الشروع في رسكلة البطاريات وتطهير البيئة من النفايات الكيميائية

شرعت مؤخرا عديد مصانع بطاريات السيارات في الجزائر، في تشييد وحدات تحويلية، يتم عن طريقها رسكلة نفايات البطاريات المستعملة، التي كانت إلى وقت قريب خطرا حقيقيا يحدق بصحة وسلامة المواطنين، نظرا لاحتوائها على مواد وعناصر كيميائية خطيرة، وأضحت البطاريات المستعملة بدخول الوحدات التحويلية مصدر رزق عديد العائلات، بل ودخل على الخط سماسرة فرضوا منطقهم في السوق السوداء، وراحوا يقتنون البطاريات المستعملة بأثمان زهيدة ويعيدون بيعها لأصحاب الوحدات التحويلية بأسعار مرتفعة.

وحدة رسكلة البطاريات القلب النابض لجميع وحدات المصنع


يكشف مدير الإنتاج بشركة فابكوم للبطاريات بعين مليلة عطية خالد، أن مصنع البطاريات الذي يتولى الإشراف على الإنتاج به، أنشأ سنة 2011، ودخل فعليا حيز الخدمة شهر مارس من سنة 2015، ويضم المصنع حاليا 4 وحدات، الأولى مخصصة لرسكلة البطاريات والثانية هي وحدة العجن والثالثة تضم وحدة التركيب أما الرابعة فتضم وحدة الشحن، ويوظف المصنع حاليا 450 عاملا في مناصب عمل مباشرة إضافة إلى 50 منصب عمل غير مباشر، وبخصوص الإنتاج فتقدر طاقة المصنع الإنتاجية سنويا بأزيد من 550 ألف بطارية وفق إحصائيات سنة 2021 وينتظر أن يبلغ الإنتاج مع نهاية السنة الجارية بدخول وحدة جديدة في التوسعة الجديدة حيز الخدمة ما يزيد عن مليون بطارية سنويا.
وينتج المصنع حاليا بطاريات السيارات بجميع أنواعها، ومع نهاية السنة الجارية ستتم إضافة أنواع أخرى من البطاريات التي تضم البطاريات الصناعية وبطاريات لوحات الطاقة الشمسية وكذا بطاريات الرافعات الكهربائية، كما سيتم تطوير بطاريات بتقنية «الليتيوم» ذات مدة صلاحية طويلة، وهي ضمن مشاريع التطوير الخاصة بسنتي 2022 و2023، وتعتبر وحدة رسكلة البطاريات المستعملة القلب النابض لجميع الوحدات الأخرى، فأكثر من 85 بالمائة من المادة الأولية التي تدخل في تركيب البطاريات هي رصاص، وهو مادة أساسية في تصنيع البطاريات، وهو ما سيسمح بزيادة نسبة الإدماج في البطارية إلى أكثر من 87 بالمائة من المنتوج المحلي، وكانت هذه المادة بحسب المتحدث تُقتنى في وقت سابق بأموال باهظة، ومن شأن هذا الإجراء أن يسمح بمنافسة البطاريات المستوردة من حيث السعر والجودة.
سماسرة يتحكمون في سوق البطاريات المستعملة
ويرى المتحدث أن هذه الميزات تتخللها عدة عوائق، من بينها نقص وندرة في المادة الأولية، وهي البطاريات منتهية الصلاحية، التي تشترى اليوم من جهات غير رسمية، مشكلة في الغالب من سماسرة، ليس لديهم خبرة في المجال، ويطرحون أسعارا مرتفعة، أين يتم اقتناء البطاريات المستعملة في حدود 100 دينار للكلغ الواحد وهو سعر مرتفع.
مدير الإنتاج بشركة فابكوم عطية خالد، أشار إلى أن القرار السابق الذي يسمح بتصدير النفايات الحديدية، جعل الجهات المتحكمة في سوق البطاريات المستعملة تحتكر جميع البطاريات المستعملة في السوق الوطنية، الأمر الذي انعكس سلبا على أسعار البطاريات المستعملة ورفع سعرها إلى أضعاف، والقرار بحسب المتحدث مجمد في الوقت الراهن، وأصحاب مصانع البطاريات في الجزائر يلتمسون من وزارتي الصناعة والتجارة إلغاء هذا القرار، لتقديم خدمة لجميع مصانع البطاريات في الجزائر، والتي كانت خلال الأشهر الأخيرة مهددة بالغلق نتيجة غياب المادة الأولية المتمثلة في البطاريات القديمة ومادة الرصاص بصفة عامة.
14 مصنعا لتكرير البطاريات القديمة في الجزائر


