نعيـش ظواهـر طبيعيـة متطرفـة بسبـب ارتفــاع الغازات الدفيئــة

يوضح الخبير التقني في مجال التنمية المستدامة و الحوكمة البيئية والمناخ، كمال خلاص، أن ارتفاع نسبة الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي أدى إلى تسارع وتيرة الظواهر الطبيعية المتطرفة التي يشهدها كوكب الأرض في السنوات الأخيرة، بما يستدعي، بحسبه، تكثيف الجهود لمواجهة التغيرات المناخية التي أصبحت تشكل تهديدا لمصادر الغذاء والتنوع البيئي، مضيفا في حوار للنصر، أن تنامي الأزمات التي يشهدها العالم وتباين الإمكانيات بين الدول، يعرقل بشكل جدي مسار التنمية المستدامة التي تعتبر أحد الحلول المتاحة.

حاورته: ياسمين بوالجدري

يعيش العالم في الأعوام الأخيرة ظواهر طبيعية متطرفة من فيضانات إلى جفاف وحرائق كبرى. علميا، كيف يمكن تفسير هذه التغيرات؟
بالفعل، أصبح العالم يشهد تسارعا في ما يسمى بالظروف القاسية المتجلية في الكوارث الطبيعية من فيضانات وجفاف وحرائق كبرى وتصحر وغيرها. كل تلك الظواهر كانت موجودة عبر العصور وكانت تحدث بصفة دورية نتيجة تقلبات المناخ عبر الآلاف من السنين، لكن الملاحظ هو أنها أصبحت متسارعة وتصيب مناطق عبر العالم لم تكن تعرفها من قبل، على غرار الجفاف الذي لحق بالبلدان الأوروبية مؤخرا كألمانيا وانجلترا، أو ظهور مناطق صحراوية في جنوب إسبانيا، تشكلت في ظرف وجيز لا يتعدى مئتي سنة.

الاحتباس الحراري تسبّب في ظهور مناطق صحراوية بأوروبا

يرجع العلماء هذا التسارع إلى تنامي ظاهرة الاحتباس الحراري، الناتجة عن التأثير  البشري المتسبب في ارتفاع نسبة الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي، وهو ما أدى إلى ارتفاع محسوس في متوسط درجات الحرارة، الأمر الذي ينعكس سلبا ويؤدي إلى تسارع وتيرة التغيرات المناخية.
أعلنت قمم المناخ السابقة عن إجراءات عديدة للحد من تأثيرات التغيرات المناخية، لكن الجهود الفعلية لا تزال دون المطلوب. ما المنتظر من قمة مصر في نوفمبر المقبل وهل ستأتي ببروتوكولات من شأنها إنقاذ كوكبنا؟
قمم المناخ تعد من أهم التجمعات الدولية التي يلتقي فيها جميع الفاعلين من حكومات ومتعاملين اقتصاديين ومجتمع مدني إضافة إلى العلماء والممولين للعملية المناخية. تمر هذه القمم عبر مفاوضات بين الدول، ولقد دأبت هذه الأطراف على هذا النهج منذ أول قمة في برلين بألمانيا سنة 1995 لتُعقد كل سنة للتفاوض من أجل الوصول إلى اتفاقات تمكّن من الحد من ظاهرة التغيرات المناخية من جهة، وإيجاد الآليات الكفيلة بتحقيق ما تم الاتفاق عليه، من جهة أخرى، وكذلك آليات المتابعة والتقييم لتلك الجهود.  
ويُعد اتفاق باريس في 2015 آخر تلك الاتفاقات وهو الذي يقضي بالعمل المشترك من أجل الحد من زيادة متوسط درجات الحرارة في حدود 1.5 درجة مئوية، إلا أن المفاوضات حول كتاب القواعد، وهو مجموع القواعد التي تبين صيغ وآليات تنفيذ اتفاق باريس، لم تتم إلا في القمة السادسة والعشرين في غلاسغو العام الفارط.

