطين في النادي، عن طريق جر الهياكل بزوارق من شاطئ « بفودار» إلى غاية موقع الإنزال، و أجريت دراسة بالتنسيق مع أساتذة وباحثين، لاختيار النقاط الملائمة لغرس الشُعب، عند غرس أول هيكل على عمق 21 مترا، واجهتهم صعوبات لتثبيتها في الأسفل، لكن سرعان ما اكتسبوا الثقة في العمليات الأخرى، وعند انتهاء عملية الانزال، وضعت فوق الهياكل الحديدية أنابيب إسمنتية على شكل تجاويف واسعة، بالإضافة إلى مواد أخرى تستخدم في البناء، كالأجر المصنوع من الاسمنت، وهي مواد تستخدم علميا في تشكيل الشُعب الاصطناعية وتسمح بنمو الحشائش البحرية، و تشكل بيوتا تحتمي بها مختلف أنواع الأسماك.
وبعد مرور 6 أشهر نجحت تجربة غرس هيكلين من أصل 5، تأثرت 3 شُعب بقوة التيار، و جرفت من موقعها حتى غطتها الرمال، وهي عوامل سمحت لمختصين في النادي، بإجراء دراسات معمقة على الأروقة التي يكون فيها التيار قويا، لتفاديها في عمليات الإنزال المقبلة.
وحسب مسيري النادي، فقد أعطت الشُعب التي لم تتحرك من موقعها نتائج مبهرة لم تكن متوقعة، اكتست الهياكل بغابة بحرية تعيش فيها مختلف أنواع السمك التي في طريقها للانقراض في الساحل العنابي على غرار « الميرو، القرنيط، الدوراد، لونغوست» وأنواع عديدة.
مشروع لغرس 80 عربة قطار بتمويل من سوناطراك
وبعد نجاح التجربة الأولى، فكر النادي في انجاز هياكل أكبر بطول وارتفاع 5 أمتار على شكل هرمي، تم إنزال الهيكل الأول، ويجري التحضير لإنجاز الهياكل الثاني خلال الأسابيع المقبلة، يعمل على تنفيذ غرس الشُعب 36 غواصا تم تكوينهم على مستوى النادي لهذا الغرض.
وتحدث بليلي فؤاد على وجود مشروع لغرس 80 عربة قطار مهملة في الساحل العنابي، تم إجراء الدراسة وتحديد موقع الإنجاز، بمرافقة من وزارة النقل وشركة سوناطراك، وكذا برنامج الأمم المتحدة للحفاظ على البيئة، وسيكون من أكبر المبادرات لغرس الشُعب الاصطناعية بهدف الحفاظ على بعض الأنواع من السمك من الانقراض، وإعادة الحياة من جديد للساحل العنابي، بعد سنوات من الصيد الجائر لمختلف الكائنات البحرية عن طريق تقنية الجر، حيث تعمل شباك بواخر الصيد، على جر كل ما هو موجود في قاع البحر واقتلاع الحشائش والشُعب الطبيعية.

استخراج 23 طن نفايات صلبة من البحر
وقف نادي الغوص في إطار نشاطه والتكوين في مجال الغوص، على انتهاك صارخ للحياة البحرية، نتيجة رمي مختلف النفايات الصلبة في البحر، العجلات المطاطية، البطاريات، المواد البلاستيكية، شباك الصيادين، وغيرها من المواد، ما جعل النادي يطلق مشروعا سنة 2006 لتنظيف الساحل العنابي، وبالتنسيق مع مختلف السلطات والمصالح، تمكنوا من جمع 23 طنا من النفايات في عام واحد على مساحة 80 هكتارا، إلى جانب اطلاق برنامج وحملات تحسيس لفائدة الصيادين، خاصة وأن هناك أفكارا خاطئة منتشرة، تتحدث عن تنظيف البحر نفسه بنفسه، وهذا اعتقاد غير صحيح، حسب المختصين، والدليل إخراج أطنان من النفايات كانت عالقة في الصخور خاصة شباك الصيد المستخدمة في الجر، والتي تؤدي إلى موت الكائنات البحرية عندما تعلق بها. كما قام النادي بخرجات على مستوى المؤسسات التربوية لتحسيس الأطفال بأهمية الحفاظ على البيئة البحرية، ما لقي تجاوبا واهتماما كبيرا بالمبادرة، وطرح أفكار وحلول من طرف التلاميذ رغم صغر سنهم، في مؤشر إيجابي على وجود وعي رغم الممارسات السلبية.
غرس كتل إسمنتية مدعمة بقضبان حديدية
ولمواجهة الصيد الجائر وعدم احترام فترة الراحة البيولوجية، رغم القوانين الموجودة المنظمة لعمل سفن الصيد، ولتفادي نشاط الصيد بالمناطق المحمية للحفاظ على الثروة السمكية وحماية الشُعب الاصطناعية، يجري التحضير لاعتماد غرس كتل اسمنتية تحتوي على قضبان حديدية بالشريط الساحلي القريب من الشواطئ، لمنع استخدام سفن جر الشباك، كما هو معمول به في عدة دول.  
