تعتبر المشتلة الإدارية لمحافظة الغابات بولاية جيجل من بين أكبر المشاتل في الجزائر، وأكثرها عطاء، حيث تجود بما يفوق 600 ألف شجيرة من مختلف الأصناف، للغرس عبر مختلف الفضاءات الغابية و الحقول و الحدائق الخضراء بالمدن.

و قد قمنا بجولة عبر المشتلة المتواجدة بمنطقة كسير التابعة إداريا لبلدية العوانة غربي جيجل، أين وقفنا على عملية التشتيل، و قال خنيش سعيد مسير المشتلة إنها تعتبر من بين أكبر المشاتل و أحدثها،  إذ تنتج بكميات كبيرة، ووصفها بالكنز الحقيقي، إذ تقدر مساحتها بحوالي 1.5 هكتار، و يتم بها تشتيل أزيد من 35 نوعا من الشجيرات و بكمية تفوق 600 ألف شجيرة سنويا.
إعادة بعث المساحات المزروعة من البلوط الفليني
وأنشئت، المشتلة سنة 2008،  و دخلت مرحلة الإنتاج سنة 2010، و كان الهدف من إنشائها، إنتاج شتلات البلوط الفليني بمعايير تقنية عالية لسد احتياجات جيجل و الولايات المجاورة ، على اعتبار أن هذا النوع من الثروة الغابية بدأ يتناقص تدريجيا، على المستوى المحلي، ما أدى لتأخر المشاريع القطاعية بالولاية، و فيما يخص إنتاج البلوط الفليني فيقدر بـ 450 ألف شجيرة حسب السنوات و المشاريع المقدمة، ليتم بعد سنوات، المرور إلى تشتيل الزيتون المحلي، و مع انطلاق حملة زراعة الزيتون 2012 ، تمت إضافة بيت ضبابي لإنتاج شتلات الزيتون بطريقة حديثة التجذير، بالطريقة الضبابية على مستوى المشتلة و القيام بتطوير العملية عبر الإكثار من شجيرات الزيتون في  الصنف المحلي و المتمثلة في زيتون «الحمراء الجيجلية» و تطوير «زيتون الحمراوي» و الذي يكثر في المرتفعات و يتأقلم معها كما أن له أغصانا مطاطية لا تتأثر بالثلوج.
إنتاج ما يفوق 15 ألف شجيرة من صنف الزيتون المحلي

و حسب، الخبير سعيد خنيش، فإنه تتم مراعاة نوعية الزيتون و خصوصيات كل صنف عند القيام بالتشتيل في المشتلة، على عكس القطاع الخاص، الذي فشل في تطوير الزيتون المحلي، مشيرا، إلى أن المشتلة تقوم سنويا بإنتاج ما يقارب 15 ألف شجيرة كل موسم من الزيتون، و يتم تعويض الفلاحين المتضررين و مناطق الظل. وقد عمل القائمون على المشتلة على تطوير و تشتيل أنواع من الأشجار مهددة بالزوال ، أين تم إدخال صنف لآخر و التركيز عليه و المتمثل في القسطل و هو من الأشجار المتأقلمة في جيجل و يكثر تواجده في المرتفعات التي تفوق 700 متر، بحيث يتم تشتيل ما يقارب 30 ألف شجيرة، ليتم بعدها التوجه إلى تشتيل أشجار الزينة  حيث شتّل منها ما يفوق  30 نوعا، بحيث يتم منحها لتزيين مختلف الفضاءات و تخصيص كميات منها للجمعيات، المدارس و الإدارات و خلال الأيام التحسيسة و التطوعية، إذ يتم إنتاج ما يقارب 70 ألفا ، و توزيع ما يفوق 50 ألف شجيرة على المعنيين، و أوضح مسير المشتلة، بأنه  قبل ثلاث سنوات، شرع في إنتاج و تشتيل الخروب لأهميته الاقتصادية و المتمثل في الخروب الموجه للرحي، بحيث يتم إنتاج ما يقارب خمسة ألاف شجيرة خلال السنة، و من المنتظر رفع العدد حسب الطلبات.و أشار،  المتحدث، بأن المشتلة تتضمن العديد من المنشآت، إذ توجد بها ثلاث مظليات من بينها مظليتان مخصصتان للبلوط الفليني، وتتسع كل مظلية لحوالي 450 ألف شجيرة،  يتم وضع العدد الذي توافق عليه لجنة تقييم الأشجار، و هي لجنة مختصة، أما المظلية الصغيرة، فتم تخصيصها لتأقلم النباتات سواء الزيتون أو نباتات الزينة، كما تضم المشتلة العديد من البيوت البلاستيكية أو البيوت متعددة القبب، و عبرها يتم وضع الشجيرات للتأقلم، و قد سمحت المساحة الموجودة و الفضاءات المخصصة للوصول إلى قدرة تخزينية للتشتيل تفوق 600 ألف، و البيوت البلاستيكية الأربعة الموجودة تخصص لتشتيل الخروب و النباتات التزينية، موضحا، بأن  القدرة الإنتاجية تختلف من سنة إلى أخرى حسب حجم كيس الغراسة،  و الإنتاج يختلف من سنة إلى أخرى حسب الطلبات و لا يمكن ضبط معدل سنوي للتشتيل، كون بعض الأصناف يتم إخراجها من المشتلة و زراعتها بمعدل مرتين في السنة،  كما يتم التشتيل طوال السنة و القيام بالتجارب لتطوير الأصناف.

