توظيف العلم المسلي لخلق ثقافة بيئية لدى الأطفال

تمزج جمعية "إيكوكيدس" المختصة في مجال البيئة بقسنطينة، العلم بالترفيه مستغلة هذين التوجهين لترسيخ العلاقة بين البيئة والإنسان  وتجاوز السلوكيات الخاطئة التي كرس لها نقص الوعي وغياب الثقافة البيئية.

إيناس كبير

ويمارس الطفل داخل نوادٍ تعليمية ترفيهية مختلف العلوم، فيجرب تقنيات علمية في صناعة الخزف، ويتقرب من التربة ليعاين مختلف عناصرها من خلال البستنة، فضلا عن تعريفه على قيمة الأشجار والنباتات وطرق حمايتها للاستفادة منها وهو ما يتلقاه في نشاط الرسكلة، كما يحاكي الطفل على خشبة مسرح النادي البيئي المشاكل التي تواجه الأرض، فيتحدث بلسانها وينقل معاناتها بسبب الإنسان، إذ تحاول الجمعية تخريج جيل جديد يدرك قيمة المحيط الذي يعيش فيه، ويبادر إلى المحافظة عليه.
نشاطات علمية إبداعية تضع الطفل وسط الطبيعة
وفي غضون أقل من سنة، أصبح لجمعية "إيكو كيدس" روادها الصغار من محبي اختبار التجارب العلمية والأنشطة البيئية، خصوصا بعد الإعلان عن فتح أبواب الانضمام لنادي البستنة والرسكلة، الذي يضم فوجه الأولى ثمانية أطفال، حسب ما أطلعتنا عليه المنسقة في الجمعية والأستاذة المكونة بنادي الفخار ملاك جعفري، وعن الأنشطة الأخرى التي تتوفر عليها الجمعية أضافت بأنها تحتوي على نشاط للرسم البيئي والتصوير فضلا عن المسرح وصناعة الفخار.
كما توجد ورشات أخرى مستوحاة من الفصول الأربعة والأجواء التي تتزين بها الطبيعة، مثل ورشة خاصة بالخريف يتعرف المنخرطون فيها على الفصل، والتقلبات المناخية التي تكتسي أيامه، فضلا عن الثمار التي تنتج فيه، وقالت جعفري بأنهم يعتمدون على التلقين البصري من خلال تشكيل لوحات فنية مع الأطفال مستوحاة من عناصر الخريف كالثمار لتوضيح المعلومات لهم وتسهيل تلقيها، وأفادت بأنهم يحضرون حاليا لورشة خاصة بفصل الشتاء تصب مساقاتها في السياق ذاته، فضلا عن تنسيق أعمال مشتركة مع دار البيئة، وبرمجة خرجات ميدانية للأطفال حيث شاركوا في ثلاث عمليات للتشجير.
وأردفت المنسقة في الجمعية، بأنهم وضعوا أهدافا أخرى بعيدة المدى أهمها محاولة الوصول إلى الأطفال الذين يعيشون في مناطق الظل لنقل أفكار وثقافات جديدة لهم متعلقة بالتعامل مع الطبيعة، ناهيك عن التوجه نحو فئة الراشدين خصوصا الآباء والأمهات، باعتبارهم حلقة مهمة في التربية البيئية، على حد تعبير الأستاذة، التي ترى بأن توسيع العملية التوعوية أصبح أمرا ضروريا لمواجهة الكوارث الطبيعية والحد من المشاكل البيئية، التي يكون الإنسان المتهم الأول، وضحية لتصرفاته غير العقلانية تجاه الأرض.
وقالت جعفري المختصة في مجال البيئة، بأنهم يحرصون في النادي على اختيار أستاذة متمكنين ومختصين في مجال البيئة والعلوم، فضلا عن حيازتهم على خبرة في أساليب التعامل مع الأطفال.
نادي البستنة يساهم في تطوير شخصية الطفل وتمكينه علميا
ويحول الطفل في نادي البستنة، التربة إلى مساحة إنتاجية من خلال توظيف تقنيات علمية تعلمه الاستغناء عن المواد الصناعية والكيميائية كما قالت، فضلا عن تطوير أفكاره، ليكون فردا مستقبليا فاعلا في حماية البيئة عبر استخدام مواد لا تؤذي الطبيعة.
