تصميـــــم المـــدن الجديــدة أهمـــل  الجانـــب الإيكولـوجــي
قال المهندس العمراني و مؤسس شركة مختصة في التخطيطات العمرانية بالاعتماد على تكنولوجيات حديثة، السيد أنيس سليماني، أن التخطيط العمراني المعتمد في المدن الجديدة، لم يراع الجانب الإيكولوجي، فتحولت إلى هياكل دون روح، موضحا بأن شركته تعمل من أجل تقديم حلول ايكولوجية و تقديم بدائل لمواد بناء مضرة بالبيئة، لتقليص الغازات المتسببة في الاحتباس الحراري، و ذلك بإدماج الطبيعة في التخطيط العمراني، من خلال تخصيص مساحات واسعة في المخططات العمرانية و استغلال شرفات و أسطح  المنازل لتوفير الراحة في الوسط الحضري، و هو يسعى جاهدا مع وزارتي البيئة و السكن لتصميم مخططات حديثة.

حاورته  / أسماء بوقرن

. النصر: أسست شركة خاصة تهتم بالتخطيط العمراني، وفق التكنولوجيات الحديثة و تخصصت في إنتاج مواد بناء صديقة للبيئة، حدثنا عن تجربتك؟    
ـ أنيس عمراني: تمتعي بروح الابتكار و حرصي على تقديم تصاميم عمرانية عصرية صديقة للبيئة و مقتصدة للطاقة، وفقا لمعايير مدروسة، دفعني إلى تأسيس شركة خاصة لتجسيد أهدافي، فابتعدت عن  فتح مكتب دراسات و فضلت تأسيس شركة، لتوفير فضاء أوسع لتقديم الجديد و خوض تجارب حديثة ذات صلة بالتخطيط العمراني، و التحسين الحضري البيئي، و كذلك لتصحيح أخطاء العمران المحلي، فإستراتيجية المؤسسة هي إيجاد حلول متطورة، بما يواكب العصر، و تطوير مجال البناء، وفق معايير دولية.       
و الهدف الأسمى أيضا هو تهيئة المدن و تقديم حلول إيكولوجية و تجديدية، لتوفير الراحة الحضرية، و كذلك إنتاج مواد أولية صديقة للبيئة، و هذا يعد من أهم أهداف الشركة التي تهتم كثيرا بنظافة المحيط، حيث تعمل على تخليصه من النفايات الزجاجية و تحويلها إلى مواد أولية تدخل كمكون رئيسي و بديل للإسمنت المضر بالبيئة، إلى جانب الاعتماد على التكنولوجيا لإضفاء لمسة جمالية، و ذلك لتوفير الراحة للمواطن في الوسط الحضري.
التخطيط العمراني للمدينة الجديدة أهمل المساحات الخضراء
. قلت بأنك تسعى لتصحيح أخطاء العمران المحلي، ما هي الأخطاء التي لاحظتها في المدن الجديدة و كيف يمكن تصحيحها ؟
ـ للأسف المدن الجزائرية عبارة عن هياكل من دون روح، فهي عبارة عن بنايات طويلة، متلاصقة، تفتقد للجانب الجمالي، و خاصة للمساحات الخضراء، التي تعد أساسية في التخطيط العمراني، لما لها من تأثير إيجابي على الصحة النفسية، و كذا لدورها المحوري في تحسين العلاقات الاجتماعية بين الساكنة و تجنب الخلافات، فمثلا التخطيط العمراني للمدينة الجديدة علي منجلي غير مدروس، و هو عبارة عن وحدات سكنية تقع إلى جانب بعضها البعض، وعمارات متقابلة و قريبة، و هذا غير مطابق بتاتا للقواعد المعمول بها على المستوى الدولي، كما لاحظت بأن المساحات الشاغرة الموجودة أمام التجمعات السكنية، مملوءة بالأعشاب الضارة و تتحول في الغالب إلى مفرغة للرمي العشوائي للنفايات، لتستغل فيما بعد لإقامة مشروع سكني آخر.
 و حتى المساحات الخضراء الموجودة ، مصممة بشكل غير مدروس و بعدد غير كاف، في الوقت الذي من المفروض أن تكون متوفرة بمساحات شاسعة، تستوعب عدد الساكنة في كل وحدة سكنية، و يجب الالتزام عند تصميمها، بمعايير خاصة في دراسات العمران، فمن بين البنود الواجب التقيد بها، أن تكون الحديقة المشتركة في مكان مرئي، لتجنب تحولها إلى مرتع للمنحرفين، فالنصوص القانونية واضحة في ما يخص العمران، لكن تطبيقها غير ملموس على أرض الواقع، لكن يبقى بإمكاننا تدارك، و لو قليلا، هذه الأخطاء الفادحة، فالمدينة الجديدة مثلا، لا تزال تتوفر على مساحات شاغرة، يجب النظر في كيفية استغلالها، و تفادي إستراتيجية استغلال كل مساحة، لبناء مشروع سكني.           
استغلال الشرفات و أسطح البنايات أصبح ضروريا
. ما هي الحلول التي تقدمها فيما يخص الفضاءات الخضراء في الأماكن العمرانية؟

