السد الأخضر .. مشروع بيئي ضخم بأبعاد اقتصادية

يحظى مشروع إعادة تأهيل وتوسيع السد الأخضر الجاري إنجازه عبر إقليم 13 ولاية، على امتداد 1500 كلم، من الحدود الشرقية للبلاد إلى حدودها الغربية، باهتمام كبير من طرف السلطات العمومية، التي سخرت كل الإمكانات المادية والموارد البشرية المؤهلة، الكفيلة بتحقيق الأهداف المرجوة منه باعتبار أنه مسجل ضمن استراتيجية الدولة لمكافحة التصحر و الجفاف و التأقلم مع التغيرات المناخية.ويأتي مشروع إعادة بعث السد الأخضر تنفيذا لمخرجات مجلس الوزراء ليوم 30 أوت  2020 بهدف إعادة تأهيل الفضاءات الطبيعية و الغابية وكل الحزام الذي تم تجسيده منذ فترة السبعينات إلى غاية 1994، وفق مقاربة جديدة، من أجل إقحام كل الفاعلين من أجل تطوير هذا المشروع الضخم ذي الأبعاد البيئية والاقتصادية والاجتماعية.

روبورتاج: عبد الحكيم أسابع

وفي هذا الصدد أوضحت السيدة، صبرينة راشدي، المديرة الفرعية المكلفة بمكافحة التصحر، والسد الأخضر على مستوى المديرية العامة للغابات، في تصريح للنصر بأن مشروع السد الأخضر كان يقتصر في سبعينيات القرن الماضي على نظرة إيكولوجية محضة، تتمثل في إنجاز حزام أخضر للحد من زحف الرمال ومجابهة ظاهرة التصحر، إلا أن النظرة الجديدة اليوم مزدوجة وتتمثل في مكافحة التصحر ومجابهة ظاهرة التغيرات المناخية، فضلا عن المقاربة الاقتصادية.
وقد جاء مشروع إعادة بعث السد الأخضر - تضيف المتحدثة – لمجابهة التغيرات المناخية وذلك عن طريق تدعيمه وتأهيله بعمليات غراسة على مدى 7 سنوات، أي إلى غاية 2030، بالإضافة إلى عمليات فتح المسالك للولوج إلى المناطق الفلاحية والرعوية وتطوير هذه المناطق التي تمثل 63 بالمائة من هذا النطاق، الذي يتربع – كما ذَكَرَتْ - على مساحة 4.7 مليون هكتار وفق الجرد الذي قام به مكتب الدراسات الخاصة بالتنمية الريفية ‹›بنيدار››، على مستوى 13 ولاية من الشرق إلى الغرب (النعامة، البيض، الأغواط، الجلفة، المدية، البويرة، المسيلة، باتنة، خنشلة، تبسة، سطيف، برج بوعريريج وبسكرة)، وهو المشروع الذي سيجتاز 183 بلدية و 1200 منطقة، بينها 900 منطقة ظل.
وعن التكلفة الإجمالية الخاصة لإنجاز هذا المشروع أشارت ذات المسؤولة إلى تخصيص مبلغ بـ 75 مليار دينار لتجسيد مخطط العمل لإعادة تأهيل وتوسيع و تطوير السد الأخضر، مشيرة إلى أن عملية الإنجاز في شطرها الأول أسندت إلى مؤسسة مجمع الهندسة الريفية ‹› جي جي آر››، فيما  تم إجراء دراسته من قبل المكـتب الوطني لدراسات التنـمية الريـفيـة ‹› بنيدار››، ضمن عديد المحاور، تشمل إعادة تأهيل وتوسيع المساحات الغابية التي تمثل نسبة 18 بالمائة وتأهيل الأراضي الفلاحية التي تمثل 15 بالمائة و الرعوية،  حيث تم إعداد و ضبط العمليات المبرمجة بالتنسيق مع اللجان المحلية و مختلف الهيئات الفاعلة شملت محافظة الغابات و المحافظة السامية لتطوير السهوب و المصالح الفلاحية والمواطنين من خلال إدماج الفلاحين والمربين ومختلف القطاعات ذات الصلة والتي من خلالها ستنفذ العديد من المشاريع التنموية تخص كل منطقة من مناطق السد الأخضر في كل ولاية من الولايات المعنية بالمشروع.
و تنقسم عملية تجسيد مشروع السد الأخضر حسب الشروحات التي قدمت لنا خلال زيارتنا لبعض المستثمرات الفلاحية النموذجية التي تدخل في إطار مشروع السد الاخضر بالولاية المنتدبة ‹› بوسعادة ‹› مؤخرا، إلى ثلاث هيئات ممثلة في مديرية المصالح الفلاحية المكلفة بفتح و تهيئة المسالك الفلاحية و غراسة الأشجار المثمرة، و المحافظة السامية لتطوير السهوب المكلفة بفتح المسالك الريفية و الغراسة الرعوية و تهيئة السد التحويلي، فيما تقوم محافظة الغابات بتثبيت الكثبان الرملية و الغراسة الغابية و غراسة أحزمة خضراء من التين الشوكي المضاد للحرائق ولكونه يعد أيضا أحد مصادر الأعلاف.
و سيساهم مشروع إعادة تأهيل السد الأخضر وتوسيعه في تنشيط الاقتصاد المحلي في المناطق السهبية والهضاب العليا، و هو المشروع الذي سيعود– حسب أهدافه المسطرة - بالفائدة على أكثر من 7 مليون نسمة (ما يعادل 18 من المائة من ساكنة البلاد) ، وسيمكن من تطوير قطاعات مرتبطة بالزراعة مثل الصناعة التحويلية الغذائية، والمساهمة في تكثيف المنتجات الزراعية، ما سيمكن من توفير فرص عمل جديدة للسكان المحليين، وتحسين الظروف المعيشية والاقتصادية لهم، سيما وأن مختلف العمليات المسجلة تتضمن تزويد المستثمرات الفلاحية بالطاقة من أجل تطوير الفلاحة على مستوى النطاق الفلاحي الذي يمثل 16 بالمائة من المساحة الإجمالية، تتطلب إدماج الساكنة في العمليات المسجلة.
تعزيز أسباب استقرار ساكنة المناطق السهبية والهضاب

