وقـــود المـستقبــــل الصديـــق للبـيئـــة

تتوجه الجزائر بخطى ثابتة إلى تجسيد خيار الطاقة النظيفة على أرض الواقع من خلال خطط بيئية واعدة في مختلف القطاعات الاقتصادية، للحد من الانبعاثات الغازية و المحافظة على الموارد الطبيعية والقدرات المالية للبلاد، و الوفاء بالالتزامات الأممية تجاه التغيرات المناخية و أثرها المدمر لكوكب الأرض.

و يعد غاز البترول المسال «جي.بي.أل» أحد الموارد الاقتصادية و الصناعية الوافرة بالجزائر التي تتوجه بقوة إلى تعميم استعمال هذه الطاقة النظيفة كوقود للسيارات التي تشتغل بالبنزين في انتظار دعم التحول التدريجي إلى المركبات التي يعمل محركها بوقود الديزل في غضون السنوات القليلة القادمة، حيث تعرف تكنولوجيا غاز البترول المسال تطورا متسارعا حول العالم بتصنيع المزيد من التجهيزات الإلكترونية الذكية ذات الآمان و الأداء الجيد.
و مع ارتفاع الحظيرة الوطنية من المركبات في الجزائر بدأت مشاكل البيئة تطرح بقوة نتيجة تزايد الانبعاثات الغازية السامة من العوادم التي تنفث آلاف الغالونات من الغازات الملوثة كل ساعة عبر الطرقات البرية و داخل المدن التي تعد الأكثر عرضة للتلوث بسبب كثافة حركة السير البطيئة التي تنتج المزيد من الانبعاثات الخطيرة على الصحة و البيئة و الغلاف الجوي.
و بعد عزوف طويل بدأ الجزائريون يدعمون الجهد الوطني الرامي إلى التحول إلى غاز البترول المسال الأقل سعرا و الأكثر أمانا و صداقة للبيئة، ويعد ارتفاع أسعار البنزين في السنوات الأخيرة المحفز الرئيسي للإقبال على وقود المستقبل، الذي تنتجه الجزائر بكميات هائلة دون الحاجة إلى الاستيراد من الخارج كما هو الحال مع البنزين و الديزل.
وليست منافع غاز البترول المسال مقتصرة على الكلفة الاقتصادية و البيئة و الصحة فقط، بل تتعداها أيضا إلى مهن خضراء كصناعة معدات «سيرغاز» و هو الاسم التجاري لغاز البترول المسال بالجزائر، و فتح مئات الورشات لتركيب قارورات الغاز و معدات الأمان، ونتج عن هذا كله ثروة ومناصب عمل مستديمة، و بيئة تتعافى تدريجيا من سموم العوادم.
و تتوفر الجزائر على إمكانات مادية و بشرية هائلة تسمح بتحويل نصف مليون مركبة إلى غاز البترول المسال في السنة الواحدة حسب تقديرات الاتحاد الوطني لمركبي أجهزة غاز البترول المسال كوقود للمركبات «إينيا جي بي أل»، حيث توجد مراكز متطورة عبر كل ولايات الوطن لتركيب نظام سيرغاز بدقة و كفاءة و أمان.
وبالرغم من أن نسبة التحول إلى غاز البترول المسال في الجزائر لا تتجاوز 20 بالمائة حاليا، فإن الوضع سيتغير بشكل جيد في المستقبل، بدعم من عوامل كثيرة بينها مساعي نشطاء البيئة و ارتفاع أسعار البنزين التي شكلت متاعب كبيرة لخزينة البلاد، التي ظلت تدعم أسعار الوقود لسنوات طويلة، لكنها بدأت تخفض هذا الدعم، و تحث المواطنين على الخيار البديل، و تشجعهم على ذلك بتحفيزات و تسهيلات كبيرة و مغرية أحيانا.
و يعد المؤشر الوطني لاستهلاك غاز البترول المسال دليلا جيدا على تحول الجزائريين إلى وقود المستقبل، حيث ارتفع حجم الاستهلاك بأكثر من نصف مليون طن بين سنتي 2018 و 2020 حسب تصريحات سابقة لسلطة ضبط المحروقات، التي تبذل جهودا مضنية لحث الجزائريين على التحول إلى هذا الوقود النظيف و الصديق للبيئة، ذي السعر المنخفض الذي يوفر ميزانية هامة للعائلة الجزائرية تتجاوز 200 ألف دينار في السنة مقارنة مع وقود البنزين الآخذ في الارتفاع.  