الوعي بخطورة تدهور البيئة لا يرقى إلى المستوى المطلوب

مع ذلك تبقى بعض القضايا عالقة وستشكل محاور مهمة في قمة شرم الشيخ بمصر شهر نوفمبر القادم، في ما تعلق بتمويل العمل المناخي خاصة التكيف مع آثار التغيرات المناخية، وهو الموضوع الذي تطرحه بقوة بلدان غير متطورة تعتبر مسؤوليتها في تنامي ظاهرة التغيرات المناخية محدودة جدا، وعلى العكس من ذلك فهي من أكبر المتضررين. إضافة إلى ذلك ينتظر أن يُطرح موضوع التعويض عن الخسائر والأضرار في هذه القمة، والتي ستنعقد في بلد يقع في القارة الأفريقية لكونها من القارات الأكثر تضررا والأقل إمكانيات لمواجهة التغيرات المناخية.

قمة المناخ بمصر قد تطرح ملف تعويض الدول النامية

هل تعتقد أن مصادر الغذاء والتنوع الإيكولوجي أصبحت مهددة على المدى القريب؟
كل التقارير تشير إلى ذلك، حيث دق العلماء ناقوس الخطر حول تراجع الثروات الحيوانية والنباتية عبر العالم، وانقراض سلالات عديدة منها، مما يؤدي إلى اختلالات خطيرة في السلاسل الغذائية وكذلك إلى تأثيرات سلبية على الأمن الغذائي، إضافة إلى تبعات اقتصادية واجتماعية غير مرغوب فيها.
كيف تفسر استمرار نقص الوعي بالثقافة البيئية وتدمير الإنسان لكوكبه، رغم أن البشر أصبحوا يشعرون أكثـر بمخاطر التغيرات المناخية في العقد الأخير؟
مواجهة التغيرات المناخية عملية معقدة جدا، حيث أن الفاعلين المعنيين لهم مصالح متضاربة بين متسبب ومتضرر، وبين متعامل اقتصادي وبين مجتمع مدني ناشط في مجال حماية البيئة. رغم الجهود المبذولة عبر العالم إلا أن الوعي بالخطورة المتعلقة بتدهور البيئة لم يرق بعد إلى المستوى المطلوب وذلك لغياب عملية مدمجة تشرك كل الأطراف الفاعلة. كما تبقى التربية البيئية والتوعية لدى النشء السبيل الأمثل الكفيل، إذا ما مورست بالطرق البيداغوجية السليمة، بتحقيق نتائج ملموسة، عبر بناء الفرد وتكريس قناعات لدى جيل غد لا يمكن هدمه بفعل الظواهر السلبية الملاحظة في الأوساط المجتمعية.

هناك تراجع للثروات الحيوانية والنباتية عبر العالم

تُعتبر التنمية المستدامة من الاستراتيجيات التي ينادي بها الخبراء لمواجهة مشاكل تغير المناخ، فهل ترى أنها كافية، وما الحلول المتاحة اليوم؟
تُعد أهداف التنمية المستدامة تصورا لسُبل العمل المدمج لكافة الأطراف المعنية من أجل ضمان توازن بين الأسس البيئية، الاجتماعية والاقتصادية للتنمية، وهي مجموعة من الأهداف المحددة بمؤشرات قابلة للقياس.
وتسعى أغلب دول العالم إلى العمل من أجل تحقيق هذه الأهداف لكن اختلاف إمكانيات تلك الدول وأولوياتها يحول بينها وبين تحقيق الأهداف المنشودة بالمستوى المطلوب، كما أن تنامي الأزمات من حروب وأوبئة وغيرها، يعرقل بشكل جدي مسار التنمية المستدامة، كما تُهدَم في بعض الأحيان المكتسبات في هذا المجال، لذلك كان لزاما على كل الفاعلين تكثيف الجهود خلال ما أسمته الأمم المتحدة بعشرية العمل.
ي.ب

التطرف المناخي يجتاح كوكبنا
الأرضُ في خطــر
بدأت بوادر التطرف المناخي تكتسح دول العالم منذرة بمستقبل مثير للقلق و الخوف من تداعيات هذا التطرف و تأثيره على حياة البشر، و النظم الإيكولوجية التي بدأت في الانهيار ببعض مناطق العالم، التي تعرف تغيرات مناخية شديدة كالحرارة المرتفعة و موجات الجفاف و  الفيضانات و الحرائق.  