ـ يجب إدماج الطبيعة و الحدائق المشتركة في التخطيط العمراني، و ذلك بشكل استعجالي للسلامة الصحية و الاجتماعية، فالفضاءات الخضراء تعد نقطة مهمة، وهذا ما أناضل من أجله، خاصة في ظل التوسعات العمرانية التي نشهدها، واحتلال العمارات لمساحة كبيرة، و ذلك لا يكون فقط من خلال تخصيص جيوب عقارية خاصة للحدائق المشتركة، و إنما استغلال أيضا شرفات المنازل و أسطح البنايات، كما يحدث في عدد من البلدان الأوروبية التي أولت اهتماما كبيرا بالجانب الإيكولوجي، الذي يساهم في امتصاص الغازات، و طرح الأوكسجين و الجمالي للمدينة، و الذي يضمن الصحة النفسية و الجسدية للمواطن، من خلال توفير هواء نقي خال من الغازات السامة.
أسعى للاستفادة من تجارب دول أوروبية نجحت في هذا المجال و استلهام أفكار من مشروع مونتريال في كندا، و الذي يتضمن جزءا مهما خاصا بالراحة الحضرية و إدماج الطبيعة كعنصر محوري.    
البحث عن بدائل لتقليص الغازات المتسببة في الاحتباس الحراري
. هل جسدت بعض الحلول التي سطرتها منذ تأسيس شركة أرموني سنة 2011؟
ـ نعم، تمكنت من تحقيق نتائج مبهرة، ففي البداية ركزت اهتمامي على التحسين الحضري، خاصة للأرصفة و الطرقات، فتخصصت في الخرسانات التزيينية، حيث بدأنا في بعث أفكارنا الإبتكارية،  باعتماد التكنولوجيات الحديثة، من خلال الخرسانة المطبوعة، و التي تم تجسيدها على مستوى محطة الترامواي، كما قمنا بتطوير عديد المواد و شاركنا في مشروع جسر صالح باي، لربط الجسر بالمدينة، و تهيئة الأرصفة، ثم انطلقنا في مشروع آخر يهدف إلى حماية البيئة، و الحد من الاحتباس الحراري، من خلال إيجاد بدائل لتقليص استخدام الإسمنت، لتقليص الغازات المتسببة في الاحتباس الحراري، و اللجوء إلى مجال الرسكلة، من خلال تخليص المحيط من القارورات الزجاجية و إعادة رسكلتها، و كذا التخلص من التبعية لكل ما هو طاقوي.
كما هو معلوم الإسمنت يأتي في المرتبة الثالثة، ضمن قائمة المواد الملوثة للبيئة، إذ يتسبب في انبعاث كمية كبيرة من الغازات الملوثة، ما دفعنا إلى التفكير في تقليص استخدامه و البحث عن بدائل وجدناها من خلال تخليص البيئة من النفايات الزجاجية و رسكلتها.
. رسكلة النفايات الزجاجية ضمن استراتيجية المؤسسة الصديقة للبيئة، كيف تتم العملية؟
ـ الرسكلة شق أساسي ومهم ضمن إستراتيجية الشركة التي تسعى جاهدة للنجاح فيه، حاليا وفقنا في رسكلة الزجاج، و هو مشروع لم يطبق بعد بشكل كبير، حيث تتم حاليا رسكلة كميات قليلة على مستوى مخابر الشركة، نظرا لعدم توفر المعدات اللازمة لرسكلة كميات كبيرة، غير أننا نسعى جاهدين، لتأسيس وحدة خاصة برسكلة الزجاج، التي تتم عبر ثلاث مراحل، حيث يتم تحويل الزجاج إلى حبيبات متوسطة الحجم، ثم حبيبات رملية، لتصبح عبارة عن مسحوق، يدخل ضمن مكونات صناعة الخرسانة المضيئة،  و الممهلات و التي نسعى لتجسيدها.
. هل تسعى الشركة لتقديم هذه الحلول إلى الوزارات المعنية؟  
ـ نسعى لتجسيد شراكة مع وزارة البيئة و وزارة السكن و العمران، لتقديم مشاريع بمعايير مدروسة و متطورة، في إطار حلول ناجعة، لتتخلص ميزانية الدولة من أعباء كثيرة خاصة المتعلقة باستهلاك الكهرباء.
أ ب

 

 

الرجوع إلى الأعلى