أحصت الجزائر خلال العشرين سنة الماضية، ما يعادل 6 عمليات تبرع بالأعضاء من شخص ميت دماغيا إلى  شخص حي، وهو رقم ضئيل جدا مقارنة بتوفر الكفاءات الطبية وتكييف القوانين، مع ذلك فإن نقص بعض التجهيزات الدقيقة وضعف ثقافة التبرع بالأعضاء في مجتمعنا يحدان جدا من نطاق العمليات كما أكده مختصون، قالوا بأنه لا تزال هناك حاجة للعمل أكثر من أجل بلوغ مستويات وعي أعمق بأهمية هذا الإجراء القادر على إنقاذ حياة المئات من الأشخاص سنويا.

ملف من إعداد: لينة دلول
يتطلب نجاح عملية نقل وزرع الأعضاء، توفر العديد من الشروط، بداية بفريق طبي خبير ومتكامل، و وسائل تقنية حديثة، وأهم من هذا توفر العضو المراد زراعته والذي لا يمكن الحصول عليه إلا بواسطة متبرع حي أو ميت موتا دماغيا، علما أن التبرع هنا لا يرتبط بشرط السن، بقدر ما يتطلب تشخيصا جيدا للحالة قبل عملية النقل، للتأكد من سلامة العضو المراد نزعه وزرعه.
لا يزال التبرع بالأعضاء في الجزائر محدودا جدا، وقد تمت أولى التدخلات الجراحية لنقل أعضاء من أشخاص موتى دماغيا إلى أشخاص أحياء على مستوى قسنطينة وذلك بين سنتي 2003 و 2002، إذ أحصيت خلال ذات الفترة ثلاث حالات للتبرع بـ 6 كلى.
وأجريت بين سنتي 2010 و2011، عمليتان لنقل 4 كلى من ميتين بالبليدة، وفي 22 ماي من سنة 2019 تم بقسنطينة استئصال و زرع متعدد الأعضاء في الجزائر، بنقل كليتين وكبد، لكن هذه الطريقة العلاجية لم تعرف تناميا منذ ذلك الحين، ولم يتجاوز عدد العمليات 6 إلى يومنا، بالرغم من أن النقل كان ناجحا جدا وساهم في إنقاذ ما يقارب 12 مريضا.
محدودية في التبرع منذ سنة 2002
وتُبين الإحصاءات محدودية عمليات الاستفادة من أعضاء الموتى دماغيا في الجزائر، مقارنة بالمعدلات العالمية، رغم تزايد عدد المصابين بالقصور الكلوي والكبد. ويعزو الأطباء هذا التأخر إلى قيود قانونية معينة كعدم المصادقة على بعض المراسيم المتعلقة بتوفير أجهزة تثبت وفاة الضحية دماغيا، فضلا عن رفض عائلات المتوفين لعمليات التبرع بأعضاء ذويهم لاعتبارات مرتبطة أساسا بنقص التوعية والاعتقادات الخاطئة من الناحية الدينية، مؤكدين على ضرورة تحسيس المجتمع بجدوى عمليات النقل انطلاقا من مانح متوفى لفائدة مريض حي، والتي ستكون أقل تكلفة بكثير من نقلها بين الأحياء.
وبغية تنظيم إجراءات زراعة الأعضاء البشرية في الجزائر، تم إنشاء جهاز مؤسساتي يتولى مهمة الإشراف على هذه العملية وفق ما ينص عليه المشرع الجزائري، وأطلق على الجهاز الذي استحدث سنة 2012، تسمية الوكالة الوطنية لزرع الأعضاء البشرية وهي مؤسسة عمومية ذات طابع إداري تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي، وضعت تحت وصاية الوزير المكلف بالصحة، ومهمتها الأساسية هي التنسيق وتطوير نشاطات نزع وزرع الأعضاء والأنسجة والخلايا البشرية وضمان قانونيتها وأمنها.
