سيدات يبدعن في إنجاز تحف فنية بالكارتون

نجحت الشابة شيماء حجاج في بعث مشروع استثنائي، لتسيير النفايات الكارتونية و الرسكلة الفنية، يدخل ضمن إستراتيجية الدولة في تنمية الاقتصاد الأخضر، و ذلك باعتماد تقنية الفرز الانتقائي لمادة الكارتون في أربعة أحياء نموذجية ببلدية الخروب في ولاية قسنطينة، لاستعمالها في إبداع تحف فنية، وبالفعل طوعها الأستاذ إبراهيم بالقريشي لصناعة 120 تحفة، كما نجح في تلقين حرفته لعديد السيدات، من خلال إشرافه على أول ورشة تكوينية لصناعة التحف الفنية بالكارتون، نظمتها جمعية مديري و مسيري و مؤطري النشاطات التربوية و التكوين لترقية الشباب، صاحبة المشروع.

أسماء بوقرن

فوانيس و مجسمات بواخر  و عربات قديمة بالكارتون
احتضنت قاعة عيد النصر 19 مارس، ببلدية الخروب، أول ورشة نظمتها جمعية مديري و مسيري و مؤطري النشاطات التربوية و التكوين لترقية الشباب في إطار  مشروعها "حيي يفرز"،  بإشراف الأستاذ المختص إبراهيم بالقريشي، و أبدعت المتربصات في صناعة تحف فنية رائعة مصنوعة من مادة الكارتون، تنوعت أشكالها بين فوانيس بأشكال و تصاميم مختلفة، و كذا عربات تجرها أحصنة و آلات موسيقية و حيوانات، بلمسة فنية جمالية وبدقة متناهية، حيث أبدعت أنامل السيدات في تشكيلها و إضفاء بصمتهن الخاصة عليها، و إضافة ميزة توصيلها بالتيار الكهربائي، لتصبح مضيئة ليلا، فيتصور كل من يشاهدها بأنها مصنوعة من الخشب.  
شملت الورشة تكوين 10 سيدات منهن ربات بيوت، أبدين رغبتهن في تعلم هذه الحرفة، سعيا لاعتمادها كنشاط حرفي وتسويق إبداعاتهن، التقت بهن النصر مؤخرا خلال زيارتها للورشة.
وقفنا على مدى اهتمامهن بالنشاط، و حرصهن على قطع الكارتون بدقة، باعتماد مقاسات مضبوطة، و تشكيلها، وفق التحفة التي يرغبن في صنعها، معتمدات على وسائل بسيطة جدا، تتمثل في مسطرة و قلم و مقص و شمع لاصق، و كذا ورقة لتدوين المقاسات الخاصة بكل تحفة، فتمكن في وقت قصير، لا يتجاوز أربعة أيام من صنع 40 تحفة، بتأطير من الفنان بالقريشي.
مدربة جمباز تبدع في صناعة تحف كارتونية
  من بين المتربصات اللائي أبدعن في تشكيل مجسمات و تحف فنية السيدة ثريا عبريط، التي لم تمنعها مسؤوليتها الأسرية و التزاماتها المهنية، و إشرافها على تدريب فرق جمعية الثريا الرياضية و الترفيهية، لتعليم الجمباز و الشطرنج التي تترأسها ببلدية الخروب، من تعلم حرفة اعتبرتها جديدة، و قالت للنصر بأنها و بمجرد أن علمت بالمبادرة، اتجهت مباشرة إلى الجمعية المشرفة على تنظيمها لتسجيل نفسها، و حرصت على حضور كافة أيام الدورة، لتعلم  كل أبجديات الحرفة.
و تسعى المتحدثة، إلى تعليم الحرفة بدورها، إلى المنخرطين بجمعيتها، لتعم الفائدة و ينتشر الوعي بأهمية  فرز النفايات، خاصة بالنسبة لفئة الأطفال، لأجل تنمية الحس البيئي لديهم، باعتبارهم جيل الغد، و لاحظنا أن السيدة عبريط كانت تصطحب ابنها، و تلقنه طرق و مراحل صنع أشكال و تحف من الكارتون، مشيرة إلى أنها تمكنت من تصميم و صنع منزل و فانوس و طائرة.
مشروع مربح لربات البيوت

