حاوره: يـاسين عبوبو   

تُلقى على عاتق مصالح إدارة الغابات، مهام أساسية في حماية الثروة الغابية من مختلف المخاطر، من بينها الحرائق، وقد لا يتجلى هذا الدور للعيان نظرا للعمل الاستباقي الذي تقوم به وكذا أثناء وبعد وقوع المخاطر، وهو ما يبرزه محافظ الغابات لولاية باتنة في هذا الحوار مع النصر خاصة خلال مواجهة الحرائق، مؤكدا ضرورة الاعتماد على الطائرات الخاصة بإخماد الحرائق، ويوضح المسؤول أيضا إمكانية تجدد الغابة في ظرف ثلاث سنوات بعد أن يطالها الحريق، كاشفا عن اتفاقية مع اليابان لتكوين إطارات أخصائيين في كشف العمل الإجرامي لحرق الغابات، ونوَه بالهبة الشعبية للمساهمة في إخماد الحرائق.
النصر: ماهو دور مصالح إدارة الغابات في التصدي للحرائق وكيف تتجلى مهامها؟
من المهام الأساسية لإدارة الغابات حماية الثروة الغابية، لهذا فإنه يطلق عليها تسمية محافظة الغابات، أما بخصوص سؤالك حول كيفية مجابهة الحرائق والذي يعد من صميم عمل محافظة الغابات، فإن ذلك يتم عبر مراحل أهمها التحضير المسبق أو كما يطلق عليه مخطط الحماية من الحرائق، وهذا المخطط يتضمن كيفية الاحتياط والحماية بالإضافة لكيفية المواجهة خلال نشوب الحريق في الغابة، ويتم ذلك بعمل ميداني، من خلال وضع نقاط حراسة على مستوى كتل غابية تحدد عادة في المرتفعات، على غرار نقطة جبل مستاوة، ومن بين الأعمال فتح المسالك الغابية وتهيئتها لتسهيل التنقل للتضاريس الوعرة، دراسة وفتح خنادق تكون باتجاه الرياح لفصل الكتل الغابية، لمنع انتقال الحرائق، ونقوم أيضا بأشغال حراجية كتنقية الغابة من الأخشاب الميتة، بالإضافة للتنسيق مع مديريات أخرى  ذات صلة، كمديرية الأشغال العمومية التي تتولى إزالة الحشائش اليابسة على جوانب الطرقات التي تشق الغابات.
النصر: كيف تتم عملية التدخل أثناء وقوع الحرائق من طرف أعوان محافظة الغابات؟
في حالة حدوث أي حريق غابي، فإن مصالح إدارة الغابات هي أول من يتدخل سواء تم رصد الحريق من طرف حراسها وأعوانها المتواجدين بالغابات، أو بتبليغ من طرف مواطنين أو حتى إن تلقت مصالح الحماية المدنية المعلومة أولا حيث أن الأخيرة تقوم بدورها بتبليغ إدارة الغابات، ويكون التدخل الأولي لمعاينة الحريق من طرف فرق الغابات التي تنظر وتحدد ما إن كان إخماد الحريق في متناولها بإمكانياتها المتاحة أو أن هول الحريق وامتداده يستدعي الاستعانة بمصالح الحماية المدنية، وفي الحالة الثانية يتواصل دور فرق الغابات في تحديد موقع الحريق والمسالك المؤدية إليه لتسهيل مهام تدخل فرق الحماية المدنية وتزويدها بمختلف المعطيات والمعلومات، منها تحديد الأصناف النباتية الحساسة سهلة الاشتعال، وتحديد أيضا نقاط جلب المياه لاستخدامها في عملية الإطفاء، وتتواصل أيضا مهام أعوان الغابات في الحراسة بعد عملية الإخماد للتأكد من عدم اشتعال النيران مجددا.
النصر: رغم الإجراءات المسبقة إلا أن حرائق تتلف مساحات كبيرة، فهل مرد ذلك إلى نقص الإمكانيات؟
مما سبق ذكره من مهام مصالح الغابات وما يقوم به إطاراتها وأعوانها، خاصة من عمل استباقي له دور في منع وقوع حرائق وإطفاء أخرى في حينها دون تكبد خسائر كبيرة، ولعل تسجيل أزيد من مائة تدخل بالنسبة لفرق الغابات لولاية باتنة منذ بداية فصل الصيف دليل على ذلك، في حين بلغ عدد الحرائق المسجلة 22 حريقا، وهو ما يعني التفطن السريع في عديد المرات الذي يعقبه التدخل السريع، وفيما تعلق بالإمكانيات فأكيد أنها تلعب دورا، وهو ما لاحظناه خلال مشاركتنا في إخماد حريق غابات شليا بولاية خنشلة مؤخرا، حيث أبانت استعانتنا بالطائرات الخاصة بالإطفاء، عن الفعالية في التحكم في الإخماد فطائرة الهليكوبتر الإسبانية قامت بثلاث طلعات في ظرف وجيز ذهابا وإيابا من مطار باتنة للتزود بالمياه، إلى موقع الحريق بغابات شليا مكنت من إخماد الحريق.  