و للرفع من عدد عمليات النقل ومواجهة النقص الكبير الذي تعرفه المستشفيات الجزائرية فيما يتعلق بتوفير الأعضاء، تم سن تشريعات قانونية سنة 2018 بتحديد شروط النزع والتبرع، وحماية حقوق المتبرع و المستفيد، بحيث لا يمكن بأي حال من الأحوال، نزع الأعضاء من دون موافقة عائلة الشخص الميت، حتى وإن كان مسجلا في السجل الوطني للتبرع بالأعضاء كما يتعين على أي مواطن يرغب في التبرع بأعضائه بعد وفاته ترك وصية لأهله، لأن العملية لن تتم إلا بموافقتهم في ظل عدم وجود قانون يرخص إجراء عملية نزع الأعضاء بمجرد موافقة صاحبها قبل وفاته كما أشير في القانون إلى نزاهة عمل الوكالة الوطنية لنقل وزرع الأعضاء بوجوب مراعاة الترتيب في الزرع.
ما هو الموت الدماغي؟
يُصنف الإنسان على أنه في حالة موت دماغي، من الناحية الطبية والقانونية، عندما يبلغ مرحلة ثالثة يكون فيها بين الحياة والموت، وهي لحظة قصيرة تتوقف خلالها خلايا المخ عن العمل فيما تستمر بقية الخلايا الأخرى. ولهذه المرحلة أهمية كبيرة خاصة في مجال نقل وزراعة الأعضاء البشرية حيث يعتبر الموت الدماغي موردا هاما لعمليات نقل وزراعة الأعضاء البشرية.
لذلك اهتم المشرع الجزائري بمسألة الموت الدماغي واشترط مجموعة من الضوابط والقيود لإضفاء صيغة المشروعية على عملية الاستئصال من جثة الميت دماغيا.
وقد  نصت المادة 164 من القانون رقم 05/85 المتعلق بحماية الصحة وترقيتها المعدل والمتمم بالقانون رقم 16/90، على أنه لا يجوز انتزاع الأنسجة والأعضاء من الأشخاص المتوفين قصد زرعها إلا بعد الإثبات الطبي والشرعي للوفاة من قبل اللجنة الطبية المنصوص عليها في المادة 167،  وحسب المعايير التي يحددها الوزير المكلف بالصحة العمومية، وتم التأكيد في المادة 167 من القانون رقم 05/85 المتعلق بحماية الصحة وترقيتها، أنه «يجب أن يثبت الوفاة طبيبان عضوان في اللجنة على الأقل، وطبيب شرعي ويدون تقريرهم في سجل خاص، في حالة الإقدام على انتزاع أنسجة أو أعضاء من أشخاص متوفين.
وبقراءة نص المادتين 164 و 167 من قانون حماية الصحة وترقيتها، نستنتج أن المشرع الجزائري أقر بضرورة التحقق من الوفاة وذلك اعتمادا على معيارين يتمثلان في المعيار العلمي والمعيار الإداري. ولقد حدد المشرع الجزائري قائمة المؤسسات الصحية المرخص لها بانتزاع وزرع الخلايا أو الأنسجة أو الأعضاء بصدور القرار رقم 29 المؤرخ في 14 جوان 2012، ومن بينها المركز الاستشفائي الجامعي بقسنطينة، المعني بعمليات زراعة الكبد.
خلفيات اجتماعية تعيق العملية
تنقلت النصر، إلى المستشفى الجامعي ابن باديس بقسنطينة، وتواصلت مع بعض المتواجدين هناك من مواطنين وسألناهم عن رأيهم في التبرع بالأعضاء وإن كانوا مستعدين للقيام بهذه الخطوة مستقبلا لإنقاذ مرضى آخرين، فتبين من خلال الآراء التي جمعناها بأن نسبة معتبرة من المواطنين، لا يملكون دراية مسبقة بوجود وقانونية هذا النوع من العمليات في الجزائر، أما البقية فبررت رفضها بالجانب الديني والخوف من أن تتحول العملية إلى متاجرة بأعضائهم.
وقالت مريم بأنها ليست مستعدة للتبرع بأعضائها بعد موتها، لأنها لا تعرف الكثير عن طبيعة هذا الإجراء وموقف القانون والدين منه، وأضاف شاب التقيناه بمدخل المستشفى، بأنه لا يعارض الفكرة بتاتا خصوصا وأنها ترتبط بأجر إحياء نفس أخرى، وإنقاذه حياة شخص بحاجة إلى عضو من أعضائه، لكنه أبدى في ذات الوقت تخوفه من احتمال عدم منح الأعضاء لمستحقيها وإمكانية المتاجرة بها.