محدثنا أشار إلى أن المعطيات الرسمية تكشف أن الجزائر تحتوي على أكثر من 14 مصنعا لتكرير البطاريات القديمة ومادة الرصاص، وهذه المصانع تخدم بالدرجة الأولى البيئة من خلال رسكلة جميع نفايات البطاريات التي تحتوي على حامض الأسيد الخطير على الصحة الحيوانية والبشرية كذلك، والحظيرة الوطنية للسيارات في الجزائر تستبدل سنويا ما يفوق 2.5 مليون بطارية، وهي كمية ضخمة قادرة على تهديد الحياة البيئية. ويضيف المتحدث أن وحدة الرسكلة المنشأة حديثا بالمصنع، هي تكنولوجيا إيطالية تعتبر من أحدث تقنيات الرسكلة المطروحة في الأسواق العالمية، كما تحتوي المنشأة على مصفاةتحُول دون إخراج أي نفايات أو غازات إلى الطبيعة، فالوحدة هي صديقة للبيئة 100 بالمائة.وأشار المتحدث بأن الوحدة تحتوي على شهادة الإيزو البيئية 14001، وتضم وحدة الرسكلة 100 عامل موزعين على3 أفواج عمل بالتناوب، حيث يشرف عليها مهندسون ذو خبرة في المجال والتكوين في تدوير النفايات الحديدية.
وبخصوص مراحل رسكلة البطاريات المستعملة، فتأتي أولا مرحلة شراء وجمع البطاريات القديمة من المتعاملين الاقتصاديين وحتى الأفراد، ويتم تخزينها على مستوى المؤسسة بطرق صديقة للبيئة، وتأتي ثانيا مرحلة التكسير؛ حيث يتم تكسير البطاريات القديمة بآلات متطورة ويتم بعدها الفرز آليا، ثم يتم استخراج مادة الرصاص وحامض الأسيد والمادة البلاستيكية، ويتم فرز كل مادة على حدة بطريقة أوتوماتيكية، أين يتم تدوير حمض الأسيد وتخفيفه في محطة تكرير حامض الأسيد على مستوى الوحدة، في حين يتم بيع مادة البلاستيك لإعادة تدويرها، ويحتفظ المصنع بمادة الرصاص التي يعاد تكريرها هي الأخرى.
لتأتي بعدها مرحلة التذويب في الفرن، وفيها تحوّل مادة الرّصاص الخام للفرن لتذويبها، لتأتي بعدها مرحلة التصفية، وفيها يتم تصفية الرّصاص وتكريره من خلال إضافة مواد كيميائية ثم يتم استخراج الرّصاص الصّافي الذي يوجّه مباشرة إلى وحدة تصنيع البطاريات، حيث يعتبر هو المادة الأولية الأساسية هناك.
تحضيرات لتصدير منتوج المصنع نحو السوق الأوروبية والإفريقية


وعن توسعة وحدة الرسكلة، أشار المتحدث أن شركة فابكوم تعمل على إضافة فرن جديد بقدرة استيعاب تصل لـ15 طنا، كما تم اقتناء 4 صهاريج لتصفية وتكرير الرّصاص سعتها 240 طنا، وستدخل هذه الخدمة خلال نهاية السنة الجارية، لتتضاعف قدرة الإنتاج وهو الأمر الذي يخدم البيئة عمومًا، وعن شروع المصنع في التصدير، أكد محدثنا أن هناك عدة عروض لتصدير المنتج النهائي للشركة المتمثل في البطاريات نحو عدة دول إفريقية وأوروبية على غرار ليبيا وموريطانيا والنيجر وكوت ديفوار والبرتغال، ومن المنتظر أن تكون بداية عملية التصدير نحو ليبيا، أين سيتم تصدير 4 حاويات وفق ما هو متفق عليه مبدئيا مع الشريك الليبي.
   أحمد ذيب