النصر: إلى أي مدى يمكن تحديد أسباب الحريق الغابي وما إن كان سببه عملا إجراميا متعمدا؟
التحري ودراسة أسباب الحرائق، هي أيضا من مهام مصالح إدارة الغابات لأن معرفة الأسباب تمكننا من مواجهتها، والأكيد أن عوامل عدة تساهم في اشتعال الحريق كالظروف الطبيعية منها تراجع التساقط الذي يجعل الغطاء الغابي جافا مما يجعله عرضة بسهولة للاحتراق، وتساعد الرياح في امتداده، ومن أسباب الحرائق ما يقف وراءها الإنسان دون عمد كأن تكون الشرارة خلال حملة الحصاد أو من طرف متنزهين وهواة للتجوال الغابي وهنا تقوم مصالح الغابات بالتحسيس لتفادي وقوع الحرائق، أما الحرائق المتعمدة للغابات فشاهدناها هذه السنة، كما أن الوصول إلى العمل الإجرامي يمكن الوصول إليه عن طريق تقنيات، غير أن ذلك يتطلب تكوينا خاصا، وهنا أشير لإبرام اتفاقية بين الجزائر واليابان يتم بموجبها تكوين أفراد من إطارات الغابات في التحري في أسباب الحرائق غير أن التكوين حاليا منحصر في مجموعة صغيرة قد لا تكفي.
النصر: هل يمكن منع التجول في الغابة خلال موسم الحرائق نزولا عند مطالب تنادي بذلك؟
صحيح أنه وعقب الحرائق المهولة التي شهدتها عدة ولايات خلال موسم الصيف الحالي، نادى مواطنون بمنع التجول في الغابات وإخضاعها لحراسة أكبر لمنع التسبب في حرقها من طرف الأشخاص، وتعمل مصالح الغابات كل موسم صيف على وضع مقترحات على طاولة الوالي لإصدار قرارات غلق وهنا يصبح بإمكان أعوان الغابات الذين يتمتعون بصفة الضبطية القضائية فور صدور قرار الوالي، بتطبيقه بحجة القانون في محيط الأملاك الوطنية الغابية، وتبقى الوسائل الردعية القرار الأخير بعد إجراءات الوقاية بالتنسيق مع كافة الهيئات الفاعلة من مصالح الحماية المدنية والطاقة والأشغال العمومية والبيئة.
النصر: كيف يتم التعامل مع الأصناف الغابية على غرار الصنوبر التي هي سهلة الاشتعال؟
تعمل إدارة الغابات على حماية الثروة الغابية بتنوعها ففي ولاية باتنة مثلا توجد أكبر كتلة غابية على المستوى الوطني بـ 326 ألف هكتار، تضم تشكيلات نباتية نادرة منها بالخصوص شجرة العرعار البخوري المعروفة محليا بأيوال وكذا شجرة الأرز الأطلسي التي تتواجد أكبر مساحة لها في الجزائر بين ولايتي باتنة وخنشلة ولها خاصية تميزها عن باقي أنواع الأرز في العالم كونها شجرة الأرز الوحيدة التي لاتزال تنمو في المناطق شبه الجافة، وكل هذه الأنواع الغابية مطالبة إدارة الغابات بحمايتها بالإضافة كما أشرت في سؤالك لتواجد أنواع سهلة الاشتعال كالصنوبر، حيث أن أحادية صنف الأشجار في بعض الغابات قد تساهم في انتشار الحريق وكذا تسمح بانتشار الأمراض، لكن أشير أنه في ظل الإرادة السياسية لحماية الغابات، وإعادة بعث مشروع السد الأخضر يتم تشجيع غرس الأشجار المثمرة والأنواع النباتية التي تلائم مناخ كل منطقة.
النصر: هل يتم التشجير مباشرة بعد الحرائق لاستدراك ما أتلفته الحرائق؟