اقتراح ساحل فيفي واد بقراط منطقة محمية ممنوع الصيد فيها
قدم نادي الغوص هيبون، مشروعا للسلطات المحلية والمركزية، لاعتماد الشريط الساحلي من « فيفي» إلى جنان الباي المعروف بواد بقراط، منطقة محمية يمنع فيها صيد السفن، بهدف زيادة الثروة السمكية، وتمكين حتى هواة الصيد بالصنارة، للاستفادة من الأسماك التي تعيش في هذا الموقع، بعد أن هاجرت الأسماك، للعيش في مناطق أخرى، لا يوجد فيها الثلوث وتتوفر على شعاب طبيعية للتكاثر.
مشاركة نادي هيبون في قمة ريو حول المناخ بالبرازيل
بعد سنوات من المعاناة والتنقل إلى ولاية قالمة لإجراء التدريبات بالمسبح الأولمبي، استطاع مجموعة من الشباب تأسيس النادي سنة 2002 وفتح أربعة فروع، والانتقال من الجانب الرياضي،إلى المحافظة على البيئة البحرية، ما سمح لهم بالفوز بعدة ميداليات ومسابقات، وكذا الحصول على الميدالية البرونزية لأحسن الأفلام الوثائقية في مجال البيئة البحرية، بمهرجان مرسيليا الذي يقام كل سنة في فرنسا، و وجهت لهم الدعوة عن طريق وزارة الخارجية، للمشاركة ضمن الوفد الجزائري في قمة ريو للمناخ بالبرازيل.
حسين دريدح

حــوار
الناشط  في مجال حماية البيئة والتنمية المستدامة  علي سلايمية للنصر

جبال “الألب الجزائرية” بسوق أهراس بحاجة إلى حماية ثرواتها الطبيعية والبيئية
يتحدث الناشط في مجال حماية البيئة والتنمية المستدامة، علي سلايمية، وهو رئيس جمعية «التضامن وحماية البيئة» بولاية سوق أهراس، وعضو الفيدرالية الوطنية لحماية البيئة في هذا اللقاء عن أهم التحديات التي تواجه الثـروة الغابية والحيوانية في المنطقة سيما غابات المشروحة وجوارها، أين حذر من تعرض غابات المنطقة إلى القطع الجائر للأشجار من طرف إرهاب البيئة وعصابات تهريب الثـروة الغابية والحيوانية على غرار الأيل البري الذي أصبح مهددا بالانقراض شأنه شأن طائر الحجل.
حاوره: عبد الحكيم أسابع
النصر: أنت من الفواعل المحلية في ولاية سوق أهراس في مجال حماية البيئة، وعلى دراية بالمخاطر التي تواجه الثـروة الغابية، فكيف تقرب لنا صورة ما يحدث؟
سلايمية: بداية دعني أقول أن الغابات تستحوذ على 22 بالمائة  من المساحة الإجمالية لولاية سوق أهراس وهي تتكون حسب إحصائيات رسمية من 50 ألف هكتار من غابات الصنوبر الحلبي و23 ألف هكتار من البلوط الفليني وبلوط الزان ببلديات كل من المشروحة وأولاد إدريس وعين الزانة، والشيء اللافت أن غابات منطقة المشروحة تتمتع بمواصفات عالمية في علاج الأمراض الصدرية لمناخها وخضرة طبيعتها، إذ أن أطباء عالميين ومنذ القديم نصحوا مرضاهم بالتداوي الطبيعي في جبالها مثلما فعل شاعر تونس أبو القاسم الشابي الذي خيم بجبال ‹›أولاد بشيح›› التي تضاهي ميزة ‹›جبال الألب›› الأوروبية، ولكن هذه الكنوز لم تجد من يستغلها بعد.
ولا شك أن زوار بلدية المشروحة وعلى ارتفاع 1200 متر عن سطح البحر سينبهرون بالتنوع البيئي والجمالي وبطقسها البارد الذي يجبر الزائر على ارتداء ملابس دافئة وهي البلدية التي تضم عدة مناطق طبيعية جميلة وآثار من الحقبة الاستعمارية من أهمها المركز الرئيسي لقيادة القاعدة الشرقية بقرية المزرعة، فضلا عن آثار من العهد الروماني، ولكن الزائر إليها لا يجد أبسط المرافق التي تشجعه على الإقامة بها لإتمام مراحل العلاج، وحتى بالنسبة للسياح الذين يغريهم الفضول لاكتشاف الموقع الطبيعي لهذه البلدية ذات المناظر الخلابة والجبال الشاهقة مثل ‹›لقلالة›› و››أولاد بشيح››، واسمها في عهد الاستعمار هو «لافيردور» أي الاخضرار وهي تحمل أريجها بين أحضانها، فالطبيعة مازالت عذراء لم تجد من يحولها إلى مصدر رزق للأهالي ومحطة استجمام للسياح.