و ذكر خنيش سعيد، بأن الأساليب المستعملة و التقنيات في التشتيل تختلف، فتشتيل البلوط الفليني ، يتطلب استعمال تقنية الزراعة فوق التراب، كون  البلوطيات تملك خاصية تتماشى حسب امتداد الجذور، بحيث يتم تشتيلها وفق تقنيات عديدة، و تختص به المشتلة، أما تشتيل الزيتون، فيتم وفق تقنيات البيت الضبابي، و عبر الطريقة الحديثة به تم تقليص مدة التشتيل، و التي وصلت لحدود تسعة أشهر، إذ يتم  ضبط عامل الرطوبة و الحرارة، و تعتمد على طريقة «العقال» وليس البذور، مضيفا، بأن الطرق القديمة،  تصل مدة التشتيل فيها إلى حوالي عامين، بحيث تم العمل بكسير على التشتيل  داخل طاولة متخصصة، وزراعة الحمراء الجيجلية تتطلب تقنيات ومتابعة دقيقة.
وتقوم المشتلة بتموين العديد من الولايات بالبلوط الفليني على غرار بجاية البويرة و تيزي وزو، إلى جانب القسطل و الخروب، بالإضافة إلى تقديم النباتات التزيينية التي تمنح للتجمعات السكانية بجيجل والإدارات المحلية، بحيث يتم منحها بالمجان، بالنسبة للجهات المهيكلة من جمعيات و إدارات، أما  البلوط الفليني، فيمنح للمقاولين بمبلغ رمزي عن طريق أملاك الدولة.
صعوبات في تطوير المشتلة

و استغل المسير،  المناسبة للحديث على العديد من الصعوبات الموجودة على غرار الحصول على «العقال» و إمكانية إصابتها بأمراض، وقال المتحدث، بأن العديد من المشاكل و الصعوبة تعترض استمرارية المحافظة على المشتلة، أبرزها هروب العامل البشري المؤهل، إذ أنه يتم التوظيف بالعقود المؤقتة، إذ يتم في الوقت الراهن توظيف حوالي 25 عاملا مؤقتا، جلهم يرغبون في المغادرة لعدم توفر مناصب قارة تضمن  عدم هجرة العمال الذين يتم تكوينهم، بالإضافة إلى ضعف الميزانية المخصصة، مقارنة بالمصاريف المتعلقة بالصيانة و التي تتطلب مبالغ كبيرة، خصوصا و أن بعض التجهيزات اهتلكت، بالإضافة إلى غياب بعض التجهيزات و العتاد الضروري لضمان سير العملية، مما سيؤثر سلبا على النشاط، كما أن هناك أمل لتطوير المشتلة بطرق حديثة و التنويع في الأصناف و تطويرها.      
كـ. طويل