في مقابل ذلك، عارضت شابة أخرى اسمها زينب، فكرة التبرع بأعضائها لسبب مرتبط بالعقيدة وقالت إن الروح تغادر الجسد بتوقف جميع الأعضاء وليس عند الموت الدماغي، مضيفة أن الأعمار بيد الله وكل شخص يعيش كما قدر له، بينما أكد حاتم، بأنه مرحب بفكرة التبرع بأعضائه طالما يمكنه أن يمنح الأمل  لشخص آخر وينقذ حياته، مضيفا أنه أوصى والدته  بالتبرع بأعضائه بعد وفاته بشرط أن تثبت الوفاة شرعيا وطبيا.
وحسب ما علم من الأطباء، فإن غالبية العائلات ترفض أن تتبرع بعضو من أعضاء ذويها، حتى بعد التأكد من الوفاة، لأن التبرع يتم عندما يكون الشخص في الإنعاش أي في موت إكلينيكي قبل توقف الأعضاء الأخرى عن العمل كليا، وهو تحديدا ما يقف حاجزا أمام تقبل الفكرة حفاظا على حرمة المريض أو الميت، إذ يرى الكثيرون بأن في ذلك إعلان مسبق للوفاة.
ورغم أن الرافضين لمبدأ التبرع يستندون إلى بعض الآراء التي تبنى على حرمة الاعتداء على الجسد، إلا أن وزارة الشؤون الدينية والمجلس الإسلامي الأعلى أعطيا موافقتهما لعمليات نقل وزرع الأعضاء وفق ضوابط شرعية لا لبس فيها.
ل.د

عميد كلية الشريعة بقسنطينة كمال لدرع
يجوز شرعا نزع الأعضاء من الميت دماغيا


يوضح الدكتور كمال لدرع عميد كلية الشريعة بجامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية بقسنطينة، أن الكثير من العلماء المسلمين المعاصرين يعتبرون موت دماغ الشخص دون توقف قلبه موتا حقيقيا، ولا يشترط  بحسبهم، توقف القلب عن النبض حتى يحكم بموت الإنسان.
وقال لدرع، إنه يجوز نزع الأعضاء من الميت دماغيا بعد توفر شرط الموافقة، ليستفيد منه الأحياء، ولم ينف بأن الإنسان مكرم حيا أو ميتا وأن اقتطاع جزء منه هو انتهاك لحرمة الجسم بعد الموت، ومفسدة ظاهرة لكن المصلحة المترتبة عن زرع ذلك العضو في جسم إنسان آخر تبرر الإجراء، لأنه سيستمر في أداء وظيفته التي خلق من أجلها.
وأكد لدرع أن الطب الحديث برهن بأن موت الدماغ موت حقيقي للإنسان لأنه يمثل اللا عودة، ومتى مات الدماغ بقشره وجذعه، توقف القلب والتنفس بما أن المراكز النظامية تستقر في جذع الدماغ، لذلك لا تفلح أجهزة الإنعاش الاصطناعي في إطالة مظاهر حياة انتهت من غير رجعة بتحلل الدماغ .
وأوضح المتحدث، أن العلامات التي يستدل بها الطبيب على موت المريض وتؤكد على موت الدماغ هي توقف نبضات القلب، وتوقف الرئتين عن التنفس وتوسع الحدقتين وعدم تفاعلهما مع النور، وانعدام منعكس قرنية العين والمنعكس العيني الدماغي وعدم حصول الرأرأة «اهتزاز مقلة العين» عند التنبيه الحراري للأذن وانعدام الانعكاسات التي تدل على سلامة الأعصاب القحفية وانخفاض متزايد في درجة الحرارة.
ولا بد بحسب الأستاذ لدرع، من توفر الإذن الشرعي والقانوني لتجنب التلاعب بالأعضاء أو بيعها، مؤكدا أن هناك أعضاء كالقلب والقرنية مثلا لا يجوز نزعها من الإنسان إلا بعد تشخيص توقف وظائف الدماغ وجذعه توقفا كاملا لا رجعة فيه، أي غيبوبة عميقة مرفوقة بانعدام الإدراك وانعدام الاستجابة والعلامات السريرية لتوقف وظائف جذع الدماغ وانعدام  قدرة الإنسان على التنفس التلقائي.