تنمو بالمناطق الصحراوية وشبه الصحراوية: خبراء من منظمة الفاو مهتمون بالنباتات الطبية والعطرية


انبهر فريق عمل أجنبي من المنظمة العالمية للتغذية والزراعة «الفاو» بالجزائر، بما تسخر به المناطق شبه الصحراوية والصحراوية، من تنوع بيولوجي يضم نباتات طبية وعطرية نادرة، يمكن استغلالها والاستثمار فيها.
وكان وفد عن منظمة الفاو قد حلَ مطلع هذا الأسبوع، بالمشتلة النباتية للمحافظة الإدارية للغابات بأمدوكال في أقصى الجنوب الغربي لولاية باتنة، أين تم التعرف عن قرب على مختلف النباتات الطبية والعطرية التي تنمو بالمناطق شبه الصحراوية والصحراوية، وجاءت الزيارة مثلما أوضحه رئيس مقاطعة الغابات ببريكة صالح عندور لـ «النصر»، في إطار الشراكة والتعاون بين وزارة الفلاحة والتنمية الريفية والمنظمة العالمية للتغذية «الفاو»، من أجل دراسة وتطوير مشروع في مجال استغلال النباتات الطبية والعطرية، التي تنمو بالمناطق شبه الصحراوية والصحراوية. و حلَ إلى جانب خبراء منظمة التغذية والزراعة العالمية، ممثل عن الوكالة الوطنية لحماية الطبيعة باعتبار أن الوكالة مكلفة بمتابعة المشروع، وخلال الزيارة الميدانية لمشتلة أمدوكال تعرف الخبراء على ما تضمه من جينات بنكية لنباتات نادرة ومتنوعة لاتنمو إلا بالمناطق السهبية وشبه الصحراوية والصحراوية على غرار الكليل، والشيح، والزعتر البري، وهي الأصناف التي أكد مسؤول مقاطعة غابات بريكة بأنها ذات خصوصية مميزة من مقاومتها للجفاف، وذات مردود اقتصادي في حال استغلالها في مجال التصنيع الطبي والعطري، مؤكدا بأن بعض الأصناف متواجدة بكميات كبيرة تتيح فرص الاستثمار. مسؤول قطاع الغابات ببريكة، أكد في حديث مع «النصر» أهمية اللقاء بخبراء منظمة التغذية والزراعة العالمية، وكذا أهمية الشراكة القائمة بين المنظمة ووزارة الفلاحة والتنمية الريفية في مجال استغلال فرص الاستثمار في النباتات الطبية والعطرية، وقال بأن المبادرة تفسح المجال لإقامة الشراكة مع الجمعيات الناشطة في مجال البيئة للتعريف أكثر بالنباتات الطبية والعطرية لدى الشباب الراغبين في الاستثمار في هذا المجال الخصب الذي لايزال غير معروف كثيرا في الأوساط الشبابية رغم أهميته الاقتصادية، وأشار إلى إمكانية تأطير الشباب الراغبين في التعرف والاستثمار في مجال النباتات الطبية والعطرية، خاصة وأن المشروع موجه لفائدة القاطنين بالمناطق شبه الصحراوية والصحراوية. وفد خبراء المنظمة العالمية للتغذية والزراعة «الفاو» بالجزائر، أبدى انبهارا بالتنوع البيولوجي الذي تزخر به المناطق شبه الصحراوية والصحراوية عبر إقليم بريكة، وما جاورها، قبل أن يواصل أعضاؤه مهمتهم في إطار دراسة تطوير استغلال النباتات الطبية والعطرية وذلك عبر مناطق أخرى من الجزائر تشمل ولايات منها بشار والبيض، حيث تندرج ضمن المشروع خمس مناطق عبارة عن عينات لتطوير استغلال النباتات الطبية والعطرية.
يـاسين عبوبو    

الدكتور سامي قريدي المختص في علوم البيئة والعمران  للنصر: من الضــروري تفعيــل المـواطنـــة الخضـــراء لمجابهــــة مـخــاطــر الـبيئــــة

يقول الدكتور في علوم قانون البيئة والعمران «سامي قريدي» في حوار للنصر إنه من المهم تعزيز مفهوم «المواطنة الخضراء» عند المواطنين في الجزائر، والعمل بين السلطات العمومية وفعاليات المجتمع المدني في حماية البيئة، بالنظر إلى المخاطر التي باتت تهدد وجود الإنسان، مستدلا بظاهرة الاحتباس الحراري والجفاف والفيضانات، التي باتت تشكل خطرا حقيقيا في الكثير من بلدان العالم ومنها الجزائر، مبرزا جهود واستراتيجيات السلطات العمومية المتخذة في سبيل حماية البيئة.