أعربت من جهتها المتربصة مونية مجمج، التي تحمل شهادة تقني سامي في تسيير الموارد البشرية، و هي مختصة في صناعة قطع الديكور التقليدية و العصرية المنزلية، عن شغفها بتعلم الحرف اليدوية، خاصة  الجديدة  غير الرائجة، التي تعتمد على مواد غير مكلفة و متوفرة بمحيطنا.
و أشارت إلى أنها من خلال هذا التكوين، تعلمت القيمة الحقيقية لنفايات التغليف ومدى مساهمتها في إقامة نشاط مربح، يعود بالفائدة على المحيط،  من خلال تخليصه من النفايات التي تشوهه، وكذا على الاقتصاد، و حتى اعتماده كمصدر دخل لربات البيوت، اللائي لا تسمح لهن الظروف بمغادرة بيوتهن للعمل، لأجل تحقيق عائد مادي ، فإمكانهن و بوسائل بسيطة غير مكلفة، إقامة مشروع مربح، كما أكدت المتحدثة.
* الفنان إبراهيم بالقريشي المشرف على الورشة
الرسكلة الفنية للكارتون تخصص حديث

أوضح الأستاذ إبراهيم بالقريشي، و هو فنان تشكيلي مختص في التدوير الفني للكارتون، بأنه تخصص منذ 5 سنوات في هذا المجال الجديد، و سعى لتطوير مهاراته فيه، مؤكدا بأن خبرته الفنية، مكنته من الإبداع في صناعة مجسمات كارتونية، فاق عددها 120 تحفة، تنوعت بين تصاميم لسيارات قديمة و مدفعيات و بواخر وعربات،  و كذا  منازل و قصور  و آلات موسيقية، بلمسة جمالية رائعة، وقد تفاجأ بعد عرض إبداعاته عبر حسابيه على فايسبوك  وأنستغرام، بانبهار متابعيه بتحفه وحجم الطلب عليها، ليسعى إلى تلقين حرفته إلى الجمعيات المختصة في تدوير النفايات الكارتونية، منها جمعية مديري ومسيري ومؤطري النشاطات التربوية، التي لمس خلال الورشة التي نظمتها  و أشرف على تأطيرها، اهتمام السيدات بتعلمها وإضفاء لمستهن الخاصة على إبداعاتهن، مشيرا إلى أن تحفه التي خصص زاوية بقاعة التكوين لعرضها، تعتبر ثمرة جهد بذله طيلة خمس سنوات، و قد عرضها لتحفيز المتربصات على العمل أكثر .     
* شيماء حجاج مسؤولة مشروع "حيي يفرز" لتدوير الكارتون
المشروع يرتكز على الفرز الانتقائي لنفايات التغليف

قالت الشابة شيماء حجاج، الحاصلة على ماستر 2 في تسيير النفايات، و مسؤولة مشروع "حيي يفرز"، بأن هذا المشروع الجمعوي أطلقته جمعية مديري مسيري و مؤطري النشاطات التربوية و التكوين لترقية الشباب، بالشراكة مع جامعة قسنطينة 03، و هو ممول في إطار برنامج "كابدال".
و يهدف المشروع إلى تعزيز التنمية الاقتصادية المحلية لبلدية الخروب، و ذلك من خلال وضع نظام عملي للفرز الانتقائي لنفايات التغليف الذي سمح باسترجاع 40 بالمئة منها، بعد أن تم تسخير 30 شخصا للفرز الانتقائي، منهم 10 شباب حاملي مشاريع و 10 حرفيات في مجال رسكلة النفايات، و ترافقهم الجمعية في المراحل الأولى، لتحقيق مشاريعهم.   و أوضحت المتحدثة، بأن تحقيق الهدف المسطر من قبل الجمعية، يكون عن طريق  تعزيز الاقتصاد الدائري، فالمرحلة الأولى التي يرتكز عليها المشروع هي فرز النفايات البلاستيكية و الكارتون و المعادن، بجمعها في الأحياء النموذجية التي تم تحديدها في الخروب و هي حي مشتاتي عمار 450 مسكنا، وحي 620 مسكن ماسنيسا، و حي 130 مسكن نفطال الخروب، و حي 500 مسكن، و تم الاتفاق مع رؤساء الأحياء لتحسيس السكان حول كيفية الفرز الانتقائي، مع تزويدهم بأكياس من القماش، لهذا الغرض، كما تم توزيع حاويات خاصة، لوضعها بشكل منظم.
و أشارت المتحدثة إلى أن المبادرة لقيت تجاوبا و التزاما من قبل السكان، و تسعى حاليا الجمعية إلى توظيف أعوان فرز على مستوى الأحياء، لتأطير السكان، فيما تم إبرام اتفاقية مع أحد الخواص المتخصصين في الجمع و الرسكلة، لبيع الكمية التي تم جمعها، و توفير المداخيل، لدعم ميزانية المشروع، ما يمكن من توفير مناصب شغل إضافية للشباب و ضمان أجور العمال.   كما يعد الشق التكويني، حسب المتحدثة، من الأهداف التي سطرتها الجمعية، التي تنظم دوريا ورشات في الرسكلة الفنية للكارتون، مع ضمان مرافقة المستفيدين من التكوين، حاملي شهادات في التخصص ، و عرض إبداعاتهم الفنية، و منتجاتهم الحرفية، للترويج لها، و نشر الوعي بمدى أهميتها في المساهمة في نظافة المحيط و إقامة مشاريع مربحة.و أكدت المتحدثة أنها و أعضاء الفريق المشرف على المشروع، أعجبوا  بمدى تجاوب السيدات مع المبادرة، حيث يحاولن إضفاء لمستهن و أفكارهن الإبداعية على التحف، مثمنة الدعم التي حظيت به الجمعية من قبل بلدية الخروب التي اهتمت كثيرا بالمبادرة، كما خصصت فضاء لعرض إبداعات المتربصات في اليوم العالمي للمرأة.