وأضاف المتحدث، أنه إذا أوصى الإنسان خلال حياته بالتبرع بعضو من أعضائه بعد وفاته لينتفـع به آخر فإن قواعد الشريعة لا تمنع ذلك على أن يكون المتبرع كامل الأهلية، خاصة إذا كانت حياة أحدهم تتوقف على العضو، أو كان سيعوض به عضوا تالفا، أو يحول دون فقدان حاسة من حواسه كالرؤية أو سواها.
وأشار الدكتور لدرع، إلى أنه لا يجوز الإقدام على نقل العضو إلا بإذن من الموصي الميت أو ورثته، فإن قرروا الرفض لا يمكن منعهم، وإن سمحوا باقتطاع عضو أو جزء من الميت لإسعاف من اقتضت الضرورة إسعافه فذلك حق لهم أيضا.
ل.د

عضو الوكالة الوطنية لزرع الأعضاء رابح بولتيفات

عمليات الزرع بالجزائر شبه منعدمة

 

أكد أخصائي الجراحة العامة وزرع الأعضاء والمكلف بالاتصال في الوكالة الوطنية لزرع الأعضاء والأنسجة والخلايا البشرية، الدكتور رابح بولتيفات، أن عملية نقل وزراعة الأعضاء البشرية هي إجراء علاجي الهدف منه إنقاذ حياة الأشخاص، أو تحسين نوعية حياة المرضى خاصة لأولئك الذين يعانون من الفشل الكلوي وأمراض الكبد، وينتظرون متبرعا منذ سنوات، ويكون ذلك عن طريق استبدال الأعضاء أو الأنسجة التالفة بأخرى سليمة يتم نقلها من المتبرع لتقوم مقام أعضاء أو أنسجة المريض.
وأضاف بولتيفات، أن الوكالة الوطنية لزرع الأعضاء والأنسجة والخلايا هي وكالة تابعة لوزارة الصحة ومن مهامها السهر على تطوير عمليات زرع الأعضاء والأنسجة والخلايا، على أن تتم حسب الشروط العالمية، وكذا الترخيص للمراكز العمومية الطبية بإجرائها ومراقبتها لتجرى في ظروف حسنة وجيدة زيادة على تكوين الفرق الطبية الجراحية حتى مرحلة الاستقلالية المهنية لتعمل بصفة ذاتية.
ويرى المتحدث، أنه ورغم إنشاء الوكالة الوطنية لزرع الأعضاء من أجل ترقية عمليات الزرع والمساهمة في إنقاذ حياة الأفراد، إلا أنها لم تتمكن من تحقيق هذا المراد على أكمل وجه و الدليل على ذلك عمليات الزرع التي ما تزال تعاني نقصا كبيرا من حيث عدد المتبرعين، إذ تعد نسبة النقل شبه منعدمة مقارنة بالمعدلات العالمية، وإن تمت فهي تنحصر بين المتبرع الحي والمستقبل.
شروط لنقل الأعضاء من ميت إلى حي
ويجب بحسب الطبيب، أن يطلع الفريق الطبي المكلف بالنقل على سجل الرفض قصد البحث عن موقف المتوفى، وفي حالة غياب التسجيل، تتم استشارة أفراد أسرته البالغين حسب ترتيب الأولوية وهم الأب والأم والزوج أو الزوجة، بالإضافة إلى الابن، أو ممثل شرعي عنه إذا كان الميت بدون أسرة، مؤكدا أنه في حال كانت هناك حاجة ملحة لأخذ عضو من شخص توفي دماغيا وكان مجهول الهوية ولم يسجل نفسه في سجل الرفض، يمكن أن يتم التصرف في أعضائه خاصة في الحالات الحرجة مؤكدا أن الفرق الطبية محمية قانونيا.