و قد انخرطت شركات التأمين الوطنية في الجهد الرامي إلى تعميم استعمال غاز البترول المسال للمركبات التي تشتغل بالبنزين في انتظار مركبات الديزل، حيث أحدثت تخفيضات هامة على حقوق التأمين تصل إلى 60 بالمائة لتشجيع المواطنين على تركيب نظام سيرغاز و المساهمة في جهود حماية البيئة و الاقتصاد الوطني الذي تكبد خسائر كبيرة بسبب الدعم المستمر لأسعار الوقود.
و تعد تجربة تركيب محرك ثنائي الوقود على حافلات الشركة العمومية لنقل المسافرين بالعاصمة «إيتوزا» في جانفي 2021 بمثابة منطلق حقيقي لتعميم غاز البترول المسال على كل المركبات بالجزائر التي تعهدت بالوفاء بالتزاماتها تجاه قضايا المناخ في العالم و حوض المتوسط على وجه الخصوص، و المساهمة في الجهد الأممي لخفض الانبعاثات الغازية متعددة المصادر بينها عوادم المركبات المشتغلة بالبنزين و الديزل.
و حسب خبراء تحليل غازات عوادم سيارات البنزين فإنه كلما كانت السيارة قديمة فإن حجم الملوثات التي تخرجها تتجاوز 10 مرات الملوثات التي تخرجها السيارات الجديدة، و من أكثر الغازات السامة التي تنفثها العوادم على مدار الساعة هي غاز النيتروجين «N2» و غاز ثاني أكسيد الكربون «CO2 « و بخار الماء «H2O « و أول أكسيد الكربون «co «  و غاز الهيدرو كربون « HC» و أكسيدات النيتروجين «NO2  ، NO «.
و يعد غاز ثاني أكسيد الكربون من الغازات المساهمة في رفع درجة حرارة الأرض و الغلاف الجوي، و هو ما يعرف بالاحتباس الحراري الذي يثير قلق سكان كوكب الأرض على مدى سنوات طويلة.
و غاز أول أكسيد الكربون co المنبعث من عوادم مركبات البنزين مثله مثل غاز المدينة المحترق، لا رائحة و لا لون له، و هو غاز سام يسبب الوفاة في غضون دقائق قليلة إذا تجاوزت نسبته 0.3 بالمائة من حجم هواء الغرفة، و هو ناجم عن خلل في نظام الاحتراق داخل المحرك.
و تتسبب غازات الهيدرو كربون «HC» و أكسيد النيتروجين « NOx « في تكوين مستوى عالي من الأوزون و الضباب الدخاني و الأمطار الحمضية بكبرى مدن العالم الأكثر عرضة لغازات العوادم السامة.
و تعمل مراكز المراقبة التقنية للسيارات بالجزائر على تحديد نسبة الغازات المنبعثة من عوادم المركبات و تسجيل ذلك في بيانات الفحص التقني لتقديم النصح لملاك المركبات بإصلاح نظام الاحتراق و معالجة مشكلات المحرك للحد من هذه الانبعاثات، لكن الحل الجذري لكل هذه الانبعاثات هو التحول إلى غاز البترول المسال، الوقود النظيف، الأكثر أمانا و الأقل تكلفة و إنهاكا للخزينة العمومية و القدرات المالية للعائلة الجزائرية.
فريد.غ

سطيف تقترب من تحقيق هدف غرس مليون شجرة
حملة تشجير بجميع المؤسسات التربوية بالعلمة
أطلق مكتب المساحات الخضراء ببلدية العلمة، مشروع غرس الشجيرات بجميع المدارس الابتدائية المتواجدة على تراب المدينة، والبداية كانت بمدرسة الشهيد «هلالي عمر» بوسط المدينة، وذلك في إطار تطبيق البرنامج الذي أعده المجلس البلدي في إطلاق حملة أكبر عملية للتشجير على مستوى المدينة، بعد اقتناء البلدية من ميزانيتها الخاصة 12 ألف شجيرة.

