بدأت الطرقات الرئيسية بالجزائر تكتسي حلة خضراء بحزام لا متناهي من الأشجار مختلفة الأنواع و الخصائص، في تحول واعد من أجل تغيير الواقع البيئي على امتداد آلاف الكيلومترات من الشبكة الوطنية الآخذة في التمدد بالشمال و الجنوب، ملتهمة المزيد من المساحات الأرضية، و خاصة بشمال البلاد الأكثر هشاشة و عرضة للتغيرات المناخية، و كلما تم توسيع طريق رئيسي أو بناء طريق جديد تختفي المزيد من المساحات الأرضية الزراعية و الغابية لتحل محلها الخرسانة السوداء و الخرسانة المسلحة و الانبعاثات الغازية، الناجمة عن حركة السير المكثفة لنقل الأشخاص و البضائع في انتظار تغيير الوضع في المستقبل بالعودة إلى خطوط السكة الحديدية الأكثر ملاءمة للبيئة و الاقتصاد الوطني.

فريد.غ

و يعمل المهندسون الجزائريون على إنجاز مسارات صديقة للبيئة من خلال تشجير الحواف كبند ضروري في تصميم الطرقات الجديدة على وجه الخصوص، فقد أصبحت الشجرة عنصرا مهما في مشروع توسيع الطرقات الوطنية و فتح مسارات جديدة، و خاصة بالمناطق المعرضة للانزلاقات و الانهيارات الطينية و الصخرية، حيث تعد الشجرة مثبتا فعالا و مستديما للحواف الهشة التي تشكل خطرا على الطريق و سلامة حركة السير.
و قال مهندس الطرقات نبيل شويب للنصر بأن الشجرة تعد مثبتا فعلا للحواف المنحدرة ذات الطبيعة الجيولوجية الهشة، مضيفا بأن عمليات التشجير تبدأ مع أشغال حفر الطريق لربح الوقت وحتى تنمو الشجيرات الفتية وتصبح كائنا نباتيا داعما للطريق عندما يدخل مرحلة الاستغلال.
وبما أن مهندس الطرقات ليس مختصا في التشجير و النوعية الملائمة للمنطقة فإنه يتم اللجوء إلى مديرية الفلاحة و البيئة و محافظة الغابات، و المؤسسات العمومية المختصة في المشاتل و تقنيات الغرس لاختيار نوع الأشجار الملائمة للمنطقة و عدد الشجيرات في وحدة المساحة، حسب نبيل شويب أحد إطارات شركة الطرقات الحكومية "آلترو" الحائزة على مشاريع ضخمة لبناء طرقات جديدة بولاية قالمة و ولايات أخرى عبر الوطن.  
و كلما تم نزع الأشجار و تعرية الغطاء النباتي لفتح طريق جديد أو توسيع طريق قديم يتم تعويض كل ما تم نزعه وفق دراسة محددة للمحافظة على بيئة المنطقة و سلامة الطريق، و حمايته من عوامل الطبيعة و الزمن.  
و تعد أشجار الكاليتوس و الصنوبر الأكثر استعمالا على حواف الطرقات بشمال البلاد، في حين تكون شجرة الزيتون و النخيل البديل الملائم للطرقات العابرة للصحراء، و حسب مهندس الشركة الوطنية للطرقات "آلترو" نبيل شويب فإن الطريق بين ورقلة و تقرت على مسافة 160 كلم تقريبا سيتم تشجير حافتيه بالنخيل و الزيتون في استثمار اقتصادي و بيئي واعد تدعمه الحكومة بحفر الآبار و توزيع الأراضي على الشباب المستثمر للعناية بهذا الحزام الأخضر الذي سيجعل طريق ورقلة تقرت من أجمل الطرقات الخضراء الصديقة للبيئة بالصحراء الجزائرية الكبرى.
وتعمل الأحزمة الخضراء على الطرقات الجزائرية على امتصاص الانبعاثات الغازية الناجمة عن حركة السير المكثفة، كما أن الحواف المشجرة تضفي جمالية على الطريق و تبعث الراحة و السعادة بين مستعملي المسافات الطويلة على وجه الخصوص، فالشجرة سياحة إيكولوجية و هي أيضا الملاذ الآمن للإنسان عندما تشتد الحرارة و تهب العواصف الماطرة و تتحرك كثبان الصحراء لتحجب الرؤية و تطمر معالم الطريق. و تعد صيانة الأحزمة الخضراء على جوانب الطرقات و حمايتها من الجفاف و الحرائق و القطع الجائر من أكبر التحديات التي تواجه هذه الكائنات البيئية الجميلة، و تعمل مديريات الأشغال العمومية بالولايات على تحمل أعباء الحزام الأخضر على المدى الطويل، بعد أن تنهي شركات الإنجاز عملها و تغادر بلا رجعة. و قد أصبحت الشجرة بندا رئيسيا في صفقات بناء الطرقات بالجزائر، لها مخططات هندسية و اعتمادات مالية و مهندسون زراعيو ن يسهرون على الغرس المنظم و اختيار الأصناف الملائمة لطبيعة المنطقة، في تحول واعد و تطور مشجع للطرقات الوطنية الحديثة التي بدأت تتمدد مخترقة البر الجزائري المترامي الأطراف من الشرق إلى الغرب و من الشمال إلى الجنوب الكبير حيث البيئة الصحراوية الصعبة التي تبقى في حاجة إلى المزيد من الغطاء النباتي على الطرقات و الحواضر الكبرى.  
ف.غ

 

 

الرجوع إلى الأعلى