تتدخل فرقنا على مستوى المواقع التي شهدت حرائق في فصل الصيف انطلاقا من شهر أكتوبر لتنظيف وإزالة الأخشاب الميتة فقط، وقبل الحديث عن التشجير يُترك المجال للطبيعة حتى تجدد الغابة نفسها بنفسها تجديدا بيولوجيا، حتى ولو كانت الديناميكية مختلفة وتعرف نمو نباتات مغايرة عمَا سبق، أما إذا عرفت نفس الغابة حرائق موسمية متتالية فإنها في هذه الحالة لا تجدد نفسها، وهنا نتدخل من خلال عمليات التشجير ومن خلال غرس أصناف الأشجار الملائمة، وفي فصل الربيع يتم معاينة موقع الحريق الغابي ما إن تم التجديد الطبيعي أم لا، وتتطلب العملية ثلاث سنوات على أقصى تقدير لإعادة التشجير ونمو الأشجار مجددا، وأشير أيضا إلى طريقة العمل بعد الحريق والتي تتضمن وضع مقترحات على المستوى المحلي لمراسلة وزارة الفلاحة، من أجل تسجيل مشاريع جديدة على غرار فتح المسالك.
النصر: كيف كانت بصمة الهبة الشعبية في المساعدة على إطفاء الحريق؟
فعلا فقد كانت الهبة الشعبية التضامنية هذه السنة منذ حرائق خنشلة فريدة من نوعها مقارنة بسنوات ماضية، ما يدل على تبلور وعي كبير لحماية الغابات، ناهيك عن تبلور إرادة سياسية أيضا لحماية الغابات، وقد ساهم مواطنون في عمليات الإخماد حتى أننا حين تدخلنا رفقة مصالح الحماية المدنية لإخماد حريق بغابة ماجبة ببلدية وادي الطاقة وجدنا مواطنين قد سبقونا إلى عين المكان وتحكموا في الحريق، كما لا يجب أن ننسى تدخلات أفراد الجيش الشعبي الوطني التي ساهمت أيضا في عمليات الإخماد، وكذا جمعيات المجتمع المدني، وفي هذا الصدد بادرنا إلى تشكيل النواة الأولى بين محافظة الغابات لولاية باتنة والكشافة الإسلامية للجنة الإغاثة والتضامن لمكافحة حرائق الغابات، التي تتضمن كيفية مكافحة الحرائق وحماية السكان المجاورين لها.
النصر: ما مدى نجاعة تدخل طائرات الإطفاء في حال غياب أو بعد المسطحات المائية؟
لو تحدثنا عن التجربة الأخيرة للحرائق التي اندلعت بولاية خنشلة، فإن تدخل طائرة الهليكوبتر الإسبانية كان فعالا حيث مكن تدخلها من خلال ثلاث طلعات من مطار باتنة إلى موقع الحريق من إخماد النيران، وهنا أوضح أن الهليكوبتر تتزود بعد هبوطها إلى أرضية وتتنقل على مسافة 75 كلم في ظرف ربع ساعة، أما بالنسبة لطائرات الكانادار ففي منطقة الأوراس مثلا تتواجد مسطحات مائية لسد تيمقاد وسد يابوس، وبابار، ومستقبلا سد بوزينة يمتد كل واحد منها على أزيد من ثلاثة كيلومترات تتيح للطائرة التزود بالماء والتوجه لموقع الحريق.
النصر: ما الأثر المتوقع للتشريعات الأخيرة الخاصة بتشديد عقوبة المتسببين في حرائق الغابات؟
الأكيد أنه خلال حرائق الغابات نقوم بالتنسيق مع السلطات القضائية، ويتخلل التدخل كما سبق وأن تحدثت فتح تحقيق ونسعى لإثبات القرائن والحفاظ عليها، لأن التدخل السريع قد يطمس قرائن من مواد مستعملة في إشعال النار وغيرها، والحرائق الأخيرة المتتالية جعلت السلطة التشريعية تصدر مراسيم تتضمن عقوبة الإعدام، إذا تسبب الحريق في مقتل أشخاص وتدمير ممتلكات.

