تعزيز مكافحة التصحر و حماية التنوع البيئي للبلاد

تولي الجزائر اهتماما متزايدا للثـروة الغابية و كل أنواع الغطاء النباتي في توجه واعد و مسؤول لمواجهة المخاطر البيئية و الاقتصادية المحدقة بالبلاد في ظل التغيرات المناخية المتسارعة التي يعرفها كوكب الأرض متأثرا بالاحترار و الانبعاثات الغازية المضرة بالغلاف الجوي.

فريد.غ

و يعد قانون الغابات الجديد رقم 23-21 الصادر في العدد الأخير من الجريدة الرسمية رقم 83 خطوة هامة نحو تعزيز سبل و آليات حماية الثروة الغابية الوطنية و التنوع الإيكولوجي و البيئي للبلاد،
و التقليل من مخاطر التغيرات المناخية المتعددة الأشكال كالجفاف و التصحر و الأمراض النباتية و تراجع معدلات التساقط و الحرائق.
و جاء النص القانوني ملما بكل الجوانب المتعلقة بكيفية حماية الحياة البرية و الثروة الغابية و توسيعها و تثمينها حتى تتحول إلى مورد اقتصادي مستديم و جدار لصد المخاطر البيئية المتفاقمة، و السلوك البشري المعادي للطبيعة، حيث أخذ المشرع في الحسبان التغيرات المناخية المستجدة بمنطقة حوض المتوسط و شمال إفريقيا، و التحولات الاقتصادية و الديموغرافية التي تعرفها البلاد في السنوات الأخيرة.  
و يهدف قانون الغابات الجديد إلى تحديد و ضبط قواعد تسيير و حماية و توسيع و تنمية الثروة الغابية الوطنية في إطار التنمية المستدامة، و استغلال الغابات و الأراضي ذات الطابع الغابي و حمايتها من كل أشكال التعرية و الانجراف، و حماية الحيوانات و النباتات البرية و المحافظة على الأراضي و مكافحة التصحر و تثمين الغابات و الثروات الغابية بمساهمة كل القطاعات ذات الصلة.
مفاهيم أساسية لحماية الوسط الغابي و الحياة البرية
و ارتكز القانون على مفاهيم أساسية بينها احتباس الكربون و الأرض ذات الطابع الحلفاوي و  الأرض ذات الطابع الغابي و مفهوم إزالة الغابات و الأدغال و الأحراش و إعادة التأهيل و إعادة التشجير، و الإدارة المكلفة بالغابات، و التسيير المستدام للغابات و التشجير و التصحر و الثروة الغابية الوطنية، و الثروات الغابية الوطنية و الحزام الكثباني القاري و الخنادق المضادة للحرائق و السياحة البيئية التي تراعي البيئة و الموارد و العناصر الطبيعية، و هي سياحة مقترنة بجملة من المبادئ من أهمها السياحة المسؤولة ذات التأثير  السلبي المحدود على المحيط الطبيعي و الاجتماعي و الثقافي، و لها فوائد للمجتمعات المحلية.
في آخر مفهوم من المفاهيم الأساسية لقانون الغابات الجديد الصمود ضد مخاطر التصحر، حيث يقال على نظام بيئي أنه صامد إذا عاد إلى مساره السابق وفق نظام التعاقب التدريجي بعد اختفاء الاضطرابات الخارجية التي انحرفت به.
و لتحقيق هذا الصمود من الضروري التدخل لاستعادة الظروف الإنتاجية كما هو مطلوب في بيئة الاستعادة و إعادة التأهيل.
كما أورد المشرع مفاهيم أخرى كمفهوم النظام الغابي الذي وصفه بأنه مجموعة من القواعد الخاصة المطبقة على الثروة الغابية الوطنية بهدف ضمان الحماية و المحافظة و الاستغلال العقلاني، بالإضافة إلى مفهوم الغابة و الغيضة و هي فضاء مشجر محدود المساحة ( أقل من 10 هكتارات) و الفراغ القابل للحرث و المشجر و الملك الغابي العمومي و المنابت الحلفاوية و المنتجات الغابية و النقل عبر التجول و الوضع تحت الحماية و خدمات الأنظمة البيئية للغابات و يقصد بهذا المفهوم تنوع الخدمات التي توفرها الغابات للسكان و للمجتمع كالشغل و جودة المناظر الطبيعية و حماية التربة و موارد المياه، و مكافحة الانجراف و التصحر و الحفاظ على التنوع البيولوجي و الحيوانات البرية و الصيد و نشاطات الاستجمام و تثبيت الكربون.  
تصنيف الغابات... استراتيجية وطنية فعالة و هادفة
و تطرق القانون إلى الاستراتيجية الوطنية للغابات و هي مجموعة من التوجيهات يتم إعدادها بما ينسجم مع السياسات الوطنية الاجتماعية و الاقتصادية و البيئية المخصصة لتوجيه القرارات المستقبلية المتعلقة بتهيئة و استعمال الثروة الغابية الوطنية و المحافظة عليها لفائدة المجتمع.
و تندرج الاستراتيجية الوطنية للغابات ضمن السياسة الوطنية لتهيئة الإقليم و تهدف إلى ضمان التسيير المستدام للثروة الغابية الوطنية، آخذة في الاعتبار البعد البيئي و الاقتصادي و الاجتماعي للثروة الغابية الوطنية، و تلبية المطالب الاجتماعية المتعلقة بالغابات، و تشجيع السكان على المشاركة في جهود الحماية و تنمية الثروة الغابية و تثمينها، مع الأخذ في الاعتبار الالتزامات الدولية التي تم التعهد بها في مجال حماية الغابات و تسييرها بشكل مستدام و الحفاظ على التنوع البيولوجي و مكافحة التصحر و الحفاظ على المناطق الرطبة و الصمود أمام التغيرات المناخية.
