قرّرت الحكومة في آخر اجتماع لها  تصنيف المحمية الطبيعية شيليا أولاد يعقوب، المترامية بين ولايتي خنشلة و باتنة حظيرة وطنية، لتصبح بذلك ثاني أكبر حظيرة وطنية من حيث المساحة بعد حظيرة القالة بالطارف، ويأتي القرار بعد عشر سنوات من دراسة ملفها، وتضم شيليا أصنافا نباتية نادرة وأخرى حيوانية متنوعة. وتعد شجرة الأرز الأطلسي من أبرز الأصناف التي جاء قرار التصنيف من أجل حمايتها، وتضم شيليا أيضا أعلى قمة جبلية بشمال الجزائر وهي قمة رأس كلتوم، ومن شأن التصنيف حسب مختصين، تعزيز حماية الثروة الطبيعية ضمن إطار قانوني، وترقية البحث العلمي ودفع السياحة بها.

عملت مصالح محافظة الغابات لولاية خنشلة منذ سنة 2011، على تصنيف محمية شيليا بما تزخر به من تنوع طبيعي وثقافي وتاريخي،  من خلال دراسة شملت مساحة تقدر بـ 32609 هكتار مست سبع بلديات منها 05 بولاية خنشلة بما نسبته 98 بالمائة من المساحة الإجمالية للحظيرة وبلديتين بولاية باتنة بما يمثل نسبة 02 بالمائة، وحسب الدراسة التي أعدت، فإن بلديات ولاية خنشلة المندرجة ضمن خارطة الحظيرة هي بلدية طامزة بمساحة 14878 هكتارا، أي ما نسبته 46 بالمائة من مساحة حظيرة شيليا، وبلدية يابوس بمساحة 7207 هكتار بما نسبته 22 بالمائة، وبلدية شيليا، بمساحة 4252 بنسبة 14 بالمائة، وبلدية بوحمامة بمساحة قدرها 4252 بنسبة 13 بالمائة، وبلدية تاوزيانت بمساحة 1025 بنسبة قدرها 03 بالمائة.
وبالنسبة لولاية باتنة فتضم بلديتين، هما إينوغيسن بمساحة 590 هكتارا وبلدية إشمول بمساحة 74 هكتارا أي ما نسبته 02 بالمائة بالنسبة للبلديتين من المساحة الإجمالية للحظيرة، وتزخر الحظيرة بغطاء نباتي متنوع ونادر، وثروة حيوانية متنوعة أيضا، بحيث تضم حسب إحصائيات محافظة الغابات لولاية خنشلة 58 نوعا نباتيا أصيلا لا ينمو إلا بالمنطقة يمثل 12 بالمائة من الأنواع التي تم جردها بالحظيرة، وتم أيضا إحصاء 174 نوعا نباتيا نادرا يمثل نسبة 38 بالمائة من نباتات الحظيرة.


ومن الأصناف النباتية المحمية 12 نوعا بموجب القانون 83-03 الصادر في 05 فيفري 1983 المتعلق بحماية البيئة، وتضم حظيرة شيليا 61 نوعا نباتيا ضمن الأصناف الطبية والصيدلانية، وبالنسبة للحيوانات فقد أحصت محافظة الغابات لولاية خنشلة 115 نوعا من الطيور، و41 نوعا من الزواحف و33 نوعا من الثدييات، و04 أنواع من البرمائيات، وتمثل الإحصائيات جزءا لا يتعدى 50 بالمائة من كافة المناطق، وتعرف منطقة شيليا انتشار الخيول البرية الأصيلة التي تضفي على المناطق الجبلية جمالية طبيعية نادرة قل ما يتم مشاهدتها.   
الأرز الأطلسي... جذور تمتد لقرون ترمز للصمود بالأوراس
تشكل سلسلة الجبال المتواجدة بمنطقة شيليا آخر حاجز طبيعي يفصل بين الشمال والجنوب، وهي تقوم بدور مكافحة ومنع التصحر، بانتقال الرمال من الجنوب نحو الشمال، ومن أبرز أصناف الأشجار المتواجدة بشيليا شجرة الأرز الأطلسي التي تعد إحدى رموز منطقة الأوراس لقيمتها الكبيرة، كونها من الأشجار الأصيلة بالمنطقة التي عمَرت لقرون، وقد استعمل خشبها كأعمدة لضريح إمدغاسن النوميدي، الذي شيد في القرن الخامس قبل الميلاد، وذكر محافظ الغابات لولاية باتنة بأن خشب شجرة الأرز، استعمل أيضا في القرن الماضي خلال الحقبة الاستعمارية الفرنسية، في تشييد قصور ملكية بفرنسا وبريطانيا.