* عبد المومن مزيان مساعد المسؤولة عن المشروع
مشروع التدوير الفني للكارتون وفر 4 مناصب شغل
أكد عبد المومن مزيان، تقني سامي في تسيير النفايات ومساعد المسؤولة عن المشروع، بأن تجسيده على مستوى الأحياء النموذجية، مكن من توفير أربعة مناصب شغل، و سيسمح توسيع المبادرة  بتوفير مناصب إضافية من خلال توظيف أعوان الفرز، وتحقيق بالتالي الأهداف المسطرة، كخفض كمية النفايات والتكاليف والأعباء على مصالح البلدية، و تحقيق عائد اقتصادي بيئي، و تنمية الوعي بقيمة النفايات لدى أفراد المجتمع.
و أشار المتحدث بأن مشروع "حيي يفرز" للرسكلة الفنية للنفايات، مكن الجمعية من الفوز بجائزة وطنية في منافسة النوادي الخضراء بولاية بومرداس، غير أنه و بالرغم من النجاح الذي تم تحقيقه، إلا أن السلطات الولائية تجاهلته، حسبه.

* رئيس الجمعية شعيب عبد الصمد
نشر الحس الفني ضروري للحد من ظاهرة انتشار النفايات
و أكد رئيس جمعية مديري مسيري و مؤطري النشاطات التربوية و التكوين لترقية الشباب، شعيب عبد الصمد ، بأن إنشاء مشاريع مربحة، تعتمد على تثمين النفايات،  أصبح ضروريا لتنمية الاقتصاد المحلي، في ظل انتشار النفايات.
كما أن نشر الحس الفني و التوعية باستغلال النفايات المنزلية و الكارتون و غيرها، ضروري للحفاظ على المحيط و العيش في بيئة نظيفة، حسب المتحدث، موضحا بأن جمعيته و مشروعه "حيي يفرز"، يدرج ضمن برنامج "كابدال" الذي أطلقته بلادنا، بالشراكة مع الاتحاد الأوروبي، و برنامج الأمم المتحدة للتنمية و كانت جمعيته من بين الجمعيات التي استفادت من تمويل المشروع، داعيا السلطات المحلية لبلدية الخروب، لتقديم العون لها، خاصة في ما يتعلق بالنقل، لتوسيع دائرة المبادرة، لتشمل عديد الأحياء.كتقييم مبدئي للمشروع، قال شعيب عبد الصمد، بأنه تم تخليص المحيط من كمية معتبرة من القارورات البلاستيكية، و كذا من مواد التغليف، منوها بالجهود الحثيثة التي تقوم بها بلدية الخروب، خاصة لجنة الشبيبة و الرياضة و الثقافة التي كانت سباقة لدعم المشروع، و هو ما اعتبره عاملا محفزا لمواصلة تطبيق إستراتيجية الجمعية، التي تسعى حاليا لبرمجة أولمبياد للسفير الصغير، لتنمية الحس البيئي، و توعية الأطفال بضرورة الحفاظ على نظافة المحيط و تخليصه من القاذورات، كما تخطط   لإنتاج سماد عضوي من النفايات المرسكلة.
من جهته قال أنور عبد السلام لعلوي، نائب رئيس بلدية الخروب، مكلف بالشبيبة و الرياضة والثقافة، الذي التقته النصر بالورشة، بأنه يشجع كل الجمعيات الفاعلة و المبادرات القيمة التي تحقق قيمة مضافة للبلدية، و تساهم في نظافة  المحيط و تخليصه من النفايات، مؤكدا بأن البلدية تقدم الدعم من خلال تسخير الإمكانات و تثمين المبادرات، و تخصيص فضاءات عرض، لتوسيع فكرة  المبادرة.
أ ب

الرجوع إلى الأعلى