وأوضح بولتيفات، بأن من بين العراقيل التي تواجه الأطباء، هي إقناع أهل الضحية بفكرة التبرع بأعضائه لشخص حي يحتاجها، خاصة أنهم يحتكمون إلى الوازع الديني ومنطلق الحفاظ على حرمة الميت، مرجعا ذلك إلى غياب ثقافة التبرع بالأعضاء في المجتمع، رغم أن المجلس الإسلامي الأعلى شرح الموضوع وأفتى بالإيجاب والموافقة في ما يخص عملية استئصال الأعضاء من الميت وزرعها للحي، بإدراج الإجراء ضمن مرتبة التعاون والإيثار وبذل الجهد لإنقاذ الأنفس وإحيائها.
وأضاف المتحدث، أن من أكثر الأعضاء التي يحتاجها المرضى في الوقت الحالي، الكبد والكليتان والقرنية، أما بالنسبة للقلب والعظم والبنكرياس، فإن مرحلة نقلها لا تزال بعيدة لقلة الإمكانيات الطبية. وأوضح الجراح، أن المصالح المختصة في إجراء عمليات التبرع تعمل تحت رقابة الوكالة الوطنية للتبرع بالأعضاء، وأن أي مركز لم يعد يستوفي الشروط ويستجيب للمعايير المطلوبة للعمل يتم غلقه، مؤكدا بأن الجزائر تتوفر على العديد من الكفاءات الطبية القادرة على إجراء عمليات نقل الأعضاء، فضلا عن أن المستشفيات موجودة ومجهزة بشكل مقبول.
وحسب المتحدث، فإن عمليات النقل من الميت إلى الحي تجرى فقط في المستشفيات الجامعية العمومية المؤهلة والمرخص لها، ولا تتم في القطاع الخاص خوفا من عدم استيفاء الشروط والمعايير الدولية المطلوبة، مضيفا بأنه يتم توزيع الأعضاء بالرجوع إلى قوائم الانتظار مع مراعاة شروط مطابقة الجينات الوراثية.
ولفت الجراح، إلى أن عمليات النقل الأسهل هي تلك المتعلقة بالقرنية، كما ذكر أن عمليات نقل الكبد من حي إلى حي من أكثر الجراحات خطورة لأن لها مضاعفات على المتبرع، لذلك من المستحسن نقل العضو من الميت إلى الحي. وقال المختص إن المصالح المعنية تسعى مستقبلا إلى إبرام اتفاقية مع وزارة الشؤون الدينية من أجل تنظيم أيام تحسيسية في المراكز الإسلامية، للتوعية حول الموت الدماغي بحضور أئمة للفتوى في الموضوع، خاصة أن المشرع الجزائري لا يعارض التبرع بالأعضاء في حال موت الدماغ.
وأشار المتحدث إلى أن  الحالات المستهدفة من عملية النقل تخص ضحايا حوادث المرور و السقوط من مرتفعات وحالات النزيف الدماغي، مشيرا إلى أن من أخلاقيات العمل الطبي الالتزام بضوابط التبرع خاصة إرجاع الجثة كما كانت من قبل مع الحرص على عدم خروج السوائل منها.
ل.د

رئيس مصلحة الإنعاش بالمستشفى الجامعي بقسنطينة عمر بودهان
غياب أجهزة إثبات الموت الدماغي يؤخر الإجراءات


 أكد رئيس مصلحة الإنعاش الطبي بالمستشفى الجامعي ابن باديس بقسنطينة، الدكتور عمر بودهان، أن هناك تأخرا في المصادقة على المراسيم التطبيقية التي تنص على ضرورة القيام بعدد من الاختبارات التشخيصية لتأكيد الموت الدماغي على غرار إثبات الموت الإكلينيكي وتوقف نشاط المخ و وصول الأوكسجين إليه، وكذلك إثبات عدم تنفس المريض، وتوقف جريان الدم و وصوله إلى المخ، وهي من العراقيل التي أثرت على عمليات نقل الأعضاء من الميت دماغيا إلى الحي في الجزائر، خصوصا أن الأمر يتطلب تجهيزات لا تتوفر في مصالح الإنعاش. وأضاف الدكتور بودهان، أن الدماغ يتوقف عن القيام بوظائفه بعد الموت، ويكون العلاج غير مفيد لأن المريض أصبح لا يستجيب لأية محفزات، وبمجرد تأكيد هذا التشخيص بواسطة الأطباء، يعد المريض ميتا من الناحية القانونية.