وحسبها، فإن الأطفال تعلموا استخراج سماد طبيعي من النفايات العضوية، واستخدامه في تغذية نباتاتهم، وذكرت جعفري، بأن تطبيق الفكرة جاء بمبادرة من أعضاء النادي بعدما تعرفوا من قِبل أساتذتهم على المعلومات النظرية، إذ تفاجؤوا في اليوم التالي بأنهم جمعوا بعض البقايا المنزلية في أكياس وأتوا بها لتحويلها إلى سماد، وعقبت الأستاذة، بأن الأطفال يميلون إلى تجريب ما يتلقونه من معارف ويبادرون لاقتراح أنشطة تطبيقية، لهذا فإن استغلال هذا الاهتمام يساعد في تزويدهم بمعلومات غزيرة.
كما عرجت، للحديث عن تلقينهم أساسيات حول عملية إعادة تدوير بعض المواد بطريقة فنية يستفيد منها الطفل في حياته اليومية أيضا، مثل صناعة أُصص للنباتات من قارورات البلاستيك، وعلب الحلوة الحديدية التي يقومون بتغليفها بورق ملون، ثم صناعة ثقوب لتخريج الماء أثناء السقي مردفة، بأنهم كمؤطرين لا يكتفون بتعليمهم أسلوبا واحدا في غرس النبتة بل طريقة الزراعة في القطن كذلك، والتقنيات اللازمة لإنجاح العملية، فضلا عن تلقينهم الفرق بين الطريقتين.
أما بخصوص الدروس اليومية التي يتلقاها المنخرطون في النادي، تقول محدثتنا، بأنهم يتعرفون على أسماء أدوات الزراعة كلها ووظيفة كل أداة، خصوصا الرئيسية مثل المجرفة والمرش الأصيص والبَخَّاخ، ناهيك عن الثمار والبذور، حيث يطلع الطفل على طرق زراعة كل نوعية، وطريقة تقليب التربة، وقالت الأستاذة بأنهم جربوا زراعة العدس، والثوم فضلا عن زهرة الفتونية.
 وقالت جعفري، بأن الأطفال يتفاعلون مع التربة ويجيدون استخدام الأدوات، ففيه جانب من اللعب والتسلية، فضلا عن حماسهم أثناء نجاح عملية بذر البذور التي يكشف عنها خروج النبتة أول مرة، وواصلت بأن الطفل يكون على دراية بكل جزء من أجزائها ومراحل نموها، فضلا عن أساليب العناية بها، إذ يجعلونه مسؤولا عن العناية بنبتته التي يقضي معها وقتا في البيت ثم يتعرفون على النتيجة مع كل الفريق.
زرع ثقافات جديدة تناسب أزمات الجيل الجديد
وأبدت المنسقة في الجمعية، ملاك جعفري، أسفها بخصوص السلوكيات غير الحضارية والظواهر السلبية المنتشرة في المجتمع، والتي ربطتها بغياب الوعي البيئي خصوصا لدى الأجيال السابقة، وذكرت بعضا منها كرمي أكياس النفايات من النوافذ وتلويث الغابات وعلقت قائلة :"يجب استبدال هذه السلوكيات الخاطئة، بعادات جديدة وتنمية حس المسؤولية تجاه المحيط الذي نعيش فيه، مثل المبادرة إلى سقي النباتات الموجودة في الشوارع والأحياء وعدم تركها مهملة، فضلا عن جمع النفايات المتراكمة وتنظيف الحي".
واعتبرت، بأن هذه التصرفات يتعلمها الفرد منذ الصغر حتى تكبر معه، ويستشعر من خلالها مسؤوليته كفرد في المجتمع، ناهيك عن تقييم تصرفاته، وأعقبت لهذا يعد إنشاء جيل جديد يعي المخاطر التي تتربص بالبيئة ويبادر لوقايتها، من بين الأهداف المسطرة من طرف جمعية "إيكو كيدس"، حيث يطلعون الأطفال من خلال الوثائقيات على الكوارث الطبيعية التي يتسبب فيها تهور الإنسان، والممارسات الخاطئة من أجل تلبية حاجياته، وقالت بأن آباء الأطفال أيضا لاحظوا التأثير والتغير الحاصل على مستوى وعي صغارهم، إذ أخبروها بأنهم أصبحوا يطلبون منهم غرس النباتات والتطوع للعناية بها.
ابتكار الحلول وتحفيز الخيال على الإبداع

