الجنة الصغيرة.. هنا يعانق الأزرق الكبير الخضرة
أصبح شاطئ الجنة الصغيرة ، التابع لدائرة أزفون، حوالي 80 كلم شمال تيزي وزو، الوجهة المفضلة للمصطافين، للهروب من حرارة فصل الصيف والاستمتاع بزرقة مياه البحر و الاسترخاء فوق الرمال الذهبية بين أحضان الطبيعة الخلابة المحيطة به ، من جبال تكسوها الخضرة وغابات تشكل لوحة فسيفسائية رائعة، يستمتع فيها الزائر بمنظر البحر عند صعوده إلى القمة، مما يشعره بالراحة النفسية .
 منذ افتتاح موسم الاصطياف، بدأ التوافد على شاطئ الجنة الصغيرة بدائرة أزفون الساحلية، نظرا للتحسن الذي شهده في مختلف النواحي، لاسيما الوضع الأمني الذي كان متدهورا خلال العشرية السوداء، و يتميز هذا الشاطئ بصفاء مياهه وهدوء أمواجه و نظافته، حيث يستقبل السياح والمصطافين من داخل وخارج الوطن، لقضاء أوقات من الهدوء والسكينة التي ينفرد بها  هذا الموقع الجميل الذي يتوفر أيضا على كل مقومات المغامرة و النزهة، إضافة إلى مرافق خدماتية وتجارية وترفيهية ، خاصة بالأطفال، كما يسهر أعوان الشرطة و الحماية المدنية على راحة و سلامة المصطافين وهو ما جعل منه وجهة آمنة لكل من يقصده .
ويمثل هذا الشاطئ الذي يعانق الجبال في شكل لوحة فنية،  حسب روّاده الذين يزداد عددهم يوما بعد يوم، المكان المفضل للعائلات و مجموعات الأصدقاء خلال هذه الأيام الحارة، فبإمكانهم استنشاق الهواء النقي والتمتع بقضاء أوقات جميلة فوق الرمال الناعمة  و بين مناظر تبعث الانشراح والسرور في النفس، كونه يجمع بين زرقة البحر و الجبال وكل مقومات الطبيعة الساحرة·
عودة الأمن ساهم في زيادة عدد المصطافين
حسب بعض المصطافين الذين اعتادوا على التوجه إلى ولاية بجاية، فإن عودة الأمن إلى المنطقة ، جعلهم يختارون  شاطئ الجنة الصغيرة، الذي يقع على الشريط الحدودي بين بجاية و تيزي وزو، و زاد عدد مرتاديه، حيث يؤكد السيد أحمد ، الذي جاء رفقة ابنيه وزوجته، أن هذه المنطقة كانت محظورة خلال العشرية السوداء رغم الجمال الذي تنفرد به والمؤهلات السياحية التي تزخر بها، ما جعل عدد المصطافين يتراجع كثيرا، مقارنة بالشواطئ الأخرى،  حيث كانت الجبال التي تحيط بها معقلا للجماعات الإرهابية المسلّحة التي تبتز المصطافين.
  ولفت محدثنا أن العائلات لم تكن في السنوات الفارطة  تقصد الجنة الصغيرة كثيرا، كونه لا يتوفر على الأمن ، كما أن المصطافين لا يمكثون فيه طويلا وسرعان ما يغادرونه بعد ساعة أو ساعتين وعلى الأكثر في منتصف النهار ، لكن اليوم تحسن الوضع كثيرا على الصعيد الأمني، وارتفع عدد المصطافين بشكل لافت، كما يدل عدد السيارات التي تتدفق على الشاطئ يوميا،  وأصبحت العائلات تبقى إلى غاية الثامنة مساء، كما يفضله الأصدقاء الذين يعشقون السباحة ليلا .
بالإضافة إلى الأمن، فإن كل أسباب الراحة متوفرة في هذا الشاطئ الجميل، من مرافق التسلية للأطفال و مطاعم على طوله، كما أنه لا يبعد عن مقر بلدية آيت شافع والقرية السياحية سوى ببضعة أمتار.
ويقول أحد المصطافين وهو ابن المنطقة، صادفناه في طريقه نحو الشاطئ للاستجمام ، بأنّ الجنة الصغيرة حافظت على طبيعتها الخلابة، رغم ما عانته من حالة اللا أمن، وتزدحم اليوم الطرقات المؤدية إليها بالسياح والزوار من كل مكان، خاصة نهاية الأسبوع و أيام العطل، لأن المكان يجمع بين جمال البحر والجبال، ويعد ملاذا للباحثين عن الراحة والهدوء ، ويقصد هذا الشاطئ
عشاق الألعاب البحرية وركوب الأمواج وهواة الصيد والغطس ومحبو الاستمتاع بجمال البيئة البحرية ، فهو فعلا جنة صغيرة فوق الأرض.
وأضاف شاب آخر من قرية «إيجرمانن» المجاورة لآيت شافع، أنّ الحركة السياحية تنشط بالمنطقة، خصوصا في فصل الصيف، بالنظر إلى المقومات السياحية التي تزخر بها، وتشهد خلال عطل نهاية الأسبوع توافد العائلات من داخل وخارج الولاية، إضافة إلى المغتربين الذين يفضلون قضاء عطلتهم السنوية في هذا الشاطئ مع عائلاتهم،  والاستمتاع بأجمل الأوقات .