ولأن المقاربة الجديدة تؤكد على ضرورة الحفاظ على الموارد الطبيعية من خلال إنشاء المحميات ومنشآت الحفاظ على المياه والتربة، إلى جانب وضع الهياكل المائية و المراعي تحت الحماية وفتحها لفائدة الموالين، إلى جانب فتح المسالك والمسارات، وإنجاز السكنات الريفية وتزويد المستثمرات الفلاحية بالأشجار المثمرة مجانا، وإمدادها بالكهرباء الريفية أو بالطاقة الشمسية، من أجل تطوير القطاع الفلاحي، فإن ذلك سيشجع على تثبيت الساكنة المحليين واستقرارهم في مناطق تواجدهم.
ومن بين العوامل التي ستشجع ساكنة تلك المناطق المشمولة بمختلف عمليات مشروع إعادة الاعتبار للسد الأخضر، تعزيز غرس الأصناف العلفية و الرعوية لزيادة وحدات الرعي مع إنشاء شرائط غابية على طول الطرق وأحزمة خضراء حول المناطق المأهولة لاستغلال إنتاجها من طرف الساكنة المحلية، في الوقت الذي ستمس فيه الأشغال صيانة مساحات الحلفاء.
كما أن عمليات الغراسة في المناطق الطبيعية و الغابية، المبرمجة على امتداد الحزام الأخضر، في إطار تثمين جميع مساحات السد الأخضر ومنها الأراضي التابعة للخواص- كما تؤكد المديرة الفرعية المكلفة بمكافحة التصحر والسد الأخضر-ستحد من تدهور التربة إلى جانب الحد من تبخر المياه وندرة المياه الجوفية، في كل النطاق الذي سيمر عليه المشروع  بطول 1500 كلم وعرض يصل إلى 40 كلم، أو يفوق في بعض المناطق، ما سيساهم في استدامة الموارد المائية واستدامة الموارد الطبيعية.
ومعلوم أن المقاربة الجديدة متعددة الأبعاد للسد الأخضر – بحسب المتحدثة – ترتكز على غرس أنواع خلاقة للثروة ومقاومة للتصحر وبعضها مقاوم لحرائق الغابات، من بينها الأشجار الريفية على غرار الزيتون وأشجار الفستق واللوز والخروب، وشجرة التين الشوكي التي تشكل حاجزاً طبيعياً أمام حرائق الغابات، فضلاً عن فائدة أوراقها المستعملة كعلف للماشية، إلى جانب أشجار أخرى لدورها البيئي الهام وفوائدها الاقتصادية كشجرة الأرقان المتميزة هي الأخرى بقدرتها على مقاومة للجفاف والتصحر.