وكشفت الأستاذة المكونة بنادي الفخار، بأن نشاط الصناعة الخزفية فجر مواهب وميولات عديدة ومختلفة مثل التصميم، و ذكرت بأنها لاحظت أن أطفالا في الفوج الذي تدرسه، يختارون دائما تشكيل الأسماك وعند استفسارها عن السبب، أخبروها بأنهم مهتمون بالحياة البحرية لذلك يحب أن تكون الأشكال التي يصنعونها مستوحاة من هذا العالم، وأعقبت بأنهم يمنحون الحرية للطفل للتعبير عن اهتماماته وتصوراته عن الحياة ومختلف جوانبها.
وتساعد ملامسة الطين الطفل من الناحية النفسية أيضا كما أضافت، إذ تعلمه التركيز مع النشاط الذي يقوم به، والهدوء، كما شرحت جعفري  بأن الصناعة الخزفية تُنمي ملكة الابتكار عند الأطفال، وتمكنهم من تجسيد خيالهم من خلال المواد التي تشكلها أيديهم الصغيرة، وقد أشارت إلى بعض الأعمال التي قاموا بها، مثل طباعة بعض الأشكال الهندسية وتحويلها إلى حامل مفاتيح زينوه بأزهار صغيرة، فضلا عن كؤوس وصحون في هيئة حيوانات وأخرى عادية، إضافة إلى تعلم القولبة بواسطة الأزهار وأوراق الأشجار.
ويتدرج الطفل في مستويات تعلم صناعة  الفخار حسبها، حيث ينطلق في تعلم الأساسيات مثل العجن وتقطيع الأشكال واستخدام الطوابع، وتطبيق هذه المراحل في صناعة أشياء بسيطة، ثم يصبح في المستوى الثاني قادرا على تلوين الفخار.
وأفادت الأستاذة المكونة، بأنهم يستخدمون مع الأطفال طريقة التعليم بالمحاكاة أيضا، حيث يشكلون أواني وبعض الأدوات أمامهم، ثم يطلبون منهم إعادة صنعها وفقا لطريقتهم وحسب منظورهم.
ويتعلم الطفل أيضا، أثناء تواجده في ورشة الصناعة الخزفية، حلولا تمكنه من توفير المواد التي يحتاجها بالاستعانة بأشياء بسيطة، وقالت جعفري بأن الأساتذة أطلعوا الأطفال على طريقة ومراحل صنع مادة الطين باستخدام حجارة الجبال.
مرافقة الطبيعة للطفل في كل نشاطاته
كما أوضحت جعفري، بأنهم كفريق يعملون على تقريب الطفل من البيئة وجعله يعيش وسطها بمختلف عناصرها، ويوظفها في يومياته وأعماله وأفادت، بأنهم يعمدون إلى استخراج الألوان التي يستخدمونها في ورشة الرسم من بعض الأزهار أو العشب، وبحسب الأخصائية في مجال البيئة فإن أي عنصر ملون في الطبيعة يمكن أن تُستخرج منه ألوان كثيرة.
أما عن نادي المسرح البيئي، قالت بأن الهدف من إنشائه هو جعل الطفل يعايش المشاكل التي تعاني منها البيئة، وإشراكه في الأزمات والمواضيع الخاصة بها، وقد أعلمتنا بأنهم يفكرون أيضا في التنقل بالمسرحيات التي ينتجها النادي وإخراجها إلى المؤسسات التعليمية، خصوصا وأن المسرح يتضمن مهارات عديدة مثل الإلقاء وإنتاج الأفكار.
وأضافت، بأن الآباء أصبحوا يولون اهتماما كبيرا لتكوين أبنائهم علميا وفكريا، فقد أصبحوا يفضلون أن يقضي الطفل عطل الأسبوع وساعات الفراغ، داخل جمعيات متخصصة يتعلم فيها مهارات مختلفة بدل تركه بمفرده في المنزل، أو توجيهه نحو مراكز أخرى حيث يجد اللعب والتسلية فقط.
وتجمع النوادي والجمعيات العلمية بين الترفيه والعلوم والعمل على تطوير الأطفال على عدة مستويات بحسب الأستاذة، حتى في جانب الأعمال التي يحتاجها خلال يومياته أو تصليح بعض الأعطاب داخل البيت، فضلا عن أنها تعد وسيلة للتقليل من الضغط الدراسي الذي يعيشه  طوال الأسبوع.
وفي هذا السياق، قالت المنسقة في جمعية "إيكو كيدس"، بأن إقبال الآباء على تسجيل أبنائهم في مختلف النوادي والورشات جعلهم يوسعون قائمة التسجيلات لتضم شرائح عمرية مختلفة، بدءا من أربع سنوات إلى غاية ست عشرة سنة، فضلا عن استقبال حالات لأطفال يعانون من مشاكل قلة التركيز وفرط الحركة، واختار أولياؤهم وضعهم ضمن جو يحفزهم على تحسين مستواهم الدراسي.
كما أفادت المنسقة، بأنهم ينشطون ورشات لذوي الاحتياجات الخاصة، تساعدهم على الحركة وتغيير الروتين الذي تعودوا عليه، فضلا عن تكوين قاعدة معرفية لديهم حول البيئة وتقريبهم منها.