وتابع الطبيب بالقول، إنه يمكن الإبقاء على عمل الأعضاء عبر أجهزة الإنعاش وذلك من 24 ساعة إلى غاية 14 يوما، كما يمكن الاحتفاظ بالكلى خارج جسم الإنسان لمدة تتراوح بين 36 إلى 48 ساعة، والحفاظ على الكبد لـ 6 ساعات، لذلك يستحسن حسبه، أن تتم عملية النقل بطريقة آنية.
وقال المتحدث، بصفته منسقا وطنيا لمتابعة وإحصاء عدد الموتى دماغيا بالجزائر، بأنه يقوم كل 3 أشهر بإبلاغ الوكالة الوطنية بعدد الموتى دماغيا والذين يرقدون بغرف الإنعاش في مستشفيات الجزائر، متأسفا لكون هذه العمليات تعرف نقصا كبيرا في المستشفيات الجزائرية، ما يؤدي إلى وفاة عشرات المرضى الذين يقضون أيامهم في المراكز العلاجية على أمل إجراء عملية زرع كلية يوفرها متبرع، من دون أن يحظوا بتلك الفرصة الثمينة للحياة. وأكد الطبيب، بأن المستشفيات الجامعية العمومية هي المراكز الوحيدة التي تتم فيها عملية التبرع بأعضاء الموتى وفق شروط محددة، أبرزها تطابق الجينات الوراثية بين المتبرع والشخص الذي سينقل إليه هذا العضو، كما أوضح للنصر، بأنه يتم تحديد سلم الأولوية خلال عملية انتقاء المعنيين بزرع الأعضاء، حيث تخضع إلى المعايير المعتمدة في الانتقاء البيولوجي والمناعي حسب كل حالة. وفي الجزائر لم نصل بعد حسب الدكتور بودهان، إلى مرحلة القيام باستئصال وزرع بقية الأعضاء الحيوية كالقلب والبنكرياس والرئة والعظم، بل لا تزال جل عمليات النقل مقتصرة على الكبد والكليتين والقرنية.
عملية تتم بعد 12 ساعة من الموت
وفي سياق متصل، أشار المختص إلى أنه وبعد سنة 1985، تمت المصادقة على قانون أخذ الإذن من طرف الأهل لنقل القرنية من الميت إلى الحي بعد 12 ساعة من الموت، مضيفا أنه بين سنتي 2002 و 2003 تم إجراء ثلاث عمليات نقل من موتى دماغيا إلى مرضى أحياء بقسنطينة، حيث تعتبر الأولى وطنيا، وتبرع خلالها المعنيون بـ 6 كلى، وفي يوم 22 ماي من سنة 2019، تم القيام بعملية تبرع متعدد لكليتين وكبد.
ودعا الطبيب، المواطنين إلى التبرع بأعضائهم بعد وفاتهم من خلال التوقيع على سجل وطني يعطي الحق للجهات المختصة في التصرف بأعضائهم عند الحاجة، مؤكدا أن المفاهيم والمعتقدات الخاطئة وغياب ثقافة التبرع في المجتمع هي ما يعيق التبرع، إذ أن أغلب الأطباء يواجهون رفض المواطنين خلال اقتراحهم للفكرة.
وشدد المتحدث، على ضرورة العمل بسرعة من أجل تشجيع التبرع والمساعدة على إنقاذ حياة الكثير من المرضى، فضلا عن المساهمة في تخفيف تكاليف العلاج المرتفعة التي تترتب عن أمراض يمكن التقليل منها عن طريق عمليات زرع الأعضاء.
وأكد الدكتور بودهان، على أهمية القيام بحملات توعية لتكريس هذا السلوك الإنساني في المجتمع، وتجنید كافة وسائل الإعلام المسموعة والمقروءة والمرئیة، واستغلال شبكات التواصل الاجتماعي للتحسيس بأهمية زرع الأعضاء وتثقيف المجتمع بقضاياه الشرعية والأخلاقیة والقانونیة.                       ل.د

الرجوع إلى الأعلى