التغيرات المناخية و أزمة المياه بالجزائر : الموارد الطبيعية في تراجع و مياه البحر و محطات التصفية هي البديل

تواجه الجزائر تحديات اقتصادية و اجتماعية و بيئية متفاقمة، فرضتها التغيرات المناخية المتسارعة التي يعيشها العالم و منطقة حوض المتوسط على وجه الخصوص، باعتبارها مركز التغيرات المناخية حسب التقرير الصادر عن هيئات مراقبة المناخ التابعة للأمم المتحدة بداية شهر أوت الجاري.

فريد.غ

و يعد قطاع المياه بالجزائر الأكثر تضررا من التطرف المناخي الذي يعصف بحوض المتوسطة و المنطقة العربية برمتها، حيث أدت موجات الجفاف و الحرارة المتعاقبة على المنطقة إلى تراجع مخزون المياه العذبة، السطحية و الجوفية بشمال البلاد، حيث تعيش الغالبية الكبيرة من السكان.
و بدأت آثار القلق المائي تطال العديد من ولايات الوطن و تدفع بالحكومة إلى البحث عن كل البدائل الممكنة لمواجهة شح المياه العذبة، و توفير حاجيات السكان في ظل جائحة كورونا التي زادت من حجم الاستهلاك اليومي للفرد الواحد، و شكلت ضغطا كبيرا على موارد المياه العذبة في السدود و الآبار الجوفية و المنابع الطبيعية.
20 عاما من التناقص المستمر للأمطار بالجزائر
و قالت وزارة الموارد المائية و الأمن المائي في وقت سابق بأن العشرين سنة الأخيرة عرفت تناقصا تدريجيا للأمطار بالجزائر، مما أثر على مخزون السدود و الاحتياطات الجوفية، مؤكدة بأنه حان الوقت لوضع إستراتيجية مجدية لمواجهة أزمة المياه من خلال الاقتصاد في حجم الاستهلاك، و تقويم سلوكات المواطنين لوقف مظاهر الهدر المنزلي و معدلات الضياع من خلال الشبكات.
وحسب وزارة الموارد المائية و الأمن المائي فإن حجم الاستهلاك السنوي من المياه يتراوح بين 3.6 و 4 ملايير متر مكعب، و يأتي 30 بالمائة من الاستهلاك من السدود و البقية من الآبار و محطات تحلية مياه البحر، التي أصبحت البديل القادم في ظل التطرف المناخي الذي يضرب حوض المتوسط، و ينذر بالمزيد من العواقب البيئية و الاقتصادية و الاجتماعية خلال العقود القادمة، إذا فشل العالم في خفض الاحترار على كوكب الأرض.
و منذ أيام قليلة أطلقت الجزائر مخططا استعجاليا لمواجهة أزمة العطش بولايات الشمال الساحلية بتشغيل محطات تحلية مياه البحر، و بناء محطات جديدة ليرتفع العدد إلى نحو 20 محطة سنة 2030 لتعويض احتياطات السدود التي ستوجه إلى قطاع الزراعة الذي تضرر هو الآخر من موجات الجفاف المتعاقبة على المنطقة.
و حسب خبراء البيئة و المناخ فإن مفهوم الجفاف و القلق المائي لا يعني بالضرورة انقطاع المطر لفترات طويلة، فعندما يسقط المطر في غير موعده، و ينقطع في الفصول المعتادة كالشتاء فهذا الوضع يؤدي إلى الجفاف و الإضرار بالنظم البيئية و قطاعات الزراعة و المياه.
و تعتزم الجزائر بناء 14 محطة لتحلية مياه البحر بالولايات الساحلية لمواجهة أزمة المياه المثيرة للقلق، و ذلك بالاعتماد على الإمكانات الوطنية و كبرى الشركات الجزائرية الرائدة في مجال الطاقة و البناء.
و تسعى الجزائر إلى تحلية مياه البحر لتخفيف الضغط على المياه العذبة بالسدود و الاحتياطات الجوفية في ظل التراجع المستمر للأمطار و الثلوج التي تعد المصدر الرئيسي لتعبئة الموارد الطبيعية.
و تعتزم الجزائر بناء المزيد من السدود لتصل إلى 85 سدا بقدرة تخزين تبلغ 9 مليار متر مكعب من المياه العذبة الموجهة للشرب و الزراعة، لكن هذه السدود تواجه تحديات مناخية كبيرة كالجفاف و التوحل و الحرارة القوية التي تؤدي إلى تبخر كميات كبيرة من المياه.   
أستاذ البيئة و المحيط بجامعة 8 ماي 1945 بقالمة عتوسي الصادق