وأكد رئيس لجنة النظافة وحماية البيئة بالمجلس الشعبي البلدي، أكساس صلاح الدين، أن مصالح البلدية ستغرس على الأقل 4500 شجيرة على مستوى 100 مؤسسة تربوية، مضيفا أن العملية مست لغاية الآن ثلاث ابتدائيات، وهي: هلالي عمر، صالح بورغدة وشنافي محمد.
وأوضح محدثنا أن الهدف الذي وضعته مصالح البلدية، هو إشراك الآلاف من التلاميذ الصغار في عملية غرس الشجيرات في الفناءات والساحات بالمؤسسات التعليمية، بهدف تربية النشء على حب الأشجار والبيئة، وتدريبهم أيضا على حماية الأشجار والحفاظ عليها، لما تقدمه من فوائد جليلة.
وجاءت هذه المبادرة الجديدة، مباشرة عقب الانتهاء مؤخرا من حملة التشجير التي مست جميع الحدائق بالمدينة، مع تكليف المؤسسة العمومية «ايكوسات» الخاصة بالنظافة، بمواصلة تهيئة وتنظيف الأحياء الرئيسية، وذلك من خلال زبر الأشجار ونزع الأعشاب الضارة وتقليب التربة ورفع النفايات المرمية عشوائيا في الحدائق والمساحات الخضراء.
ويتزامن هذا كله مع مواصلة الأعضاء المنضوين في جمعية «العلمة الخضراء»، في عملية غرس وتقليم الأشجار بعدد من الأحياء السكنية، مثلما يحصل حاليا في حي 250 مسكنا ومولف التركي، مع تسطير برنامج خاص بتشجير أرصفة المدارس القرآنية بالمدينة، والبداية كانت بمدرسة مسجد عثمان بن عفان بحي 07 رحاوات بوسط المدينة.

ورفع مؤخرا أعضاء هذه الجمعية شكاوى على مستوى البلدية، ضد الأشخاص المتورطين في قطع الأشجار، من دون الحصول على أي ترخيص قانوني، مثلما حصل مؤخرا على مستوى الحي التجاري المعروف باسم «شارع دبي»، حيث أكد ممثل الجمعية في حديث للنصر، أنه بات من المهم وضع حد لمثل هذه التصرفات المشينة في قطع الأشجار، خاصة وأن السلطات المحلية وحتى فعاليات المجتمع المدني خصصت مبالغ مالية معتبرة، في سبيل تشجير جميع الأحياء بهدف إعطاء طابع جمالي للمدينة.
وفي سياق متصل، أحيت السلطات المحلية والعسكرية بولاية سطيف، أمس الأول، اليوم الدولي للغابات المصادف لتاريخ 21 مارس من كل سنة، من خلال الإشراف على عملية غرس 3000 شجيرة من مختلف الأصناف بجبل «مقرس» ببلدية عين عباسة الشمالية.
وعرفت هذه الحملة مشاركة قوية من أفراد الجيش الوطني الشعبي، الأمن الوطني، الحماية المدنية، الجمارك الجزائرية، مصالح الغابات والعشرات من ممثلي مختلف الجمعيات المهتمة بالنشاط البيئي.
واستغل والي سطيف الفرصة من أجل الإشارة لكون سطيف، سطرت بتاريخ 25 أكتوبر من السنة الماضية 2021، بمناسبة احتفالات اليوم الوطني للشجرة هدف غرس مليون شجيرة، مضيفا أن ما تم غرسه لغاية الآن هو 495.670 شجيرة، أي تحقيق نسبة 50 % من الهدف المسطر، مؤكدا أن العملية متواصلة لغاية بلوغ الهدف الرئيسي المسطر، داعيا جميع الأطراف إلى المشاركة الفعالة في حملات التشجير، مع تكثيف عمليات الغرس على حواف الطرقات بجميع البلديات، وتشجيع المبادرات الخاصة بغرس الأشجار في المؤسسات التربوية، لغرس الثقافة البيئية عند الأجيال القادمة.
وأوضح الوالي أن سطيف وضعت خطتها الخاصة لإنجاح إعادة بعث مشروع السد الأخضر، والذي يمس ثماني بلديات كاملة بولاية سطيف.
ونظمت في نفس اليوم جامعات سطيف الثلاثة مبادرة جديدة للتشجير، حملت شعار «شجرة لكل طالب»، والبداية كانت بمشاركة مئات الطلبة الجامعيين في حملة تشجير الآلاف من الشجيرات على حواف السد المائي «ذراع الديس» ببلدية تاشودة، في انتظار تواصل تنظيم حملات جديدة في غضون الأيام القليلة المقبلة بعدد من مناطق الولاية.                         أحمد خليل

الرجوع إلى الأعلى