وتصنف شجرة الأرز ضمن الأنواع النبيلة، لقوة صمودها أمام العوامل المناخية ومنظرها الجمالي الخلاب، الذي تتميز به بعلوها الباسق وأوراقها الإبرية المتميزة وسط الغطاء الغابي، وقال محافظ الغابات لولاية باتنة بأن شجرة الأرز الأطلسي بالأوراس تتميز عن أشجار الأطلسي بباقي أنحاء العالم بخصائصها الجينية المقاومة للبرود والحرارة، ما جعلها الصنف الوحيد الذي يعيش في المناخ شبه الجاف، مقاوما ظاهرة الاضمحلال الناتجة عن التغيرات المناخية وخاصة الجفاف، وما يميز حظيرة شيليا انتشار شجرة الأرز في أعلى مرتفعاتها، حيث نجدها بقمة رأس كلتوم على علو 2328 مترا وهي أعلى قمة في شمال الجزائر.


وكانت مصالح محافظة الغابات لولاية خنشلة، قد أعدت مخطط تهيئة وحماية لحظيرة شيليا أولاد يعقوب في إطار القانون 11-02 الصادر في 17 فيفري 2011 المتعلق بالتنمية المستدامة، حيث تم تصنيف منطقة مركزية بالحظيرة تتربع على مساحة 365 هكتارا، وهي منطقة محمية ومصنفة بموجب القانون، ومنطقة وسطى تتربع على مساحة 6229 هكتارا وتضم موقع ثيخزرانت على مساحة 2371 هكتارا تقع غرب محيط الحظيرة، وموقع الكاف الأحمر بجبل عود، وجبل الأوراس، وتارزوت،ـ وذلك على مساحة 3858 هكتارا.
وتضم المنطقة الثالثة، عدة مواقع لتضاريس شيليا وأولاد يعقوب، وتشغل مساحة 19932 هكتارا أي ما يمثل 61 بالمائة من الحظيرة.
يـاسين عبوبو

مدير الحظيرة الوطنية لبلزمة دهيمي محمد لمين لـ "النصر": التصنيف سيعزز الإطار القانوني والعلمي لحماية الثروة الطبيعية
اعتبر مدير الحظيرة الوطنية لبلزمة بولاية باتنة الموافقة، على مرسوم إنشاء الحظيرة الوطنية بشيليا، ثمرة جهود من طرف السلطات بولاية خنشلة للحصول على التصنيف الذي يعد تعزيزا للإطار القانوني لحماية الثروة بإقليم حظيرة شيليا، خاصة ما تعلق بشجرة الأرز الأطلسي المصنفة ضمن الأنواع المهددة بالزوال، بالإضافة لحماية كل ما هو موروث ثقافي وحضاري وتاريخي، مثمنا التصنيف لما له من آفاق مستقبلية في جعل المنطقة قطبا علميا خاصة بالموازاة مع إنشاء المدرسة الوطنية العليا للغابات بخنشلة.  
 النصر: بداية ما هي المراحل التي تسبق تصنيف حظيرة وطنية؟
الأكيد أن الموافقة على مرسوم إنشاء حظيرة وطنية تسبقه إجراءات، وتتمثل في إعداد ملف على المستوى الولائي تحت إشراف مديرية البيئة التي تختص بدراسة الملفات ضمن لجنة ولائية، يترأسها الوالي، وتتكون هذه اللجنة من الهيئات التنفيذية ذات الصلة بمشروع التصنيف لإبداء رأيها بإثباتات علمية، ويمكن الاستناد إلى جهات خارج اللجنة من أهل الاختصاص من الجامعة، ومكاتب الدراسات، وحتى الجمعيات، وبعدها تأتي مرحلة المصادقة بالإجماع على إنشاء حظيرة وطنية، وتتكفل بعدها الولاية برفع الملف إلى لجنة وطنية على مستوى المديرية العامة للغابات، التي تتولى دراسة ثانية وهي الإجراءات المتعلقة بإعداد الملف قبل بلوغ مرحلة المصادقة على مرسوم التصنيف من طرف الحكومة، في انتظار صدور مراسيم الإنشاء والتسيير، وبودي أن أشير إلى قانون المحميات الذي ينص على أن "من ينشىء المرسوم هو من يسير لاحقا"، بحيث أن بعض الحظائر تخضع لتسيير وزارات غير وزارة الفلاحة.