و بموجب القانون الجديد يتم تصنيف الغابات من قبل الإدارة المكلفة بالغابات اعتبارا لإمكاناتها و موقعها و تكوينها و كذلك للاحتياجات الاجتماعية و الاقتصادية طبقا لتوجهات المخطط الوطني لتنمية الغابات تبعا لوظيفتها الرئيسية كغابات الحماية و غابات الاستغلال و الغابات ذات الاستخدام الخاص.
و تصنف كغابات حماية الغابات التي تعتبر المحافظة عليها أو تنميتها أمرا ضروريا للحفاظ على التنوع البيولوجي و حماية النوادر و الجمال الطبيعي، و المحافظة على الأراضي في الجبال و المنحدرات و الحماية من الانجراف و انتظام المياه و مكافحة التصحر و تثبيت الكثبان و التكيف مع تغير المناخ و حماية منشآت الري و الهياكل القاعدية و حماية التجمعات السكنية و الأراضي الفلاحية.
و تصنف كغابات للاستغلال الغابات التي تتمثل وظيفتها الرئيسية في إنتاج الخشب و المنتجات الغابية الأخرى، بينما تصنف كغابات ذات استخدام خاص الغابات التي تتعلق وظيفتها بالحفاظ على جودة المناظر الطبيعية لتحسين نوعية الحياة و التعليم و البحث العلمي و كذا لأسباب أمنية خاصة.
بينما تصنف كغابات ذات استخدام خاص الغابات و الغيضة و الأراضي ذات الطابع الغابي التابع للملك العمومي و الغابي الواقعة في مناطق التوسع السياحي و كذلك تلك التي تتمثل طبيعتها في السياحة البيئية و الترفيه و التسلية. و يشدد القانون على ضبط الإجراءات الضرورية للوقاية من حرائق الغابات و مكافحتها، و توضيح نمط و نظام المعالجة الحراجية الملائمة، و تحديد إمكانية الاستغلال و الاستخدامات الأخرى للغابات و الأراضي ذات الطابع الغابي. و يتم التسيير المستدام للغابات عبر تطبيق مخططات التهيئة أو مخططات التسيير التي يشترط أن تحترم عدة معايير منها المحافظة على الموارد الغابية و تحسينها، و الحفاظ على صحة الغابات و سلامتها و القيام بوظيفة إنتاج المواد الغابية و احترام التنوع البيولوجي داخل الأنظمة الإيكولوجية الغابية، و حماية التربة و المياه و توفير مختلف الخدمات للجمهور و كذا المساهمة في التنمية الاجتماعية و الاقتصادية.    و قد أولى القانون أهمية كبيرة لتسيير و تنمية منابت الحلفاء و الأراضي ذات الطابع الحلفاوي بجنوب البلاد لتحقيق التنمية المستدامة لهذا المورد الطبيعي الهام، و كيفية حمايته و تنميته و استغلاله و توسيع تكاثره و تثمينه.
مكافحة التصحر و إعادة تأهيل السد الأخضر
بموجب قانون الغابات الجديد سيتم إنشاء هيئة تنسيقية لمكافحة التصحر و إعادة تأهيل السد الأخضر تكلف بضمان التنسيق بين القطاعات المختلفة في إطار برامج العمل الوطنية لمكافحة التصحر و الترمل و مخطط العمل لإعادة تأهيل و توسيع و تنمية السد الأخضر.
و تحدد تشكيلة هذه الهيئة و تنظيمها و سيرها عن طريق التنظيم، و تقوم الإدارة المكلفة بالغابات بالتعاون مع الإدارات و المؤسسات و الهيئات المعنية و ممثلي المجتمع المدني العاملين في مجال مكافحة التصحر و الترمل بإعداد برامج العمل الوطنية لمكافحة التصحر و الترمل من خلال دراسات و تحاليل عامة أو جزئية لعمليات الانجراف بسبب الرياح و التصحر، و تحديد المناطق المعرضة لخطر التصحر، و ممرات الرياح و تأثير العواصف الرملية، و اقتراح برامج الطوارئ و تحديد تدابير التكيف و التخفيف في مواجهة عمليات الانجراف و التصحر.
و تقوم الإدارة المكلفة بالغابات بإعداد مخطط عمل لإعادة تأهيل و توسيع و تطوير السد الأخضر بالتشاور مع القطاعات المعنية، حيث يحدد هذا المخطط كل العمليات التي تقترح الدولة القيام بها في فضاء السد الأخضر.   
عقوبات رادعة للمعتدين على الغابات الوطنية
و يحرص القانون الجديد على حماية الثروة الغابية من الأمراض النباتية، و التصدي للرعي غير المرخص و حماية الأراضي من الانجراف المائي، و التثبيت الميكانيكي و البيولوجي
للكثبان الرملية، و حماية النباتات و الحيوانات البرية، و الموارد الوراثية للغابات، و تنظيم عملية استخراج المعادن و تفريغ المواد في الوسط الغابي العمومي، و شروط البناء في الملك الغابي و بالقرب منه. و حدد القانون دور و مهام شرطة الغابات، و كيفية معاينة الجرائم المرتكبة بالوسط الغابي، مشددا على عقوبات صارمة للمعتدين على الثروة الغابية بالحرق و البناء و القطع و الحرث و الرعي و التعرية.         