فريد.غ 

       

و يحاول العلماء و قادة الدول مواجهة التغيرات المناخية التي تضرب كوكب الأرض، من خلال إصدار المزيد من القرارات، و الدعوة إلى تنفيذها على أرض الواقع، لإنقاذ كوكب الأرض المقبل على مزيد من المخاطر البيئية و الصحية و الاقتصادية و الاجتماعية، الناجمة عن تغير متسارع للمناخ و النظم الإيكولوجية التي بدأت تفقد بعضا من مكوناتها الرئيسية كالمياه و الأحياء البرية.  
و تواجه القرارات الأممية بخصوص المناخ تحديات كبيرة حالت دون تحويلها إلى واقع ميداني، و خاصة ما تعلق بالحد من الانبعاثات الغازية الناجمة عن حرق المزيد من الوقود الأحفوري بالدول الصناعية، التي تعد الملوث الرئيسي للغلاف الجوي و كوكب الأرض، بأنشطتها المكثفة التي مازالت تعتمد بشكل رئيسي على الطاقة الأحفورية، و لم تتمكن حتى الآن من الانتقال إلى الطاقة النظيفة، التي أصبحت من بين الحلول الممكنة للمشاكل البيئية المتفاقمة حول العالم.
وتعمل الدول الصناعية الملوثة على تسخير كل إمكاناتها المالية و التكنولوجية للتخفيف من آثار التطرف المناخي، لكن الدول الفقيرة التي لم تكن سببا في الانبعاثات الغازية، تبقى عاجزة عن مواجهة آثار التغيرات المناخية، التي طالت كل مناحي الحياة كما يحدث بإفريقيا و الشرق الأوسط، أين تضررت النظم الإيكولوجية بشكل يبعث على القلق، و تراجع الإنتاج الزراعي و بدأ التصحر يزحف على المزيد من الأراضي مدعوما بموجات جفاف طويلة، و حرائق تقضي على المزيد من الغابات، التي تعد عصب التنوع البيئي المساعد على التساقط و خفض الحرارة و إثراء الحياة البرية.
و يعرف التطرف المناخي بأنه حالة جوية غير عادية و مفاجئة أحيانا، كالحرارة الشديدة التي لم تكن سائدة بمنطقة ما من العالم، كما حدث بانجلترا صيف 2022 ، و موجات جفاف تعقبها فيضانات مدمرة، و حرائق تصعب السيطرة عليها، و تراجع في مصادر المياه و الغذاء.
و يكون التطرف المناخي أكثر خطورة عندما يتحول إلى تطرف طويل المدى، تنتج عنه تغيرات مناخية مدمرة للنظم البيئية المعتادة، كما يحدث في السنوات الأخيرة بالقارة الأوروبية التي أصبحت في قلب التغيرات المناخية المتسارعة، و ما نتج عنها من جفاف للأنهار و اندلاع الحريق المهولة بالغابات، و بلوغ درجات الحرارة مستويات قياسية لم يكن سكان القارة يتوقعون حدوثها قبل عقود طويلة من الزمن.   
و قد أدت النهضة الصناعية بأوربا و أمريكا إلى زيادة غاز ثاني أوكسيد الكربون، و ارتفاع حرارة الأرض 1.5 درجة عن ما كانت عليه قبل بداية الانبعاثات الغازية المدمرة لطبقة الأوزون، و يتخوف العلماء و قادة الدول من تخطي هذا المعدل بحلول عام 2030 إذا لم يتحكم العالم في كمية الغازات الدفيئة، و الوصول إلى صفر انبعاث بالاعتماد على المال و التكنولوجيا و الطاقة النظيفة، و هذا ليس في متناول الدول الفقيرة التي تنتظر المساعدات الأممية للتخفيف من آثار التطرف المناخي، الذي بدأ يدمر النظم البيئية و يؤثر على الصحة و إنتاج الغذاء و استقرار المجتمعات بعدة مناطق من العالم.  
و يخوض العالم معركة مضنية للحد من الغازات الدفيئة، و الحيلولة دون ارتفاع حرارة الأرض فوق 1.5 درجة في غضون السنوات القليلة القادمة، لكن أمل تحقيق ذلك يبدو ضئيلا بسبب الاستهلاك المتزايد للطاقة التقليدية، و تعثر مشاريع الانتقال الطاقوي بالكثير من دول العالم، و خاصة الدول الفقيرة التي تبقى في حاجة إلى المال و التكنولوجيا للمساهمة في الجهد العالمي الرامي الى حماية كوكب الأرض، و حماية مقدراتها الوطنية من مخاطر التغيرات المناخية المتسارعة، و خاصة في مجال الموارد المائية و الزراعة، القطاعات الأكثر تضررا من التطرف المناخي بعدة مناطق من العالم الذي بات يخشى من توسع دائرة النزاعات حول مصادر المياه و الغذاء، و تزايد موجات الهجرة الداخلية و الخارجية.  
و ينتاب العلماء قلق كبير حيال قدرة البشر على تحمل الإجهاد الحراري في ظل التغيرات المناخية المستمرة، معتقدين في آخر التقارير العلمية الصادرة منذ أيام قليلة بأن «تحمل الإجهاد الحراري لدى الأشخاص قد يكون أقل مما كان يُعتقد في السابق، وقد يتعرض ملايين الأشخاص لخطر الاستسلام لدرجات الحرارة المرتفعة قريبا جدا».
و تعد منطقة حوض المتوسط من بين مناطق العالم الأكثر تأثرا بالتطرف المناخي، حيث تواصل درجات الحرارة ارتفاعها على امتداد العام، و تراجعت معدلات التساقط و تضررت المحاصيل الزراعية، و انكمشت المساحات الغابية بسبب الحرائق، و انحصرت مصادر المياه الجوفية و السطحية، و بدأت ظاهرة التصحر تجتاح المزيد من الأرضي الزراعية مهددة مصادر الغذاء و النظم البيئية، التي ظلت سائدة منذ عقود طويلة.
و بالرغم من المخاطر المحدقة بكوكب الأرض، فإن البشر يواصلون إلحاق الأذى به من خلال تدمير النظم البيئية، و إنتاج المزيد من الغازات الدفيئة بينها الكربون، الأكثر تأثيرا على مناخ الأرض الذي ينتظر قرارات شجاعة و واقعية أكثر، للحد من الاحترار المنذر بالمزيد من العواقب البيئية و الصحية و الاقتصادية عبر مختلف دول العالم.  
ف.غ  