هل يمكن إعطاء لمحة عن اليوم العالمي للبيئة؟
يعد يوم البيئة العالمي أحد أكبر الأيام الدولية احتفالاً بالبيئة، ويتم الاحتفال به يوم 5 جوان من كل عام، وذلك منذ عام 1973، وذلك بإشراك الحكومات والمنظمات والمواطنين لمعالجة القضايا البيئية الملحة وذات الأولوية.
وتم الاحتفال بيوم البيئة العالمي لهذا العام تحت شعار «لا نملك سوى أرض واحدة»، من أجل إحداث  تغييرات في السياسات للعيش في وئام مع الطبيعة ، لا نملك سوى هذا الكوكب فهو موطننا الوحيد، وعلينا حماية موارده المحدودة.
’’ لا نملك سوى أرض واحدة’ كان شعار مؤتمر ستوكهولم بالسويد لعام 1972، الذي شهد إنشاء برنامج الأمم المتحدة للبيئة. وبعد مرور خمسين عاماً، مع الأزمات الكوكبية الثلاث وهي تغير المناخ وفقدان التنوع البيولوجي واستمرار تعرض كوكبنا للخطر من جراء التلوث والنفايات، أصبح الشعار وثيق الصلة أكثر من أي وقت مضى.
وعلى غرار دول العالم احتفت الجزائر باليوم العالمي للبيئة، عبر إقامة عدة أنشطة متنوعة للتعريف بمخاطر التعدي على البيئة، وكذا الحث على التزام السلوك البيئي بما يعزز حماية فعالة للبيئة وضمان تنمية مستدامة لها بمشاركة جمعيات بيئية ناشطة في هذا المجال، كما يتم التنويه بجهود الجزائر في بعث استدامة البيئة ومواجهتها لمشاكل البيئة قانونيا امتثالا لتعهداتها الدولية.
فيما تتمثل جهود الجزائر في حماية البيئة؟
طورت الجزائر استراتيجيات وطنية وخطة عمل متعلقة بشؤونها البيئية والتنمية المستدامة، وقد تبنت الدولة عدداً من البرامج القطاعية المتعلقة بعدة أمور بيئية على رأسها التصحر، وإدارة النفايات، وحماية المناطق الساحلية والبحرية، وقد عملت بشكل جاد على تحسين الإطار القانوني لحماية البيئة منذ عام 2000.
كان للبيئة نصيب من الخطط الاقتصادية الخاصة بالجزائر، فقد تبنت برنامجاً واعداً لتطوير قطاع الطاقة المستدامة والاستخدام الفعال لها بما يضمن الاعتماد على الطاقة المتجددة بنسبة 40 % بحلول عام 2030، وعالمياً وقَّعت الجزائر على اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغيّر المناخي كطرف غير مدرج في الملحق الأول عام 1993، وقد صادقت أيضاً على اتفاقية كيوتو عام 2004 مُعلنة بذلك مشاركتها الدولية في التصدي لظاهرة التغيّر المناخي وآثارها المحتملة، ولا سيما الأنظمة البيئية الطبيعية، ومتانة وديمومة التنمية الاقتصادية، وتُعدّ الجزائر واحدة من الدول المعرَّضة للتأثر بشدة في هذه الظاهرة من وجهة نظر اقتصادية وطبيعية، لذلك عملت الجزائر على الدمج التدريجي لهذه الظاهرة مع جميع القطاعات والمؤسسات الاقتصادية والاجتماعية في البلاد، والتعامل مع جميع الجوانب المتعلقة بها ومحاولة التكيف معها، بالإضافة إلى اعتماد الاستراتيجية الوطنية لتغيّر المناخ، والتي تهدف إلى تعزيز الإطار المؤسسي والتشريعي، والقدرات المؤسسية، وتوعية وتثقيف الجماهير من خلال بعض الأساليب التشاركية، وترتكز هذه الاستراتيجية على ثلاث ركائز أساسية، هي: التكيف مع التغيّر المناخي، وضمان التنمية المستدامة للبلاد، وأخيرا التخفيف من انبعاثات الغازات الدفيئة.