ساهمت في تأسيس نوادي بيئية
جمعية «أبنو» تغرس أكثر من 92 ألف شجرة
استطاعت جمعية حماية الطبيعة والبيئة لولاية قسنطينة، غرس أكثر من 92 ألف شجرة في عمليات تشجير مختلفة منذ انطلاقها في النشاط، حيث حافظت على معدل أكثر من 4 آلاف شجرة سنويا على امتداد 23 سنة، في حين ساهمت في تأسيس العديد من النوادي وإحياء نشاطات مختلفة.

وأفاد رئيس جمعية حماية الطبيعة والبيئة لولاية قسنطينة، عبد المجيد سبيح، في تصريح للنصر، أن الجمعية قامت بغرس أكثر من 4200 شجرة خلال سنة 2023، مشيرا إلى أن العملية مست أكثر من 20 مؤسسة تربوية والجامعات والمؤسسات التابعة لقطاع النشاط الاجتماعي، إلا أن محدثنا نبه إلى أن الطلبات على الأشجار كثيرة، كما أوضح أن عمليات التشجير مست أكثر من 400 مؤسسة منذ أن انطلقت جمعية «أبنو» في النشاط سنة 2000، في حين حافظت على معدل 4 آلاف شجيرة سنويا، لتصل مع نهاية سنة 2023 إلى غرس أكثر من 92 ألف شجرة على امتداد 23 سنة.
وذكر محدثنا أن الجمعية سجلت في تقريرها السنوي العديد من النقاط الإيجابية في مجال البيئة عبر ولاية قسنطينة، على غرار الاهتمام بمشروع تسيير النفايات عبر الحاويات الهوائية والمدفونة والمساحات الخضراء التي أصبحت البلديات تهتم بإنجازها بشكل أكبر داخل النسيج العمراني وعلى مداخل البلديات، كما اعتبر أن تهيئة حديقة سوسة بوسط المدينة ذات أثر إيجابي، خصوصا أنها لم تخضع لعملية شاملة مماثلة منذ حوالي 20 سنة، باستثناء بعض العمليات التطوعية لتنظيف المكان وغرس الأشجار. من جهة أخرى، ذكر رئيس الجمعية أن عدم تسجيل حرائق غابات يعتبر من المؤشرات الإيجابية أيضا خلال العام المنقضي، بعد تنفيذ مخطط جديد للوقاية من الحرائق من خلال وضع نقاط مراقبة داخل الغابات.
وأحصت الجمعية خلال السنة الماضية العديد من النقاط السوداء لرمي الردوم والنفايات الصلبة عبر العديد من الأماكن في الولاية، لكن المصدر أكد أن المصالح المختصة قامت بإزالة العديد منها، كما اعتبر أن سيول المياه المطرية المتشكلة نتيجة نقص التهيئة والبناء العشوائي من النقاط السلبية المسجلة في بعض الأحياء أيضا، ليؤكد على ضرورة غرس الأشجار على حواف الأودية ومجاري المياه، على غرار ما يسجله المجرى المسمى بوادي زياد في جهة بكيرة، حيث أوضح أن بعض أنواع الأشجار المغروسة في هذه النقاط تمنع انجراف التربة والقمامة المنتشرة بمحيط مساراتها. وقال المصدر نفسه إن الجمعية سجلت أيضا ظاهرة التجول العشوائي للأبقار في المحيط السكني والغابات، فضلا عن الأسواق الفوضوية التي تتسبب في انتشار القمامة وبقايا النشاطات التجارية العشوائية.
وطبقت جمعية حماية الطبيعة والبيئة المخطط الأخضر عبر المؤسسات التربوية والأحياء من خلال مداخلات وورشات خضراء وعمليات غرس ومسابقات بالتنسيق مع مديريتي التربية والشباب والرياضة لولاية قسنطينة، كما ساهمت في تأسيس العديد من النوادي البيئية وأحيت نشاطات مختلفة بالتنسيق مع مؤسسات عمومية خلال العام الماضي.
سامي.ح   