تجدر الإشارة إلى أن انطلاقة المشروع – حسب ذات المسؤولة - بدأت في 2023 من خلال تنفيذ الشطر الأول الذي أوكل لمجمع الهندسة الريفية، أما الشطر الثاني المبرمج تنفيذه على نطاق محلي على مستوى الـ 13 ولاية من خلال إسناد مختلف العمليات سواء كانت غراسة أو فتح المسالك أو تزويد أو فتح نقاط المياه للمقاولين والمؤسسات المتواجدة على مستوى كل ولاية.
كما سيساهم في تأهيل وتوسيع السد الأخضر، الذي يعد كأهم مشاريع التشجير في افريقيا، المؤسسات الصغيرة و المؤسسات الناشئة في إطار المناولة، وفق دفتر شروط يشدد على ضرورة الالتزام بتنفيذ كل عمليات الغراسة المختلفة بمراعاة المسار التقني.
وكان رئيس الجمهورية قد أمر وزير الفلاحة والتنمية الريفية في هذا الإطار بإشراك الطاقات الشبانية في مختلف المجالات الفلاحية، لِمَا لها من أفكار مبدعة في تطوير الزراعة، خاصة مع توفر الإمكانات الطبيعية وكل المؤهلات التي تسمح بعصرنة القطاع الفلاحي وتحقيق الاكتفاء الذاتي.
خلفيات إعادة بعث وتوسيع المشروع وتطويره

أدى فقدان الجزائر آلاف الهكتارات من الغطاء الغابي والنباتي في السنوات الأخيرة، بسبب التغيرات المناخية والاحتباس الحراري وانجراف التربة والحرائق وموجات الجفاف القاسية التي ضربت البلاد، والتي شملت جزءا كبيرا من السد الأخضر الذي تم البدء فيه مطلع سبعينيات القرن الماضي، إلى اتخاذ السلطات العمومية في البلاد قرار  إعادة إحياء مشروع السد الأخضر لكبح ظاهرة التصحر التي أتت على مئات الآلاف من الأراضي الصالحة للزراعة.
ودفع الوضع رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون في أكتوبر 2020 إلى إصدار أمر بإعادة تهيئة السد الأخضر، وتوسيع مساحات تشجيره، وتنصيب الهيئة التنسيقية لمكافحة التصحر وإعادة بعث هذا المشروع في أكتوبر 2021.
وفي سبتمبر 2022، قررت الحكومة خلال اجتماع لها إعادة مشروع تهيئة وتوسيع وتطوير هذا المشروع، الذي يكتسي طابعاً وطنياً واستراتيجياً.
* الخبيرة البيئية البروفيسور عائشة باية معامرية
يجب أخذ العـبرة من دروس الماضي