كما تمت برمجة العديد من البرامج القطاعية الرئيسية التي تستند عليها الاستراتيجية الوطنية، مثل: الخطة الوطنية للعمل والتكيف مع ظاهرة تغيّر المناخ لعام 2003، وبرنامج سياسة إدارة المياه القطاعية المتكاملة، والبرنامج الوطني للحفاظ على الطاقة، والبرنامج الوطني للإدارة المتكاملة للنفايات الصلبة، وخطة العمل الوطنية لمكافحة التصحر، وبرنامج الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة.
ومن الجهود المُبذولة في المجال البيئي، ما قامت به الجزائر في مجال الأراضي الرطبة، والتي تشمل مجمعات، إذ تعمل على حماية الأراضي الرطبة على أراضيها من التدمير والاستخدام المفرط لها، وتحتل الجزائر المرتبة الثامنة عالمياً من حيث المساحة المحددة للأراضي الرطبة بحسب اتفاقية «رامسار»، وهذا التصنيف مهم جداً لبيئة الجزائر الجافة التي تُمثِّل ندرة المياه فيها مشكلة حقيقية، وهي اليوم تلعب دوراً رائداً بين دول شمال أفريقيا في الحفاظ على البيئة.
كيف نعزّز حماية البيئة في بلادنا ؟
 بالرغم من أهمية القوانين والتشريعات في العمل على صيانة البيئة وحمايتها، إلا أنه لا يمكن الاعتماد عليها وحدها ما لم تتم توعية المواطنين بحقوقهم ومسؤولياتهم المتعلقة بالبيئة وتحسسيهم بأهمية انتمائهم لها، واحترامهم للقوانين المنظمة للتعامل معها، والشعور بمشاكلها، والإسهام الايجابي في حلها، وهو ما يعرف بالمواطنة الخضراء أو البيئية.
 ما هو مفهوم المواطنة الخضراء؟
ترتكز المواطنة الخضراء أو المواطنة البيئية على إيجاد رادع ذاتي ينبع من داخل الإنسان، ويدفعه إلى حماية البيئة وصيانتها واحترامها، وهذا هو جوهر المواطنة البيئية.
 وما الهدف من تجسيد مفهوم المواطنة الخضراء؟
تهدف المواطنة البيئية بصفة عامة إلى غرس مجموعة من القيم والمبادئ والمثل لدى أفراد المجتمع صغارا كانوا أم كبارا، لتساعدهم في أن يكونوا صالحين وقادرين على المشاركة الفعالة والنشطة في كافة قضايا البيئة و مشكلاتها وبذلك يتطور مفهوم المواطنة ويصبح له مدلول أشمل يتعدى كون الإنسان مواطنا داخل وطنه فقط، إلى كونه عضوا نشيطا وفاعلا وسط المجتمع البشري ككل، أي أن عليه واجبات تجاه العالم كله مثلما له واجبات نحو وطنه، بالتالي يصير مواطنا ذا صبغة عالمية يحمل على عاتقه مسؤولية أوسع نطاقاً نحو بيئته ككل، وبذلك يصبح مفهوم المواطنة البيئية والسلوك البيئي الصحيح ضرورة وجودية لبقاء الإنسان وليس مجرد رغبة أو شعار، له أن يختاره أو يرفضه.
 ما هي مؤشرات المواطنة البيئية؟
تتمثل مؤشرات المواطنة الخضراء أو البيئية في عناصر التربية البيئية التي تستهدف عدة جوانب منها بناء وتنمية العناصر التالية: أولا المعرفة البيئية، والتي نقصد بها إدراك الفرد للمعارف المتعلقة بالبيئة والتي تحدد علاقته بوسطه البيئي المحيط به، ليكون قادرا على حماية البيئة من المشكلات التي تواجهها وكذلك حماية نفسه من تلك المخاطر وحماية الأجيال المتعاقبة على هذه الأرض، وثانيا الوعي البيئي، والمقصود به الفهم الصحيح للبيئة المحيطة، وإدراك