شجرة الفيكيس ريتيزا
صديقة المدن  التي تقاوم الطبيعة والزّمن
تعد شجرة الفيكيس ريتيزا الشهيرة من أقدم أشجار الزينة بمدينة قالمة، و أكثرها انتشارا بالشوارع و الساحات العريقة التي حافظت على هندستها و بيئتها العمرانية، رغم التحولات الكبيرة التي مرت بها قالمة القديمة منذ استقلال البلاد قبل 60 عاما، حيث ظل هذا الكائن الأخضر صامدا أمام عوامل الطبيعة و الزمن، و أمام يد البشر العابثة التي تكاد تقضي على المساحات الخضراء بالمدن و القرى، و تحولها إلى فضاءات خراسانية باهتة متصحرة لا تسر الناظرين، و لا توفر البيئة الملائمة للعيش، الداعمة للصحة و الرفاه الاجتماعي.

في كل مكان بالمدينة التاريخية العريقة يمكنك أن تستظل تحت شجرة فيكيس ريتيزا عندما تحاصرك حرارة الصيف الجائرة، وتجبرك على الاحتماء من لهيبها الساطع عندما تقترب من الخمسين تحت ظل الملكة ريتيزا المتربعة على عرش الحدائق و الساحات و الشوارع الشهيرة، متحدية الحرارة و الجفاف و الانبعاثات الغازية التي زادت من تدهور البيئة الحضرية في السنوات الأخيرة، وتكاد تقضي على ما تبقى من مساحات خضراء عندما تحالفت مع الحرارة و الجفاف و فوضى العمران التي تكاد تقضي على ما تبقى من تلك الفضاءات الخضراء.  
ويقول السكان القدامى بمدينة قالمة بأن الفيكيس ريتيزا ربما تكون قد غرست قبل 150 عاما، وتعتقد عميدة موظفات محافظة الغابات بقالمة شامة بشايرية بأن أولى أشجار الفيكيس ريتيزا ربما تكون قد غرست بين 1850 و 1880 بالنظر إلى حجمها الحالي، و تاريخ المواقع التي غرست فيها، مؤكدة للنصر بأن هذه الشجرة مستوطنة و ليست أصلية من البيئة المحلية، كما هو الشأن بالنسبة للكثير من أشجار الزينة المغروسة بالمدينة كالدردار و الكاليتوس، مضيفة بأن للفيكيس ريتيزا مميزات و فوائد كثيرة، فهي دائمة الاخضرار، و لا تسقط أوراقها إلا نادرا عندما تشتد حرارة الصيف وتتراجع أعمال السقي التي تشرف عليها البلدية  .
وتتواجد الشجرة الشهيرة اليوم بساحة الشهداء وشارع أول نوفمبر، أطول شوارع مدينة قالمة، والشارع التاريخي سويداني بوجمعة، وساحة 8 ماي 1945 وساحة المسرح الجهوي محمود تريكي، و حديقة مصطفى سريدي و ضاحية باب سكيكدة، ومواقع أخرى بالضواحي العمرانية الجديدة.
ومع مرور الزمن تحولت الشجرة الدائمة الاخضرار إلى معلم طبيعي بالمدينة، وهي تواصل الانتشار بكل المدن و القرى في إطار مساعي تغيير الواقع البيئي الحضري و تصحيح الأخطاء التي ارتكبت في حق المساحات الخضراء داخل الأحياء السكنية، مما أدى إلى انعكاسات صحية و بيئية مثيرة للقلق، حيث ارتفعت درجات الحرارة بولاية قالمة في السنوات الأخيرة و تخطت المعدل المعتاد الذي كانت عليه قبل 100 عام على الأقل.
وفي كل موسم غرس توزع محافظة الغابات بقالمة، و المشاتل الخاصة، الآلاف من شجيرات الفيكيس ريتيزا على البلديات و الجمعيات لغرسها على جوانب الطرقات و في الحدائق العامة، و المؤسسات الحكومية كالمدارس و دوائر الخدمات، نظرا للفوائد و المميزات الكثيرة التي أظهرها هذا الكائن النباتي المقاوم للحرارة و الجفاف، الدائم الاخضرار.  
ولا تحتاج الفيكيس ريتيزا إلى عناية كبيرة عندما تكبر، قليل من الماء يكفيها عندما تشتد موجات الحر، لكنها تتطلب مهارة كبيرة عند تقليمها حتى تأخذ أشكالا هندسية جميلة وتتفرع وتشتد جذوعها، كما هي الأشجار المتواجدة بساحة المسرح الجهوي و شارع أول نوفمبر و ساحة الشهداء، التي أصبحت اليوم مغطاة بالكامل ولا يمكن لأشعة الشمس ان تصل إليها في فصل الصيف مما جعلها مقصدا لزوار المدينة القديمة.
و تعانق الفيكيس ريتيزا المعالم التاريخية بالمدينة في مشهد بانورامي جميل، و خاصة بساحة الشهداء و نصب الحرية بساحة 8 ماي 1945، و يعد هذا الكائن الأخضر الجميل مكافحا للتلوث و الانبعاثات الغازية الناجمة عن حركة المركبات والنشاطات التجارية والصناعية. و تجسد مساحات الفيكيس ريتيزا نموذجا حيا للمدينة الخضراء الصديقة للبيئة والإنسان، لكن الشجيرات الفتية تواجه تحديات كبيرة في السنوات الأخيرة بسبب الاعتداءات المتكررة بالقطع و الاقتلاع، وتحاول بلديات قالمة حماية شجيرات الفيكيس ريتيزا و رعايتها حتى تنمو و تصبح قادرة على مقاومة العوامل الطبيعية و اعتداءات البشر التي ألحقت أضرارا بالغة بالطبيعة و البيئة الحضرية.
فريد. غ