أكدت الخبيرة البيئية البروفيسور عائشة باية معامرية، أن السد الأخضر كمشروع بيئي واقتصادي ضخم والذي تم الانطلاق في تجسيده لأول مرة في فترة حكم الرئيس الراحل هواري بومدين، مطلع السبعينيات، حقق خلال سنواته الأولى نتائج باهرة، قبل أن يواجه صعوبات كبيرة بفعل عوامل مناخية أدت إلى تقلص مساحته على مر السنين بحوالي 50 بالمائة.
وأوضحت السيدة معامرية، في حديث للنصر بأن السد الأخضر ساهم كهيكل استراتيجي في استعادة وصيانة التوازن البيئي المحلي، بعد 10 سنوات من الخبرة، مبرزة بأن نسبة النجاح في تجسيد أهدافه وصلت إلى 75 من المائة، باعتبار أن هذا المشروع قد ساهم بشكل كبير جدا في تحسين الظروف المعيشية لسكان الأرياف، بعد فك العزلة عنها، وتطور تربية الأغنام بنسبة 80 بالمائة في منطقة السد الأخضر.
وذكرت الخبيرة، بأنه قد تم الأخذ بالاعتبار في إنجازه المشروع الأول، الخصوصيات الجغرافية والمناخية لكل منطقة، مع احترام النظم البيئية المحلية، ما شجع نمو مزارع الأعلاف والفواكه (البساتين العائلية)، وضاعف حملات التشجير وتربية النحل إلى جانب ازدهار السياحة والحرف اليدوية في محيطه.
وقد أدى نجاح هذا المشروع – تضيف السيدة معامرية – إلى  تطور مفهوم الجدار الأخضر الكبير بشكل ملحوظ في عدد من دول القارة الإفريقية، حيث وفرت الخبرة والدروس المستفادة من السد الأخضر الجزائري فهمًا أفضل لتحقيق نتائج مستدامة للجدار الأخضر الكبير للصحراء والساحل، وهي المبادرة التي تمت الموافقة عليها خلال الدورة الثامنة للقادة ورؤساء الحكومات الأفارقة المنعقدة يومي 29 و 30 جانفي 2007 في العاصمة الأثيوبية، أديس أبابا، من قبل زعماء وحكومات إحدى عشرة دولة من دول الساحل والصحراء (بوركينا فاسو، جيبوتي، إريتريا، إثيوبيا، مالي، و موريتانيا والنيجر ونيجيريا والسنغال والسودان وتشاد).
إلا أنه مع مرور الوقت – كما ذكرت-  تعرض السد الأخضر لضغوط مختلفة ناجمة عن عدة عوامل، مثل فترات الجفاف الطويلة، والأمراض المنتشرة بشكل متزايد، وقطع الأشجار غير القانوني، والرعي الجائر، إلى جانب الطبيعة القانونية للأرض.وأرجعت المتحدثة ذلك إلى قصور تقني يتعلق بنوعية البذور ونقل النباتات وتقنية الزراعة، لذلك فمجرد وصول المزارع الحرجية إلى مرحلة البلوغ، بدأت الأضرار في الظهور على السد الأخضر، بما في ذلك التعرض لليرقات الموكبية في ما يقرب من 100 ألف هكتار، وضعف النمو وموت الأفراد المزروعة.،
وذكرت بأن  هذا هو السبب وراء إعادة إطلاق المشروع من قبل الرئيس عبد المجيد تبون، الذي أعطى إشارة انطلاقه يوم 29 أكتوبر الماضي من سهوب الجلفة، على ارتفاع 1170 مترًا.
* الباحث في المجال الغابي عمار مناصري
إشراك المؤسسات العلمية والبحثية في المرافقة ضروري