تقدر بنحو 500 ألف طن سنويا
نفايات النسيج و الملابس خطر على  البيئة
تصنف صناعة الملابس و النفايات النسيجية الأخطر على البيئة بعد البلاستيك، و ذلك لتسببها في إضعاف قوة الطبيعة، باعتبارها من العوامل التي تزيد من حدة الاحتباس الحراري و التغيرات المناخية التي تهدد الكوكب.

إيمان زياري

لا يدرك الكثيرون، أن الملابس التي نرتديها تشكل أيضا عامل مهم في التأثير على المناخ و التسبب في تغيرات خطيرة تنعكس سلبا وبشكل سريع على البيئة، بداية من عملية تصنيعها و وصولا إلى طريقة التخلص منها، إذ تشير دراسات كثيرة إلى أن صناعة الملابس تستنزف كميات هائلة من المياه العذبة، وتدخل فيها كميات كبيرة أيضا من المواد الطبيعية التي تأتي من الأشجار، بينما تستخدم في تزيينها و تلوينها مواد كيميائية خطيرة، فمثلا تتطلب زراعة القطن الطبيعي مخزونا كبيرا من المياه، بحيث يستهلك القطن الذي يستغل في صناعة قميص واحد 2700 لتر من الماء، بينما تتطلب باقي مراحل تصنيعه ليتحول إلى قميص مواد ضارة جدا كالزئبق و الكروم، و التي تخلف دخانا ساما في الجو و بقايا خطيرة تجري في مياه الصرف الصحي.
و كشفت إحدى الدراسات الدولية أن صناعة الملابس تستهلك سنويا 93 مليار متر مكعب من المياه النظيفة، مع  قطع 70 مليون طن من الأشجار، علما أن الرقم مرشح للارتفاع أو التضاعف بحلول سنة 2034، و تتسبب هذه الصناعة في تلوث البيئة بفعل المواد الكيميائية السامة التي تدخل في صناعتها، و تشير الأرقام إلى أنها تتسبب فيما يعادل 20 بالمائة من تلوث مياه الصرف الصحي عبر العالم، نتيجة لكثرة المواد الكيميائية السامة التي تستخدم في الصباغة، وهي بالإجمال 72 مادة كيميائية.
 كما أشارت الدراسات إلى أن الملابس تحتوي على 65 بالمائة من البوليستير، الذي يعد نوعا من البلاستيك الضار جدا لكونه مصنعا من الوقود الأحفوري، و الذي يستهلك إنتاجه ما يقارب 70 مليون برميل من النفط سنويا.
خطر مغفل
تؤكد الناشطة البيئية و رئيسة الجمعية الوطنية لترقية ثقافة البيئة والطاقات المتجددة، السيدة مليكة بوطاوي، أن نفايات النسيج و الملابس التي أضحت ترمى في المزابل ، تشكل هاجسا حقيقيا للبيئة بسبب تأثيراتها الكبيرة و الخطيرة و دورها في تأجيج التغيرات المناخية و وزيادة الاحتباس الحراري الذي يبلغ مستويات أعلى سنويا، و تشير المختصة إلى أن الحديث عن مخاطر نفايات النسيج يكاد يكون منعدما في الجزائر و حتى على المستوى العالمي، وأن هناك اعتقادا خاطئا سائدا حول كون هذه الصناعة أقل ضررا.