الجزائر تعيش مرحلة العجز المائي المستديم
حسب بيانات الإحصاءات المائية لمنظمة الأغذية و الزراعة فإن حصة الفرد الجزائري من المياه العذبة تقدر بنحو 272 مترا مكعبا للفرد الواحد في السنة، و هي دون المعدل العالمي الذي يتجاوز 1700متر مكعب من المياه للفرد الواحد في السنة، حسب ما صرح به عتوسي الصادق، الأستاذ المحاضر في علوم البيئة و المحيط بجامعة 8 ماي 1945 بقالمة للنصر، مؤكدا بأنه عندما ينخفض معدل الفرد الواحد من المياه دون 1700 متر مكعب في السنة نصبح في مرحلة العجز و القلق المائي، و عندما يصل المؤشر إلى أقل من 500 متر مكعب للفرد الواحد في السنة نصبح في مرحلة العجز المائي المزمن، و هو ما تعيشه الجزائر في السنوات الأخيرة، متأثرة بالتغيرات المناخية المتسببة في الجفاف و ارتفاع درجات الحرارة، و السقوط غير المنتظم للأمطار.  
و قال المتحدث بأن آثار التغيرات المناخية بالجزائر بدأت تتضح أكثر منذ سنة 1990 عندما تعرضت البلاد لجفاف استمر عدة سنوات، ثم اعتدل المناخ و سقطت الأمطار بعد ذلك قبل ان يتدهور الوضع المناخي مرة أخرى في السنوات الأخيرة، و هو ما نعيشه اليوم، مضيفا بأن دراسة التغيرات المناخية و آثارها تتطلب سنوات طويلة للحصول على نتائج علمية صحيحة.
و أوضح أستاذ علوم البيئة و المحيط بجامعة قالمة بأن التقرير الأخير لفريق البحث الدولي حول تغيرات المناخ «GIEC» قد توصل إلى أن مناخ العالم يتغير بسرعة أكثر من المتوقع، و أن احترار كوكب الأرض قد يتجاوز 1.5 درجة بنهاية القرن، مما دفع بحكومات العالم إلى البحث عن حلول جديدة للمحافظة على النظم البيئية الحساسة، و خاصة بحوض المتوسط و الوطن العربي.
و أضاف المتحدث بأن الجزائر تعيش حاليا وضعا مناخيا يتميز بالتغيرات الفصلية، حيث يمكن ان تسقط كميات كبيرة من الأمطار خارج فصل الشتاء.
و يستهلك قطاع الزراعة في الجزائر كما في العالم أيضا، كميات كبيرة من الاحتياطات المائية تفوق 38 بالمئة من الموارد المتاحة، ثم يأتي استهلاك الصناعة و الخدمات بنحو 20 بالمائة، و الاستهلاك المنزلي بين 10 و 20 بالمائة، و الكمية المتبقية تمثل معدل الضياع، يقول عتوسي الصادق، داعيا إلى عقلنة استعمال المياه في قطاع الزراعة وفق نظم تقنية مجدية.


محطات التحلية و التصفية... بين توفير المياه و حماية البيئة
ويعد خيار تحلية مياه البحر البديل المتاح حاليا بالجزائر، في ظل التراجع المستمر للأمطار المغذية للسدود و الاحتياطات الجوفية، و العجز المائي المستديم، لكن هذا الخيار مكلف للغاية من الناحية المالية و البيئية كما يقول أستاذ علوم البيئة و المحيط بجامعة 8 ماي 1945 بقالمة عتوسي الصادق، موضحا بان محطات تحلية مياه البحر تستهلك كميات كبيرة من الطاقة، و تنتج الكثير من الأملاح، و هذه مشكلة بيئية يجب التفكير فيها بجدية حتى لا تتحول إلى خطر مهدد للنظام البيئي.
و أضاف المتحدث بأن محطات تصفية المياه المنزلية المستعملة تعد أيضا من بين البدائل الممكنة للتخفيف من وطأة العجز المائي المزمن، حيث يمكن استعمال مياه هذه المحطات للتنظيف و سقي بعض أنواع المحاصيل الزراعية.
و حسب وزارة الموارد المائية و الأمن المائي فإن الجزائر تتوفر حاليا على 199 محطة لتصفية المياه المنزلية المستعملة، بقدرة تصل إلى أكثر من 800 مليون متر مكعب من المياه الموجهة لأغراض السقي و التنظيف، متوقعة إنجاز أكثر من 70 محطة جديدة في غضون السنوات القليلة القادمة.
و تعد محطات تصفية المياه المنزلية المستعملة بمثابة دعم قوي لجهود مكافحة العجز المائي بالجزائر، حيث توفر المياه و الأسمدة العضوية لقطاع الزراعة، و تحد من تلوث مصادر المياه الطبيعية كالأودية و السدود.  
و بالرغم من أن الجزائر بلد غير ملوث لكوكب الأرض، إلا أنها تدفع اليوم ضريبة العبث بالنظم البيئية العالمية، و زيادة الانبعاثات الغازية المسببة للاحترار المثير للقلق. 

الرجوع إلى الأعلى