أهداف لبلوغ 11 ألف جيغاواط
توقعات بتضاعف نمو الطاقة المتجددة بحلول عام 2030
تتوقع وكالة الطاقة الدولية أن تنمو الطاقة المتجددة عالميا بمثلين ونصف بحلول عام 2030، لكنها دعت الحكومات إلى بذل المزيد لتحقيق هدف زيادتها بثلاثة أمثال بحلول ذلك التاريخ وفقا لما اتفقت عليه في محادثات الأمم المتحدة المعنية بتغير المناخ.

وفي تقرير توقعات الطاقة المتجددة السنوي، قالت الوكالة إن القدرات الجديدة التي أضيفت العام الماضي زادت بمقدار 50 بالمائة مقارنة بالعام الذي سبقه مسجلة 510 جيغاوات، وزاد ذلك سعة إنتاج الطاقة الفعالة إلى 3700 جيغاوات. وفي ظل السياسات وظروف السوق الحالية، من المتوقع أن تنمو القدرة الإنتاجية لمصادر الطاقة المتجددة إلى 7300 جيغاوات إجمالا بحلول 2028. ويتطلب تحقيق هدف عام 2030 الذي اتفقت عليه الدول العام الماضي الوصول إلى 11 ألف جيغاوات على الأقل. ووافقت حكومات العالم على مضاعفة القدرة على توليد الطاقة المتجددة بثلاثة أمثال بحلول عام 2030 وبدء الاستغناء عن الوقود الأحفوري، لكن لم يتم الاتفاق على آلية لتمويل التحول إلى الطاقة النظيفة في الدول النامية. وأوضح التقرير أن أكبر تحد لتحقيق هذا الهدف سيكون زيادة التمويل وتنمية مصادر الطاقة المتجددة في أغلب الاقتصادات الناشئة والنامية. وقال فاتح بيرول المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية لرويترز "في ظل غياب أي مساعدة للدول الإفريقية والدول ذات الدخل المنخفض في آسيا وأمريكا اللاتينية، فلن تتمكن من تحقيق أهدافها المتعلقة بالطاقة النظيفة. هذا سيشكل عقبة أمام الوصول لهدف 2030".
وحققت الصين العام الماضي أكبر نمو في مجال الطاقة المتجددة ومن المتوقع أن يكون نصيبها ما يقارب 60 في المائة من القدرة الإنتاجية للطاقة المتجددة بحلول عام 2028. وأوضحت الوكالة الدولية للطاقة أنه على الرغم من إعلان تنفيذ الكثير من مشروعات الهيدروجين الأخضر إلا أن التقدم لا يزال بطيئا مع توقع دخول سبعة بالمئة فقط من المشروعات الحالية حيز الإنتاج بحلول 2030.                                                                 

الرجوع إلى الأعلى