يرى الباحث في المجال الغابي والمحافظة على الطبيعة، الأستاذ، عمار مناصري، أن النجاح في تحقيق الأهداف التي تم رسمها لمشروع إعادة بعث وتأهيل السد الأخضر يجب أن تتوقف على توفر العديد من العوامل، سيما  ‹›القبول الاجتماعي للمشروع، من حيث التأييد والمشاركة الواسعة والفعالة للمجتمع المحيط بالمشروع مما يساهم في نجاحه واستمراريته بعيدا عن المقاومة والعرقلة››.
كما أبرز أهمية ضمان الديمومة الإيكولوجية، بما يضمن الحفاظ على التوازن البيئي والاستدامة البيئية في المنطقة المحيطة به،  فضلا عن ضمان النجاعة الاقتصادية، بما يضمن تحقيق الأهداف بأقل قدر من الموارد المتاحة وبأعلى مستوى من الإنتاجية والكفاءة في استخدام الموارد المادية والبشرية والمالية.
ودعا الخبير في هذا الصدد إلى «إشراك وتكليف المؤسسات العلمية والبحثية التابعة للتعليم العالي والهيئات العمومية الأخرى بمرافقة هذا المشروع الكبير لضمان نجاحه’’، مشددا في ذات الوقت على ضرورة إعادة تأهيل المشاتل التابعة لإدارة الغابات والمؤسسات الاقتصادية العمومية التابعة لمجمع الهندسة الريفية، لضمان تربية وإنتاج الشتلات اللازمة للمشروع مع التقيد بجلب البذور من الأشجار أمهات البذور لكل منطقة لما لها من مقومات التكيف والتأقلم بمنطقتها.
كما دعا إلى ضرورة تنويع أصناف الشجيرات والمزج بين الورقية منها والإبرية والتي تتمتع بمقاومة كبيرة للظروف المناخية الحالية في ظل التغيرات المناخية التي تعيشها بلادنا والعالم أجمع، مع تجنب الاقتصار على غرس صنف واحد من الأشجار كما حدث في الماضي.
وبعد أن أكد أهمية وضرورة العمل على المتابعة الدائمة لمراحل المشروع والتدخل الآني لمعالجة أي خلل ممكن، ركز الأستاذ مناصري على إبراز عامل توعية المجتمع المحلي والمزارعين بفوائد مشروع السد الأخضر وأهميته في تحسين البيئة وتوفير فرص العمل وتحسين الأمن الغذائي، من خلال حملات توعوية، و ورشات عمل، واستغلال الإذاعة وقنوات التلفزيون العمومي والقنوات الخاصة، إلى جانب مواقع التواصل الاجتماعي وكل وسيلة من شأنها إيصال المعلومة.
وبحسب الأستاذ مناصري فإن الالتزام بتجسيد المقترحات المشار إليها كفيل ببعث السد الأخضر في حلته الجديدة بما يسهم في تحقيق التنمية الاجتماعية والبيئية والاقتصادية من خلال فرملة ظاهرة التصحر وتقليل تدهور الأراضي، والتصدي لتغيرات المناخ بواسطة زيادة الغطاء النباتي وتحفيز التنمية المستدامة من خلال تحسين البيئة وتعزيز الاقتصاد المحلي.
* الخبير في حماية الأنظمة البيئية الشريف سبع
نثمن إشراك المجتمع المدني في الغراسة والتوعية