النصر: ما هي المعايير المعتمدة لتصنيف حظيرة وطنية؟
إنشاء أي حظيرة وطنية لمحمية طبيعية، هدفه بالدرجة الأولى حماية الثروة الطبيعية، وما المصادقة على مرسوم إنشاء حظيرة شيليا إلا من أجل حماية ما تزخر به من ثروات متعددة، وهنا أوضح المفهوم الحقيقي للحظائر الوطنية الطبيعية وهو حماية كل ما يوجد تحت الأرض، وفوقها، وفي فضاء جو إقليمها ومعنى ذلك حماية الموروث الطبيعي البيئي، بالإضافة للموروث الثقافي والتاريخي والحضاري لكل ماتتوفر عليه الحظيرة من آثار، وأشير إلى أن حظيرة بلزمة، كانت قد أنشئت في بادئ الأمر خصيصا لحماية ثروة الأرز الأطلسي، التي تصنف ضمن الأنواع النباتية المهددة بالزوال، والأكيد أن التصنيف جاء أيضا لحماية أشجار الأرز التي تزخر بها.
النصر: ما الذي ستستفيد منه شيليا بعد التصنيف؟
منطقة شيليا كانت تخضع لتسيير محافظتي الغابات لولايتي خنشلة وباتنة، بحكم انتشارها عبر إقليم الولايتين، وبإنشاء حظيرة وطنية سوف يتم مضاعفة حمايتها بقبعتين إن صح التعبير من طرف المحافظتين والحظيرة، من خلال قوانين صارمة تقنن جميع النشاطات التي يمكن أن تقام بإقليم الحظيرة، سواء فلاحية كانت، أو سياحية، أو ثقافية، أي أن القيمة المضافة هي حماية إضافية، بالإضافة للصبغة العلمية التي تحظى بها بالدراسة من طرف الباحثين المختصين، فضلا عن الفائدة التي تعود على السكان الذين يعيشون بإقليم وبمحيط الحظيرة من خلال برامج تنموية خاصة.
النصر: ما الأهداف والنتائج المنتظرة؟
بودي أن أضيف أيضا فيما تعلق بمفهوم الحظائر الطبيعية المحمية على المستوى العالمي، والتي نحن مقيدون بها بالجزائر، وهي أن تصنيف المحميات الطبيعية، يعني تصنيف ثلاث مناطق بالحظيرة، بحيث أن المنطقتين الأولى والثانية تخضع النشاطات بها للرقابة، والثالثة تختص بالبحث العلمي يتم تسييجها لحماية الإرث الطبيعي والدورة البيولوجية على المستوى العالمي، ووجب الإشارة إلى أن شيليا، تضم أصنافا نباتية نادرة ويقتصر نموها فقط بها منها بالخصوص الأرز الأطلسي، وبخصوص الأهداف والنتائج بعد تصنيف شيليا إلى حظيرة وطنية، فإن ذلك سيجعل منها مقصدا سياحيا وعلميا، وأجد أن منطقة الأوراس وولاية خنشلة تحديدا محظوظة هذا العام بإنشاء مدرسة وطنية عليا للغابات، وموافقة الحكومة على المرسوم ، وسيكون لهذا أثر في المساهمة في الحفاظ على الإرث الطبيعي والحضاري، والأركيولوجي، والتاريخي للمنطقة، وتنظيم الإطار العلمي والإطار السياحي والترفيهي.
حاوره: يـاسين عبوبو

محافظ الغابات لولاية باتنة بولزازن عبد المؤمن لـ "النصر": شيليا ثاني أكبر حظيرة وطنيا بعد تصنيفها وتضم أعلى قمة بشمال الجزائر
أوضح محافظ الغابات لولاية باتنة، بأن الحظيرة الوطنية شيليا بعد أن حظيت بالتصنيف، أصبحت ثاني أكبر محمية طبيعية بالجزائر بعد حظيرة القالة بولاية الطارف، بتربعها على مساحة تزيد عن 32 ألف هكتار منها ما نسبته 98 بالمائة بولاية خنشلة و2 بالمائة بولاية باتنة، وقال محافظ الغابات عبد المؤمن بولزازن، بأن شيليا تتوفر على مقومات طبيعية نادرة، من شأن التصنيف مضاعفة حمايتها خاصة شجرة الأرز الأطلسي، التي تعيش بمناخ شبه جاف ما يميزها عن أشجار الأطلسي في باقي أنحاء العالم، مشيرا في هذا الحوار لمقومات طبيعية أخرى، فضلا عن تواجد أعلى قمة بشمال الجزائر بإقليمها وهي قمة رأس كلتوم.
النصر: ما الذي يعنيه تصنيف إقليم حظيرة وطنية؟
إصدار مرسوم حظيرة وطنية لمحمية طبيعية، يعني أن نأخذ حيزا جغرافيا طبيعيا يضم أصنافا نباتية وحيوانية نادرة، تصنف كمحمية، ويعني هذا التصنيف تخصيص هيكل إداري، ورصد ميزانية مالية تتعلق بالحفاظ على الأصناف النباتية والحيوانية، وتصنيف شيليا حظيرة وطنية بعد موافقة الحكومة ، يأتي استجابة لطلب مواطنين وسلطات محلية، وجمعيات بولاية خنشلة عملت على تحصيل ذلك لسنوات.