في ظاهرة أثارت قلق العلماء
السماء «تُمطِر» طيورا نافقة في بريطانيا
رصد باحثون على مدار الأيام الماضية، سقوط العشرات من الطيور التي تعرف باسم «بفن» أو «المهرج الوفي»، بعد نفوقها على الساحل الشمالي الشرقي لاسكتلندا، حسبما أفادت به شبكة «سكاي نيوز» الإخبارية البريطانية.
وقال عالم البيئة المتخصص في الطيور البحرية «فرانسيس دونت»، إن ظاهرة النفوق الجماعي لهذه الطيور، التي لا تزال محل دراسة، لم ترصد بهذه الكثافة منذ ما يقرب من 50 عاما. و أضاف العالم «من المثير للقلق رؤية هذه الطيور مريضة وميتة. نأمل أن نتمكن من تشريحها لمعرفة السبب».

و وصف «دونت» الطيور الميتة بأنها «هزيلة»، مشيرا إلى احتمال وجود خلل داخل السلسلة الغذائية البحرية في المنطقة. وفي وقت سابق من العام الجاري، عثر على آلاف الجثث لطيور «الغلموت» و»أبو موس» في بريطانيا، لكن العلماء غير متأكدين من ارتباط هذه الوقائع معا. ويدرس باحثون حاليا سبب النفوق الجماعي لطيور «المهرج الوفي»، مستبعدين إصابتها بإنفلونزا الطيور بعد أن أثبتت الاختبارات أنها سلبية للفيروس.
ومن بين التفسيرات المحتملة لهذه الظاهرة، ارتفاع درجات الحرارة عن المعتاد في أول سبتمبر مما أصاب السلسلة الغذائية بالخلل، في حين يقول رأي آخر إن الطيور أصيبت بحالة تسمم بعدما تناولت نوعا معينا من الطحالب.

الرجوع إلى الأعلى