و رجحت المختصة البيئية، سبب عدم التطرق لموضوع نفايات الملابس إلى ثقافة المجتمع التي كانت مبنية على تدوير الألبسة خاصة المتعلقة بالأطفال بين الأسر و الأصدقاء و المحتاجين، إلى جانب الاعتماد على الملابس والنسيج غير المستغل في صناعة بعض المفروشات مثل "اللحاف و زربية بوشليق" و غير ذلك، لكن هذه الثقافة تراجعت جدا في الوقت الحالي، و غلبت عليها سلوكات أخرى من بينها رمي الملابس القديمة في المزابل لتشكل جزءا من النفايات التي تهدد البيئة وتصنف كتحد حقيقي للحكومات والقطاعات المتخصصة.
الوعي بأخطار نفايات النسيج مسؤولية جماعية
و دعت السيدة بوطاوي، جميع الفاعلين في مجال حماية البيئة إلى تكثيف الجهود لأجل إبراز مخاطر هذا النوع من النفايات، و أكدت وعيهم كمنظمة وطنية بحجم الخطر  على البيئة و المحيط، لأن صناعة الملابس الملونة تعتمد بالأساس على مواد كيماوية في الصباغة، على غرار ما يستخدم لتلوين الجينز الأكثر شيوعا في قطع الملابس، و الذي أكدت أنه يخلف مواد سامة في الألوان التي يفرزها عند كل غسلة، ما يعكس حجم الخطر، خاصة وأن تصفية هذه المياه الملوثة تتطلب أموالا ضخمة، و استنزافا للمياه بشكل كبير،  في مقابل مشكلة الجفاف التي يواجهها العالم بأسره.
كما نوهت المتحدثة، إلى دور الجمعيات  بحجم خطر هذه المواد، مشيرة إلى تقرير أصدرته الجمعية الوطنية لترقية ثقافة البيئة و الطاقات المتجددة سنة 2020، حول الملابس و تأثيرها على تغير المناخ، و الذي أشار إلى الموضة المتسارعة و التنوع الكبير في الألبسة، خاصة مع الاعتماد على الدعاية و الترويج و الهوس بالثياب و تجديدها بشكل جنوني، في مقابل الجهل بالتحديات البيئية التي تفرضها هذه الصناعة وتأثيراتها المدمرة على المحيط، كما تضمن التقرير حسبها، إشارة إلى كذبة الأقمشة الصديقة للبيئة، و التي أكدت بوطاوي، استحالة وجودها في ظل طريقة تحول المواد الطبيعية.
هكذا يجب التعامل مع نفايات النسيج
و عن طريقة التعامل مع نفايات النسيج و الملابس غير المرغوب فيها، أوضحت الناشطة، أنه يجب التنبه إلى ضرورة تفعيل عملية إعادة التدوير، مشيرة إلى تجربة خاصة بجمعيتها التي استغلت نفايات مصانع الأفرشة في الجزائر لصناعة مناديل و أغلفة للوسائد، في دعوة صريحة لإعادة إحياء الطرق القديمة في ترشيد النفقات و حماية البيئة، خاصة  وأن إعادة التدوير تساهم حسبها، بشكل كبير في الاقتصاد الأسري، كما تحث على ضرورة تغيير طرق الاستهلاك و ترشيده لما له من انعكاسات إيجابية على تسيير ميزانية الأسرة.
 وشددت، على ثقافة التدوير بين أفراد الأسرة  الواحدة، و اعتماد هذا الهرم الاستهلاكي قدر الإمكان تفاديا لرمي الملابس في الطبيعة، كما دعت النشطاء عبر الإنترنيت إلى تكثيف النشاطات التوعوية.
و دعت من جانب آخر، أصحاب المؤسسات المتخصصة في صناعة النسيج و الملابس إلى الاستثمار في إعادة التدوير و حماية البيئة، عن طريق استحداث فروع متخصصة في الرسكلة للنفايات و تحويلها إلى أشياء ثمينة، و هي سياسة رشيدة يتوجب على المصنعين تبنيها كما قالت.

و فيما يتعلق بنفايات الملابس و النسيج ، كشفت الوكالة الوطنية للنفايات بحسب آخر تقرير لها، أن كمية النفايات المنزلية المنتجة خلال سنة 2022 قدرت بـ12.6 مليون طن، موضحة أن 4.52 بالمائة منها تمثل نفايات نسيجية، بما فيها ملابس قديمة و بقايا ورشات النسيج  وصناعة الملابس و الأفرشة، أي ما يقارب 569 ألف طن سنويا.  وبالنظر لحجم هذا النوع من النفايات المتزايدة، فقد عملت الوكالة على تدعيم فرص إعادة تدويرها، أين تحصي الجزائر 64 متعاملا اقتصاديا ناشطا في مجال تثمين النفايات النسيجية مسجلين لدى الوكالة الوطنية للنفايات.
و في انتظار زيادة الوعي بهذا الخطر المحدق و استحداث طرق فعالة  وذكية لإعادة تدوير نفايات النسيج و الملابس، تبقى هذه النفايات تشكل تهديدا بيئيا حقيقيا يواجه العالم عموما والجزائر على وجد التحديد، خصوصا في ظل تنامي صناعة الملابس و تزايد حجم الاستهلاك وتراجع ثقافة التدوير.

الرجوع إلى الأعلى