أكد الخبير في حماية الأنظمة البيئية، الشريف سبع أن مشروع إعادة تأهيل وتوسيع السد الأخضر، أصبح ضرورة حتمية في الوقت الحالي، بعد أن فقدت الجزائر آلاف الهكتارات من الغطاء الغابي والنباتي في السنوات الأخيرة، بسبب التغيرات المناخية والاحتباس الحراري وانجراف التربة والحرائق وموجات الجفاف القاسية التي ضربت البلاد.
واعتبر المختص في حماية الأنظمة البيئية، إن مشروع السد الأخضر الذي أنجز في السبعينات بسواعد شباب الخدمة الوطنية وحملات التطوع، شكل في العشرية الأولى من إنجازه على وجه الخصوص، ثروة نباتية هامة، حيث أسهم في الاقتصاد الرعوي والغابي في المناطق التي يغطيها، غير أن التغيرات المناخية والرعي الجائر والعشوائي وصعوبة مراقبة المساحات الشاسعة – كما ذكر - حالت دون تحقيق النتائج المحددة منه.
وأعاب الخبير على المشروع  أن الأشجار المغروسة في السد الأخضر اقتصرت على الصنوبر الحلبي، وهي شجرة شديدة الاشتعال تسببت الحرائق في تآكل مناطق غابية كبيرة في وقت وجيز.ودعا في هذا الصدد إلى ضرورة  إجراء دراسة معمقة لإعادة تأهيل السد الأخضر، مشيدا في الوقت ذاته بالمقاربة الجديدة الاقتصادية والاجتماعية للمشروع الذي تم بعثه من جديد، لفائدة سكان المناطق المحاذية له، ومنحهم امتياز استغلال مساحات من المشروع لغرس أشجار مثمرة والأعشاب العطرية والطبية، ومنع الرعي العشوائي، وتنويع الأشجار المغروسة لتفادي الحرائق الكبرى.  كما ثمن إقحام منظمات المجتمع المدني في الغرس والتوعية مع الدعوة إلى رفع مستوى الوعي لدى السكان  المحليين لكل منطقة بأهمية التشجير والحفاظ على الاشجار وضمان الاستمرارية وضرورة المتابعة من قبل مصالح الدولة لضمان جدوى ونجاح المشروع.
* أحمد بشوع الرئيس المدير العام للمؤسسة الجهوية للهندسة الريفية الهضاب
حتى المساجين أقحمناهم في المشروع في إطار سياسة الإدماج

كشف الرئيس المدير العام للمؤسسة الجهوية للهندسة الريفية ‹›الهضاب››، أحمد بشوع، أن هذه المؤسسة تحت وصاية الفلاحة والتنمية الريفية، مكلفة بإنجاز جزء هام من العمليات أشغال توسيع وتطوير السد الأخضر على مستوى  13 ولاية من غراسة الأشجار الغابية والمثمرة والرعوية إلى جانب فتح وتهيئة المسالك الغابية إضافة إلى تهيئة المنابع المائية .
وقال السيد بشوع خلال لقائنا به في عملية تطوعية على مستوى بعض المزارع النموذجية للسد الأخضر ببوسعادة أن المؤسسة تتكفل بتخطيط وفتح الحفر وغراسة الأشجار ومتابعة عملية نموها لمدة ثلاث سنوات، من بينها الأشجار المثمرة والمقاومة للتصحر التي يتم تسليمها للفلاحين، أصحاب المستثمرات المعنية بالمشروع.
وإلى جانب ذلك تقوم الفرق التابعة للمؤسسة بتهيئة المسالك الفلاحية المؤدية إلى المحيطات الغابية، لتسهيل عملية الغرس، فضلا عن تهيئة المنابع والمجمعات المائية، وحفر الآبار لفائدة الفلاحين وتزويدها بالعتاد اللازم، مشيرا إلى أن 20 بالمائة من المشاريع المشار إليها يتم إنجازها في إطار المناولة من طرف مقاولين خواص أو من طرف مؤسسات مصغرة أو مؤسسات ناشئة مؤهلة.
 كما لدينا اتفاقية مع المديرية العامة لإدارة السجون، التي تزودنا باليد العاملة من نزلاء المؤسسات العقابية في إطار سياسة الإدماج لتأهيلهم حال إتمام محكوميتهم حتى يتحولوا إلى أفراد منتجين مؤهلين للعمل في المجال الفلاحي أو في أملاكهم الخاصة.

الرجوع إلى الأعلى