النصر: والحال هذه، هل هناك مبادرات لتثمين الكنوز التي تتوفر عليها منطقتهم واستغلالها للترويج للسياحة البيئية والجبلية ؟
سلايمية:  الكثير يعلم أن ‹›المشروحة›› كانت في السابق تنظم خلال موسمي الربيع والصيف مخيمات بأعالي الجبال، وكان بعض المواطنين الذين يقدمون من عدة ولايات بالوطن يستغلونها للإقامة بعائلاتهم، و التنوع الطبيعي بالمنطقة يغري الكثيرين للإقامة على ضفاف لقلالة وغيرها من التشكيل الجبلي لبلدية المشروحة، التي مازالت تتوفر على مناطق عذراء لم تكتشف بعد لوعورة مسالكها وهي تحتاج لمستثمرين لهم كل الإمكانيات لتحويل الحلم إلى حقيقة.
ومن شأن الثروة الغابية لولاية سوق أهراس إجمالا والمتشكلة من غطاء نباتي متنوع وغابات كثيفة متناسقة مع مناخ المنطقة، أن تكون مصدرا اقتصاديا وعاملا لجذب مشاريع استثمارية للاستجمام والترفيه وتثبيت السكان في مناطقهم الأصلية.
الصيد الجائر والحرائق تهدد بانقراض الأيل البربري وطائر الحجل
ولاشك أن الزائر للمنطقة سيلاحظ أن الأشجار الغابية بغطائها الأخضر أضفت سحرا وجمالا على المنطقة، لا سيما الشطر الشمالي منها الذي يضم أشجار الفلين والخلنج والبلوط والسرو، فيما يجد الزائر والمتجول بجنوبها العديد من النباتات مثل الإكليل والحرمل والحلفاء والعرعار وهي الثروة التي ساهمت في الحفاظ على أنواع حيوانية كثيرة منها الأرنب البري والحجل وطائر الحسون والضبع والخنزير والأيل البربري التي تتعرض جميعها للصيد الجائر .
النصر: هل ثمة مخططات تنموية من أجل المحافظة على التنوع البيئي وعلى المؤهلات السياحية بالمنطقة؟
سلايمية:  المنطقة بحاجة فعلا إلى الكثير من المخططات التنموية، فهي ما تزال عذراء وبحاجة لتوفير الحماية لها من خلال بعث الحركة فيها، سيما وأن عشرات الهكتارات تتعرض للتلف بسبب الحرائق ، كما أنها بحاجة إلى مضاعفة عمليات التشجير بما يعوض المساحات التي أتلفت خلال السنوات الأخيرة بفعل الحرائق بعدة بلديات.
كما أن المنطقة بحاجة إلى استحداث رخص لإقامة عديد المشاريع الاستثمارية للاستجمام والترفيه، وإقامة فنادق لاستقطاب العائلات، داخل الأملاك الغابية الوطنية بسوق أهراس وتهيئة فضاءات للراحة موجهة للعائلات من خلال إنجاز كراسي و أكشاك من الخشب وكذا تهيئة أماكن للعب الأطفال، وسط الغابة، فضلا عن ضرورة دعم السكان المحليين وتشجيعهم على الاستقرار من خلال منحهم حق إنشاء بساتين لغراسة شجيرات مثمرة ومشاتل وكذا تربية الحيوانات الصغيرة، على غرار تربية النحل والأرانب، وغراسة الأشجار المثمرة في إطار عقود الامتياز بالتنسيق مع مصالح الغابات.
كما أن المنطقة بحاجة لمستثمرين لإقامة هياكل لعلاج أمراض الربو والأمراض الصدرية، فضلا عن حاجتها للاستثمار في مجال المنتجات الغابية من نباتات عطرية وطبية، سيما في مادة إكليل الجبل المستعمل في التجميل وصناعة بعض الأدوية وهو المنتوج القابل للتصدير إلى دول أوروبية، شأنه في ذلك شأن نباتات الضرو والريحان وغيرها.
كما أن غابات المنطقة تعد من ضمن المناطق المؤهلة لاحتضان مشاريع استثمارية في مجال السياحة الخضراء، حيث توجد بها منطقة تسمى «الماء الأحمر» لا تزال عذراء ولها من المؤهلات لتصبح مركز تربص للرياضيين حيث تتوفر هذه المنطقة على كل الشروط الطبيعية لإقامة مركبات رياضية تمارس فيها مختلف أنواع الرياضات ككرة القدم والتنس والغولف وسباق الخيل والعدو الريفي.
النصر: وماذا عن وضع الحيوانات البرية بهذه الغابات التي يجري الحديث عن تعرضها للإبادة؟
سلايمية: الأيل البربري يُعد من ضمن الأصناف المهددة بالانقراض التام في غابات المشروحة وعين زانة بسوق أهراس فالعثور عليه في الآونة الأخيرة أصبح نادرا ، بسبب الصيد الجائر وتهريبه نحو تونس أو هروبه نحو غاباتها بسبب الحرائق وقطع الأشجار، وأعتقد أن عملية المحافظة على الحيوان تستدعي منع عمليات الصيد غير الشرعي التي يتعرض لها وكذا التصدي لعمليات الاستدراج نحو البلد الجار تونس من خلال طرق صيد معينة.

الرجوع إلى الأعلى