ضرورة حمايتها، ومعرفة أنّ البيئة هي فكر ومنهج تستحضر ضرورة ومسؤولية البشر لاحترام العالم الطبيعي وحمايته، والمحافظة عليه من المخاطر والآفات البشرية، لهذا فمن واجبنا تعليم أنفسنا وأصدقائنا وعائلاتنا أنّ البيئة المحيطة بنا جزءٌ منَّا، وسلامتها جزء من سلامتنا، وثالثا التنور البيئي، والذي يتمثل في برامج أو أنشطة توجه الناس بصفة عامة أو شريحة اجتماعية معينة، بهدف توضيح وتدعيم وتعريف مفهوم بيئي معين أو مشكلة بيئية، لخلق اهتمام وشعور بالمسؤولية، ومن ثم إحداث تغيير في اتجاهات الأفراد وسلوكياتهم ونظرتهم للبيئة ومواردها، وإشراكهم في إيجاد الحلول المناسبة للمشكلات البيئية، والعنصر الرابع والأخير هو السلوك البيئي، والذي يعرف بأنه كل ﻓﻌل ﺃﻭ  تصرف يقوم  به الفرد، ﻭﻴﺅﺜﺭ إيجابا ﻋﻠﻰ ﻋﻨﺎﺼﺭ ﺒﻴﺌﺘﻪ ﺍﻟﻤﺤﻴﻁﺔ.
وتعد هذه المؤشرات هي العناصر الأساسية المستهدف تنميتها وتعديلها وتغييرها لدى المواطنين ومن خلالها يمكن بناء الأخلاق البيئية الحاثة على عقد سلام مع البيئة إلى جانب كونها مؤشرات مهمة تساعد على تكوين المسؤولية البيئية والتعامل مع البيئة بشكل عقلاني، وهي مؤشرات مهمة تمثل الشروط الأساسية المحركة لسلوك الإنسان وأخلاقه البيئية.
كيف نبني مواطنة خضراء وكيف نفعلها في الواقع؟
تتمثل أسس بناء المواطنة الخضراء أو البيئية من خلال تحديد الأهداف الرئيسة لتحقيق برامج ومشاريع المواطنة البيئية التي تتمثل في: تصحيح المفاهيم البيئية السائدة لدى المواطنين وتعديل المعتقدات والأفكار البيئية الخاطئة، ومعالجة أساس المشاكل للسلوكيات السلبية الناجمة عن غياب مفهوم المواطنة البيئي، ثم إكساب المواطنين المهارات والآليات السليمة والمفيدة والصحيحة التي تساهم في المحافظة والإصلاح البيئي من أجل التنمية المستدامة، وتحسين السلوك البيئي المتبع في الحياة العامة أثناء التعامل مع البيئة، مع السعي إلى تجنب الأضرار البيئية قبل نشوئها والمطالبة بإثبات عدم وجود أضرار بعيدة المدى للأنشطة البيئية المقترحة، و الإسهام في رفع مستوى المعرفة والثقافة البيئية العامة للأفراد لتحفيزهم على المشاركة في اتخاذ القرارات ووضع الحلول المعنية بالشؤون البيئية والتنموية، وأخيرا تبادل الخبرات بين المنظمات الحكومية وغير الحكومية وبين اللجنة الخاصة ببرنامج المواطنة البيئية التابع إلى برنامج الأمم المتحدة للبيئة لدول غرب آسيا
لقد باتت حماية البيئة من المتطلبات الأساسية في الوقت الحالي خصوصا مع ظهور ما يهددها من مشاكل بيئية، وبالتالي ولتفعيل المواطنة البيئية كان لابد لكل تشكيلات المجتمع المدني والجمعيات أن تتدخل لحماية النظام البيئي من خلال تعزيز قيم الحفاظ والحماية للمدلول الايكولوجي للمحيط، خصوصا مع الانتشار الواسع للجمعيات الناشطة في الميدان البيئي أو ما يسمى بالجمعيات الخضراء. اعتمادا على خبرتها في هذا الميدان بسلوكها منهج التوعية البيئية لكافة المواطنين مستخدمة في ذلك إيصال المعلومة البيئية لهم، وصولا إلى خلق ثقافة بيئية تنبني على تربية بيئية حقيقية.
حاوره: أحمد خليل

الرجوع إلى الأعلى