النصر: ما أبرز الثـروات الطبيعية التي أهَلت شيليا لتنال هذه الحظوة؟
أشير أولا إلى أن موافقة مجلس الحكومة على مرسوم الحظيرة الوطنية لشيليا، بالإضافة لحظيرة تاغيت يرفع عدد الحظائر الطبيعية المحمية بالجزائر إلى 10، وتصبح أيضا حظيرة شيليا ثاني أكبر حظيرة على المستوى الوطني من حيث المساحة، بعد حظيرة القالة بولاية الطارف بمساحة تتربع على 32609 هكتار، وبخصوص أبرز ثرواتها الطبيعية، فإن ذلك يقودنا بالضرورة للحديث عن شجرة الأرز الأطلسي المنتشرة بكتلتي بني يعقوب وبني أوجانة، المنتشر بإقليم ولايتي باتنة وخنشلة، بحيث تتوزع ما نسبته 98 بالمائة من الحظيرة بولاية خنشلة، فيما 02 بالمائة ببلديتي إينوغيسن وإشمول بولاية باتنة، وبالعودة إلى شجرة الأرز الأطلسي المتواجدة بالحظيرة، وبمنطقة الأوراس عامة، فإنها تتميز عن باقي أنواع أشجار الأرز سواء في الجزائر أو العالم، كونها الوحيدة التي بقيت صامدة في مناخ شبه جاف بحيث تقاوم البرودة العالية شتاء، ودرجة الحرارة المرتفعة صيفا، وهذا راجع لصفات جينية فريدة لهذا وجب حماية شجرة الأرز الأطلسي التي يتهددها الزوال، بفعل ظاهرة الاضمحلال أو التماوت بسبب مراحل سابقة من الجفاف.     
النصر: ماذا عن الأصناف الأخرى بالحظيرة؟
توجد أيضا أصناف نباتية أخرى مصنفة ضمن الأنواع المهددة بالزوال، ناهيك عن شجرة الأرز الأطلسي، التي قلت بأن ما يميزها هو صمودها في المناخ شبه الجاف، ومن بين الأصناف النباتية 58 نوعا تمثل ما نسبته 12 بالمائة من أصناف النباتات بالحظيرة مهددة بالزوال، وهي أنواع يقتصر نموها على الحظيرة الوطنية لشيليا، بالإضافة لأصناف أخرى نادرة تم إحصاء 174 تمثل 38  بالمائة من النباتات ، منها 12 نوعا محميا بموجب القانون 83/03 المتعلق بحماية البيئة، كما تتوفر الحظيرة على 61 نوعا من النباتات العطرية والصيدلانية أي ما نسبته 13 بالمائة من أنواع نباتات الحظيرة، بالإضافة لإحصاء وجرد أنواع عدة من الحيوانات الثدييات منها والبرمائيات والطيور، ولا يفوتني أن أشير إلى أن شيليا، تضم أعلى قمة جبلية في شمال الجزائر، وهي قمة رأس كلتوم بعلو قدره 2328 مترا، وتعد ثاني أعلى قمة في الجزائر بعد قمة الأهقار التي تتجاوز 3000 متر.
النصر: ما هي أهمية تصنيف شيليا؟
تصنيف شيليا إلى حظيرة وطنية، من شأنه تعزيز حماية غابات الأطلس الصحراوي التي تعد حاجزا أمام زحف رمال رياح السيريكو القادمة من الجنوب نحو الشمال بفضل ارتفاع جبالها، والمنتظر من التصنيف كما سبق وأن أشرت هو حماية صنف أشجار الأرز الأطلسي المتواجدة بالمنطقة، التي تتميز بخاصية مقاومة العوامل المناخية للبرودة العالية والحرارة المنخفضة، ولا بد أيضا من الإشارة إلى البعد التاريخي للحظيرة التي كانت غاباتها حصنا للثورة التحريرية بالأوراس وعرفت استشهاد مجاهدين بينهم قادة أبطال على غرار علي النمر وعبد المجيد عبد الصمد، بالإضافة لمعالم تاريخية عديدة منها الموقع الذي اتخذته فرنسا الاستعمارية للرمي بالجزائريين من أعلى والتي هي شاهدة على جرائمها، وللتصنيف قيمة تنموية ستنعكس على سكان مناطق الإقليم، بمساعدتهم على الدفع بالنشاط الزراعي أكثر والتخلي عن الرعي المضر بالأصناف النباتية النادرة.
حاوره: يـاسين عبوبو

الرجوع إلى الأعلى