فيما يتركز البط الخضري بسد بني هارون
تراجع أعداد الطيور المائية المعششة بميلة بسبب الجفاف
سجلت محافظة الغابات لولاية ميلة، 2194 طائرا مائيا معششا عبر المناطق الرطبة منذ مطلع شهر ماي إلى منتصف جوان الماضي، حسب ما أفادت به المكلفة بخلية مراقبة الطيور بالمحافظة.

و أوضحت رئيسة خلية مراقبة الطيور بمديرية محافظة الغابات بميلة، منال حنيش، في تصريح للنصر، بأن عدد الطيور المحصاة يتوزع على 6 مناطق رطبة بالولاية، في كل من سد بني هارون بميلة، سد قروز بوادي العثمانية و سد الخزان بسيدي خليفة، بالإضافة إلى الحواجز مائية بقرية بن بولعيد بوادي سقان و رجاص و يحيى بن عبد الرحمان، من أصل 7 مناطق رطبة، مشيرة إلى أن عدم إحصاء أي طائر مائي بسد خلوطة، راجع إلى الجفاف الذي مسه.
و أضافت حنيش، أن أكبر منطقة تعشيش لهذه الطيور تتواجد على ضفاف سد بني هارون، حيث تم إحصاء 1109 طيور مائية معششة، من أهمها البط الخضري، الغرة و الطيور الغطاسة الصغيرة و غيرها، فيما تتوزع على 18 صنفا من الأنواع المائية.
و أشارت المتحدثة إلى أن عدد الطيور المعششة عرف تراجعا مقارنة بالموسم الماضي، خصوصا في صنف البطيات، حيث تم تسجيل 1325 طائرا على مستوى سد بني هارون، مقارنة بـ 2445 طائرا تمثل 19 نوعا تم إحصاؤها العام الماضي، و هذا راجع، مثلما تؤكد حنيش، إلى قلة تساقط الأمطار و ما سجل من جفاف عبر المسطحات المائية، ما أثر سلبا على مصادر غذاء الطيور، حيث تدفعها هذه الظروف إلى الهجرة نحو مناطق أخرى بحثا عن الغذاء، مؤكدة أن أغلب الطيور المعششة بإقليم ميلة هي المقيمة بشكل دائم في الولاية و ليست المهاجرة.
مكي بوغابة

 

الرجوع إلى الأعلى