الجنة الصغيرة الشاطئ المناسب لممارسة الأنشطة الرياضية
تتخذ العديد من الفرق الرياضية  من شاطئ الجنة الصغيرة،  الموقع الأنسب لممارسة بعض الأنشطة الرياضية الشاطئية، حيث تنظم في كل موسم اصطياف خاصة خلال شهر أوت  دورات وطنية لكرة الطائرة بين مختلف الفرق الرياضية والرابطات الوطنية والنوادي، و تؤطرها الفيدرالية الجزائرية لكرة الطائرة،  بالتنسيق مع مديرية الشباب والرياضة لولاية
 تيزي وزو.
 كما يقصده أطفال المخيمات الصيفية والشباب القادم إليها من الولايات الداخلية، علما بأن منطقة أزفون تضم عددا من المخيمات التي تستقبل أطفال مختلف ولايات الوطن، لاسيما الجنوب الجزائري وحتى الصحراء الغربية الذين لم يحدث و أن شاهدوا البحر ، كما يلتقي الأصدقاء فوق الرمال الذهبية بالجنة  الصغيرة تقريبا كل نهاية أسبوع،  حسب ما أكده نور الدين القادم من مدينة بومرداس، رفقة مجموعة من أصدقائه،  للاستمتاع بالبحر، مشيرا إلى «أنه يشعر  بهدوء نفسي شديد، ينسيه زخم الحياة وأعبائها ، كلما جاء إلى هذا الشاطئ ، رغم أنّه لا يأتي إليه سوى في عطلة نهاية الأسبوع، بالنظر إلى ظروف عمله في إحدى العيادات الخاصة بالجزائر العاصمة».

و أضاف المتحدث «الجنة الصغيرة الوجهة المفضلة له ولأصدقائه ومتنفس لهم بعيدا عن الضوضاء وازدحام المدن، خاصة وأن الشاطئ  يقع وسط طبيعة ساحرة ويتميز بجماله الأخاذ، حيث يلتقطون صورا تذكارية لاسيما وقت غروب الشمس، عندما تختفي وراء الأفق، فمنظرها الساحر لا يمكن وصفه»، و تابع «في كل مرة أعود فيها إلى هذا الشاطئ ، أشعر وكأنني أزوره للمرة الأولى لما يحويه من مناظر جذابة وطبيعة خلابة تأسر القلوب، و شدّ انتباهي توافد أعداد كبيرة من المصطافين من مختلف ولايات الوطن هذا الموسم، لاسيما الولايات الداخلية».
محلات تجارية و مطاعم منتشرة بالجنة الصغيرة
ما زاد من جمال الشاطئ ، المحلات المنتشرة المتخصصة في بيع أنواع من المثلجات تجذب إليها المتجول رغما عنه، كما تتوفر على مطاعم تعتمد كثيرا على الأسماك في إعداد وجباتها،  إضافة إلى محلات أخرى للألبسة الخفيفة والخاصة بالسباحة والغطس، و أكشاك صغيرة التي تبيع منتجات مختلفة للمصطافين والسياح .
إرتفاع أسعار كراء الشقق النقطة السوداء
يشتكي أغلب المصطافين والسياح من ارتفاع أسعار كراء الشقق بالمنطقة، خاصة الذين تجذبهم في كل موسم و يرغبون في قضاء عطلتهم بها، حيث تختلف الأسعار من شقة لأخرى حسب مساحتها وعدد الغرف والطابق الذي تقع فيه و مدى قربها من الشاطئ، وحسبما علمناه من ملاك الشقق، فإنّ سعر الكراء يتراوح بين 5 آلاف و 8 آلاف دج لليلة الواحدة ، مع العلم أن كل الشقق مجهزة بالأثاث والمكيفات الهوائية وكل ما يحتاج إليه المصطاف، فعلى سبيل المثال  شقة مساحتها 55 مترا مربعا تتكون من غرفتين وتتوفر على حديقة صغيرة وتبعد ببضعة أمتار عن الشاطئ ، طلب صاحبها مبلغ 6آلاف و 500 دج لليلة الواحدة،  وهو سعر ثابت و غير قابل للتفاوض، أما فيلا مساحتها 117 مترا مربعا مجهزة بالأثاث،  فثمن قضاء ليلة فيها وصل إلى 8 آلاف دج،  قابل للتفاوض، فيما بلغ ثمن الليلة الواحدة في شقة مساحتها 90 مترا مربعا في الطابق الأول من بناية تتكون من غرفتين ومستودع ومجهزة بالأثاث 7 آلاف دج قابل للتفاوض.
من جهتهم يؤكد المتوافدون على المنطقة،  سواء للسباحة أو لاكتشاف جمالها، على ضرورة توفير فنادق عمومية بالمنطقة بأسعار معقولة ،  للارتقاء بالقطاع السياحي، وأجمع من التقت بهم النصر على مستوى شاطئ الجنة الصغيرة، أنّ قلة مرافق الإيواء التابعة للقطاع العمومي،  تشكل الهاجس الأكبر للمصطافين والسياح في مختلف ولايات الوطن.
 س .إ

الرجوع إلى الأعلى